المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

الافتراضي

أمريكا.. نهاية حلم “الحالمين”

يستعد “الحالمون” في الولايات المتحدة الأمريكية، لسنوات عجاف، وهم المهاجرون غير المسجلين في دوائر الهجرة بطريقة نظامية والذين أتوا إلى أمريكا عندما كانوا صغاراً، ثم كبروا، وسبق لهم أن استفادوا من أمر إداري تنفيذي صادر عن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يمنع ترحيلهم، وذلك بعد أن حسم الرئيس الأمريكي السبعيني دونالد ترامب ملفاً حساساً يتعلق بمصير مئات آلاف الشباب الذين لا يملكون تصاريح اقامة قانونية، وقرر القضاء على “حلم الحالمين” بإلغاء تطبيـق يوفر الحماية لهم.

ويمثل “الحالمون” نسبة بسيطة مما يقدر بنحو 11 مليون مهاجر غير شرعي في الولايات المتحدة معظمهم من أمريكا اللاتينية.

وترامب تعهد خلال حملته لانتخابات الرئاسة بترحيلهم، لكن الكثير من الأمريكيين هبوا لدعم الشباب الذين قضوا جزءاً كبيراً من حياتهم في الولايات المتحدة.

وسيسعى القرار الذي يعلن اليوم الثلاثاء، لتهدئة طرفي الجدل الدائر بشأن الهجرة، في وقت يواجه فيه الرئيس صعوبات بسبب برنامج كوريا الشمالية النووي وجهود الإغاثة من الإعصار هارفي الذي ضرب هيوستن في تكساس.

برنامج “داكا”
يحمي “برنامج داكا”، وهو برنامج “الاجراء المؤجل للقادمين في مرحلة الطفولة”، الذي وضعته إدارة باراك أوباما في 2012، نحو 800 ألف شاب وامرأة يطلق عليهم “الحالمون” من الترحيل ويتيح لهم العمل أو الدارسة بشكل قانوني والاندماج في المجتمع الأمريكي.

ويهدف البرنامج إلى إضفاء صفة قانونية لأوضاع المهاجرين الذين دخلوا بطريقة غير مشروعة الولايات المتحدة مع ذويهم وهم أطفال.

وفي 2012، قال باراك أوباما بخصوص البرنامج: “لنكن واضحين، لا يتعلق الأمر بالعفو، بل إجراء وقف مؤقت، يسمح لنا بتركيز مواردنا بشكل حكيم حتى نساعد ونعطي بصيص أمل للموهوبين من الشباب”.

ومن أجل التسجيل في البرنامج، يجب على المتقدمين الذين وصلوا أمريكا قبل سن 16 عاماً، وتقل أعمارهم عن 30 عاماً، تقديم بياناتهم الشخصية لوكالة الأمن القومي الأمريكية.

ويخضع المتقدمون أيضاً لتحريات من مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي” عن خلفياتهم، ويجب أن يكون لديهم سجل جنائي نظيف سواء أكانوا في المدرسة، أو تخرجوا حديثاً، أو أدوا الخدمة العسكرية بشكل مشرف.

وبموجب هذا البرنامج، توافق الحكومة الأمريكية على “تأجيل” أي إجراء يتعلق بوضعهم كمهاجرين لمدة عامين، قابلتين للتجديد.

وجاء معظم الحالمين من المكسيك ودول أخرى في أمريكا اللاتينية، حيث يعيش أكثر من 200 ألف منهم في كاليفورنيا، بينما يعيش 100 ألف في تكساس، إضافة إلى أعداد كبيرة في نيويورك وإلينوي وفلوريدا.

لماذا يطلق عليهم “الحالمون”؟
كان برنامج “داكا” حلاً وسطاً من قبل إدارة أوباما بعد فشل الكونغرس في تمرير ما يسمى بقانون “التنمية والإغاثة والتعليم لصغار القاصرين” (دريم) الذي كان سيمنح أولئك الذين وصلوا بشكل غير قانوني كأطفال، فرصة إقامة قانونية دائمة، وتم تمرير القانون لأول مرة في 2001 ، لكنه فشل مراراً وتكراراً.

قرار ترامب

ووفقاً لوسائل الإعلام الأمريكية، أقر الرئيس ترامب إلغاء برنامج “داكا”، أمس الاثنين، كما ذكرت صحف أمريكية نقلاً عن مصادر أن ترامب سيمنح الكونغرس 6 أشهر لصياغة تشريع بديل للبرنامج، لكن حذرت المصادر من أن ترامب قد يغير رأيه.

وينظر إلى قرار منح الكونغرس 6 أشهر لصياغة تشريع بديل للبرنامج على أنه حلاً وسطاً، بعد أن طالبت شخصيات جمهورية بارزة وشركات كبرى الرئيس ترامب بإبقاء برنامج “الحالمون”.

ووجهت هيلاري كلينتون، المرشحة السابقة للرئاسة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي، الشكر لصغار المُهاجرين الذين يُطلق عليهم “الحالمون”، وأشادت بإسهاماتهم في المجتمع الأمريكي.

وقالت كلينتون في تغريدة على موقع “تويتر”: “الشكر لشجاعة وعزيمة الحالمين (صغار المهاجرين)، لقد سمح (برنامج) داكا لآلاف الصغار بالمساهمة في مجتمعنا، ونحن أفضل حالاً بوجودهم”.

ومن المقرر أن يكشف النقاب عن قرار الرئيس الأمريكي بصورة رسمية في هذا الشأن اليوم الثلاثاء.

وكان قياديون جمهوريون اعتبروا مرسوم أوباما “عفواً” غير مبرر، لكن شخصيات جمهورية بازرة عارضت ترحليهم، بينها رئيس مجلس النواب بول راين الذي ذكر بأن “شباناً لا يعرفون بلداً آخر، جلبهم والداهم الى هنا ولا يعرفون منزلاً آخر”.

وحذر عشرات من رؤساء شركات كبرى، بينها “أمازون” و”آبل” و”فيس بوك” و”جنرال موتورز” و”مايكروسوفت”، في رسالة مفتوحة، ترامب من انعكاس اقتصادي لوقف العمل بالبرنامج، ورجّحوا خسارة للناتج الإجمالي تبلغ 460 بليون دولار.

انقسام الجمهوريين
ودعا رئيس مجلس النواب بول ريان الرئيس ترامب الجمعة إلى عدم إلغاء البرنامج وانضم له السناتور الجمهوري أورين هاتش.

في الوقت نفسه عبر عضو مجلس النواب الجمهوري ستيف كينغ، والذي يتبنى موقفاً متشدداً تجاه الهجرة، في تغريدة على موقع “تويتر” عن معارضته لخطة ترامب مساء الأحد.

كما عبر ديمقراطيون مثل السناتور آل فرانكين عن رغبتهم في استمرار البرنامج، ووصف فرانكين قرار الإلغاء بأنه “مخز”.

ودافع رجال أعمال بارزون عن “الحالمين” ومن بينهم الرئيس التنفيذي لميكروسوفت ساتيا ناديلا والرئيس التنفيذي لـ”فيس بوك” مارك زوكربرغ اللذان وقعا خطاباً موجهاً للرئيس يوضح إسهام “الحالمين” في الاقتصاد.

وقبل انتشار نبأ قرار ترامب كتب تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة أبل تغريدة قال فيها “250 من العاملين في أبل من الحالمين، وأنا أدعمهم”،  لكن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين قلّل من أهمية هذه التحذيرات.

ردود فعل
وتعهدت ولاية نيويورك، برفع دعوى قضائية ضد الرئيس ترامب في حال إلغائه البرنامج.

وصرح حاكم ولاية نيويورك أندرو كومو في بيان مشترك مع المدعي العام للدولة، إيريك شنايدرمان “أن تصرفات الرئيس ستقلب حياة مئات الآلاف من الشبان الذين لم يروا موطناً سوى الولايات المتحدة”.

من جهته هدد النائب العام لولاية واشنطن بوب فيرغوسون، في بيان منفصل، باتخاذ الإجراءات القانونية المتاحة “للدفاع عن آلاف الحالمين في ولاية واشنطن”.

وحذر العديد من البرلمانيين في الحزب الجمهوري من تعليق برنامج “دريميرز .

تعليق القرار
أشارت وسائل إعلام، إلى أن ترامب كان يعتزم الإعلان عن إلغاء البرنامج، اليوم الثلاثاء، لكنه قرر بعد اجتماع مع مستشاريه في البيت الأبيض إعداد “تعليق” للبرنامج.

وفي هذا السياق، قالت صحيفة “نيويورك تايمز”، إن ترامب يدرس جديًا خطة لإنهاء العمل بالبرنامج بعد ستة أشهر لكن مسؤولين حذروا من أنه قد يغير رأيه مجدداً.

وكان قد بدا أن ترامب، الذي أسهمت لهجته المناهضة للمهاجرين في فوزه بالرئاسة، ابتعد عن وعده الانتخابي بإلغاء هذا البرنامج.

وبحسب موقع بوليتيكو، فإن وزير العدل الأميركي، جيف سيشنز، أقنع ترامب بتكليف الكونغرس بالأمر، موضحاً أنه يعود للسلطة التشريعية وليس التنفيذية حسم مسائل الهجرة.

ولم تكن تفاصيل التغييرات في قرار ترامب بإلغاء البرنامج واضحة، بما في ذلك ما سيحدث إذا فشل المشرعون في اتخاذ الإجراء المناسب بحلول الموعد النهائي.

تظاهرات
ومن المتوقع أن تشهد مدن أمريكية تظاهرات حاشدة اليوم، احتجاجاً على ألغاء برنامج الحالمون “دريميرز”، حيث يحارب المهاجرون الشباب للحفاظ على حياتهم وعدم ترحيلهم بينما يستعدون للاسوأ.

ويبدي الكثيرون من المهاجرون الشباب قلقاً بالغاً، مع توقيع الرئيس ترامب على إلغاء البرنامج، بأنهم سيضطرون للعمل من تحت الطاولة في الوظائف ذات الأجور المنخفضة.

كما خرج أنصار البرنامج إلى الشوارع أمس الإثنين في لاس فيغاس ولوس انجليس وكارولينا الجنوبية وأماكن أخرى، يحملون لافتات تقول “لا أحد يملك الحق في تدمير أحلامك” و “أنا حالم ولكن لست الوحيد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى