في اليوم العالمي للمرأة سيدات سعوديات أفتخر بهن من خلال مسيرتي الإعلامية
بقلم الكاتبة / د. وسيلة محمود الحلبي
شهدت المملكة العربية السعودية تحولا كبيرا في مجال تمكين المرأة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والطبية والثقافية والاجتماعية والتطوعية، وباتت المرأة السعودية تنافس أخواتها عالميا. وحظيت المرأة السعودية بصدور الكثير من القرارات في المجالات الحياتية كافة، منها ما كان متصلا بشكل مباشر بدعم دور المرأة في المجتمع، ومنها ما كان ضمن منظومة المؤسسات الحكومية والأهلية بما ينعكس على عمل المرأة بشكل إيجابي، حتى أصبحت المرأة السعودية شريكا مهما في الكثير من الهيئات والجمعيات الأهلية والغير ربحية وجمعيات الخدمات الاجتماعية.
ويسعدني في اليوم العالمي للمرأة أن أسلط الضوء على عدد من السيدات السعوديات البارزات والمتميزات واللاتي عرفتهن من خلال مسيرتي الإعلامية وأفتخر بهن.
الأميرة سارة بنت محمد بن سعود آل سعود المديرة العامة لمكاتب الإشراف الاجتماعي في المملكة سابقا:
نجم لامع في سماء العطاء الإنساني والتكافل الاجتماعي ولها باع طويل في هذا المجال وتم تكريمها في المهرجان الخيري الأول لرعاية الأيتام “كأم للأيتام”.
عرفت سموها عن قرب وتقابلت معها في أكثر من محفل اجتماعي هادف. كانت تقول: “الإنسانية أول صفة لراغبي العمل في مجال الأيتام”. وكانت تشدد على إيجابيات دمج الأيتام في المجتمع، مستعرضة الإيجابيات الكثيرة التي تحققت من وراء هذا الدمج مناديه بضرورة التوجه نحو إيجاد أسرا بديلة أو صديقة للأيتام.
بدأت علاقة الأميرة سارة بنت محمد بالأيتام ذوي الظروف الخاصة منذ أن التحقت بميدان العمل الاجتماعي بعد حصولها على درجة البكالوريوس في الآداب من جامعة الملك سعود بالرياض، أسست العمل الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية، وجعلت للأيتام اهتمامًا خاصا، وجعلت جل اهتمامها منصبا على المتابعة والتطوير لبرامجهم وتنمية ذواتهم، وحسن الرعاية لهم.. ليس هذا فحسب، وإنما احتضنتهم في بيتها، إيمانًا منها بأن الأسرة هي المكان الأنسب لتنشئتهم”، واستمرت عطاءاتها الدؤوبة حتى تم تعيينها المديرة العامة لمكاتب الإشراف الاجتماعي بالمملكة عام 1989.
(قلب ورب) عبارتها التي تعتز بها دوما في تعاملها مع أحبابها الأيتام الذين لم تبخل عليهم بنبض دافئ وإحساس صادق وحب جميل، يحسسهم بجمال الحياة وجمال النفس البشرية النقية من شوائب الحياة الرديئة. كانت لا تحب مفردات “الظروف الخاصة، مجهولي النسب” ودائما تقول” أبناؤنا وبناتنا”.
وكانت تقول: العمل مع هذه النفوس البريئة ينبغي أن يكون خالصا لوجهه سبحانه، ومن يعمل في هذا المجال فقد اصطفاه رب العباد وأودع في قلبه الرحمة والعطف والصفاء، كما كانت تؤكد دوما على ضرورة وجود أسرة بديلة للأطفال لأنها هي النظام الأسلم لدمجهم داخل مجتمعهم بصورة سليمة، وإلى جانب برنامج الأسر البديلة بالوزارة هناك الأسر الصديقة وهي استضافة الأسرة لهذا الطفل، سواء خلال ساعات معينة أو في إجازات نهاية الأسبوع أو في الأعياد أو في الإجازات الصيفية ربما تكون دافعا لهم لاحتضان هذا الطفل ورعايته، وهذا ما لمسته فعلا مع فريق العمل في بعض الأسر الصديقة التي تحولت إلى أسر بديلة بعد اقتناعها بذلك. والحرص على تقوية إيمانهم بالله أولا، من ثم أن يكونوا أقوياء بأنفسهم، ويزرعون الطموح والأمل داخلهم لمستقبل مشرق، والتعامل معهم دون قسوة أو حنان وحماية زائدة عن الحد، وأن تكون العلاقة معهم مستمرة، والسعي لتهيئتهم للمستقبل منذ صغرهم، واستغلال كل فرصة ممكنة لدمجهم داخل المجتمع وإشعارهم بانتمائهم لهذا البلد الكريم. إن الأميرة سارة بنت محمد مثال نقتدي به جميعا في مجال الأيتام أعطت بإخلاص وتفان وتستحق منا كل التكريم والاقتداء بسيرتها العطرة.
الأستاذة سمها بنت سعيد الغامدي رئيس مجلس إدارة جمعية كيان للأيتام ذوي الظروف الخاصة:
عرفتها من سنوات طويلة وتقابلنا أكثر من مرة في عدة مناسبات اجتماعية فهي قريبة من القلب مبتسمة ومتعاونة دائما في اللقاءات الصحفية.
بدأت الأستاذة سمها الغامدي العمل الاجتماعي مديرة لدار الحضانة الاجتماعية في 1984، ثم رئيسة قسم الأيتام في الإدارة العامة للإشراف النسائي الاجتماعي في الرياض. وفي 2009 عملت مديرة إدارة رعاية الطفولة في وزارة الشؤون الاجتماعية، وفي 2013 عينت مديرة للإشراف النسائي الاجتماعي بالرياض. ويحسب لها أنها أسست أول لجنة زواج لليتيمات، وحولت دار الحضانة من النظام المؤسسي إلى النظام الأسري. وحين تم تعيينها عضوا في هيئة حقوق الإنسان حفزها ذلك للسعي لتكون في مستوى ثقة ولاة الأمر. من أقوالها: أن من أولويات اهتمامها قضايا المرأة والأسرة والطفولة بوصفها مرحلة مهمة في تشكيل الشخصية، خصوصا أن الدولة توليها رعاية تامة، وتحرص على تضمين خطط التنمية، وحقوق الطفل، وتهيئة كافة الظروف التي تضمن له تنشئة صالحة. كما كانت تقول: “في المجتمع شرائح تحتاج إلى رعاية مختلفة وفي مقدمتهم الأيتام ودمجهم في الحياة العامة. وتوفير الأسرة البديلة التي يمكنها بالدعم والتوعية أن تقوم مقام الأسرة الطبيعية.
“سمها الغامدي” التي قلبت موازين الرعاية الاجتماعية، عملت مع سمو الأميرة سارة بنت محمد لجعل “أسرة لكل يتيم”. تحمل بين ضلوعها قلبا حنونا، وحبا جارفا لا ينتهي، اكتسبتهما من تعاملها مع الأيتام منذ أكثر من 32 عاما، فكانت أُما بديلة لهم، تعايش ظروفهم وأحوالهم لحظة بلحظة، تدرس حالاتهم اجتماعيا ونفسيا، وتضع آلية معينة للتعامل مع كل حالة على حدة. أعلنت مبادرات عدة تعمل على إدماج اليتيم في المجتمع، وطالبت المجتمع بأن يقف بجانب اليتيم، ويدعمه إلى أن يحقق كل أحلامه ويعيد إليه الثقة في نفسه، لذلك لم يكن غريبا أن يطلق عليها “أُم الأيتام” أيضا وهو اللقب الذي يشعرها بالسعادة كلما سمعته.
أثناء عملها في دار للحضانة الاجتماعية عام 1984، أحبت العمل كثيرا معهم وتعلقت بهم، وتعايشت مع قضاياهم. أسست سمها الغامدي “مشروع زواج اليتيمات” لحماية الفتيات وصونهن، ونجح المشروع وأثمر بتكوين أسر من الأيتام، وتم تخصيص وحدات للعناية بتأهيل وتزويج الأيتام والتوفيق بينهم، ودعم استقرارهم.
وحبها وشغفها بالعمل الاجتماعي وخبرتها الطويلة بمجال الأيتام ومعرفتها بمدى احتياجهم، ودعم وتشجيع سمو الأميرة نورة بنت محمد آل سعود جعلها تفكر بتأسيس جمعية “كيان” التي تهدف إلى تنمية وتمكين الأيتام والأسر المحتضنة لهم مؤكدة أن جمعية “كيان هي البيت الثاني لهم”. وهذه أول جمعية نسائية في مدينة الرياض لتقديم خدمة شاملة للأيتام مجهولي الأبوين بجميع أعمارهم ولهذه الجمعية مجلس إدارة من الرجال والنساء ورجال الأعمال من أصحاب الشركات.
ودائما تؤكد الغامدي أن العديد من الأيتام بدأ يشق طريقه بالدعم والتشجيع، وتميزوا على أقرانهم من أبناء المجتمع. ورغم ذلك نحتاج إلى المزيد من تعاون المجتمع لاحتواء المزيد من الأيتام، واحتضانهم بدلاً من الدور الإيوائية لأن الأسرة البديلة هي الأساس في الرعاية والاهتمام والتربية الصالحة.
ومن أقوالها إن الشريعة الإسلامية حفظت حقوق المرأة أكثر من قوانين وأنظمة الأمم المتحدة، و”اتفاقية جنيف الخاصة بحقوق المرأة دخلت حيز التنفيذ منذ سنوات، وهيئة حقوق الإنسان هي الجهة المعنية بمتابعتها، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نزايد على تميز المجتمعات الإسلامية، التي تطبق الشريعة الإسلامية في تعاملاتها مع المرأة وتفوقها على ما تحتويه الاتفاقية من بنود”. مؤكدة أن “السعودية من أول الدول اهتماما بحقوق المرأة، وفق ما أقرته لها الشريعة الإسلامية، وهذا مصدر القوة لنا “.
الدكتورة نورة الفايز أول نائبة وزير في السعودية
كانت ولا زالت مصدر قوة وثبات، وعطاء، وعمل، وإنجاز. وهي من أروع السيدات السعوديات التي تعرفت عليهن في مسيرتي الإعلامية ومشواري الصحفي الطويل.
كان ذلك أثناء زيارتي الإعلامية للفرع النسائي بمعهد الإدارة العامة بالرياض، حيث استقبلتني بابتسامة وترحيب شعرت بأنها تعرفني من سنوات. وأعجبت كثيرا بشخصيتها، وحسن استقبالها، ولطف تعاملها، ولباقتها. قابلتها أكثر من مرة في مسيرتها العملية وفي كل مرة كان إعجابي بها يزداد وحبي لها يكبر. ثم انقطعت أخبارها عني، وفجأة التقيتها في جمعية “كيان” للأيتام ذوي الظروف الخاصة فتهللت أساريري حين علمت أنها مديرة الجمعية ونائبا لرئيس مجلس الإدارة الأستاذة سمها الغامدي، فأكبرت فيها هذا العطاء الإنساني الكبير والعظيم الذي ترجو من ورائه رضا الله عز وجل، وأفتخر بوجودي معهما في الجمعية مع أخوة وأخوات همهم “تمكين الأيتام” وتجويد حياتهم ومساندتهم في شتى المجالات.
وهي أول سيدة في المملكة العربية السعودية يتم تعيينها بأمر ملكي في منصب نائبة وزير التعليم لشؤون البنات في العام 2009بعد أن جاء ذلك كنتيجة لاحترام دورها والإنجازات التي قدمتها على مدار مشوارها المهني الذي قد يتخطى الـ 25 عاما، في مجال التعليم بالسعودية.
من أقوالها: ” إن مصدر فخري ليس لأني أول امرأة سعودية في منصب نائب وزير، ولكن لأن هذا التكليف دليل على إيمان قادة هذا الوطن بأهمية مشاركة المرأة في اتخاذ القرار، وأن النساء في هذه البلاد شقائق للرجال، وأن مشوار مساهمة المرأة في التنمية يبدأ بتمكينها” أشعرني هذا التكليف بكبر المسئولية الملقاة على عاتقي، وعظم الثقة بي، وأكدت أن الإنجازات التي تحققت خلال فترة توليها للمنصب، جاء كنتيجة للجهود الداعمة من القيادات السعودية.
كانت تشغل منصب المدير العام للفرع النسائي بمعهد الإدارة العامة في الرياض، وهي عضو في عدد من اللجان والمجالس، كما أنها أنجزت العديد من البحوث والدراسات بالإضافة إلى التأليف والترجمة في مجالات الإدارة والتدريب والتربية. وكانت قد تولت لمدة عام المديرة العامة لمدارس البنات بمدارس المملكة وعملت أستاذا متعاونا مع كلية التربية بجامعة الملك سعود لتدريس مواد تقنيات التعليم. وساهمت معاليها بالعديد من الأبحاث التربوية والعلمية خلال مشوارها الأكاديمي والعملي، كما ألقت العديد من الأبحاث وأوراق العمل في المؤتمرات المختصة بالتعليم والتدريب وعمل المرأة. وتخصصت في مجال تقنيات التعليم، وكانت تعمل طوال مسيرتها المهنية هذه على المشاركة في إعداد كثير من البحوث الأكاديمية، والمشاركة في الدراسات إلى جانب استغلال مهاراتها في الترجمة والتأليف من أجل إنتاج محتوى ثريا في مجالات الإدارة والتدريب والتربية.
عملت في الملحقية الثقافية السعودية في واشنطن في عام 2010، وكانت ضمن الجهاز الأكاديمي، ولها مسئولياتها الاجتماعية الأخرى، فعملت كرئيس وعضو ومستشار للعديد من الجمعيات والمنظمات الخيرية في المملكة العربية السعودية، فكانت مسؤولة عن المتحف الوطني، والجمعية الخيرية لمتلازمة داون “ديسكا”، وكذلك جمعية رعاية الطفولة. في مؤتمر “قمة المرأة العالمية الـ 20” الذي انعقد في الصين عام 2010 وهي حاليا نائب رئيس مجلس الإدارة بجمعية “كيان” للأيتام ذوي الظروف الخاصة وعضو مؤسس ومشارك في كثير من الجمعيات الخيرية.
حصلت على الجائزة الأولى عن أفضل الممارسات من أجل توسيع نطاق عمل المرأة وفرص توظيفها، كما منحتها المؤسسة العربية للسيدات جائزة “المرأة العربية المتميزة” لعام 2011 عن مجهوداتها في مجال التعليم، ومنحتها جامعة يوتا الدكتوراة الفخرية عام 2012، في حين صنفتها مجلة “أرابيان بيزنيس” في قائمة “أقوى 30 امرأة سعودية” لعام 2014.
هنيئا للوطن بابنته البارة الدكتورة نورة الفايز وبها وبأمثالها نفتخر.
*سفيرة الإعلام العربي
*مسؤولة الإعلام بجمعية “كيان” للأيتام ذوي الظروف الخاصة