المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

طب وصحة

العلاج السلوكي المعرفي… لطرد أفكارك السلبية

 

يساعدك العلاج السلوكي المعرفي في فهم الأفكار السلبية بشكل أفضل، من ثم تطوير إستراتيجيات للتغلّب عليها. إليك بعض النصائح التي يقدمها الخبراء.

تخطر على بال كل منا أفكار سلبية أحياناً، ولا تشكّل مشكلة غالباً. ولكن إذا تحوّلت إلى عادة متكررة، مولّدة في داخلك دوماً الكآبة والغضب، فعليك إذاً أن تبدّل نمط تفكيرك. يساعدك العلاج السلوكي المعرفي في ذلك.
توضح الدكتورة سوزان سبريتش، مديرة برنامج العلاج السلوكي المعرفي في مستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد: “هدف هذا العلاج مساعدتك في تعزيز وعيك حيال أفكارك وسلوكك وتعليمك تبديل ردود فعلك تجاه الظروف المجهدة”.

العلاج

يساعد العلاج السلوكي المعرفي الإنسان في التعاطي مع التفكير السلبي الذي ينشأ عن مشاكل نفسية شائعة عدة، كالقلق، والكآبة، والخوف، والاضطرابات القسرية، والرهاب. في هذا السياق، تذكر الدكتورة سبريتش: “يواجه الإنسان مع التقدم في السن أزمات كثيرة تسبب مشاكل مماثلة وتولّد بالتالي أفكاراً سلبية، من موت صديق أو زوج إلى التغيّرات الجذرية في الصحة، كالإصابة بمرض. وإذا لم يُعالج، يؤدي التفكير السلبي إلى تقويض أنماط السلوك الصحية ويقود إلى العزلة الاجتماعية وسوء العناية بالنفس”.
خلال جلسات العلاج السلوكي المعرفي، تعمل مع معالج على اكتشاف أنماط تفكيرك السلبية: متى تظهر، وكيف تتفاعل معها، وما تكون النتيجة.
على سبيل المثال، لنفترض أن صديقك لا يرد على اتصالاتك. يبدأ تفكيرك بنسج سيناريوهات كارثية، مثل: هل يتعمد التصرف معك بتكبر أو يكرهك؟ ولا شك في أن هذا الأمر يولّد فيك القلق. وتحوّل هذا التفكير السلبي إلى سلوك غير صحي كالتعاطي مع صديقك بتكبر مماثل، أو تفادي المناسبات الاجتماعية التي يشارك فيها.
فضلاً عن تمضية الوقت مع المعالج، تُعطى غالباً فروضاً تقوم بها بين الجلسات بغية تعزيز العلاج. على سبيل المثال، ربما يُطلب منك تسجيل أفكارك السلبية عندما تنشأ: الوضع، وما سبب التفكير السلبي، ونوع الأفكار التي راودتك، وما الشعور الذي تركته فيك.

تجربة الإستراتيجيات

بعد أخذ هذه المعلومات كافة في الاعتبار، يتعاون المعالج بعد ذلك معك لتطوير إستراتيجيات بغية التوصل إلى رد فعل أكثر إيجابية عندما تنشأ فكرة سلبية.
في السيناريو الوارد أعلاه مثلاً، ربما يشجعك المعالج على البحث عن أدلة تدعم أفكارك عن صديقك. هل من تفسير آخر؟ ما النصيحة التي تسديها إلى إنسان آخر يعرب عن رد فعل مماثل؟ وربما يقودك نمط التفكير هذا إلى إدراك أنك لا تعلم يقيناً أن صديقك يكرهك. فربما يكون منشغلاً فحسب.
تذكر الدكتورة سبريتش: “تتوصّل بمساعدة المعالج إلى رد فعل منطقي لا يخرّب علاقتك الإجابية والسليمة”.

علاج أكثر جاذبية

بخلاف العلاجات الأخرى التي تدوم أشهراً أو حتى إلى أجل غير مسمى، يقتصر العلاج السلوكي المعرفي على فترة محدودة ووجيزة. تدوم الجلسات الأسبوعية من 12 إلى 20 زيارة وفق نوع المشكلة.
لذلك يشكّل العلاج السلوكي المعرفي خياراً مناسباً لمن ينفرون من العلاجات النفسية التقليدية. توضح الدكتورة سبريتش: “يمنح العلاج المريض سيطرة أكبر. يشكّل محادثة متبادلة يُشجَّع فيها المريض على أن يكون أكثر مشاركةً في تطوير الإستراتيجيات، بما أن عليه تطبيقها.وهكذا يقوم العلاج على ابتكار أدوات تتيح للمريض معالجة نفسه بنفسه”.

يمكنك استشارة طبيبك ليحيلك إلى معالج متخصص في منطقة.
لا تنسَ أن العلاج السلوكي المعرفي لا يختلف عن أية علاقة أخرى بين المريض وبين الطبيب.

وربما لا تشعر بالراحة في التعاطي مع المعالج في البداية. “فلكل معالج أسلوب خاص ومقاربة مختلفة”، وفق الدكتورة سبريتش.
لكنها تضيف: “إذا لم تشعر بالارتياح، لا تستسلم. أطلع المعالج أولاً على ما يقلقك. وإذا لم يتعاطَ معك بطريقة مرضية وفاعلة، فاختر معالجاً آخر”.

تبديل مناطق الدماغ

تشير البحوث الأولية إلى أن العلاج السلوكي المعرفي ينجح بتبديله بعض مناطق الدماغ.

اكتشفت دراسة نُشرت على موقع Translational Psychiatry على شبكة الإنترنت أن مَن يعانون القلق تمتعوا بعد تسعة أسابيع من العلاج السلوكي المعرفي بتراجع في حجم اللوزة الدماغية ونشاطها، علماً بأنها ترتبط بالخوف والمشاعر.

على نحو مماثل، راجعت دراسة أخرى نُشرت في عدد أبريل 2016 من مجلة Acta Neuropsychiatrica استعمال العلاج السلوكي المعرفي لمداواة الكآبة.

واتضح أن العلاج يؤثر في اللوزة، فضلاً عن مناطق أخرى معنية باتخاذ القرارات وردود الفعل العاطفية، من بينها القشرة ما قبل الأمامية البطنية الإنسية/ القشرة الأمامية المحورية والقشرة الحزامية الخلفية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى