الكويت تودّع علي المتروك صاحب الأيادي البيضاء

ودّعت الكويت الأديب والشاعر ورجل الأعمال الكويتي عميد أسرة آل المتروك العم علي المتروك بعد مسيرة اقتصادية ووطنية وثقافية حافلة.

والمتروك – رحمه الله – بدأ مسيرته العملية في وزارة النفط، وبعد انشاء الدوائر الحكومية انتقل للعمل في وزارة المالية عام 1951، واستمر في وزارة المالية حتى عام 1970، انتقل بعد ذلك للعمل مدير عام املاك الدولة برتبة وكيل وزارة لمدة 21 عاما، ما اتاح له معاصرة عهود كثيرة مرت بها الكويت، وليكون شاهدا على الحقبة الأساسية في مراحل بناء الدولة.

شارك في تأسيس العديد من الشركات الكويتية التي مازالت موجودة حتى الآن في السوق الكويتي وتعتبر من اكبر الشركات الكويتية، حيث شارك في انشاء شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية وكان نائبا للرئيس، كما شارك في إنشاء شركة الفنادق وكان عضو مجلس الادارة فيها، وكذلك في شركة الأسماك الكويتية، كما انه كان مؤسس اول مصنع لإنتاج الأصباغ في دولة الكويت.

وقد نعى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم الراحل قائلا عبر حسابه على تويتر: بخالص الحزن وصادق المواساة نتقدم بأحر التعازي لآل المتروك الكرام بوفاة العم الفاضل علي يوسف المتروك، فقد كان المغفور له بإذن الله نموذجا يحتذى به في الأخلاق ومثالا رائعا في العطاء الوطني، سائلين الله تعالى جلت قدرته ان يرحمه برحمته الواسعة وأن يحشره مع الصالحين وأن يلهم ذويه ومحبيه الكثر جميل الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وكان لرجل الأعمال علي يوسف المتروك، رحمه الله، كثير من الانشطة والفعاليات، خاصة في الجانب الثقافي، حيث عشق المطالعة والتاريخ والشعر منذ نعومة اظفاره، وله مجموعة من الكتب منها «أهل البيت في الكتاب والحديث» عام 2011، كما صدر له عام 2013 كتاب «الحسين سبط من الأسباط»، بالإضافة إلى ديوان شعر صدر عام 2005 بعنوان «للشعر صوت»، وله ايضا «حوار بين السنة والشيعة ونبذ التكفير»، «مواقف وأحداث»، «شخصيات إسلامية» و«زيارة القبور بين الإباحة والتحريم».

نشأ المتروك ـ رحمه الله ـ وسط اسرة كويتية متوسطة الحال، غرس فيه والده طيبة القلب والإيمان العميق، دفعته والدته الى حب العمل، وكرست لديه شعور القوة والحكمة والإحسان للآخرين، فأصبح من اشهر التجار في دولة الكويت، كان حريصا على زيارة جميع العلماء البحارنة وعلماء الحساوية، وعلماء السنة وأئمة المساجد ويستمع الى الجميع، ولم ينتم الى حزب، ولم يكن تابعا لأي فئة معينة، فكان شاعر الوفاء والناشط السياسي والتاجر، يدافع عن المظلومين.

استهل مسيرته التعليمية في المدارس الأهلية لتعلم القرآن الكريم، ثم انتقل الى المدرسة المباركية، وبعد ان انتهى من مراحل الدراسة فيها سافر الى انجلترا لدراسة اللغة الانجليزية وعاد حاملا دبلوم اللغة.

عالم الصحافة

وللمتروك – رحمه الله ـ مقالات صحافية وشعرية عديدة نشرت في الصحف الكويتية، تناولت مواضيع عدة تطرق فيها لأوضاع الكويت، والحرص على الوحدة الوطنية، وله العديد من القصائد الشعرية التي تغنى فيها بحب الوطن، والعمل دوما على رفعته وتقدمه.

رحلة الحياة

واستذكر المتروك – رحمه الله – نشأته في أحد اللقاءات الصحافية عام 2004 قائلا:

ولدت في دولة الكويت بحي الفرج قرب منطقة الاسواق، وقد ادركت ذلك الحي بمبانيه القديمة وسكانه الطيبين ذوي الاخلاق الحميدة العالية، وفي ذلك الحي حفرة تتجمع فيها مياه السيول من الامطار.

ومن فريج دروازة العبدالرزاق الى السوق الداخلي الى ماكينة بودي للطحين والكاركة لعائلة جمال وسوق اليهود، وسوق النصار، والوالد له دكان هناك يبيع ادوات السفن ومعه بالسوق عبدالعزيز الحمر وعبدالعزيز السمكة وعيد النصار، وأخوه وعبدالرزاق الهندي وسوق الحدادة، وكان ذلك السوق كخلية نحل صباحا ومساء يؤمه الرواد، والمتسوقون متواجدون فيه.

الحقيقة ان الكويت قديما كأنها جنة صغيرة فيها الحب والتعاون والتكافل والتكاتف ما بين المواطنين جميعا.

وعلى الاسياف السفن الخشبية التي تستورد وتنقل الفواكه من الدول المجاورة العنب البهمشيري والجت والجولان للأغنام ويتابع قائلا: أذكر ان منطقة بهيتة نزولا وصعودا من الامور الصعبة، ولكن كانت الرياضة تبدأ من بهيتة لمن يصعدها من جهة قصر السيف كانت رياضة طبيعية.

المرحلة الدراسية

وعن تلك المرحلة، يقول في احد لقاءاته الصحافية: درست اولا في مدرسة الملا بلال، رحمه الله، ثم في المدرسة الجعفرية لفترة انتقلت بعدها الى المدرسة المباركية، ووصلت الى الصف الرابع الثانوي، ثم اخذت دورة لغة في المعهد البريطاني في الكويت، ثم فتحت مدرسة تدرس اللغة الانجليزية، وقد قمت بالتدريس في مدرسة المرحوم أحمد السيد عمر التي اغلقها، وانتقل تلاميذها الى مدرستي، واذكر من الطلاب عبدالله الراشد، وكنت المدرس الوحيد فيها ليلا من الساعة الثامنة الى العاشرة، وادرس اللغة الانجليزية وقواعدها.

وعن بداياته في العمل، قال في لقاء صحافي عام 2001: تعلمت الطباعة بنفسي، وكنت اراسل الشركات وانا صغير، وعندما زرت بعض الشركات في بريطانيا تعجبوا من صغر سني، وهذا ما جعلني اتدرج في الاعمال التجارية، وكانت بداية عملي في السعي، لم افتح محلا بل اشتغلت مع خالي المرحوم محمد المهنا، وكنا نستورد البضائع من استراليا الى ان انشأت مصنعا للاصباغ بجهد بسيط في اوائل الستينيات، وهو اول مصنع للاصباغ في الكويت بمكائن قديمة من بريطانيا.

شركة النفط

ووصف العمل في شركة النفط في لقاء سابق بالمرهق، قائلا: عملت في شركة النفط سنة 1948، وكنت اتسلم الكاز والكيروسين والبترول من عبادان عن طريق البواخر الى الخزانات الموجودة في الكويت، وكان عملي مرهقا في الليل، الى درجة انني لكثرة الارهاق خلطت البنزين بالكاز في خزان واحد، فاضطروا الى زيادة الموظفين تخفيفا عني، ثم تركت الشركة وعملت في وزارة الصحة لعام واحد، ثم وزارة المالية في اوائل الخمسينيات، واستمررت في املاك الدولة حتى اصبح وليا للعهد لمدة سبعة عشر عاما.

وزارة المالية

واستذكر المتروك فترة عمله بوزارة المالية قائلا في احد لقاءاته الصحافية: صداقتي مع احمد السيد عمر ومعرفته لي استمرت بسبب المدرسة التي اشتغلت فيها مدرسا، وتقدمت الى المالية بطلب عمل، وقبلت موظفا بالصادر والوارد، اي رسالة او كتاب اقرأه وافسر خلاصة الكتاب في السجل واحفظ ما اكتب فهذا العمل مدرسة ثانية.

ويتابع المتروك رحمه الله قائلا: تدرجت بالعمل، من الصادر والوارد، وكانت الشركات الخمس الانشائية لهم مكتب في الكويت، فانتدبت من المالية لذلك المكتب لمراقبة اموالهم، وهو مكتب تنسيقي يوجد بالمالية مستشار اسمه كونيل كرايتون وجنرال هستد الذي عمل المخطط وجان سميث وكنت اعمل معه فترة من الوقت، وعينت من قبل المسؤولين مديرا للمكتب، وتحول ذلك المكتب الى ادارة الاسكان، وبعد سنوات تحولت الى ادارة املاك الدولة، وعينت مديرا عاما لادارة املاك الدولة حتى تركت العمل.

ويتابع رحمه الله قائلا: ومن اعمال الادارة التي تشرف على البيوت المستملكة وتأثيث بيوت الموظفين، وكان العمل يجري بالادارة على اكمل وجه مع الموظفين، وفي العمل لا تأخذني بالله لومة لائم، ومما اذكر ان موظفا من اقربائي غاب خمسة عشر يوما عن العمل، فكتبت رسالة في فصله وتم فصله عن العمل لغيابه المستمر، العمل الوظيفي يجب ان يكون فيه انضباطية والثواب والعقاب يطبق على الجميع، وفي ذلك الوقت المواطنون حديثو العهد بالوظيفة وحديثو العهد بالقوانين، وكان ديوان المحاسبة حديثا.

ويواصل قائلا: اذكر حدثت لي قضية مع شخصية كويتية له شيك بمبلغ من المال وما كان يجب ان يأخذه فشكا علي عند خالي محمد المهنا بدلا من المحكمة، هذه تداخلات عائلية تدل على ان الكويتيين مجتمع واحد متماسك.

عالم الشعر

وحول بداياته في عالم الشعر قال: البداية قرأت الدواوين لمجموعة من الشعراء وقبلها عندما كنت شابا كنت اتردد على المنابر الحسينية واستمع لخطب العلماء والشعراء.

والعلماء الكبار عندما يصعدون للمنبر كل واحد منهم يبدأ الخطبة بقصيدة أو ابيات من الشعر الديني وخاصة ايام عاشوراء وقراءة الادب والشعر، فتحت عيني عليهم وتأثرت بالمنبر الحسيني.

ولهذا احفظ قصائد شعرية وكنت سريع الحفظ وكان الاستاذ يوسف العمر اذكر كلفني بحفظ سورة مريم وخلال يومين حفظت السورة بأكملها.

ويتابع رحمه الله قائلا: فعندي موهبة الحفظ السريع وأول قصيدة كتبتها عام 1948 عام نكبة فلسطين، وقرأتها امام طابور مدرسة المباركية والاستاذ سعود الخرجي والمرحوم عبدالله حسين كانا موجودين، وحصلت على التشجيع منهما بهدية ديوان الشوقيات لأحمد شوقي وأقول إني نسيت ما كتبته.

فالشعر من المتروك، رحمه الله، إذا لم يهززك حين سماعه فليس حري ان يقال له شعر.

وبالنسبة اليه الشعر المقفى هو الشعر الصحيح الثابت الباقي اما ما يُسمى بالشعر الحر والنثر فليس بشعر ولا أؤمن به ولا يقال له شعر، فعندما يكتب الشاعر القصيدة المقفاة فيها التزام قواعد اللغة العربية لأن الشعر عبارة عن مخزون داخل النفس يخرج من الانسان وهو تعبير عما في النفس، الشعر شعور فالشعر عنده، رحمه الله، ليست له هوية ولا جنسية حيث كان يرى أن الشاعرات الكويتيات جيدات وممتازات وشعرهن المقفى هو الاجود والاحسن.

ولكن شعر الرجال أقوى من شعر النسوة حتى في الحب، الرجل اقوى في العاطفة عن النساء.

كان رحمه الله حريصا على الترابط الاجتماعي إذ كان يرى أن للديوانية الكويتية أهمية كبرى منذ القدم وفي هذا الاطار قال في إحدى المناسبات: جدي الحاج علي المتروك كانت له ديوانيته المعروفة وله دور في اعمال الخير، وكان ملازما للسيد مهدي القزويني، وظاهرة الديوانية في الكويت تدل على انفتاح شعب الكويت، وان هناك حيزا كبيرا للكلمة الحرة، فليس لدينا زوار الليل او سجناء الرأي، والسفراء يزورون الدواوين ويطلعون على هذه الظاهرة الجميلة في المجتمع الكويتي، وقد تكون للديوانية بعض السلبيات في الانشغال عن الاسرة مثلا ولكن يمكن تجاوز ذلك بتنظيم الوقت.

والحاكم في الكويت قديما كان يجلس في ديوانه وحوله الوجهاء ورجالات البلد ويتم التشاور في أمور البلد وشؤون الناس فكأنه مجلس أمة، وكان الحاضرون ينقلون كلام الحاكم الى الناس، ويمكن القول: ان هذه الظاهرة كانت تمثل ديموقراطية غير مؤطرة، ثم تأطرت الديموقراطية في مجلس الأمة.

مصنع الاصباغ

وعن ذكرياته حول مصنع الأصباغ وبداية تأسيسه قال، رحمه الله، في لقاء عام 2010: ذهبت الى لندن 1954 لقضاء إجازة أنا وأبوي وخالي كنا نبيع «رنج» في سوق الحداد وبن نصار والسمكة ومجموعة يبيعون «رنج» وهو الصبغ وأنا أحب الألوان الموجودة في كتالوج الصبغ، فاتصلت بإحدى الشركات الإنجليزية وأخذت وكالتها يسمونها «ماك فرسن» وطلبت منهم بضاعة وعرضتها على شركة النفط فهي التي كانت تبني البيوت في هذا الوقت واستأنس أحد المقاولين بهذا النوع من الصبغ لأنهم انجليز والصبغ انجليزي، وبدأت الطلبات تهل وعُدت الى الشركة مرة أخرى وطلبت كمية زيادة ولكن ما عندي فلوس ومدير المخازن قال ان هذا الامر في يد رئيس الشركة واتصلوا به وطلب مقابلتي في فندق «سافوي» في لندن بينما نحن نتحدث في مانشستر وذهبت له وإذا بشخص اسكتلندي يرتدي بالطو وذي شوارب اسمه مستر هاريسون وحينما رآني قال انت مستر متروك قلت نعم فقال وماذا يؤكد لي؟ لأنني كنت صغيرا قلت له أنا رجل عندي التزام معك وجلست وطلب لي الشاي وسألني عن الضمانات التي يمكن ان اعطيها للشركة مقابل ارسال الكمية والمحاسبة عليها عقب ستة اشهر، فقلت له ليس عندي ضمانات سوى كلمتي أنا من عائلة متوسطة الحال، فقال: نحن شركة فماذا أقول لهم حينما يسألونني؟ فقلت له كيفكم أنا افتح لكم أسواقا جديدة في الخليج، وحينما ابيع ارسل لكم فلوسكم.

وسبحان الله العلاقات الانسانية ترى انسانا قلبك يفتح له وآخر تكرهه لله في لله وكما يقول الشاعر:

هو ثقيل اذا وزناه يوما

اثبت الخلق خفة للجبال

أن أرضا يسير هذا عليها

هي في مأمن من الزلزال

هذا الرجل أحبني ومكثت وتناولت الغداء معه ووقع على زيادة الكمية وقال سأعطيك على مسؤوليتي وبعد سنتين من العمل توفي هذا الشخص، وأخذ ابنه الشركة ومرت عليه هذه القضية، وسأل: من هذا الذي تعطونه الصبغ دون ضمانات؟ وقالوا له أبوك وافق على ذلك وأوقف التصدير لنا وأوقف الدفعات، وذهبت الى لندن وكان هناك مدير تصدير اسمه جون وهو انسان لطيف، فسألته عن القصة وقال ان هذا الإنسان متعجرف وأنا لا أنصحك بالحديث معه وأنصحك نصيحة أخرى وهي ان تشيّد مصنعا في بلدكم، بلدكم منتج للنفط وستقبلون على تطور، فإلى متى ستستوردون من الخارج؟ اتركني ابحث لك عن مكائن بسعر المصنع ثم ندبر لك المواد الأولية، وسألته عن الكلفة فقال سأرتب لك مكائن نصف عمر وخلال سنة أقمت المصنع وعبدالعزيز البحر كان في مجلس الانشاء فطلبت قسيمة في الشويخ وجهزت لنفسي شبرة وأحضرت مهندسا هنديا، وانشأت المصنع بإمكانات بسيطة وهو اول مصنع في الكويت ولا يزال يعمل حتى الآن.

رحم الله العم علي المتروك وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان.

فِي ذِكْرَى المَوْلِدِ النَّبَوِي الشّرِيْف

رحم الله الشاعر والأديب العم علي يوسف المتروك الذي كان لا يعتبر الشعر ترفاً وإنما قيمة وهوية فكرية ووجدانية، وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي:

والشعر ان لم يكن ذكرى وعاطفة أو حكمة فهو تقطيع أوزان

كان رحمه الله يختار من الشعر أجزله، خاصة ما يخص الرسول صلى الله عليه وسلم، فلقد نشرت له «الأنباء» قصيدة بعنوان «في ذكرى المولد النبوي الشريف»، يقول فيها:

قالَتْ عَـرِفْــتُـكَ لِلْقَـرِيـْـضِ مُـرَدِّداً

فَعَـلاَمَ صَمْتُـكَ يَومَ عِـيْـدِ الْمَـــــوْلِـدِ

إِنّـِيْ عَـهَدْتُــكَ لِلقَـــوافِيْ مَـالِكـــاً

تَنْسابُ بَيْنَ يَدَيْكَ كَالغُصْنِ النَّدِي

ما غَيَّــــرَتْ مِنْكَ اللَّيالـــِـْي خافِقاً

شَـغَــفاً بــِـ (آلِ مُحَــــمَّــدٍ) و(مُحَمَّــــدِ)

فَتَعالَ نُنْشـِــدْ يَوْمَ أَشْــرَقَ نُــــوْرُهُ

فَلَكــَــمْ يَطِيـْــبُ بِهِ النَّشِيــْــدُ لِمُنْشِدِ

فَالْعِيْــــدُ لُطْـفُ اللَّهِ نَحـْـــوَ عِبادِهِ

بَــــدْرٌ يُضـــِـيْءُ بِنــُــوْرِهِ الْمُتَــوَقِّــــدِ

اَلْعِــيــْــدُ آيـاتٌ تُـنَـوِّرُ دَرْبَــــنا

ومَـــــبادِئٌ غَـــرّاءُ لَمْ تُسْـــــتَوْرَدِ

والْعـَيـــْـدُ وَحْــدانِيـــَّـةٌ وعِـبـادَةٌ

وبِـشـــارَةٌ لِلْخاشِـعِــيْـنَ السُّجـَّـــدِ

إِيْهٍ قَوافِي الشِّعْرِ كَـيْفَ لِشاعِــرٍ

أَنْ يَهْـتَدِيْ سُـبُـلَ الْمَدِيْحِ بِمُـنْجِـدِ

واللَّهُ جـَـلَّ جَــلالُــــهُ أَسْـــــرَى بِـهِ

وَهْــوَ الْمُشَـفَّعُ لِلْخَلائِقِ فِيْ غَدِ

فَإِذا صَمَتُّ تَـهَـيُّـباً عَنْ مَـــدْحِهِ

لِعَظِيــْـم ِهَـيْـبَـةِ مَجْـدِهِ الْمُـتَـفـــرِّدِ

وإِذا شَـدَوْتُ تَــيَــمُّــنــاً وتـبَــرُّكـاً

لا مـادِحاً فِـيْ عِـيْدِ مَوْلِدِ أَحـْمَـدِ

حُبِّـــيْ لِآل ِالْمُصْطَفَــــى والْمُصْطَــــفَى

نَـهْــجٌ أَدِيـْـنُ بِــهِ وفِــيْهِ تَـعَــبُّـدِي

وَلَدَتْهُ آمِنَةٌ فَـضَـجّـَـتْ حَـوْلَـهـا الْـ

ـأَمْــلاكُ بِالبُشُرَى تَرُوْحُ وَتَغـتَـدِي

أَرْخَــتْ عـَلَـيْهِ سَـتـائـِــراً قُدْسِـيَّةً

لِـتُـعِـــدَّهُ يـــَوْمـاً لِأَنْبـَـلِ مَـقْـصَـــدِ

جـاءَ الْمَسِيْـحُ مُـبِشِّــراً بِقُـدُوْمِـهِ

وَالْكَوْنُ أَشْـــــرَقَ بِانْتِظــــارِ الْمَوْعِـــدِ

فـَتَـعالَ نَنْهَلْ مِنْ صَـفاءِ مَعِيْـنِهِ

نَبْعاً صَفـا رَقراقُـهُ كَـالْعَـسْجَــدِ

عَمَّ السُّرُوْرُ بِطاحَ مَكَّةَ فَارْتَدَتْ

ثَوْباً قَـشِـيْـبـاً مِثْلُـهُ لَـمْ تَـرْتَــدِي

خَمَدَتْ بِهِ النِّيْرَانُ وازْدَهَتِ الرُّبُى

وعَـلا سَـنـاءً فـَوْقَ هام ِالْفَــرْقَــدِ

ذاكَ الْيَتِيْمُ فـَـلا نَـظـِيْـرَ لِـمَـجْــدِهِ

بِهُــــداهُ كُلُّ بَنِي الْخَلِيْقَـــةِ تَهْتَــــدِي

وبِـنُـوْرِ طَـلْعَــتِهِ يُــنـِيْــرُ طَـريْـقَها

فَــلَطالَما عـاشَـتْ بِلَيْــلٍ سَـرمَــدِ

كـانَتْ دَيِـاجِـيـْـرُ الظَّـلام ِتَـلُفُّهُـمْ

والْجَهْـلُ يُغـْـرِقُـهُـمْ بِلَـيْـلٍ أَنـكَـــدِ

لَا الْفِكْـــرُ يَجْمَعُهُــــمْ لِيَحْزِمَ أَمْرَهُـمْ

ويَــقُــوْدَ ركَـبَـهُـمُ لــِـرَأْيٍ مُـرْشِـــدِ

مُتَخاصِمِيــْنَ تُــــــذِيْبُهُمْ أَحْقادُهُـــــمْ

كَــالنَّــــارِ يُذْكِـيْها لَهيْــبُ الْمَوقِـدِ

فــإِذا بـِهِــمْ بَعْــدَ الْهِــدايَــةِ أُمَّـةٌ

تَسَـــمُوْ إِلَى سُبُلِ الْعُلا والسُّـــؤْدَدِ

دانـَـتْ لَهُــمْ أُمَــمٌ وقامَتْ دَوْلَــةٌ

كانَـتْ بِفَضْلِ الدِّيْن ِأَعَظْـــمَ مَرْصَدِ

علي يوسف المتروك
28/11/2017

الكويت في قلبه

كان العمّ علي المتروك يختار للكويت اشعارا مضيئة رشيقة القوام والبناء، لماحة الدلالة، وطنية الاهداف، تنظمها موهبته وقريحته، وهو القائل في حق بلده الكويت هذا البلد المتميز: عندما قدرت الامم المتحدة مجهود سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد وعمله الدؤوب والجهد الذي بذله لرأب الصدع بين الدول واشاعة روح المحبة والألفة في الداخل والخارج لما فيه مصلحة الكويت اولا والمنطقة ثانيا بل العالم اجمع، وصفت الكويت ومواقفها التاريخية ضمن قصيدة أوثق فيها هذا الحدث، فقلت:

تَمُــدُّ يَدَيْها نَجْدَةً ومَعُوْنَــةً

وما أقْدَمَتْ يَوْماً لِيَسْتَفْحِلَ الشَرُّ

فَيا وَطَناً ضَمَّ الْأُلَى مِنْ حُماتِهِ

لَكَ الْمجْدُ والتَّعْظِيْمُ والنَّهْيُ والْأَمْرُ

وتلك سمة كويتية متفردة، فلا اذكر ان الكويت دخلت بخصومة مع بلد عربي او غير عربي منذ نشأتها سوى مع نظام صدام حسين البائد والجميع يعرف همجية ذلك النظام وكيف انتهى والمصير الذي وصل اليه.