المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةمقالات

الحلول العلمية للمشاكل السياسية و الاقتصادية الأردنية

 

بقلم. عمر الحلبوسي

لم تعد مشكلة المملكة الأردنية القديمة المتجددة وهي الضيق الاقتصادي الذي فرض عبء كبير على المواطن والحكومات المتعاقبة التي لم تأتي بالحلول اللازمة لانتشال الأردن من هذا الضيق الذي أصبح الشبح الذي يطارد الأردن ,وهنا يقع الدور الكبير على خبراء الإدارة و الاقتصاد الذين عليهم أن يبذلوا قصار جهدهم في دراسة كل حيثيات المشكلة و تتبعها و جمع كافة البيانات الخاصة بها ومن ثم القيام بعملية تحليل البيانات واستخراج المعلومات النافعة التي تساهم برسم استراتيجية واضحة المعالم لمعالجة هذا الضيق الاقتصادي أو على الأقل التخفيف منه بغية الشروع في البحث عن سبل جديدة تنتشل الأردن من حالة العجز الاقتصادي و الارتقاء به إلى مستويات متقدمة.

● أخطاء الحكومات المتعاقبة

تشكل أخطاء الحكومات المتعاقبة عبء كبيراً على الأردن شعباً وحتى الحكومة نفسها لكون هذه الحكومة لم تقم بعملية دراسة الأخطاء التي وقعت بها الحكومة التي سبقتها والعمل على معالجة هذه الأخطاء , ومن ثم دراسة الوضع الاقتصادي الأردني المحلي وحتى الاقليمي وبناءً عليه و وفق لمعطيات الداخل إعداد حلول شاملة من قبل الخبراء كل حسب اختصاصه و تتوافق هذه الحلول ضمن خطة استراتيجية موحدة تشكل آليات النهضة التي تذلل العقبات وتجتاز الصعاب نحو الخروج من الضيق الاقتصادي نحو آفاق اقتصادية رحبة تنعش الاقتصاد الأردني و ترفع الضيق عن كاهل المواطن الذي أتعبته الضرائب .

فلم تعد الضرائب تشكل حلاً  لوضع الأردن الاقتصادي , بل أضحت تشكل خطرا على الأمن الداخلي يمكن أن تستغله قوى إقليمية لتأجيج الوضع في الأردن ومحاولة لجر الشعب لمواجهة الحكومة وهذه كارثة كبيرة ,فالمواطن لم يعد يحتمل الضرائب التي تفرض عليه من قبل الحكومة وهذا نذير خطر على الحكومة أن تأخذه بعين الاعتبار وتعمل على معالجته و إيجاد حلول بديلة لمعالجة الوضع الاقتصادي بعيداً عن زيادة الضرائب التي لا تصب بمصلحة البلد عامة.

● ترشيق الحكومة

لا صحة للفكرة القائلة (أن تشكيل حكومة من عدة وزارات تسهل نجاح الحكومة وتقلل العبء) هذه المقولة خاطئة وليس لها أي صحة في ميدان العمل التطبيقي, و أن وجود وزارات بعدد كبير ضمن تشكيل الحكومة يؤدي إلى تشتيت الموازنة المالية و كذلك تشتيت العمل وتعرقل عملية الرقابة المالية والإدارية, فالأنجح هو ترشيق الحكومة لوزارات أقل لا تتجاوز 15 وزارة يوضع على رأس كل وزارة شخص من أصحاب الكفاءة والتخصص و يعزز بخبراء من ذوي الاختصاص ليقدموا الاستشارات والمساهمة بالتخطيط , وإن عز ذلك فهناك إجراء أخر وهو تفعيل دور مراكز الدراسات في كليات الإدارة والاقتصاد والذين يساهمون بدراسة الاقتصاد الأردني الأخطاء وتصحيحها ومن ثم إيجاد الحلول لكل مشكلة اقتصادية فلا توجد مشكلة بلا حلّ , و لكن تحتاج أن يساهم الجميع في العمل الدؤوب لمعالجة الوضع و إيجاد حلول ناجحة طويلة الأمد وليس الحلول الترقيعية التي تثبت دائما فشلها عند أول متغير يحصل.

إعداد استراتيجية النهضة الاقتصادية الشاملة

بعد تشخيص الأخطاء ومعالجتها تتم عملية وضع استراتيجية شاملة تشارك فيها كل الوزارات التي تعد كل واحدة منها خطتها الهادفة للارتقاء بالوضع الاقتصادي و حل كافة المشاكل التي تعصف بالاقتصاد الاردني و يجب الاستعانة بالخبراء من ذوي التخصص في مجالات الإدارة و الاقتصاد و التسويق وخبراء التحليل المالي لكي يساهموا بتقديم خبراتهم كل حسب اختصاصه لتصب في النهاية بتكوين استراتيجية نهضة اقتصادية نموذجية بنيت على أسس علمية من أصحاب الاختصاص تغير حال الأردن شعبا وحكومة.

كما أن هذا الاستراتيجية يجب أن تكون مرنة لمواجهة أي تغيرات قد تطرأ في أثناء التنفيذ , فتكون الاستراتيجية مرنة قابلة للتعديل أو الاضافة لكي تستمر دون تعثر أو عرقلة , ولكي تكون عملية التنفيذ ناجحة لا بد أن يشرف على عملية التنفيذ فريق من الخبراء المختصين لكي يراقبوا عملية التنفيذ ويسجلوا كل ما يحصل من نجاح أو تخبط لتجري عمليتان ( الأولى تعزيز عناصر النجاح و تنميتها و الثانية معالجة التخبطات و العمل على عدم تكرار حدوثها مرة أخرى) , ويجب عدم التهاون في العمل لأننا في وضع حرج فكل من يثبت تقاعسه عن العمل يعزل على الفور لأن الشعب والوطن أكبر من المتقاعسين.

● جلب المستثمرين

خطوة أخرى ضمن عملية معالجة الوضع الاقتصادي هي جلب المستثمرين ورؤوس الأموال الخارجية وتقديم تسهيلات للمستثمرين لفتح المجالات أمام الأفاق الاستثمارية التي من شأنها أن تعالج الكثير من الأخطاء والمشاكل الاقتصادية , وتضمن عملية الاستثمار وضع قانون يحدد حقوق ثلاث جهات رئيسية وهي ( الدولة والشعب والمستثمر) فلا يمكن أن يكون الاستثمار ضارا بالدولة أو الشعب , فالاستثمار هنا يكون المنقذ لا العبء الذي يثقل الكاهل الدولة والشعب , وكذلك لا يمكن أن يخنق المستثمر بإجراءات وضرائب تعرقل عملة أو تثقل كاهله بضرائب أو روتينات الاجراءات التي من شأنها تبطئ عمل المستثمر ومن الممكن تؤدي إلى هروب المستثمرين.

إذا العملية هي معادلة متوازنة بين ثلاث أقطاب الدولة والشعب والمستثمر فيجب تنظيم قانون يشكل على أساسه العقود مع المستثمرين تضمن حقوق جميع الأقطاب , ولجلب أكبر عدد من المستثمرين على الدولة أن تخفض الكثير من الإجراءات و التي سوف تغري المستثمرين للقدوم للأردن للاستثمار فيها , وكذلك الحاجة لخبراء التسويق والترويج الذين يساهموا بعملية جذب المستثمرين و اقناعهم للاستثمار في الأردن الذي سيعود على الدولة بالنفع على المدى الطويل فلن تدفع الدولة دولار واحداً للمستثمر لأن المستثمر ينجز عمله ويأخذ أمواله من استثماره للمشروع الذي عمل عليه دون أن يثقل كاهل المواطن بالمبالغ المالية , وعندما تنتهي مدة الاستثمار تتسلم الدولة المشروع ليكون ضمن إطار إدارتها الذاتية و حتى أثناء إدارة المشروع من قبل المستثمر لا يمكن له التلاعب بالمشروع من ذاته , بل يجب أن يكون خاضع لضوابط العقد المبرم سلفا بين الحكومة والمستثمر وكذلك خاضع للرقابة الحكومية التي لا تغبن حق أحد , كما أن فتح آفاق الاستثمار من شأنه أن يقلل من العاطلين عن العمل وإيجاد فرص عمل سوف ترفع من المستوى المعاشي للشعب وهذا سيعود بالنفع على اقتصاد الدولة أيضا.

● الاهتمام برأس المال الفكري

الخطأ الشائع في جميع دولنا العربية هو إهمال رأس المال الفكري (العقول المبدعة) والتي تشكل أهم موجود استثماري في نهضة الدول و أن أهميتها تأتي قبل أهمية المال لأن رأس المال الفكري من واجبه أن يعمل على حل المشاكل ومعالجتها علميا و إيجاد أفضل الحلول التي تغير الواقع وتحقق رغبات الدولة والمواطن على حد سواء , فلو استغلت الأردن رأس المال الفكري الأردني وحتى العربي لعاد عليها بالنفع الكبير و لحقق لها أفضل المعالجات, لكن شرط ذلك أن تتاح لهذه العقول الأجواء المناسبة لتحقيق النجاح وتذلل الصعاب أمامها ويتم الاهتمام بها و إعطائها دورا مميزا من أجل الإبداع .

قد يستهين البعض بأهمية العقول و الأفكار , لكن العالم اليوم يتهافت على جلب هذه العقول لكونها أصبحت تشكل جزءً من القوة الاقتصادية للبلد لكون هذه العقول بإمكانها معالجة كل المشاكل التي تواجه البلد وعلى مختلف الأصعدة وهنا تكمن قوة الموجودات الفكرية المبدعة التي لا يصعب عليها حل أي مشكلة , وكذلك هنا يكمن نجاح الدولة التي أولت الاهتمام برأس المال الفكري لكونه أخرجها من أزمتها وحل مشاكلها وبذلك رفع عنها ضيق الأزمات وحفظها من الاضطرابات الداخلية والخارجية التي يولدها الضيق الاقتصادي.

إن هذه اللمحات و حلول لو تم أخذها على محمل الجد و درست لكانت حلت المشاكل التي تعصف في المملكة الأردنية الشقيقة أو على الأقل تخفف من الضيق الاقتصادي الذي أثقل كاهل المواطن بالضرائب , فزيادة الضرائب بين الفينة والأخرى ليس حلا للمشكلة بل تفاقهماً لها وتوسعها لذلك آن الأوان للأردن أن يتخلى عن هذا الإجراء ويتجه لحلول علمية جديدة كما بينا أعلاه , وهناك حلول أخرى بالإمكان أيضا استغلالها لمعالجة المشاكل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى