المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

طب وصحة

الحمية الكيتونية…. فعّالة أم خطرة؟  

 

يقول بعض أخصائيي التغذية إن اعتماد نظام غذائي عالي الدهون ومنخفض الكربوهيدرات قد يكون مفيداً جداً للجسم (وخصوصاً للدماغ)، ما يسمح بالتخفيف من الأعراض الناتجة عن بعض الأمراض.
وهذا بالتحديد ما تروّج له الحمية الكيتونية، فهل هي على صواب؟

تزيد دراسة نُشرت أخيراً في مجلة أيض الخلايا من سوء السمعة التي اكتسبها السكر في السنوات الماضية عبر التصريح بأن النظام الغذائي الغني بالدهون مفيد للصحة. فقد بيّنت التجارب المجراة على الفئران أن النظام الغذائي الكيتوني (الغني بالدهون والفقير بالكربوهيدرات) يحسّن الذاكرة والحالة الجسدية والمهارات الحركية ويطيل عمر الفئران الأكبر سناً.

كيف ظهرت هذه الحمية ؟

ظهرت الحمية هذه في عشرينيات القرن الماضي حين استخدمت في عيادة مايو Mayo Clinic في الولايات المتحدة الأمريكية لمعالجة نوبات الصرع التي يصعب السيطرة عليها لدى الأطفال. يشرح طبيب الأعصاب وأخصائي التغذية الدقيقة الدكتور بيرنار أراندا: “لاحظ الأطباء، وبمحض الصدفة، تأثير الصيام الإيجابي في التخفيف من التشنّجات، وحاولوا إعادة إنتاج الآثار الفسيولوجية نفسها مع عدم تخفيض كمية السعرات الحرارية المستهلكة للسماح بمواصلة العلاج لفترة أطول”. هكذا، ابتكر أطباء مايو كلينيك حمية عالية الدهون منخفضة الكربوهيدرات ومعتدلة البروتين سُمّيت بالحمية الكيتونية.
في النظام الغذائي العادي، يحصل الجسم على إمدادات الطاقة من الكربوهيدرات بنسبة 50 إلى %55 ومن الدهون بنسبة 30 إلى %35 ومن البروتين بنسبة 10 إلى %15. أما في النظام الغذائي الكيتوني الصارم، فتشكّل الدهون 85 إلى %90 من إمدادات الطاقة، تليها البروتينات بنسبة 7 إلى %10 وأخيراً الكربوهيدرات بنسبة 2 إلى %3. تتكوّن أطباق النظام الكيتوني النموذجية من الأطعمة الدهنية (زبدة، زيت، أفوكادو، نباتات زيتية، جبن) واللحوم والأسماك وثمار البحر والبيض والخضار الفقيرة بالكربوهيدرات، مع استهلاك معتدل لمنتجات الألبان الكاملة والامتناع التام عن تناول الأطعمة المحتوية على الكربوهيدرات (مثل الحبوب والمنتجات المحتوية على السكر والفواكه…).

ماذا يحدث عند اتباعها؟

من المعروف أن خلايا الجسم تستخدم الكربوهيدرات (وخاصة الغلوكوز) كوقود رئيسي. تقول طبيبة التغذية الدكتورة كورين عياش: “حين تنفذ الكربوهيدرات، يحشد الجسم احتياطياته من الدهون، فيُطلق الأحماض الدهنية الحرة التي تتحوّل إلى أجسام كيتونية تساعد خلايانا على العمل”. بناءً عليه، تسمح الحمية الكيتونية بالمحافظة على الظاهرة الفسيولوجية هذه. ويشير الدكتور أراندا: “إضافة إلى ذلك، تتجلّى الآثار هذه سريعاً لأن احتياطيات الكربوهيدرات تنخفض بسرعة. ونظراً لتوافر كمية كبيرة من الدهون، لا يحتاج الجسم إلى الحصول على طاقته من العضلات كما هي الحال في الأنظمة الغذائية العالية البروتين والفقيرة بالكربوهيدرات والدهون”.

الأمراض التي يؤثّر فيها النظام الكيتوني

تعلّق الدكتورة عياش على الأمر قائلةً: “لقد لاحظنا ارتباط بعض الأمراض (ومنها حالات الصرع الشديد لدى الأطفال وداء الزهايمر) بعدم وجود ناقل للغلوكوز في الدماغ، ما يعوق تغذية الخلايا العصبية.
تستطيع الأجسام الكيتونية الناتجة عن أيض الدهون الدخول إلى الخلايا العصبية وتغذيتها”. فالنظام الغني بالدهون مفيد للدماغ المكوّن بشكل أساسي من مواد دهنية.

يضيف الدكتور أراندا: “الحمية الكيتونية مفيدة في علاج الصداع النصفي وداء باركنسون ومرض التصلب الجانبي الضموري”.
كما أنها قد تساعد في علاج السرطان.
وتشرح الدكتورة عياش: “بما أن الخلايا السرطانية تتغذّى على الغلوكوز، فإن قطع الوقود عنها يسمح بالحدّ من تطوّرها مع تأمين الطاقة اللازمة للخلايا السليمة”.

هل علينا اتباع النظام الكيتوني عند الإصابة بهذه الأمراض؟

تشدد الدكتورة عياش على أنّه: “من الضروري أن يصف النظام الغذائي هذا ويتابعه أحد اختصاصيي المهن الصحية. فالحمية هذه تترافق مع بعض الآثار الجانبية (مثل الغثيان والإمساك…). كما أن عدم توازن إمدادات الأحماض الدهنية قد يؤدّي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول”. بناءً عليه، يجب التأكد أولاً من وجود تأثيرات إيجابية لاتباع الحمية هذه.
في بداية العام 2017، أعلن معهد السرطان الوطني في فرنسا أن تحليل البيانات العلمية بيّن غياب الأدلة التي تثبت وجود تأثيرات إيجابية لاتباع الحميات التقييدية والصيام (مثل الحمية الكيتونية) لدى المصابين بأمراض سرطانية.

هل تساعد الحمية الكيتونية في خسارة الوزن؟

ثمة نسخ معدّلة للحمية الكيتونية يمكن استخدامها لإنقاص الوزن. تعد الأنظمة المعدّلة هذه أكثر مرونة من الحمية الكيتونية الصارمة، حيث أنها تقوم على استهلاك ما نسبته 60 إلى %75 من الدهون و25 إلى %30 من البروتين و5 إلى %10 من الكربوهيدرات.

كما أنها تحتوي على الخضار وبعض الفواكه. يعلّق الدكتور أراندا: “يسمح هذا بخسارة الوزن والوقاية من الاضطرابات الأيضية وأمراض القلب والأوعية الدموية. وتعود التأثيرات هذه في معظمها إلى الانخفاض الكبير في كمية الكربوهيدرات”.
توضح الدكتورة شيشبورتيش عياش: “حين يقتصر الاستهلاك على المواد الدهنية والبروتينات، فإن ذلك يؤدّي خسارة الوزن.
ينتج هذا عن الشعور بالشبع الذي تمنحه الدهون وعن انخفاض إفراز الأنسولين (هرمون التخزين). ولكن نادراً ما يكون فقدان الوزن هذا دائماً لأن الاستمرار بنظام غذائي مماثل صعب جداً ويسبب قصوراً في المغذّيات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى