
بينما تتفاقم أزمة فيروس كورونا وتدخل لمراحل ضبابية غير واضحة المعالم، هرعت دول كثيرة في المنطقة لتفعيل التعليم الإلكتروني عن بعد وذلك لضمان عدم تأثر الطلاب بفترة العطلة التي فرضتها الإجراءات الاحترازية الخاصة بمكافحة الفيروس، فيما الكويت تخطو خطوات خجولة في هذا الصدد، كان آخرها إعلانها الخطة التشغيلية لمشروع التعليم الإلكتروني، الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة حول أسباب عدم إسراع الكويت وعدم استعانتها بالمنصات الكويتية التعليمية التي وضعت كافة إمكاناتها لخدمة الطلاب.
ففي المملكة العربية السعودية، عرض مدير جامعة أم القرى الدكتور عبدالله بافيل، الاستعدادات التي اتخذتها الجامعة لتطبيق أنظمة «التعليم عن بعد» و«البلاك بورد» في عمادة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد، واطلع على سير العمل لتفعيل خطة الانتقال للتعلم الإلكتروني، مؤكداً على «تسخير التقنيات الحديثة لاستمرار العملية التعليمية».
وقال الدكتور خالد المطيري، من جامعة أم القرى، إن «عمادة التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، باشرت تنفيذ خطة الجامعة لسير العملية التعليمية عن بعد، فور إعلان وزارة التعليم عن تعليق الدراسة، من خلال البرامج التدريبية ورفع جهوزية الدعم الفني على الأنظمة المستخدمة».
وبيّن المطيري أن «نظام التعليم الإلكتروني في الجامعة يستوعب أكثر من 110 آلاف طالب»، لافتاً إلى أنه تم «استخدام نظام (الويبكس) كمساند في عملية التدريب لإمكانية استيعابه أكثر من 3 آلاف طالب في الجلسة الواحدة».
وفي نفس السياق، سارت جامعة الملك عبدالعزيز، حيث أعلن عميد التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد فيها الدكتور هشام برديسي، أن «العمادة أنشأت 7500 فصل دراسي افتراضي وقدمت 127 دورة تدريبية لتعزيز ممارسات التعلم الإلكتروني لأعضاء هيئة التدريس، بواقع 60 دورة للطلاب، و67 دورة للطالبات قُدّم أغلبها إلكترونياً عن بُعد.
أما في الإمارات، فقد أعلنت وزارة التربية والتعليم، مبادرة «التعلم عن بعد للطلبة، وذلك من خلال بوابة التعلم الذكي، والاستفادة من كافة الدروس والبرامج المتوافرة عبر المنصة».
وفي نفس السياق، أعلنت جامعة البحرين «إعداد تفعيل منصات التعلم الالكتروني فيها، والتي تسمح بتحميل المواد التدريسية والتواصل بين الطلبة وأساتذتهم».
وفي الأردن، قال وزير التربية والتعليم الأردني تيسير النعيمي، ان«هناك منصة إلكترونية في حال تعليق دوام المدارس، وسنلجأ للتعليم عن بعد في حال تفشي (كورونا)»، بينما أعلنت الجامعة الإسلامية في قطاع غزة، «اعتماد التوجه نحو أسلوب التعليم عن بعد والتعليم الالكتروني لمتابعة العملية التعليمية خلال حالة الطوارئ لضمان عدم إضاعة الفصل الدراسي الحالي على الطلبة».
بن غيث لـ «الراي»: لم يعد ترفاً
رأى المدرس الخبير في تطبيق «درسني» بدر بن غيث، أن «التعليم الإلكتروني يعتبر خياراً مطروحاً في الأزمات وفي غير الأزمات، ويعد مكملاً أساسياً في العملية التعليمية في العديد من المؤسسات التعليمية، خصوصاً تلك المؤسسات العالمية التي تتمتع بدور على مستوى العالم»، لافتاً إلى أن «ضمانات جودة محتوى المادة التعليمية المقدمة، تأتي من خلال متابعة المسؤولين لها والاختيار الجيد للمعلمين، وتمكنهم من استخدام التكنولوجيا في عملية التعليم الإلكتروني والتواصل مع الطلبة».
وتابع بن غيث في تصريح لـ«الراي»، أن «هناك العديد من الكوادر الوطنية الكويتية المتمكنة في استخدام التكنولوجيا، وسبق لهم تطبيق تلك التكنولوجيا في مدارسهم في مراحل مختلفة»، معتبراً أن «المطلوب هو الثقة في هذه الكوادر والتنظيم والاختيار الجيد وتحديد الطريقة المناسبة، للتواصل والتعليم الإلكتروني، ثم الانطلاق فيها وفق خطة زمنية مدروسة».
وعن مميزات التعليم الإلكتروني، أجاب قائلاً «يوفر الوقت والجهد ويقصر المسافات، فالمواد العلمية موجودة ويمكن للطالب العودة لها متى ما شاء وهناك العديد من البرامج والمنصات والتطبيقات التي تسهل عملية التعلم»، مشيراً إلى أن «ثمة العديد من الطرق لقياس مدى استفادة الطالب ومتابعته من خلال برامج مساندة».
وأضاف «لم يعد التعليم الإلكتروني ترفاً، بل حاجة ومكمل أساسي، وهناك مؤسسات عالمية تعليمية تعتمد عليه في عملية التعليم، وكل ما علينا أن نثق في المعلم، ونضع له الأدوات والبرامج، ويتم تدريبه في هذه الفترة، وسنجد ردورد فعل ايجابية، وهذا لما لمسناه بالفعل من خلال زيادة الإقبال على المنصات التعليمية، سواء مع قرب الاختبارات أو على مدار العام الدراسي، خصوصاً أن الأجيال الجديدة تتعامل مع كل ما هو إلكتروني، وبالتالي من السهولة عليهم استخدام التكنولوجيا في التعليم».
الرفاعي لـ «الراي»: إبداع كويتي
قال المدرس الخبير في تطبيق «درسني» محمد الرفاعي، إن هناك ضرورة للتعليم الإلكتروني عن بُعد، لأسباب عدة: أولها حماية الأفراد من التجمع في المدارس والجامعات، ما يفيد في تخفيف انتشار الفيروس حسب التوجيهات الصحية، وكذلك استمرارية التعلم وعدم ضياع فصل دراسي كامل، ما يترتب عليه خسائر كبيرة حالية ومستقبلية على الفرد والمؤسسات الحكومية والخاصة.
وبشأن ضمان جودة المحتوى، قال الرفاعي إن ذلك يكون «من خلال وضع معايير لكل محتوى، والتعاون الأمثل مع المختصين بالمجال، وكذلك التنافس الإيجابي بين المبادرات والمنصات التعليمية الإلكترونية»، مشدداً على أن «الكويت ولاّدة للمبدعين، وهذه الأزمة برز منها العديد من المدرسين المخلصين، بشكل فردي أو بشكل مجموعات تطوعية، مثل مبادرة (معلمون متطوعون) بقيادة الزميل الأستاذ بدر بن غيث، وكذلك المنصات المختلفة التي يديرها شباب كويتي يتسم بالإخلاص والمبادرة».
وعن مميزات التعليم الإلكتروني عن بُعد، قال الرفاعي «المميزات كثيرة، أبرزها سهولة ومرونة التعلم في أي وقت وأي مكان، وتنوع الأدوات التعليمية بين فيديو ونص وألعاب تعليمية تفاعلية واختبارات وتمارين»، مشيراً إلى أن «المميزات من بينها مراعاة الفروق الفردية، من خلال معرفة مستوى المستخدم، وتزويده إلكترونياً بالمواد التي يحتاجها».