المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

الافتراضي

«اليوم الأسود»… إبحار في فلسفة الحياة وتصرفات الناس!

«رب ضارة نافعة… وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم»!

هذه هي فحوى المسلسل الدرامي الجديد «اليوم الأسود»، الذي يتواصل تصويره حالياً، على قدم وساق، تمهيداً لعرضه على شاشة تلفزيون «الراي» في الموسم الدرامي المصاحب لشهر رمضان الذي بدأ العد التنازلي لحلوله المبارك.

غير أنه ليس بسيطاً، بل هو بمنزلة جديلة من عدة قصص نسج الكاتب فهد العليوة خيوطها جميعاً وسبك أحداثها في عمل واحد، لكي يبلغ رسالةً ويحقق هدفاً في وجدان الجمهور الواسع الذي يُتوقَّع أن يتابعه في الأمسيات الرمضانية!

نفوس تتغير، تبعاً لتبدل الأيام وملامحها، وأحداث مختلفة تؤثر في مسار الحياة، غير أن «اليوم الأسود» ليس عملاً تشاؤمياً، بل هو يدعو الناس إلى التسلح بالأمل ورحابة الصدر، والصبر على الصعاب، ساعياً من خلال أحداثه إلى إثبات أن الإنسان يجب ألا يتعجل في الحكم على الأشياء، وألا يركن إلى اليأس، لمجرد أنه واجه موقفاً صعباً، أو تعثر في طريقه، فلربما لو صبر إلى النهاية لاكتشف الخير الكامن في عين العاصفة!

هذه «ثيمة» المسلسل الذي يسهر على إخراجه أحمد المقلة، بينما يتقاسم أدواره كل من الفنانين إلهام الفضالة، شجون الهاجري، محمود بوشهري، عبد الله بوشهري، نور الغندور، أمل محمد، مي البلوشي، وحشد آخر من النجوم.

المسلسل يطرح «ثيمة» درامية جديدة تتوافق والمتغيرات الحياتية للفرد والمجتمع من خلال طرح حالات متنوعة ومتباينة وبأحداث مختلفة لينقلنا الى آفاق تساؤلات عديدة حول تعاملنا مع الحياة وكل المحيطين من حولنا.

«الراي» لبت دعوة لزيارة موقع التصوير، والتقت نجوم المسلسل وصانعيه، وشاركتهم جولة طويلة، ليس مع تصوير المشاهد فحسب، بل صحبتهم أيضاً في رحلة التنقيب عن أسرار غامضة في تركيبتنا الإنسانية، ودوافع تصرفاتنا، والفلسفة التي نبني عليها نظرتنا إلى الحياة.

في السطور الآتية محاولات عدة للإجابة عن سؤالٍ واحد: ماذا يقول المسلسل؟

في البداية، تحدثت الفنانة نور الغندور، كاشفةً النقاب عن ملامح شخصيتها التي تؤديها في المسلسل، فقالت: «أجسد في العمل شخصية داليا، وهي فتاة قوية وفي الوقت نفسه (مينونة شوي)، وأعني بذلك أن (الدنيا ماخذتها)، وبالنسبة إليّ هذه هي المرة الأولى التي أجسد بها مثل هذه الشخصية، وبهذا خرجت من الإطارالذي وُضعت فيه سابقاً، وهي تلك الفتاة المراهقة المغلوبة على أمرها والتي تبكي دائماً كلما ألمّ بها موقف صعب».

وتابعت الغندور: «منذ أن قرأت النص كاملاً حاز إعجابي لما فيه من حنكة وحرفية في صياغة الحبكة الدرامية والقضايا المطروحة والأسلوب العميق في الطرح، وعندما أمعنتُ في قراءة شخصيتي شعرت بأنني أريد تقديمها من دون تردد بالشكل الذي أتخيله، وكما رسمها المؤلف فهد العليوة، ولعل من الطريف أن هذه الشخصية قريبة من شخصتي الحقيقية لناحية حركاتها فقط، وليس في طريقة تفكيرها».

وختمت الغندور بالقول: «أنا شخصياً أحرص على الإطلال في كل موسم درامي رمضاني لأهميته بالنسبة إلينا كممثلين، ولأن الجمهور يترقبنا في هذا الموسم لرؤية الجديد الذي سنقدمه، ولهذا تراني أحرص على انتقاء أفضل الأعمال كي أطلّ من خلالها، بحيث لا أقبل سوى الأفضل، خصوصاً أنني أعتبر نفسي من أفضل الممثلات الموجودات في الساحة من جيل الشباب، وهذه البصمة التي تركتها حصلت خلال فترة تعتبر قصيرة، وجاء هذا النجاح بفضل توفيق من الله، ودعم الجمهور الذي يساندني ويتابعني منذ البداية إلى يومنا الحالي»، مضيفةً: «لا أنسى جهود صنّاع الدراما الذين يقفون خلف الكاميرات خلال تصويرنا، ويعملون من أجل أن نظهر نحن الممثلين بأجمل صورة، كما أنني أجتهد شخصياً وأبذل الكثير من الجهود للوصول إلى مستوى جيد يرضي الجمهور».

من زاويتها، تحدثت الفنانة مي البلوشي عن دورها في العمل قائلة: «أجسد في المسلسل شخصية تُدعى أمينة، وهي متزوجة من إسماعيل الراشد، وابنتها هي شجون الهاجري، وبشكل عام يمكن القول إنها أُم أنانية (تحب نفسها وايد) ولا تهتم إلا بحالها و(كشختها) وطلعاتها مع صديقاتها طوال الوقت، من دون الاهتمام أو الاكتراث بكل ما يدور من حولها».

وأكملت البلوشي: «قد أكون قدمت في السابق شخصيات عديدة، لكن شخصية أمينة لها طابعها الخاص بها، وقد شدتني إليها منذ الصفحات الأولى، ويمكنني القول إنها شيء جديد لم يسبق لي أنه قدمته مسبقاً، وهي إلى جانب ذلك نالت إعجابي بطريقة صياغة فهد العليوة لملامح الشخصية، حيث كانت سلسة جداً». واختتمت حديثها بالقول: «أنا سعيدة أيضاً لأنني أتعاون للمرة الأولى مع المخرج البحريني أحمد المقلة وببقية فريق العمل، كما أنني فرحة أيضاً لأنني اجتمع للمرة الثانية مع شجون الهاجري، بعدما كنا التقينا من قبل في مسلسل (سامحني خطيت)».

فلسفة درامية

من جانبها، تحدثت الفنانة شجون الهاجري عن مسلسل «اليوم الأسود»، قائلةً: «هو عمل درامي يحمل فلسفة الأيام والحياة، ويرصد تصرفات البشر، وكيف تؤثر هذه الأيام في الناس حينما تمر بهم بتحولاتها، ومن ثم نتعرف من خلالها على أناس، ونأخذ انطباعاً من خلال ساعات اليوم، ومع مرور الأيام نكتشف أن هذه الساعات لم تكشف كل ما بداخل هؤلاء البشر»، مبينةً «أن العمل يتحدث عن أي يوم أسود يمر في حياة أي إنسان يمكن أن يتحول إلى نقلة بيضاء، بمعنى أن الإنسان كلما لمس الأرض يفترض أن يسعى من جديد إلى الارتفاع حتى يتعلم أكثر من جديد»، مشيرة إلى أن الكاتب فهد العليوة جعلها تعمل باستمتاع نتيجة الأحداث التي يحملها العمل بكل تفاصيلها.

وأوضحت الهاجري أنها تجسد شخصية «زينب» في مرحلة من مراحل الحب التي تعيشها الفتاة وتنكسر فيها، أو عندما تقوى بالحب أو عندما يؤخذ منها شيء عزيز، وكيف تدافع عنه، بمعنى أن الجمهور سيشاهد حالات متقلبة، مشيرةً إلى أن العمل يعزز كيفية أن تتعلم من الماضي، وأن تقوى من خلال ما يحدث لك، وينبغي ألا تعيش في كنف الماضي، حتى تستمر الحياة وتتحول إلى اللون الأبيض، ولا تظل على سوادها.

نقلة مهمة

وبدورها، اعتبرت أمل محمد أن مسلسل «اليوم الأسود» يشكل نقلة مهمة في مسيرة الدراما الكويتية لما يحمله من أهداف وقضايا تهم شريحة كبيرة من المجتمع، وقالت «أجسد شخصية إقبال، السيدة الأرستقرارطية، وابنتي هي نور الغندور التي تقع في حب شخص لا يشبهنا»، وموضحة «أن الحياة قد تتبدل نتيجة دخول هذه الشخصية في حياة ابنتها».

«ثيمة» جديدة

في هذا السياق، كشف المخرج أحمد المقلة النقاب عن أنه كان متشوقاً لأن يعود إلى الكويت ويخرج عملاً جديداً، وأنه انتظر فترة طويلة إلى أن تحقق ذلك في نص «اليوم الأسود»، لافتاً إلى «أن هذا العمل يتناول الحب والزواج بطريقة مختلفة، فضلاً عن أنه يعد (ثيمة) جديدة في الدراما الخليجية لتوافقه مع الأحداث الاجتماعية التي تواجه الناس».

المقلة أضاف: «لقد اعتمد الكاتب فهد العليوة في كتابته للنص على ما هو بداخل الشخصيات حتى يعبر بشكل جيد، وكذلك على الحالات وتنوعها وتباينها، والأهم من ذلك هو الصدمات التي تحدث لهؤلاء الشخوص، والتي من شأنها أن تغير مسار حياتهم»، مكملاً «أن الكثير من الناس يعتقدون أن الأيام التي تمر عليهم وهم غير سعداء أو حدثت لهم فيها مشاكل هي أيام سوداء، في حين أن أحداث المسلسل تقول إنها تغيير للحياة واكتشاف جديد قد يؤدي إلى الأفضل».

وأشار إلى «أن مسلسل اليوم الأسودا لا يعتمد على الجيل الجديد من الفنانين فقط، ولكن هناك جيلاً آخر موجوداً في العمل يواجه بدوره مثل هذه التغيرات في حياته، فضلاً عن أن هذا المسلسل قد يكون له جزء آخر، لأنه يتحمل هذا الأمر، حيث إن اليوم الأسود يناقش حياة كل الأسرة ويطرح قضايا متنوعة ومختلفة بثراء كبير»، متمنياً أن يحظى بقبول الجمهور عندما يعرض خلال الشهر الكريم.

في الإطار ذاته، صرّح مؤلف المسلسل فهد العليوة بالقول: «استخدمتُ في اليوم الأسود تقنية جديدة في الكتابة، وهي أقرب إلى فن (الكولّاج) في الرسم، وهي عبارة عن أربع قصص وقضايا مختلفة بعضها عن البعض الآخر تماماً، تلتقي في إطار المسلسل ذاته»، مردفاً: «إن الفكرة العامة التي استقيتُها من الآية الكريمة في قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، والرسالة التي أريد إيصالها أنه مهما صادفتنا مشاكل أوهموم أو أيام متعبة ومرهقة في حياتنا، فإنما يجب علينا أن نتحلى بالصبر ونمتلك القدرة على تحمل كل ذلك من دون أي تذمر»، عازياً ذلك إلى «أنه قد يكون ذلك الأمر من أفضل ما قد يحصل في حياتنا، ومع الصبر سوف تتضح هذه الصورة أمامنا»، ومواصلاً: «أريد من خلال (اليوم الأسود) تسليط الضوء على كيفية استطاعتنا نحن كبشر التعامل مع جميع المشاكل التي تواجهنا، وقدرتنا على أن نتخطاها، كذلك يمكنني القول إن العمل يحتوي قليلاً على لمسة فلسفية من خلال المقارنة ما بين الأيام والبشر، بحيث مثلما هناك أيام سيئة نعيشها هناك أيضاً بشر سيئون تمر في حياتنا والعكس صحيح».

وتطرق العليوة إلى القضايا التي يناقشها العمل، قائلاً: «في المسلسل طرحت كثيراً من القضايا، لكن التركيز كان على القضايا الاجتماعية بحسب المساحة المتروكة لنا من الرقابة، ومنها الزواج التقليدي والمقارنة بالذي يتم عن حب وغيرها الكثير، ومن وجهة نظري أن الدراما منذ بدايتها إلى اليوم تدور قضاياها بين أربع أو خمس قصص معروفة ومستهلكة، لكن الجديد فيها دائماً يكون في أسلوب الطرح الذي يستخدمه كل كاتب، وكيفية معالجة الشخصيات، وكيف يؤديها الممثل ويقدمها المخرج على الشاشة من خلال رؤيته الفنية والفكرية. وهذه الأمور كلها من شأنها أن تمنحها روحاً أبعد»، متابعاً «أن العمل يوصل بعض الرسائل الثانوية ضمن نسيج الرسالة الأساسية، ففي النهاية قد نناقش قضية الزواج والطلاق، لكن في الداخل تجد فيها بعداً أكبر سيشعر به المشاهد، منها حق المرأة في اختيار شريك حياتها، ودور المرأة في المجتمع وتأثيرها في الأولاد، ومدى الأهمية التي من المفترض أن نمنحها للمرأة لأنها تعتبر نصف المجتمع، والمربية للنصف الآخر».

وعن كونه مناصراً للمرأة في غالبية أعماله، أكّد العليوة بالقول: «بالطبع أنا نصير للمرأة، لأنني أشعر بأنها لم تأخذ حقها، ومن الأطراف التي أحب الدفاع عنها دوماً المظلوم، وأشعر شخصياً بأن المجتمع هو ذكوري بحت لفترات طويلة، لذلك المرأة تحتاج إلى من يدافع عنها ويقف إلى جانبها، ففي النهاية لدي إيمان تام يتمحور في حال أخذت المرأة حقها التام وارتاحت في المجتمع واستطاعت ممارسة دورها الطبيعي من دون قيود، حينها ستتمكن من تقديم مجتمع أفضل، لأنها كما ذكرت نصف المجتمع لناحية العدد، وتربي النصف الآخر لأنها أم وأخت وزوجة، وهو ما يجعلني أسعى إلى إنصافها كثيراً».

وعن الشخصية التي يميل إليها كثيراً من بين كل ما كتبه في «اليوم الأسود»، قال: «جميع الشخصيات في العمل أنا مرتبط بها، لكن الأقرب لي هو شخصية زينب التي تجسدها الفنانة شجون الهاجري، وعن السبب أتركه مفتوحاً أمام المشاهدين لمعرفته خلال عرضه على شاشة تلفزيون (الراي). وللعلم لا توجد شخصية أكتبها تتكلم بلساني بتاتاً، إذ إنني أفصل فهد العليوة عن كل شخصيات المسلسل، لكن في النهاية هناك رسالة أوصلها من خلال تلك الشخصيات حتى لو كانت تتكلم بعكس أفكاري ومبادئي».

«كاراكتر» جديد

أما الفنان عيسى ذياب، فمن ناحيته أكد أنه سيقدم شخصية ذات «كاراكتر» جديد وأبعاد مختلفة تماماً، خصوصاً في تنفيذها الآن في اللوكيشن، لدرجة أنه لا يحبذ أن يتحدث عنها في وسائل الإعلام، مشيراً إلى «أن طريقة تعامل الممثلين مع الصدمات التي تحدث في النص وانعكاسها على الشاشة من شأنه أن يغير كثيراً في المجتمع إذا ما وضع في الاعتبار أن القضايا المطروحة في المسلسل هي أيضاً موجودة في المجتمع من حولنا».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى