المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

التظاهرات تهدد نظام الرئيس روحاني؟

امتدت التظاهرات التي بدأت الخميس إلى عدد كبير من مناطق إيران ورغم أن المشاكل الاقتصادية التي يواجهها الإيرانيون، هي من حرك الشارع الإيراني، إلا ان توسع حركة الاحتجاجات هذه، وسع نطاق الغضب ليصل إلى النظام الذي لم يسلم من الانتقادات الشعبية، فهل يهدد هذا الوضع الرئيس حسن روحاني؟

لقد كانوا بضع مئات الخميس الماضي وفي مدينة واحدة، لكن عددهم أصبح بالآلاف وحركتهم الاحتجاجية امتدت إلى كل البلاد. ففي أربعة أيام فقط، بلغت حدة الاحتجاجات مستوى غير مسبوق في إيران منذ حركة 2009 التي اندلعت ضد اعادة ترشح الرئيس المحافظ محمود احمدي نجاد. وأما على مواقع التواصل الاجتماعي ابتداء من موقع تلغرام، فقد تداول المدونون الإيرانيون العديد من الفيديوهات التي تبرز تنظيم تظاهرات في كل ارجاء البلاد في المدن الكبرى كما الصغيرة وفي وسط البلاد كما ضواحيها التي تعيش فيها الاقليات الإثنية. ففي طهران السبت ذكرت وكالة الانباء الفرنسية أن الشرطة فرقت العشرات من الطلبة أمام بوابة الجامعة، ومساء الاحد اندلعت مواجهات في نقاط أخرى من العاصمة لا تظهر لحد الآن كمركز لهذه الاحتجاجات. وفيما أعلنت السلطات الإيرانية عن مقتل عدد من المتظاهرين الا انها لم تفصح بعد عن تفاصيل الظروف التي قتلوا خلالها لكن المؤكد هو ان بعضهم قتل في مدينة تويسكران وهي مدينة صغيرة تقع على بعد 400 كلم جنوب غرب طهران وعدد آخر قتل في إيزة في ولاية خوزستان واما آخران فقد قتلا في دارود في الغرب ووفق النائب العام فقد قضيا في حادث سير ارتكبه متظاهرون استقلوا شاحنة مسروقة.

كيف بدأت الأحداث؟
بدأت أول تظاهرة الخميس في مشهد، ثاني اكبر المدن الإيرانية. وكانت الدوافع حينها اقتصادية بحتة، حيث ندد المحتجون بغلاء المعيشة وتفشي البطالة. ووفق الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية كليمون تارم فان ثلاثة قرارات اتخذت حديثا هو ما دفع المتظاهرين إلى الخروج للشارع وغذى الاحتجاجات، حيث قررت الحكومة اغلاق العديد من مؤسسات التمويل التي تدهور وضعها بسبب الديون وتقول الباحثة في مدرسة العلوم السياسية فاريبا أدلكاه «ان منطقة خوراسان التي تنتمي لها مشهد، كانت من المناطق التي شهدت اغلاق عدد من مؤسسات التمويل»، ووفق الباحث كليمون تارم «فإن الايرانيين شعروا بان الدولة سرقتهم، فخلال فترة حكم محمود احمدي نجاد، كانت الحكومة تنقذ هذه المؤسسات الفاسدة مهما كان الثمن». وعلى نحو غير عادي، ارتفعت اسعار البيض والدجاج مجدداً في ديسمبر لتصل نسبة ارتفاع الاسعار إلى 50 في المئة في ظرف عام واحد، وفق ارقام البنك المركزي الإيراني. وفي العاشر من ديسمبر الماضي، قدم الرئيس روحاني موازنته للبرلمان التي تجسد التزامه بتطهير اقتصاد الدولة. ولاول مرة أظهر روحاني حجم الانفاق على المؤسسات الدينية ومراكز البحث والعديد من الهيئات غير المنتخبة، المرتبطة بالنظام. وقال المحلل الإيراني أوميد مماريان في حديثه لبازفيد، إن الإيرانيين اكتشفوا ان رجال الدين يحظون بنصيب الاسد من الموازنة العامة للدولة، بينما يعيشون ظروفا اقتصادية صعبة جدا.

ما هي المطالب؟
يقول علي فايزي من مجموعة الأزمات الدولية «لا يتعلق الأمر بثورة ولا حركة سياسية، وإنما انفجار واحباط من حالة الركود السياسي والاقتصادي التي خيبت آمال الإيرانيين، لكن منذ اليوم الأول للتظاهرات في مشهد، تجاوزت الشعارات المطالب الاقتصادية وطالت حسن روحاني والسياسة المحلية للجمهورية الإسلامية، فيما هتف البعض «لا غزة ولا لبنان، حياتي في إيران» احتجاجاً على الدعم المالي الذي توفره الجمهورية الاسلامية لبعض الجماعات الفلسطينية او اللبنانية، كحزب الله اللبناني». وتبرز بعض الفيديوهات متظاهرين وهم يلومون القائد الاعلى للثورة علي خامنئي بشعارات كتب عليها «أسفون سيد علي، علينا ان نتحرك»، وآخرون وهم يحرقون صورته. ووفق فاريبا عدل خان، فإن الأزمة تمس كل الفئات. وتضيف «يعاني الشباب المتعلمون من البطالة، حتى وهم يحملون شهادة ماستر أو دكتوراه، لكن الكثير منهم ينتقدون تحطيم الاملاك العامة».. وكان متظاهرون قد استهدفوا الخميس الماضي عدة بنايات عامة ومراكز دينية وبنوكا ومقرات للباسيج.

كيف رد النظام؟
انتظر الرئيس الإيراني إلى مساء الأحد للحديث عن هذه التظاهرات، حيث رفض العنف وتحطيم الأملاك العامة، لكنه أكد ان الشعب حر في انتقاد الحكومة والتظاهر، لكنه ظهر الاثنين أكثر صرامة حين قال بنبرة تهديد «سيرد الشعب الإيراني على من يزرعون هذه الاضطرابات والخارجين عن القانون». ثم وصف المحتجين بــ «الاقلية التي تشتم القيم الثورية والمقدسة».. لحد الساعة لم تنشر الحكومة الإيرانية عناصر الحرس الثوري ولا ميليشيات الباسيج في الشارع، لكن تواجد عناصر الشرطة ارتفع كثيرا في شوارع طهران وفق العديد من الصحافيين الموجودين في المكان. ووفق علي أفاز، فان الحكومة لا تميل إلى استخدام القوة خوفا من ان يستغل ذلك كل من معارضيها في الداخل واعدائها في الخارج. ويضيف «لكن صبرها سوف ينفد قريبا».
وأما الناطق باسم الحكومة محمد باقر نوباخت، فقد حاول مساء السبت تهدئة الوضع بالتطرق إلى المشكلة الرئيسية التي أدت إلى اندلاع التظاهرات، حيث أعلن ان سعر البنزين لن يرتفع بنسبة 50 في المئة ابتداء من 21 مارس 2018، تاريخ دخول السنة الإيرانية الجديدة، عكس ما تتوقع الموازنة العامة للدولة، ويقول كليمون تارم «النظام الإيراني قلق للغاية. في الوقت الراهن غالبية الفئات الشعبية تحركت، لكن السلطات تخشى ان تلتحق الطبقات الوسطى في طهران بالتظاهرات، سيكون النظام حينها في خطر».
تم توقيف حوالي 400 متظاهر، غالبيتهم في طهران، وأما متشددو النظام المعارضون للحكومة الحالية، فقد رحبوا بالتظاهرات في بدايتها وشجعوها، لكن طغت عليهم هذه الحركة التي لا يقودها احد بسرعة، في حين شهدت البلاد الاثنين تنظيم عدة تظاهرات مؤيدة للنظام ومعارضة للتظاهرات الاحتجاجية.
ما ردود الفعل في الخارج؟
منذ يوم السبت، كتب الرئيس الاميركي دونالد ترامب عدة تغريدات على تويتر حول الوضع في إيران، وبدا خلالها وفيا لخطه المتشدد تجاه طهران. كما انتقد سياسة سابقه قائلا «طهران فشلت في كل المستويات بالرغم من الاتفاق الفظيع الذي وقعته مع إدارة اوباما، وتعبيرا عن دعمه للتظاهرات الاحتجاجية كتب ترامب «يعاني الشعب الإيراني العظيم من القمع منذ سنوات، انهم يتضورون جوعا ويتوقون الى الحرية»، وأضاف «العالم كله يتفهم أن الشعب الإيراني يريد التغيير، وحان وقت التغيير». وأما السيناتور الجمهوري توم كوتون الذي يعد احد صقور القضية الإيرانية في واشنطن، فقد قال في البيان الذي نشره منذ التظاهرات الأولى «الملالي لا يستطيعون دوما تلبية الحاجات الاساسية لشعوبهم. علينا ان ندعم الشعب الإيراني الذي لن يتوانى عن التضحية بحياته من اجل التنديد بالنظام».
الرئيس الإيراني لم يتقبل ملاحظات الرئيس الاميريكي دونالد ترامب، وقال «هذا الرجل في الولايات المتحدة، الذي يرغب في ابراز تعاطفه مع الشعب الإيراني، نسي أنه وصفه بالارهابي قبل بضعة شهور، ليس له الحق ابدا في التعاطف مع الشعب الإيراني».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى