المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مجلس الأمة

العدساني: تسوية أوضاع المتقاعدين بوضع نسب فعلية للاستبدال بدلاً من الافتراضية تراعي العوائد الاستثمارية ومعدلات الوفيات

المصدر الانباء الكويتية

 

أعد مقرر لجنة الميزانيات والحساب الختامي النائب رياض العدساني دراسة تنشرها «الأنباء» عن بدائل الاستبدال وأثرها على المركز المالي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والميزانية العامة للدولة، تتضمن الدراسة الملاحظات على الاستثمارات والعجز الإكتواري وكيفية المعالجة.

الملخص العام

أنشئت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في سنة 1976 كجهة حكومية مستقلة، وتهدف إلى توفير المعاشات التقاعدية للمؤمن عليهم، وللمستحقين بعد وفاة عائليهم، ولا يدخل ضمن أغراضها تقديم القروض، وتدير حاليا 7 صناديق تأمينية.

ولإنجاز هذه المهمة، فإنه يتطلب عليها أن توفر احتياطات مالية كافية للصرف على الخاضعين للنظام التأميني عبر الاستقطاعات الشهرية منهم مع استثمارها لتضمن كفايتها، علما أن هناك 122 ألف متقاعد وأكثر من 78 ألف مستحق بمعدل نمو سنوي يتراوح ما بين 4 و5%.

ولأن المؤسسة لا تقدم قروضا، فإنها توفر عوضا عن ذلك ميزة تأمينية اختيارية تعرف بالاستبدال، تتلخص فكرتها في حصول المستبدل على مبلغ من راتبه التقاعدي دفعة واحدة قبل أوان استحقاقه الشهري مقابل تحمله لتكاليف إضافية تتمثل بـ «عوائد الاستثمار الذي فات المؤسسة عن هذا المبلغ»، بالإضافة إلى «مقابل التكافل نظير المخاطر المتعلقة بوفاته».

ورغم أن المؤسسة تعلم أن هذه التكاليف الإضافية تزيد مع تقدم السن وتقل القيمة المستبدلة معها لصالح المستفيد من هذه الميزة، إلا أنها تراها ضرورية لتحقيق التوازن المالي في صناديقها التأمينية وليس الغرض منها تحقيق الأرباح.

ووفقا لإحصائياتها وبياناتها المالية، فإن هناك أكثر من 70 ألف حالة للاستبدال دفعت لهم فعليا 992 مليون دينار، وغالبية المستفيدين من هذه الميزة التأمينية الاختيارية هم من المتقاعدين قد اختاروا سداد ما عليهم على مدة 15 سنة (75% من الحالات).

وكي لا تتحمل المؤسسة أي مبالغ إضافية تؤثر عليها، قامت بتحميل المستفيد من هذه الخدمة سداد عائد الاستثمار المفترض الذي يحقق التوزان المالي لها والمقدر نسبته بـ 6.5%، في حين هي نفسها تعجز عن تحقيق هذه النسبة عندما تستثمر أموالها ولا تتوقعها أصلا عندما تقوم بالتخطيط الاستثماري في ميزانيتها المرسلة لمجلس الأمة.

كما أن مخاوفها النظرية من وفاة المستبدل قبل حصولها على ما دفعته له لا يقابلها عمليا ما يبرر ذلك، حيث إن المبالغ المسقطة بسبب الوفاة كانت خلال السنوات الـ 7 الماضية ما يقارب الـ 9 ملايين دينار وهي نسبة ضئيلة جدا تتراوح بين (0.01% و0.3%) من المبالغ المستبدلة، ولا تؤثر جوهريا على التوازن المالي للصناديق التأمينية البالغة 35 مليار دينار.

وعلى النقيض من «نظام الاستبدال» الذي يرهق كاهل المستفيد، فإن «نظام الأمثال» المستحدث مؤخرا والذي يقوم على ذات المبدأ لـ«نظام الاستبدال» وهو الحصول على مبالغ دفعة واحدة قبل أوان استحقاقه الشهري فوت على المؤسسة عوائد استثمارية كان من الممكن تحقيقها، مما سيؤدي إلى استنزاف مواردها المالية على المدى المنظور علما بأن هناك عدم وضوح في قياس تأثيرات هذا الأمر إكتواريا.

ولا يزال قياس المركز المالي للمؤسسة إكتواريا الذي يهدف إلى معرفة ما إذا كانت قادرة على توفير الضمانات للأجيال المستقبلية بالإضافة إلى الأجيال الحالية محل ملاحظة من قبل ديوان المحاسبة، خاصة أن الخزانة العامة تحملت أعباء فعلية تقدر بـ 10 مليارات دينار تم الانتهاء منها في سنة 2015 إلا أن هذا العجز ارتفع مجددا ليصل إلى 17 مليار دينار.

مع التنويه إلى أن العجز الإكتواري كنظرة مستقبلية للمؤسسة لا يعني أنها تمر بوضع مالي صعب حاليا، إذ أموال الصناديق التأمينية تتميز بفوائضها منذ نشأتها، إلا أنه لا يجب التقليل من تأثيرات هذا العجز خاصة أن المقترحات الرامية لإسقاط مبالغ الاستبدال المقدرة بأكثر من 600 مليون دينار والسعي لإقرار تشريعات أخرى بهدف منح مبالغ دون فوائد سيتم تمويلها من الصناديق التأمينية المختصة التي تعاني من عجوزات إكتوارية كبيرة مع انخفاض في عوائد استثمارها.

ويكمن الحل في إعادة تسوية أوضاع المستبدلين الحاليين عبر مراجعة النسب الافتراضية المفروضة على مبالغ استبدالهم بنسب أقل تم تحقيقها فعليا، مع «إنشاء صندوق ثامن للتأمينات يكون هدفه منح القروض الحسنة والميسرة وتأمين هذه المبالغ» أو «اللجوء إلى البنوك بضوابط وإشراف ومراقبة من الدولة تحمي المتقاعد» كي يتم تجنيب المركز المالي للمؤسسة والاحتياطي العام للدولة من أي آثار سلبية مستقبليا عما هو مطبق ومقترح حاليا.

التقرير

أولا: نبذة عن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية

٭ التأسيس

بتاريخ 29 أغسطس 1976، صدر أمر أميري بحل مجلس الأمة، وكان من بين مواده أن القوانين تصدر بمراسيم أميرية، ويجوز عند الضرورة إصدارها بأوامر أميرية.

ورغم أن الكويت كانت تطبق أنظمة المعاشات التقاعدية منذ سنة 1955 إلا أن أول قانون متكامل للتأمينات الاجتماعية صدر بأمر أميري بتاريخ 2 سبتمبر 1976، والذي أنشئت بموجبه المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لتتولى تطبيق النظام الصادر به.

وبتاريخ 14 ابريل 1981، أقر مجلس الأمة في جلسته المنعقدة إصدار قانون التأمينات الاجتماعية، وأدخلت تعديلات على بعض أحكامه في فترات لاحقة.

٭ دور المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية

تبين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بنفسها في إجابة برلمانية ما مفاده إيجازا أنها تتولى تطبيق نظام التأمينات الاجتماعية الذي يهدف إلى:

1 – توفير المعاشات التقاعدية للمؤمن عليهم عند تقاعدهم أو عجزهم عن العمل.

2 – توفير المعاشات للمستحقين بعد وفاة عائليهم.

وليس من مهامها المحددة قانونا منح القروض للمتقاعدين، ولا يدخل ذلك ضمن الأهداف التي من أجلها أنشئ نظام التأمينات الاجتماعية.

٭ نوع ميزانية المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية

تعتبر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية جهة حكومية ذات ميزانية مستقلة.

وتعرف الميزانية المستقلة على أنها:

ميزانيات تخص جهات تباشر نشاطا اقتصاديا تغلب عليه الاعتبارات التجارية، روعي فيها تقرير أكبر قدر من الاستقلال المالي لها في حدود ما يسمح به الدستور وما تستلزمه الرقابة على الأموال العامة على نحو يمكنها من القيام بأعمالها. وكمبدأ عام، فإن الذمة المالية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تعد مستقلة عن الذمة المالية للميزانية العامة للدولة، حيث تحتفظ بإيراداتها التي تحققها لتمويل مصروفاتها، وما فاض عنها ترحل لتضاف إلى احتياطيات الصناديق التي تتولى المؤسسة إدارتها.

٭ نبذة عن صناديق المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية 7 صناديق هي كما يلي: (انظر الجدول)

ثانياً: الراتب التقاعدي

٭ تمهيد

سبق التوضيح أن دور المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية يتمثل في توفير المعاشات لكل متقاعد شهريا بانتظام إلى حين وفاته، وقد يمتد توفيره للمستحقين ممن يعولهم لما بعد وفاته أيضا.

ولإنجاز هذا الدور، فإنه يتطلب على المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن تكون احتياطيا ماليا كافيا لهذا الشخص المقيد عندها يكفي لصرف معاشه التقاعدي لمدد قد تتجاوز ما سدده فعليا من اشتراكات مالية لها عندما كان يعمل. حيث يبين الرسم البياني:

1ـ حتى سنة 2017، بلغ أعداد المتقاعدين ما يجاوز الـ 122 ألف متقاعد بمتوسط معدل نمو سنوي يقارب الـ 5% تقريبا.

2ـ حتى سنة 2017، بلغ أعداد المستحقين للراتب التقاعدي (أرامل ـ أولاد ـ غير ذلك) ممن كان يعولهم المتقاعد قبل وفاته ما يجاوز الـ 78 ألف مستحق بمتوسط معدل نمو سنوي يقارب الـ 4% تقريبا.

٭ كيفية تكوين الراتب التقاعدي

سبقت الإشارة إلى أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية يجب أن تكون احتياطيا ماليا كافيا لكل شخص مقيد لديها يكفي لصرف معاشه التقاعدي، ويعتمد تمويله على موردين هما:

1 ـ الاشتراكات المالية المؤداة شهريا للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من كل من (المؤمن عليه ـ صاحب العمل ـ الدولة).

2 ـ عائد الاستثمار على هذه الاشتراكات سواء كان الشخص المقيد لديها على رأس عمله أو متقاعدا.

مع التنويه إلى أن توازن هذا الاحتياطي لضمان كفايته للصرف على المتقاعد كحقوق له لا يتحقق بدون استثمار الاشتراكات المالية.

ثالثا: الاستبدال

٭ التعريف

بداية، للاستبدال اصطلاح شائع ومتعارف عليه بين عموم الناس باسم (بيع الراتب) أو (بيع المعاش).

وتعرف المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بنفسها في عدد من الأجوبة البرلمانية ما مفاده إيجازا مفهوم الاستبدال على أنه:

ميزة تأمينية اختيارية مقررة بقانون التأمينات الاجتماعية لأصحاب المعاشات التقاعدية والمؤمن عليهم، تمنحها لهم متى ما توافرت في شأن المتقدم للاستبدال شروط ذلك بصرف النظر عن حاجته والغرض الذي طلبه من أجلها، وذلك عبر استبدال مبلغ نقدي بجزء من راتبه يدفع له دفعة واحدة.

وتحدد القيمة الاستبدالية المستحقة للمستبدل حسب سنه ومدة استبداله وفقا لجداول مرفقة بقانون التأمينات الاجتماعية.

٭ الشريحة المستفيدة

طبقا لقانون التأمينات الاجتماعية، فإن هذه الميزة التأمينية الاختيارية يستفيد منها كل من: 1 ـ المؤمن عليهم. 2 ـ المتقاعدين.

٭ مثال توضيحي

إذا تقدم 3 متقاعدين يبلغون من العمر (50 ـ 55 ـ 60) للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لاستبدال 25% من راتبهم التقاعدي البالغ 1.000 دينار لكل واحد منهم على أن تكون فترة السداد على 5 سنوات (60 شهرا)، فإنه يكون ما يلي: (انظر الجدول)

ويلاحظ من هذا المثال التوضيحي أنه كلما تقدم طالب الاستبدال في السن انخفضت معه القيمة الاستبدالية التي سيحصل عليها كما هو مبين في الرسم البياني أدناه باستخدام المعطيات نفسها سابقة البيان في المثال التوضيحي لمختلف الأعمار للمتقاعدين.

٭ تكاليف الاستبدال على المتقاعد

سبق التوضيح أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لا تمنح أي قروض لأصحاب المعاشات التقاعدية لأن دورها يتمثل في توفير المعاشات للمتقاعدين شهريا بانتظام إلى حين وفاتهم.

كما تمت الإشارة إلى أنه لضمان كفاية الصرف على كل شخص مقيد لديها فإنه لابد من استثمار اشتراكاته المالية المؤداة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سواء كان على رأس عمله أم لا.

ولأن مقدم طلب الاستبدال حصل دفعة واحدة على مبلغ من راتبه التقاعدي قبل أوانه، فإنه ينتقل إليه عبئان نتيجة لذلك، وهما: (انظر الجدول)

٭ وجهة نظر المؤسسة في تكاليف الاستبدال

سبق التوضيح تفصيلا أن القاعدة التي تعمل بموجبها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية: يجب تكوين احتياطي مالي كاف لكل شخص لديها عندها يكفي لصرف معاشه التقاعدي، ولا يتحقق توازن هذا الاحتياطي المالي إلا بالاستثمار سواء كان هذا الشخص على رأس عمله أم متقاعدا. ولذا تمثل المبالغ المضافة (عائد الاستثمار + مقابل التكافل) على أصل القيمة الاستبدالية توازنا في الصناديق التي تديرها المؤسسة على نحو يمكنها من الوفاء بالتزاماتها، وأن إلغاءها سيترتب عليه تأثير سلبي على الصناديق.

وعليه، فإن هدف المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من إضافة هذه المبالغ هو تحقيق التوازن المالي لديها وليس تحقيق الأرباح.

٭ تأثير تكاليف الاستبدال على المتقاعد المستبدل

تشير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بنفسها في إجابة برلمانية إلى أن الأقساط على القيمة الاستبدالية قد تزيد بسبب عنصري (عائد الاستثمار + مقابل التكافل)، وقد تقل في حالة الوفاة.

حيث سبق أن بين هذا التقرير مثالا توضيحيا حول كيفية تدني القيمة الاستبدالية للمتقاعدين كلما تقدم بهم السن عندما يرغبون باستبدال 25% من رواتبهم البالغة 1.000 دينار لكل واحد منهم على مدى 5 سنوات.

وفي المقابل، يتعين على كل متقاعد مستبدل وفق معطيات المثال التوضيحي سداد 250 دينارا شهريا لمدة 60 شهرا (5 سنوات) كقسط لمبلغ الاستبدال الذي تقدم به والبالغ 15 ألف دينار، علما بأن قيمة هذه الأقساط تزداد تدريجيا بتقدم سنه. وعليه، يتضح أن المتقاعد المستبدل الذي يبلغ من العمر 41 عاما يتحمل تكاليف مالية قدرها 14% لسداد أصل قيمته الاستبدالية التي حصل عليها، في حين أنها تصل إلى 26% للمتقاعد المستبدل البالغ من العمر 65 عاما.

٭ عدد حالات الاستبدال

تبين البيانات الإحصائية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن عدد حالات الاستبدال محددة المدة (5 سنوات – 10 سنوات – 15 سنة) للمتقاعدين من أصحاب المعاشات بلغ ما يزيد على 70 ألف حالة حتى نهاية سنة 2017. علما بأن المؤسسة توقفت عن تحديث موقعها الالكتروني منذ السنة المشار إليها.

كما تجدر الإشارة إلى أن 75% من حالات الاستبدال محددة المدة لأصحاب المعاشات التقاعدية متركزة في مدة 15 سنة.

٭ مبالغ الاستبدال في الحساب الختامي

بداية، يعرف الحساب الختامي على أنه: بيان يوضح فيه الإيرادات والمصروفات و(صافي الربح أو الخسارة) الفعلي لسنة مالية منتهية تمهيدا لإقراره من مجلس الأمة. ووفقا لبيانات الحساب الختامي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للسنة المالية المنتهية الأخيرة 2018/2019 فإنه يتضح بعد تحليلها ما يلي: (انظر الجدول). وخلاصة ما سبق: يبلغ إجمالي الرصيد الفعلي المتبقي من مبالغ الاستبدال نحو 612 مليون دينار بعد خصم المخصصات وما دفع من أقساط كما هي مبينة في المركز المالي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للسنة المالية المنتهية الأخيرة 2018/2019.

رابعا: الملاحظات الفنية على نظام الاستبدال

سبق التوضيح في هذا التقرير أن هدف المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من إضافة عنصري (عائد الاستثمار + مقابل التكافل) على أصل القيمة الاستبدالية هو لتحقيق التوازن المالي في الصناديق التي تديرها المؤسسة على نحو يمكنها من الوفاء بالتزاماتها وليس لتحقيق الأرباح.

كما أن الأقساط على القيمة الاستبدالية قد تزيد بسبب عنصري (عائد الاستثمار + مقابل التكافل)، وقد تقل في حالة الوفاة.

وفيما يلي الملاحظات الفنية على كل عنصر:

٭ أولا: الملاحظات الفنية على عنصر عائد الاستثمار

تبين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بنفسها في مرفقات رد بإجابة برلمانية أن أنظمة المعاشات التي تقدم خدمة الاستبدال يجب أن تبنى على أسس لا تحمل هذه الأنظمة أي تكاليف إضافية، ولذا يجب أن يعكس الاستبدال عائد الاستثمار طويل الأمد للمؤسسة والمقدر بـ 6.5% سنويا.

إلا أنه يلاحظ أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لا تعكس في خططها الاستثمارية عند إدارتها لصناديقها معدل العائد المستهدف بل تضع عائدا دونه بكثير تتوقع تحقيقه مع وجود تفاوت واضح صعودا أو انخفاضا في معدلات عائد الاستثمار الفعلية.

علما بأن المؤسسة تشدد كما تم بيانه سابقا أنه لضمان كفاية الصرف على كل شخص مقيد لديها فإنه لابد من استثمار اشتراكاته المالية المؤادة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سواء كان على رأس عمله أم لا، إذ إن دورها يتمثل في توفير المعاشات لكل متقاعد شهريا بانتظام إلى حين وفاته، وقد يمتد توفيره للمستحقين ممن يعولهم لما بعد وفاته أيضا.

ويكشف الرسم البياني أن مقدار الفارق بين (عائد الاستثمار المستهدف الذي يحقق التوازن المالي لصناديق المؤسسة للوفاء بالتزاماتها) وبين (عائد الاستثمار المتوقع تحقيقه بناء على قدراتها ودراسة الأسواق والمعطيات الاقتصادية) يقدر بـ 2.8% تقريبا خلال السنوات المالية الـ 7 الماضية.

مع التنويه إلى أن عائد الاستثمار الفعلي انخفض مرتين عن عائد الاستثمار المتوقع خلال تلك الفترة، كان آخرها في السنة المالية المنتهية الأخيرة 2018/2019.

وخلاصة الرأي الفني فيما سبق: 1 – من غير المقبول انتقال عبء عائد الاستثمار الافتراضي الذي يحقق التوازن المالي للصناديق المقدر بـ 6.5% على كاهل المستبدل بحجة أنه فوت على المؤسسة عوائد استثمارية نظير استبداله للمبلغ المدفوع له دفعة واحدة قبل أوانه، في حين أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية هي نفسها لا تتمكن من تحقيقه ولا تتوقعه في ميزانيتها السنوية، بل أن عوائد الاستثمار الفعلية قد تكون أحيانا دون العائد المتوقع.

2 – أن استمرار المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بتحقيق عائد استثمار فعلي يقل عن كل من (العائد المتوقع) و(العائد المستهدف) هو المتسبب الرئيسي فعليا في تحميل أنظمة المعاشات التقاعدية لتكاليف إضافية على الخزانة العامة عبر ما يعرف باسم العجز الاكتواري ووجود خلل اكتواري في التوازن المالي لصناديقها كما سيأتي بيانه تفصيلا.

3 – من غير المقبول أن يكون متوسط أداء المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في نشاطها الرئيسي وهو الاستثمار بمختلف أداوته المتنوعة أقل بـ 2.5% عن النسبة المستهدفة التي تحقق التوازن المالي لصناديقها للوفاء بالتزاماتها وهو الأصل، في حين انها في نشاط الميزة التأمينية الاختيارية (الاستبدال) تستوفيها كاملة بحجة فوت الصناديق لعوائد استثمارية كانت مقدرة افتراضيا بهذه النسبة ولا يمكنها تحقيقها عمليا.

٭ ثانيا: الملاحظات الفنية على عنصر مقابل التكافل

تبين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بنفسها في إجابة برلمانية أن العائد السنوي المحتسب على الاستبدال مرتبط بسن المستبدل، فيزيد هذا العائد كلما زاد سنه بسبب زيادة تكاليف عنصر التكافل لارتفاع معدلات الوفيات في الأعمار المتقدمة.

كما سبق للمؤسسة أن بينت بنفسها في مرفقات رد بإجابة برلمانية أن أنظمة المعاشات التي تقدم خدمة الاستبدال يجب أن تبنى على أسس لا تحمل هذه الأنظمة أي تكاليف إضافية، ولذا يجب أن يعكس الاستبدال عنصر (مقابل التكافل الاجتماعي) في حالات الوفاة.

إلا أن بيانات الحساب الختامي تكشف أن عبء (مقابل التكافل) الذي يتحمله المستبدل لا يقابله مخصص مالي يعكس المبالغة في تقدير هذا الأمر رغم أهميته، وأن التكاليف المترتبة عليه لا تشكل نسبة مئوية مذكورة يعتد بها كتكاليف إضافية يترتب عليها اختلال التوازن المالي لصناديق المؤسسة على نحو كبير مع إمكانية وجود حلول بديلة لها.

حيث يتضح من الجدول أدناه أن مخصص الاستبدال المكون لمواجهة سقوط باقي أقساط استبدال أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم يتراوح ما بين (0.5% – 0.6%)، وهي نسبة ضئيلة جدا قياسا إلى إجمالي مبالغ الاستبدال المدفوعة للمستفيدين من هذه الميزة التأمينية الاختيارية.

علما بأن مراقب الحسابات الخارجي المستقل المعين من قبل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية يبين سنويا في تقريره المرفق مع الحساب الختامي أن هذه المخصصات المكونة لـ (مواجهة سقوط باقي أقساط استبدال أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم) كافية لهذا الغرض.

وتكشف بيانات الحساب الختامي أنه خلال السنوات الـ 7 الماضية تحملت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية مصروفات فعلية نتيجة لـ (سقوط باقي أقساط استبدال أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم بسبب الوفاة) بلغت ما يزيد على 8 ملايين دينار، وهي تعادل ما نسبته 28% من إجمالي قيمة المخصصات التي كونتها طوال تلك الفترة. وخلاصة الرأي الفني فيما سبق: رغم وجود مخاطر نظرية بارتفاع معدلات الوفيات في الأعمار المتقدمة مما يتسبب بإسقاط مبالغ الاستبدال كاملة عن المستبدل، إلا أن الواقع العملي يبين أن المبالغ المسقطة لا تشكل نسبة مؤثرة وجوهرية تؤثر على توازن الصناديق ماليا مع إمكانية وجود حلول بديلة لها.

خامسا: الملاحظات الفنية على نظام الأمثال

٭ تمهيد

في دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الخامس عشر، أقر مجلس الأمة في جلسته المنعقدة بتاريخ 30 يناير 2019 تعديلات على بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية، ونشرت في الجريدة الرسمية بالقانون رقم 10 لسنة 2019.

وكان من بين مواد هذا القانون ما نصه الآتي:

يجوز لصاحب المعاش التقاعدي أن يطلب صرف ربع صافي المعاش التقاعدي بما لا يجاوز المستحق له عن 28 شهرا مقدما، على أن يكون السداد بواقع ربع صافي المعاش.

ويكون ذلك لمرة واحدة طوال الحياة. واستثناء من ذلك، يجوز طلب الصرف مقدما مرة أخرى في حدود ما يكون قد تبقى من الحد الأقصى المشار إليه.

كما بينت المذكرة الإيضاحية للقانون ما نصه الآتي: وهو ما يعني صرفه مقدما في هذه الحالة ما يعادل 7 أمثال صافي المعاش كحد أقصى مع ملاحظة أن ما تم صرفه لا تحتسب عنه فائدة ويكون السداد بواقع صافي الربع.

٭ مثال توضيحي

إذا تقدم متقاعد للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لطلب صرف 25% من راتبه التقاعدي البالغ 1.000 دينار على أن يسدده خلال 28 شهرا، فإنه يكون ما يلي: (انظر الجدول)

المبلغ المراد صرفه مقدماً من قبل المتقاعد

25 % ×1000 دينار × 28 شهرا = 7000 دينار

وستقوم المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بدفعه إليه دفعة واحدة على أن يتم تحصيله خلال المدة المذكورة دون فائدة.

٭ الملاحظة الفنية

بداية، رغم أهمية البعد الاجتماعي في هذا القانون وهو توفير مصدر تمويل للمتقاعدين دون فائدة على المبلغ الممنوح تسهيلا لهم في مواجهة تكاليف الحياة، إلا أن هناك بعدا فنيا بحتا يقتضي إيضاحه لما له من تبعات طويلة الأمد على المركز المالي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في ظل:

1 – الزيادة السنوية في أعداد المتقاعدين والمقدرة بـ 5% تقريبا كما تم بيانه آنفا في هذا التقرير.

2 – وجود اقتراحات ترمي إلى زيادة أعداد الأمثال الممنوحة للمتقاعد مع إطالة فترة سدادها وتقليل النسبة المستقطعة من صافي راتبه التقاعدي.

حيث سبق الإيضاح مرارا في هذا التقرير أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تشدد بنفسها على الآتي: أن المتقاعد عندما يرغب في الحصول على دفعة واحدة من راتبه التقاعدي قبل أوانه، فإن ذلك يؤدي إلى فوت الصناديق التي تديرها المؤسسة للعوائد الاستثمارية التي كان من الممكن تحقيقها عن المبلغ المدفوع له دفعة واحدة.

كما أن إلغاءها سيترتب عليه تأثير سلبي على الصناديق التي تديرها المؤسسة على نحو لا يمكنها من الوفاء بالتزاماتها ويخل بتوازنها المالي.

والواقع أن (نظام الاستبدال) و(نظام الأمثال) كلاهما يعتمدان على مبدأ واحد وهو الصرف مقدما قبل أوان استحقاق تلك المبالغ المدفوعة دفعة واحدة، وهو ما يثير التساؤل عن مدى تأثير نظام الأمثال على الدفعات النقدية المستقبلية والمركز المالي للمؤسسة في ظل وجود قصور تشريعي لم يبين ما إذا كان يستوجب فحصه اكتواريا خلافا لنظام الاستبدال.

مع التنويه إلى أن التقرير الأخير لمراقب الحسابات المستقل المعين من قبل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والمعتمد من مجلس إدارتها في 13 مايو 2019 قد بين الآتي:

تنامى العجز الاكتواري الجديد للمؤسسة بنسبة 92% عن الفحص السابق ليصل إلى 17 مليار دينار، مع النصح بإعادة النظر في معاملات الاستبدال لتعكس فيه الفرضيات الجديدة المطبقة في الفحص الاكتواري الأخير.

وخلاصة الرأي الفني فيما سبق:

1 – أن نظام الاستبدال بصورته المطبقة حاليا ترهق كاهل المستفيد من هذه الميزة التأمينية الاختيارية لوجود فرضيات مفارقة للواقع العملي على النحو الذي سلف شرحه تفصيلا، في حين أن نظام الأمثال بصورته المطبقة حاليا والقائمة على ذات المبدأ لنظام الاستبدال ستستنزف الموارد المالية للمؤسسة وستؤثر على مركزها المالي على المدى المنظور لفوات عوائد استثمارية كان من الممكن تحقيقها مع عدم إمكانية قياس تأثيرها في ظل عدم بيان مدى خضوع (نظام الأمثال) للفحص الاكتواري من عدمه.

2 – إن بعض اقتراحات القوانين السابقة المطالبة بإلغاء نظام الاستبدال والاستعاضة عنه بـ (قرض حسن دون فائدة) كانت مرفقة فيها إجراء فحص اكتواري للنظام المقترح لما لهذا الفحص من أهمية في قياس مدى قدرة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية، في حين أن (نظام الأمثال) القائم على شق من ذات الفكرة بمنح مبلغ مالي دون فائدة يخلو من فحصه اكتواريا.

سادسا: حقيقة وجود العجز الاكتواري لدى المؤسسة

٭ تمهيد

سبق البيان أن الغرض من فحص المركز المالي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية اكتواريا هو للتأكد من أن صناديق التأمينات الاجتماعية بها من الأموال ما يكفي للوفاء بالتزامات الصناديق الحالية والمستقبلية للأجيال المتعاقبة ضمانا لها لتوفير ذات الحقوق التأمينية.

إذ إن نتائج الفحص الاكتواري تتيح لمتخذ القرار تكوين نظرة مستقبلية وليست آنية في معرفة مدى الملاءة المالية التي يتمتع بها أي صندوق تقاعدي في الوفاء بالتزاماته.

وهذا لا يعني بالضرورة أن (أي مؤسسة للتأمينات الاجتماعية) عندما تعلن عن وجود عجز اكتواري لديها بأنها تمر بوضع مالي صعب، وأنه ليست لديها السيولة الكافية لسداد التزاماتها الحالية وأهمها المعاشات التقاعدية، بل قد يكون لديها فوائض مالية وتتمتع بوضع مالي جيد في الوضع الراهن إلا أنها تتوقع مستقبلا بناء على فرضيات معينة أن مصروفاتها المتوقعة ستكون أكبر من إيراداتها التي ستحصلها.

وفيما يلي بعض الأدلة على ذلك: الدليل الأول: بين تقرير ديوان المحاسبة الدوري عن السنة المالية 2006/2007 أن العجز الاكتواري الذي أظهرته نتائج الفحص الـ 9 وقررت الحكومة سداده كما تم شرحه سلفا ستستنزف أموال بعض صناديق المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية فيها بالسنوات المبينة في الجدول أدناه.

الدليل الثاني: بين التقرير الأخير لمراقب الحسابات المستقل المعين من قبل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والمعتمد من مجلس إدارتها في 13 مايو 2019 الآتي: رغم تنامى العجز الاكتواري الـ 13 ـ وهو الفحص الأحدث ـ ليصل إلى 17 مليار دينار كما هو مبين في الرسم البياني أدناه إلا أن هناك أمرا يجب التركيز عليه. حيث بين ذات التقرير أن أموال المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في صناديقها الـ 7 يتميز كل صندوق فيها بتمتعه بفائض إيراداته عن مصروفاته منذ نشأته.

ورغم تميز كل صندوق لدى المؤسسة بأنه يتمتع بفائض إيراداته عن مصروفاته منذ نشأته إلا أنه تحت فرضيات معينة ولأسباب معينة سيعاني بعضها مستقبلا من عجوزات اكتوارية لأن مصروفاتها المتوقعة ستكون أكبر من إيراداتها المحصلة. ومنها على سبيل المثال أن صندوق الباب الثالث الذي يتمتع بوجود فائض فيه بـ 18 مليار دينار سيعاني مستقبلا من عجوزات اكتوارية مقدرة بـ 9 مليارات دينار.

وخلاصة الرأي الفني فيما سبق: أنه لا ينبغي بأي حال من الأحوال التقليل من نتائج هذا الفحص وتأثيره المستقبلي فيما يخص الوفاء بالتزامات الأجيال القادمة من الحقوق التأمينية لهم، إلا أنه في ذات الوقت لا يجب تهويلها. حيث يتبين من الأدلة التي وردت أعلاه عن وجود ملاءة مالية مناسبة وكافية ومطمئنة لحقوق الأجيال الحالية والقادمة مع تباعد الفترات الزمنية لحدوث أي عجز قد يؤثر على سلامة الوفاء بمعاشاتهم التقاعدية. مع التأكيد أن هذا لا يعني اتخاذ قرارات أو تعديلات تشريعية ذات كلفة مالية بشكل غير مدروس تؤدي إلى اختلال توازن هذه الصناديق ماليا.

حيث سبق التوضيح في هذا التقرير ان إجمالي المبالغ المدفوعة فعليا للاستبدال بلغت نحو 992 مليون دينار حتى نهاية السنة المالية الأخيرة، يعود 99% منها لصندوقي الباب الثالث والعسكريين اللذين يعانيان من عجوزات اكتوارية كبيرة كما تم إيضاحه.

الأمر الذي يعني أهمية بذل المزيد من العناية للحفاظ على أموال هذين الصندوقين وعدم استنزافهما ماليا عبر (نظام الأمثال) بإعطاء مبالغ مقدمة دون عائد، وفي الوقت نفسه عدم إثقال كاهل المستفيدين من (نظام الاستبدال) عبر عوائد افتراضية مفارقة للواقع.

٭ أسباب العجز الاكتواري

من خلال تحليل المعطيات العملية وليست النظرية، يمكن إيجاز أهم أسباب تنامي العجز الاكتواري لدى المؤسسة فيما يلي:

السبب الأول: تدني العوائد الاستثمارية وشبهات التعدي على الاستثمارات

تبين المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بنفسها في إجابة برلمانية أن «عدم تحقيق عائد الاستثمار المتوقع وفقا لفرضيات الفحص الاكتواري» يعد من أسباب هذا العجز. وهي حقيقة مؤكدة في كل من تقرير مراقب الحسابات المعين من قبل المؤسسة بالإضافة إلى بيانات الحساب الختامي على النحو الذي سلف بيانه تفصيلا في هذا التقرير مما تنتفي معه الحاجة إلى التكرار.

علما ان تدني العوائد الاستثمارية قد يكون بعضها مرتبطا بتطورات الأسواق الاقتصادية وتقلباتها، إلا أن هناك قضايا متعلقة بالاستثمار تقوم الدولة على «ملاحقة المتلاعبين فيها لاستعادة المبالغ التي تم الاستيلاء عليها ودراسة الخسائر التي لحقت بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في قضية ضخمة استغرقت وقائعها لفترة امتدت 3 عقود» كما هو وارد نصا في إجابة برلمانية.

السبب الثاني: الطريقة المتبعة في حساب العجز الاكتواري

سبق التوضيح في هذا التقرير أن مبرر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في استخدام الطريقة المغلقة يأتي تطبيقا لصريح القانون، وأن نتائج هذه الطريقة أكثر دقة من الطريقة المفتوحة التي تستخدم فيها فرضيات أكثر.

ومن مبررات المؤسسة في عدم استخدامها للطريقة المفتوحة ما بينته تفصيلا في ردها بتقرير ديوان المحاسبة الدوري للسنة المالية 2007/2008 والذي كان مفاده إيجازا أن هذه الطريقة تحتسب فئات لم يولدوا بعد وما زالوا في علم الغيب بالإضافة إلى الطلاب الذين ما زالوا في المدراس والجامعات، وأنه ليس من المناسب احتساب هؤلاء.

وخلاصة الرأي الفني فيما سبق في هذا السبب أن هذه المبررات وإن كانت صحيحة إلا أنه يمكن تقليل الفرضيات المستخدمة في هذه الطريقة، بحيث يتم الاستقرار على مجموعة من الفرضيات الممكنة الحدوث بدلا من تشعبها ورفض الطريقة جملة وتفصيلا.

السبب الثالث: المعايير المحاسبية المطبقة في احتساب العجز الاكتواري

يرى ديوان المحاسبة ضرورة إعادة دراسة السياسات المحاسبية لدى المؤسسة لتتماشى مع المعايير الدولية والتي بدورها سيكون له تأثير على مبالغ العجز الاكتواري.

وهو ما بينه أيضا تقرير مراقب الحسابات المستقل المعين من قبل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، إذ أن عدم أخذها بعين الاعتبار لأحد السياسات المحاسبية وهو (القيمة الزمنية للمال) أدى إلى وجود عجوزات في بعض الصناديق التقاعدية.

السبب الرابع: تطبيق مميزات تأمينية للخاضعين للتأمينات دون دراسة فنية

لا يجب أن تناقش خطط التأمينيات الاجتماعية على أسس سياسية، بل يجب أن تخضع لأسس علمية تراعى فيها الأبعاد المالية والاجتماعية بما يحقق الصالح العام ويجنب هذه المؤسسة خطر الإفلاس وتحميل الخزانة العامة بأعباء باهظة نتيجة لقرارات غير مدروسة بعناية مهنية.

وقد بين هذا التقرير الملاحظات الفنية على كل من (نظام الاستبدال) و(نظام الأمثال) بما تنتفي معه الحاجة إلى تكرارها.

وخلاصة الرأي الفني فيما سبق: أنه يقتضي بذل المزيد من الجهود لتنويع مصادر استثمارات المؤسسة المضمونة والآمنة والتي من شأنها أن تحقق العائد الأمثل على المنظور القريب والبعيد بما يكفل تلافي تمويل العجز الاكتواري التي تتحمله الخزانة العامة للدولة أو تقليله.

كما يجب إيجاد حلول تشريعية بديلة عن النظم المطبقة حاليا أو المقترحة كمميزات تأمينية للخاضعين لنظام التأمينات الاجتماعية بما لا يؤثر على المركز المالي للمؤسسة والخزانة العامة للدولة ولا يرهق كاهل الخاضعين لها.

مع ضرورة أن يكون لوزارة المالية دور في تحديد الآلية الصحيحة والدقيقة لتقييم العجز الاكتواري، وألا يتم التعامل مع التقديرات التي تقررها المكاتب الاستشارية كأمر مسلم به كي لا تكون غطاء لأي خسائر استثمارية قد تدرج ضمن هذا العجز.

التوصيات

إن نظام التأمينات الاجتماعية في الكويت ـ شأنه شأن أي نظام للتأمينات الاجتماعية في أي دولة بالعالم ـ وضع ليكون أداة للتكافل الاجتماعي، ومن ثم لا نتوقع لدولة رشيدة أن تسمح لمؤسساتها المشرفة على هذا النظام بالإفلاس، كما لا نتوقع أن يرضى مجتمع راشد بأن يغدق نظامه للتأمينات الاجتماعية على جيل مقابل التضحية بجيل قادم.

حيث يجب القيام بدراسة موضوعية فيما يتعلق بنظام الاستبدال ومعالجته بطريقة فنية محكمة لا تؤثر على (المركز المالي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية) و(الاحتياطي العام للدولة) مع السعي لتوفير أفضل الخدمات للمتقاعدين وعدم إرهاقهم ماليا.

أولاً: معالجة أوضاع المستبدلين الحاليين

قيام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بالتنسيق مع مجلس الأمة بصياغة جداول جديدة للاستبدال لمعالجة قضية المستبدلين الحاليين بهدف تسوية أوضاعهم دون تكلفة على المال العام عبر وضع نسب جديدة للاستبدال تراعى فيها العوائد الاستثمارية المحققة فعليا ومعدلات الوفيات الفعلية خلال السنوات الـ 15 السابقة بدلا من النسب الافتراضية المطبقة حاليا المفارقة للواقع.

ثانيا: توفير مصادر تمويل جديدة للمتقاعدين

البديل الأول: إنشاء صندوق للقروض

إلغاء نظامي الاستبدال والأمثال، والعمل على إدخال تعديلات تشريعية جديدة على قانون التأمينيات الاجتماعية ينشأ بمقتضاها صندوق ثامن للمؤسسة يكون تحت إدارتها ترصده فيه الأموال اللازمة لتقديم (قروض حسنة بدون فائدة ـ قروض ميسرة للمتقاعدين بالتنسيق مع بنك الكويت المركزي طبقا لشروطه) مع فحصه اكتواريا، والقيام بتأمين هذه القروض من قبل شركات التأمين المتخصصة في هذا المجال.

ومن شأن هذا الاقتراح تجنيب المركز المالي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لأي عوائد استثمارية ستفوتها جراء قيامها بصرف مبالغ دفعة واحدة قبل أوانها، كما أنه سيوفر إيرادات مالية لها منخفضة التكاليف كون مصروفاتها الإدارية محتسبة فعليا ضمن ميزانيتها التي تقر سنويا من قبل مجلس الأمة. وتجدر الإشارة إلى أن للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ودائع لأجل تقارب الـ 11 مليار دينار حتى نهاية السنة المالية المنتهية الأخيرة، ويمكن الاستفادة منها عبر تمويل هذا الصندوق المقترح على أسس اقتصادية.

البديل الثاني:

اللجوء إلى البنوك بضوابط وإشراف ومراقبة من الدولة تحمي المتقاعد وفق شروط وتعليمات بنك الكويت المركزي، وبذلك تتشارك المصارف في هذا المقترح عبر توفير تسهيلات ائتمانية للمتقاعدين ويحد من تعثر أصحاب ملف الاستبدال كونهم تفرض عليهم تكاليف عالية على المبلغ المستبدل وفق الشروط المطبقة حاليا من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى