المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

بوربيع : الكويت في مرمى زلزال مُدمّر

 

أكدت خبيرة الزلازل الكويتية د. فريال بو ربيع أن دولة الكويت ليست بمنأى عن حدوث الزلازل، وانها معرضة لحدوث زلزال في اي وقت، وقد يكون مدمراً.
وأشارت بو ربيع في لقاء مع القبس إلى انه لا توجد منطقة في العالم آمنة زلزالياً، مستبعدة ان يكون العلم قد توصل الى طريقة يمكن من خلالها التنبؤ بحدوث الزلازل قبل وقوعها.
وأشارت الى انه منذ انشاء الشبكة الوطنية لرصد الزلازل في الكويت تم تسجيل 930 زلزالاً، منها 39 زلازل تتراوح قوتها بين 3 و4.7 درجات بمقياس ريختر والباقي اقل من 3 درجات، كاشفة في هذا الصدد ان جامعة الكويت بصدد إنشاء شبكة جديدة لرصد الزلازل تكون مساندة للشبكة الوطنية في معهد الكويت للابحاث العلمية.
واكدت بوربيع انه على الرغم من مخاطر الزلازل فإننا في الكويت يمكننا التعايش معها، مشيرة الى ان جميع مباني الكويت مطابقة لمواصفات الكود الزلزالي، مشددة على ضرورة اتباع الاسلوب الامثل في التعامل عند وقوع اي زلزال، وفي ما يلي نص اللقاء:

● لماذا وكيف وأين تحدث الزلازل؟
ــــ التفسير السائد لنشأة الأرض هو أنها كانت في حالة شبه غازية وبدرجة حرارة هائلة تبلغ عدة آلاف من الدرجات المئوية. ونتيجة للقوى الطاردة المركزية الناشئة عن الدوران تم تشكيل الأرض في هيئة كروية، وبمرور الوقت، الذي يقدر بمئات الملايين من السنوات، أخذت درجة حرارة السطح الخارجي في التناقص بمعدلات كبيرة حتى وصلت إلى المعدلات الحالية، وذلك خلال أربعة آلاف وستمئة ومليون سنة تقريباً. ولما كان هذا التناقص أقل بكثير كلما اتجهنا إلى جوف الأرض الذي لا يزال يحتفظ بالحرارة المرتفعة. ونتيجة لتناقص درجة الحرارة تصلب الغلاف الخارجي للأرض في هيئة صخرية صلبة، بينما تقل هذه الصلابة كلما اتجهنا إلى باطن الأرض، حيث الجوف الملتهب ذو الطاقة الحرارية الهائلة المسببة لكل الحركات الأرضية التي نلاحظها على السطح، ومنها الزلازل.
● هل الكويت معرضة لمخاطر الزلازل؟
ــــ بالقطع نعم قولاً واحداً حاسماً.
● هل هذا الخطر يتمثل في نشاط زلزالي داخل الكويت أو أنها تتأثر بالزلازل القوية التي تحدث في الدول المجاورة؟
ــــ كلاهما، أقصد النشاط الزلزالي المحلي وكذلك النشاط الإقليمي القوي الذي يحث في دول الجوار. وهناك أيضاً خطر ثالث يكمن في طبيعة التربة الرسوبية الهشة السائدة على سطح الأرض في الكويت والتي تعمل على تكبير تأثيرات الهزات الأرضية سواء المحلية أو الإقليمية. لنبدأ بشرح مبسط عن النشاط الزلزالي المحلي داخل الكويت.
تقع الكويت في وسط الجانب الشرقي للجزيرة العربية والتي تصنف باعتبارها إحدى الصفائح التكتونية المتحركة وتحدها من جميع الجهات حدود تكتونية مع الصفائح المجاورة وهذه الحدود كلها تعاني من نشاط زلزالي متنوع من حيث طبيعة ونوع الحركة ومن حيث التكرارية والعمق والقوة.
من الناحية التكتونية فإن مناطق التصادم القاري بين الصفيحة العربية والصفيحة الإيرانية على طول سلسلة جبال زاغروس هي أقرب الحدود التكتونية النشطة زلزالياً إلى دولة الكويت. ويمكن القول انها المصدر الأساسي لكل من النشاط الزلزالي الإقليمي وكذلك المحلي اللذين يؤثران في الكويت، وقد أوضحت أن الضغوط المسببة للحركات الأرضية على حدود الصفائح تنتقل إلى داخل الصفائح ذاتها، ونتيجة لذلك تتصدع وتطوي الطبقات الجيولوجية داخل الصفائح، وهذا ما يفسر حدوث الزلازل المحلية داخل الكويت وكذلك داخل الأجزاء الداخلية الأخرى للصفيحة العربية.
وقد شهدت الكويت زلزالا بقوة 4.7 يوم 2 يونيو 1993 في منطقة المناقيش جنوب غرب البلاد، وقد شعر به سكان مدينة الكويت، حيث سبب الذعر لبعض السكان لكن لم تحدث أي أضرار. وفي أعقاب هذا الزلزال تقرر إنشاء الشبكة الوطنية الكويتية لرصد الزلازل في معهد الكويت للأبحاث العلمية، وقد تشرفت بتكليف المعهد لي بوضع تصميم أجهزة هذه الشبكة واختيار مواقع الرصد الحقلي في الأنحاء المختلفة لدولة الكويت وكذلك أجهزة مركز التسجيل والتحليل في مبنى المعهد بالشويخ، هذا بالإضافة إلى الإشراف على تركيب واختيار وتشغيل أجهزة الشبكة، وقد استمرت هذه الأعمال منذ عام 1994 حتى التشغيل الفعلي للشبكة في مارس 1997.
● هل الشبكة الوطنية لرصد الزلازل في معهد الابحاث كافية لتغطية ورصد النشاط الزلزالي في الكويت؟
ــــ بالطبع لا تكفي ونحن بحاجة الى انشاء شبكات اخرى تكون مساندة لهذه الشبكة، وللعلم فان جامعة الكويت بصدد انشاء شبكة جديدة لرصد الزلازل على غرار شبكات رصد الزلازل في اغلب الجامعات في العالم.
● كم عدد الزلازل التي سجلتها الشبكة الوطنية لرصد الزلازل منذ انشائها في عام 1997؟
ــــ الشبكة الكويتية لرصد الزلازل سجلت حوالي 930 زلزالا محليا منذ إنشائها عام 1997 وحتى نهاية 2015. من بينها عدد 39 زلزالا بقوة تتراوح ما بين 3 درجات حتى 4.5 درجات بمقياس ريختر والباقي قواها أقل من ثلاث درجات. مع العلم بأن عدد الزلازل التي تعدت قواها الأربع درجات خلال هذه الفترة يقل عددها عن عشرة زلازل. وهي الزلازل التي يمكن الاحساس بها دون تأثيرات تدميرية. كما أن أعماق بؤر هذه الزلازل (عمق مكان التصدع) يتراوح من 2 إلى 8 كيلومترات أي أنها تقع في حوض الطبقات الرسوبية للكويت.
● هل هناك ارتباط بين إنتاج النفط من هذه الحقول والنشاط الزلزالي حولها؟
ــــ الأرجح وأكرر مرة أخرى الأرجح أن هناك ارتباطا بين إنتاج النفط في الحقول الشمالية (الروضتين – الصابرية) وحقول المناقيش – أم قدير في جنوب غرب البلاد والأسباب التي تدعونا لهذا الترجيح هي تركيز مراكز الزلازل في هاتين المنطقتين بشكل أساسي، وأن أعماق بؤر معظم (أي أعماق مواقع التصدع) تقع ما بين 2 إلى 8 كيلومترات وهذا ما يمثل الحوض الرسوبي الذي يحوي الخزان النفطي كما ان قوة معظم هذه الزلازل أقل من ثلاث درجات، وأن 39 زلزالاً قواها أكبر من ثلاث درجات وأقل من 4.5 درجات. وهي القوى التي تميز الزلازل المولدة نتيجة الأنشطة البشرية (مثل سحب النفط وضخ السوائل وإنشاء البحيرات الاصطناعية خلف السدود)، كما ان حدوث زلزال 2 يونيو 1993 بلغت قوته 4.7 وذلك بعد فترة من الاستنزاف الهائل لحقول النفط بعد إشعال الحرائق بها عند انتهاء الغزو العراقي لديرتنا، ومن المعروف أنه بالإضافة إلى التحركات التكتونية باعتبارها السبب الأساسي لحدوث الزلازل فإن بعض الأنشطة البشرية التي تتغير من الضغوط او الإجهادات الواقعة على صخور منطقة تكتونية يمكن أن تتسبب في توليد نشاط زلزالي صغير القدرة إلى متوسط وفي مناطق حقول النفط فإن عمليات سحب النفط وضخ السوائل تتسبب في تغيير الاتزان الهيدروستاتيكي في صخور الخزان النفطي، ويتغير الضغط المسامي لهذه الصخور وتقل مقاومة الصخور للضغوط الواقعة عليها فيتم التعجيل بحدوث التصدع وتتزلزل الأرض.
● ولماذا لا تؤكدين ان هناك زلازل تحدث بسبب عمليات انتاج النفط؟
ــــ الاسباب كثيرة منها أن حقل برقان، وهو أكبر حقل منتج في الكويت، لا تتكرر حوله مراكز الزلازل المحلية. فإذا كان سحب النفط هو السبب في حدوث الزلازل لكانت تكرارية حدوث الزلازل حول حقل برقان أعلى ما يمكن، لكن الواقع يثبت عكس ذلك. كما إن أعماق بؤر بعض الزلازل تصل إلى ما بين 15 إلى 20 كيلومترا، وهو ما يشير إلى أن أعماق بعض أماكن التصدع أكبر من سمك الغطاء الرسوبي الذي يمثل وجود شواهد وأدلة جيولوجية وطبوغرافية تؤكد نشاطا تكتونيا زلزاليا قويا على صدوع قديمة داخل الكويت. واستمر حتى العصر الجيولوجي الحديث. وهو ما يؤكد أن السبب الأساسي لحدوث الزلازل المحلية في الكويت هو التحركات التكتونية على الصدوع القديمة.
وعموماً فإن الخطر الزلزالي يرتبط بكل من الزلازل الطبيعية والمولدة نتيجة الأنشطة البشرية، وعليه فإن أي برنامج متكامل لتقييم هذا الخطر لا بد من أن يأخذ في اعتباره كلاً من النوعين.
● ما اكثر المناطق النشطة زلزاليا في الكويت؟
ــــ من اكثر المناطق التي حدثت فيها الزلازل في الكويت مناطق جبال الزور، ووادي باطن والمناقيش.
● متى وقع أخطر زلزال في الكويت؟
ــــ منذ انشاء الشبكة الوطنية لرصد الزلازل في الكويت عام 1997 سجلنا 930 زلزالا كان اخطرها بقوة 4.7 بمقياس ريختر، وكان ذلك في 2 يونيو 1993 م، ولا يوجد لدينا قاعدة بيانات قبل هذا التاريخ، الا ان الكاتب خالد عبدالله ذكر في كتاب له ان العام 1871 شهد وقوع زلزال مدمر، لكن لا توجد لدينا معلومات عن مركزه او قوته.

تقليل المخاطر

قالت د. فريال بوربيع: يمكن التعايش مع ظاهرة الزلازل حتى أنه يمكن إنشاء ناطحات السحاب والمحطات النووية في مناطق الصدوع النشطة التي تولد اقوى الزلازل بحيث لا تتعرض هذه المنشآت لأخطار تذكر عند حدوثها وهو ما يحدث في بعض مناطق العالم مثل مدينة سان فرانسيسكو التي يمر بها صدع سان أندرياس الذي يولد الزلازل القوية، ولكنها لا تؤثر بشكل خطير على منشآتها وتدور دراسات تقليل مخاطر الزلازل حول ثلاثة محاور رئيسية منها تحديد عناصر وتكرارية الخطر الزلزالي في منطقة الدراسة وتخطيط المدن وإقامة المنشآت المقاومة للزلازل بحيث تكون الخسائر الناجمة عند حدوثها في أقل صورة لها فضلا عن توعية أفراد المجتمع بالسلوك الأمثل قبل وأثناء وبعد حدوث الزلازل. كثير من الزلازل يكون السبب المباشر فيها هو سوء التصرف نتيجة لما يصيب الناس من هلع في أثناء حدوث الزلازل.

دول الجوار

هناك نشاط زلزالي اقليمي قريب من الكويت على طول حزام زاغروس. هذا ما أكدته بوربيع حيث التصادم بين الصفيحة العربية (شبه الجزيرة العربية) وصفيحة إيران التكتونية الذي نتج عنه تكوين سلسلة جبال زاغروس التي تمتد الى مسافة 1500 كيلومتر من جنوب غرب إيران حتى شمال شرق تركيا.
وأضافت: ويرجع هذا النشاط التكتوني والزلزالي إلى عصر الميوسين أي ما يقرب من 25 مليون سنة، وهو مستمر حتى الآن فضلا عن مراكز الزلازل التي تقع على طول هذا الحزام النشط، وتتعدى قوى قليل من هذه الزلازل سبع درجات بمقياس رختر. وبالطبع يزيد عدد الزلازل كلما قلت قوتها. ويمكن القول ان معظم الزلازل التي تتعدى قوتها خمس درجات في جنوب حزام زاغروس يكون لها تأثيرات متفاوتة في الكويت وفي دول مجلس التعاون الخليجي.

التنبؤ بالزلازل

أكدت بوربيع أن عملية التنبؤ بالزلازل ما زالت أمراً في غاية الصعوبة، وذلك بسبب عدم معرفتنا الكاملة بالظروف السائدة في باطن الأرض.
وقالت: هنا لا بد أن نذكر ان المحاولة الوحيدة الناجحة للتنبؤ بالزلازل كانت في الصين، حيث سجلت شبكات الرصد الزلزالي نشاطا زلزاليا متوسطا ومتواصلا حول مدينة «هايشنج»، وذلك منذ بداية عام 1975، وفي صباح يوم 4 فبراير 1975 تم الإعلان لعامة الناس أن زلزالاً قوياً سيحدث في المنطقة خلال 24 ساعة وعلى أثر ذلك خرج الناس إلى الخلاء والحقول ومعهم حيواناتهم، حاملين معهم الثمين من أمتعتهم، وفي الساعة 7:36 مساء نفس اليوم وقع الزلزال بالفعل وبلغت قوته 7.3 درجات وأحدث دماراً هائلاً إلا أن الخسائر البشرية كانت محدودة جداً بفضل التحذير المسبق (التنبؤ) عن هذا الزلزال.

لا أخاف!

ردا على سؤال «اذا كانت تشعر بالهلع عند حدوث الزلزال مثل عامة الناس» قالت د.بوربيع انا لا اخاف من وقوع الزلازل، حيث إنني متخصصة في هذا العلم وأعلم مدى تأثير الهزة الزلزالية وأعرف مدتها ووسائل تجنب مخاطرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى