الصكوك.. طريق إجباري لتمويل عجز الموازنة

يبدو أن الاقتصاد الكويتي على مقربة من أن يشهد أداة تمويلية جديدة للدين الحكومي وهي الصكوك الإسلامية في ظل حاجة الحكومة إلى بديل تمويلي لعجز الموازنة وتصاعد مجموعة من العوامل التي تدفع الحكومة إلى الإسراع بإنهاء قانون الصكوك وتحديد ضمانات إصدارها من الأصول السيادية.
وأبرز العوامل التي تضغط على الحكومة لسرعة الانتهاء من قانون الصكوك:
– ارتفاع العائد على السندات الكويتية الدولية بضغط من زيادة الفائدة على السندات الأميركية.
– الحاجة إلى توجيه تخمة السيولة لدى القطاع المصرفي لتمويل المشروعات التنموية بدلاً من تمويل عجز الموازنة.
– توقعات استمرار عجز الموازنة خلال السنوات المقبلة والحاجة إلى إيجاد بدائل تمويلية لجانب السندات.
– الكويت تبقى الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تدخل سوق الصكوك المتنامي عالميا.
وكان ديوان المحاسبة قد أوصى الحكومة في تقريره الدوري الثاني الصادر الشهري الماضي حول الاستدانة الحكومية من الخارج في صورة سندات دولية بضرورة سرعة الانتهاء من المشاورات حول إصدار الصكوك والتي استمرت طوال العامين الماضيين.
الصكوك في 2018
توقعت وكالة التصنيف الائتماني «موديز» في تقرير لها ان تلجأ الحكومة الكويتية الى إصدار صكوك سيادية كأحد البدائل القوية للاستدانة خلال 2018 وذلك بعد اقرار مجلس الأمة الكويتي لقانون الدين العام ورفع سقف الاستدانة إلى 25 مليار دولار ولمدة زمنية بحد أقصى 30 عاما خلال الأسابيع المقبلة.
وقال التقرير ان الكويت الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تلجأ حكومتها حتى الآن للاستدانة من خلال إصدار صكوك إسلامية على الرغم من الإعلان عن نية الحكومة اللجوء الى الصكوك العام الماضي.
وتوقع التقرير ان تصل قيمة إصدارات الدين الكويتي السيادي خلال العام الحالي إلى 4.2 مليارات دولار ما يقارب 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي للكويت والذي يقارب 40 مليار دينار سنويا (قرابة 130 مليار دولار).
زيادة التكلفة
تزداد تكلفة الاقتراض من الخارج من خلال السندات الدولية بزيادة الفائدة على السندات الأميركية والتي تعتبر المؤشر التي يتم القياس على أساسها. وخلال العام 2017 زاد الفيدرالي الأميركي الفائدة على السندات الأميركية 3 مرات بإجمالي 0.75%.
وتشير التوقعات الى زيادة محتملة في الفائدة على السندات الأميركية خلال العام الحالي 3 أو 4 مرات في إشارة الى توقع زيادة في العائد على السندات الأميركية بـ 1% على الأقل خلال 2018.
وبذلك تكون السندات الكويتية الدولية الصادرة في مارس من العام الماضي قد زادت الفائدة عليها 1.75% ما يزيد عن نصف العائد الذي دفعته الكويت وقت الإصدار.
ضمانات الصكوك
تعتمد ضمانات الصكوك على الهدف من إصدارها، حيث ان الصكوك المصدرة لتمويل مشروعات التنمية لابد ان يكون المشروع أو جزءا منه ضمانا للصكوك المصدرة، أما اذا تم إصدارها بهدف تمويل العجز فالضمان إما أملاك حكومية أو عقود نفطية مستقبلية تضمن.
وتمثل ملكية الحكومة من أملاك عقارية واحدة من الطروحات التي يمكن الاعتماد عليها في حال التوصل لإصدار صكوك.
وذكر تقرير لديوان المحاسبة ان هناك 26 جهة حكومية قامت بحصر ممتلكاتها العقارية القابلة لان تكون ضمانا لإصدار الصكوك في حين نفت الهيئة العامة للاستثمار إمكانية ان تكون أي من صكوكها قابلة للدخول كضمان لإصدار الصكوك.
وتبلغ إجمالي قيمة الملكية العامة من العقارات والأراضي 14.6 مليار دينار (ما يقارب 49 مليار دولار) مقسمة إلى 9.5 مليارات دينار قيمة الأراضي الفضاء و5.1 مليارات دينار قيمة العقارات والتي يصل معدل اهلاكها 125 مليون دينار سنويا بحسب الحساب الختامي الصادر عن وزارة المالية للعام المالي 2016/ 2017.
مشروع قانون
كانت «الأنباء» قد نشرت المسودة الأولى لمشروع قانون الصكوك الإسلامية السيادية، الذي يتضمن إعطاء الحق للحكومة في الاستدانة لتمويل عجز الموازنة بإصدار صكوك برهن أصول سيادية للدولة لصالح حاملي الصكوك أو الالتزام ببيع النفط مقدما طوال مدة الصك أو برهن مشروع تنموي.
وأبرز المواد التي اشتمل عليها القانون وضع محددات تؤمن الأصول السيادية ومشروعات التنمية المرهونة والمملوكة جزئيا مقابل إصدار الصكوك بأن تكون ملكية الدائنين على المشاع، فلا يجوز لهم البيع أو الرهن أو الحجز عليها بأحكام قضائية، وإن كان لهم حق الاطلاع على جدوى المشروع الذي يتم تمويله والمشاركة في الأرباح.
وتكون وزارة المالية مسؤولة عن ترتيب الإصدار من خلال أي من بنك الكويت المركزي أو الهيئة العامة للاستثمار.
تمويل العجز
مع إعلان الحكومات عن عجز في موازناتها يبقى السؤال الأهم كيف سيتم التمويل. وخلال الأعوام الثلاثة الماضية مولت الكويت العجز من الاحتياطي العام الذي تكون من فائض الميزانية الحكومية في الأعوام الماضية إضافة الى إصدار سندات دولية.
ونجحت الكويت في مارس من العام الماضي في إصدار سندات دولية بقيمة 8 مليارات دولار مقسمة الى شريحتين، الأولى بقيمة 3.5 مليارات دولار لأجل 5 سنوات بعائد 75 نقطة أساس فوق السندات الأميركية بما يعادل 2.75% (قابلة للزيادة الليلة حالة رفع الفيدرالي الفائدة) والشريحة الثانية بقيمة 4.5 مليارات دولار لأجل 10 سنوات بعائد 100 نقطة أساس فوق السندات الأميركية بما يعادل 3% وقت الإصدار.
وكانت وزارة المالية قد أعلنت نهاية يناير الماضي عن موازنة العام المالي الجديد 2018- 2019، بإيرادات متوقعة 15 مليار دينار بزيادة 12% وحجم إنفاق مقدر بنحو 20 مليار دينار ليبلغ العجز المتوقع للعام المالي الجديد نحو 6.5 مليارات دينار بعد استقطاع احتياطي الأجيال القادمة.