المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

شعر

الشعر نكتسبهُ أم فطرة كامنة فينا؟

مصدر – د. عبدالله البطيَّان
مستشار أدبي تطوعي

لطالما كان هذا السؤال حديث المجالس والمنتديات، والمجموعات المهمة بالشعر، بين أن يكون فطرة وموهبة تتطلب التعليم أم يُكتفى بها كونها حالة إلهام ورغبة يمارسها الشاعر.

أَعلم أن الشعر (موهبة وفطرة) لكنها لا تكفي لوحدها هبة فطرنا الله عليها لنعبر عن مشاعرنا فيها بقالب ما وطريقة ما وأسلوب ما تجعلها تعبر عنا بما نريد ونضع هذا التعبير رسالة تصل للناس برغبة من أمتلك هذه القدرة والتشكيل اللفظي في تكوين التعابير.

لذا أقول :العلم لوحده مالم يتدارس لا يحقق العطاء. ومن خلال الممارسة، الدربة، الدراية، التدارس.. وأكثر من ذلك، هي أدوات حيّة يحذو على خطاها من تنبهوا بها.

وبهذا يقينًا أن الوراثة ليست سلوك، الوراثة بيئة تغمصها صاحبها، وتلبسها المبدع، ودون أدوات لن يتمكن صاحبها من التعاطي الإيجابي معها.

إذاً من أدرك أن الأوزان والقوافي علم تدارسه أحدث الفارق على من قبله ومن بعده؛ لأنه اعتبره قيمة مضافة قام به عبر التعلم واستخدام ما تعلمه ليكون بشكل متقن سليم من العلل والعوارض الشكلية.

وبهذا فإن التعلم وعي، والسؤال يقول : كيف كانت اللغة فطرة الذين نشأوا عليها ولم يفطنوا أو يتم توجيههم؟…

فوجود بيئة تعايشنا عليها ونشأنا فيها ونمت لدينا مدركات تلك البيئة فهذه خصيصة ذوقية تجعلنا نستوعب استخدام تلك اللغة وأدواتها ومنها الشعر.

يابن اللغة العربية أنت تعلم أنها فطرة وموهبة اكتفي بها ولا تتعلمها لتتقن ممارستها واستوعب ما يدور حولك لترى أن فوق كل ذي علم عليم، أخطأ من قال أن الشعر ليس علم ولا يُعلم.

ومن جالس أهل الشيء أخذ منهم وترتبت مداركه بما تعلم منهم، والنيات الطيبة وحدها لا تكفي لتكون مطيتك لإرادتك.

السعي يحقق مطلب النية، والمعرفة تحقق مطلب السعي، والذكاء والفطنة خريطة تدلك على جودة ما يخرج منك من عطاء مادي أو غير مادي.

لذا فالمكتسبات تعني أنك تتعلم الشيء لتكون ممارستك متقنة، وإلا كيف استطاع العربي من إدراك أن هذه الطريقة تسمى شعر؟ وهذا الشعر كيف تشكل ليكون من مكونات وزن وقافية، وهذا الوزن كيف كان بناء ومعنى ومعزى، وهذه القافية كيف كان لها حروف روي؟

أصبح للشعر أنواع وأغراض وأوزان تدل عليه ومع نمو اللغة أصبح ينظم باللغة الأم وباللهجة البيضاء وباللهجة الدارجة حتى تم إيجاد فنون أدائية تميز هذا عن ذاك نتيجة تدارس وتعلم مع مرور الخبرة وللعربي الحديث دلالات تخبره كيف له أن يكتب الشعر بأوزانه الأصلية أو المستحدثة والمتمرسين فقط هم من يحسنون التعبير عن أنفسهم بشكل جيد لذلك يعتبر الشاعر ذكيًا ومميزًا بين أفراد المجتمع.

وعلى سبيل الذكر كان لي ضمن الإستشارات الأدبية التطوعية مقالًا تضمن عنوان تبي تتعلم شعر تعال أدندن لك، وقلما نجد تجارب كيف كتب المبدع فلان وماهي طريقته، والتجربة استيعابها لحضور مجالس الشعر بالاستماع أو بتدارس قراءة دواوين الشعر أو من خلال مشافهة الأمثال ودلالتها لحدث ما بهيئة شعر.

ويبقى ذلك السؤال يمر بين الناس كوسيلة إثبات لمن يريد أن الشعر مكتسب أو فطرة ودليل هذا عن ذاك أمثلة حيّة كتجارب أفراد أميون لديهم ذكاء أدبي، أو متعلمون صنعوا من مفرداتهم بالمعرفة ليتميزوا عن الأميين، والقدرة هي امتلاك الأدوات وحسن استخدامها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى