المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

الافتراضي

قمة خاصة لقادة أوروبا لتوطيد وحدة القارة العجوز.. وعنوانها الأبرز اللاجئون

يبحث قادة الاتحاد الأوروبي سبل توطيد وحدة القارة في قمة خاصة تغيب عنها المملكة المتحدة، الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2016.
ويأمل القادة وضع مسار للاتحاد الذي تعصف به أزمة اختيار المملكة المتحدة مغادرته، كما تمزّقه انقسامات شرق القارة وغربها حول أزمة الهجرة واللاجئين.

ويأمل دونالد توسك -رئيس الوزراء البولندي الأسبق، ورئيس قمة قادة الاتحاد بصفته رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي- في تلطيف الأجواء بعد دعوة وزير خارجية لوكسمبرج إلى طرد المجر من الاتحاد الأوروبي بحجة أنها تعامل طالبي اللجوء “أسوأ من معاملة الحيوانات”. وقد ردّت المجر بانتقادرات لاذعة تتعلق بمساعدة الدوقية لشركات كبرى على التهرب الضريبي، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.

النتائج المرتقبة

ويسعى توسك للتركيز على نقاط يتوافق عليها القادة الأوروبيون الـ27، مثل: أمن الحدود، مكافحة الإرهاب، وخطوات “لإعادة تمكين العولمة”. ويهوّن مسؤولون أوروبيّون من النتائج المرتقَبة للاجتماعات المقرر انعقادها في قلعة براتيسلاڤا، عاصمة سلوڤاكيا، إحدى الدول الأربع في مجموعة ڤيسيغراد، التي تضم أيضاً پولندا والمجر والتشيك.

ويأمل مسؤولون مقرّبون من توسك في تحقيق بعض التقدّم البسيط الرمزي، في صورة اتفاقيّة لإرسال 200 جندي إضافيّ من حرس الحدود مع 50 مركبة إلى حدود الاتحاد الخارجية في بلغاريا الشهر القادم.

إلا أنّ الاتفاق على دفاعات حدودية أقوى هو أبسط الأمور. لكن من المرجّح أن تستمر القضية الشائكة المتعلّقة بتوزيع تكاليف حماية اللاجئين في تشكيل أزمة بين دول الاتحاد. فمجموعة ڤيسيغراد تعارض بشدّة محاولات توسك فرض غرامات على الدول التي لا تقبل باستضافة اللاجئين؛ إذ رفضت المجر بشكل قاطع استقبال اللاجئين طبق خطّة الحصص التي أعدّها الاتحاد الأوروبي، فيما تستقبل دول أخرى أعداداً أقلّ من المأمول فيها.

ودعا رئيس الوزراء المجري اليمينيّ ڤيكتور أوربان، إلى استفتاء يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول، بشأن خطة الاتحاد لتوطين اللاجئين، والتي من المتوقع أن توزّع 1294 لاجئاً إلى المجر.

واستباقاً للتصويت، بدا رئيس المفوّضية الأوروبيّة جان-كلود يونكر كما لو كان يمسك بغصن الزيتون لمعارضيه. ففي خطابه السنويّ عن حال الاتحاد، أشار إلى أن التضامن “يجب أن يكون نابعاً من القلب”، ولا يمكن إجبار أحد عليه. وقال أحد المصادر في الاتحاد الأوروبيّ إن من المبكّر تخمين تأثير هذه التصريحات على السياسات الأوروبية، واصفاً إياها بأنها “شبه تراجع من قِبَل المفوضيّة ربما يمثّل مخرَجاً مفيداً لاحقاً”. وقال مسؤول آخر إن الخلاف “سرطان يتحتّم علينا علاجه”.

وسيُطلِع توسك، في القلعة الواقعة على نهر الدانوب، القادة الأوروبيين على نتائج لقاءاته مع رئيسة الوزراء البريطانيّة تريزا ماي، رغم تصريحات بعض المسؤولين أنه هناك القليل للحديث حوله. ويتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً رافضاً للتفاوض مع المملكة المتحدة حتى تبدأ الحكومة البريطانية بالبدء في الإجراءات الرسمية لخروجها من الاتحاد، وهو الموقف الذي من المرجّح أن تعيد القمة التأكيد عليه. ومن المتوقّع كذلك أن يكرر قادة الاتحاد الأوروبيّ القول بأنه على بريطانيا قبول حرية الانتقال بينها وبين دول الاتحاد إذا ما أرادت الاستفادة من السوق المشتركة.

مسألة خروج بريطانيا

وفي رسالة جديدة إلى قادة الاتحاد، قال توسك إنه سيكون “خطأ قاتلاً” اعتبار أن تصويت المملكة المتحدة كان “أمراً بريطانيّاً بحتاً”، واصفاً إياه بأنه كان “محاولة يائسة لطرح أجوبة للتساؤلات التي يسألها ملايين الأوروبيين لأنفسهم يومياً” حول قضايا الأمن والتراث الثقافي وطرق المعيشة.

وتتشارك مؤسسات الاتحاد الأوروبي هذه الرؤية؛ فقد اعتبر دبلوماسي بالاتحاد الأوروبي “تصويتَ المملكة للخروج من الاتحاد، أحد أعراض أزمة الحدود الأوروبيّة. ليس الأمر عاملاً حاسماً، لكنه جرس إنذار”.

ويرى الكثيرون في بروكسل أن الفرصة تتضاءل في الوصول إلى إصلاحات حقيقية في الاتحاد في الوقت الذي تنشغل فيها كلٌّ من فرنسا وألمانيا بالانتخابات النيابية في العام المقبل. وقال اثنان من أبرز خبراء الاتحاد الأوروبي في ورقة نشرها مركز كارنيغي أوروبا، إن “الواقع السياسي يشير إلى أنه لن يكون بإمكان الاتحاد الأوروبي إعادة صياغة مهمّته ورسالته قبل حلول 2018 أو ربما 2019”.

وقال أحدهما، وهو ستيفان ليهنا، وهو دبلوماسي نمساوي ومسؤول سابق بالاتحاد الأوروبيّ، إن قمة براتيسلاڤا قد توفي بتكاليفها المنخفضة. “في الحقيقة، فإن الدول الأعضاء جميعاً في حالةٍ من الفوضى العارمة”.

وأضاف أن الاتحاد اليوم “قد تفكك إلى تكتّلات متنافسة ذات وجهات نظر متباينة”، مشيراً إلى دول جنوب أوروبا، الدول الستّ المؤسسة للاتحاد، ودول وسط أوروبا. وواصل ليهنا القول “لا أتوقّع تركيزاً كبيراً على الأسئلة الكبرى (في براتيسلاڤا)”.

ويأمل توسك أن يتوافق قادة الاتحاد الأوروبيّ بشأن الخطوط العريضة في اتفاق حول سياسات الهجرة في قمة تُعقَد في روما شهر مارس/آذار المقبِل، بالتزامن مع الذكرى الستين لتأسيس المشروع الأوروبي.

وقال ليهنا إنه يرجّح أن المفوّضية الأوربيّة قد أدركت أنها أبعَدَت في خططها. وأضاف “الدرس المستفاد بالنسبة للمفوّضية أن عليهم الحذر بشدة، لأنه من الممكن أن يسيء المرء من حيث يحسب أنه يُحسِن”.

لكنه قال إن من الخطأ أن نظنّ استمرار توحّد جهود مجموعة ڤيسيغراد في كافة الجبهات. مضيفاً “تلك الدول علاقتها سطحية بالاتحاد الأوروبي؛ فلم يكونوا جزءاً أصيلاً من العائلة الأوروبيّة. فالفكرة الأوروبية التي تراها في بروكسل، باريس، أو برلين ليست متواجدة في براتيسلاڤا أو بيوادپست”.

واعتبر أن من النشاز ذلك التعاون بين رئيس الوزراء الهنغاري ڤيكتور أوربان وزعيم حزب القانون والعدالة البولندي ياروسلاف كاتشينسكي، وهو أحد أبرز رموز الشكوكية الأوروبية Euroscepticism.

وأضاف “تبذل جمهورية التشيك جهوداً حثيثة من أجل توطيد علاقات براغ وبرلين، مع محاولات للابتعاد عن الأعضاء الآخرين في مجموعة ڤيسيغراد. أما الحكومة السلوڤاكيّة، والتي تتولّى رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبيّ حاليًّا، فتحاول أن تكون جزءاً من التيار الرئيسيّ (الأوروبيّ)”.

ومن المنتظر أن توضع على المحك وتحت الاختبار لحظة وقوف رئيس الوزراء السلوڤاكي روبرت فيتسو بجانب دونالد توسك، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، مساء الجمعة لاستعراض نتائج القمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى