بين نقص شائع ومخاطر صامتة .. د. ضياء يحدد أهمية فيتامين “D” لحماية العضلات والمناعة والضغط

غيداء موسى – جدة
أكد طبيب الروماتيزم وهشاشة العظام الدكتور ضياء حسين، أن تشخيص فيتامين D يعتبر خطوة أساسية، خصوصًا لدى الحالات التي تشكو من الضعف العام أو الإجهاد أو الآلام العضلية، إذ قد يكون نقص هذا الفيتامين سببًا مباشرًا في هذه الأعراض دون أن يدرك الشخص ذلك ، فكثير من الحالات يتم علاجها بشكل غير دقيق بسبب عدم إجراء الفحص المخبري الذي يعد الوسيلة الوحيدة لتحديد مستوى الفيتامين بدقة.
وأشار إلى أن فيتامين D يشكل أحد العناصر الضرورية لصحة العظام والعضلات والمناعة، وله دور متقدم في دعم صحة الجهاز العصبي وتقليل الالتهابات ، وتتنوع مصادره بين التعرض للشمس في الأوقات المناسبة، وتناول بعض الأطعمة مثل السمك، صفار البيض، الألبان المدعمة، إضافة إلى المكملات التي تُمنح حسب حاجة الجسم ، مبينا أن أعراض نقصه قد تشمل الإرهاق، هشاشة العظام، تساقط الشعر، ضعف العضلات، اضطرابات المزاج، وقد تتطور في بعض الحالات إلى مشاكل أكثر تعقيدًا إذا لم يعالج النقص مبكرًا.
ولفت د.ضياء إلى أن الدراسات الطبية الحديثة أكدت أهمية فيتامين D في الوقاية من العديد من المشكلات الصحية، بما في ذلك أمراض المناعة الذاتية وبعض الاضطرابات المزمنة، فالأبحاث تؤكد ارتباط مستويات الفيتامين بالحالة المناعية والوظائف الحيوية بشكل مباشر ، فقد
شددت مراكز طبية عالمية مثل مايو كلينك ومركز جونز هوبكنز على أهمية متابعة مستويات فيتامين D بانتظام، خاصة لدى الفئات الأكثر عرضة مثل كبار السن ومن لديهم مشكلات في الامتصاص أو محدودية في التعرض للشمس ، وأوضحت هذه المراكز أن نقص الفيتامين قد يؤدي إلى الإرهاق، ضعف العضلات، هشاشة العظام، واضطرابات المناعة إذا لم يُعالج بالشكل الصحيح ، كما وجدت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من نقص في مستويات هذا الفيتامين يميلون إلى امتلاك ضغط دم أعلى ، والنتيجة الأكثر ترجيحًا هي أن فيتامين D قد يساعد في خفض ضغط الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم ونقص في فيتامين D في الوقت نفسه ، وفي هذه الحالات قد يقدم المكمل فائدة بسيطة في السيطرة على ضغط الدم ، وقد يستفيد كبار السن تحديدًا ممن لديهم نقص في فيتامين D وارتفاع في ضغط الدم، إذ قد يسهم المكمل في تحسين الضغط ضمن خطة شاملة تشمل نظاما غذائيًا صحيًا، وممارسة الرياضة .
وتابع د.ضياء أن تقارير علمية نشرت في جامعات أمريكية وأوروبية قد تناولت العلاقة بين نقص فيتامين D وارتفاع مخاطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة مثل الزهايمر والسكري، وأظهرت هذه الدراسات ارتباطًا ملحوظًا بين انخفاض مستوياته وزيادة احتمالات المشكلات المعرفية لاحقًا في العمر ، بينما أوضحت دراسة ماليزية
أجريت ضمن مشروع MyHeARTs بحثت مستوى فيتامين D لدى المراهقين، وأظهرت أن ما يقارب 78% منهم يعانون من نقص واضح رغم العيش في منطقة مشمسة ، وبيّنت الدراسة أن نقص الفيتامين قد يحدث حتى في البيئات التي يفترض أنها تساعد على بنائه، مما يثبت أن التشخيص المخبري ضروري قبل اتخاذ أي خطوة علاجية ، بالإضافة إلى ذلك كشفت دراسة أمريكية حديثة ضمن تجربة VITAL الواسعة نشرتها المجلة الأمريكية للتغذية السريرية عام 2025، أن فيتامين D قد يلعب دورًا في إبطاء مؤشرات الشيخوخة على مستوى الخلايا، من خلال تقليل سرعة تقلّص “التيلوميرات” ، وأكدت الدراسة التي نشرت نتائجها في مراكز بحثية متقدمة، أن للفيتامين دورًا يتجاوز دعم العظام والمناعة، ليصل إلى التأثير على النمو الخلوي وصحة الأنسجة.
ونوه د.ضياء إلى أن جميع تلك الدراسات ورغم اختلاف أماكنها من آسيا إلى أمريكا وأوروبا تلتقي عند نقطة واحدة وهي ضرورة التشخيص والتحليل لتحديد مستويات فيتامين D ، والتعامل مع أي نقص وفق استشارة طبية متخصصة لضمان السلامة الصحية ، وبجانب ذلك ينصح الجميع بعدم تناول أي مكملات لفيتامين D دون تشخيص طبي وتحليل مخبري، لأن الإفراط في تناوله قد يؤدي إلى ارتفاع مستوى الكالسيوم في الدم وما يتبعه من مضاعفات غير مرغوبة ، فالجرعات يجب أن تحدد بدقة ووفقا لنتائج التحليل والعمر والحالة الصحية لكل فرد.
وحول كيفية التعامل مع كبار السن الذين يعانون من نقص فيتامين D قال د.ضياء:
بالطبع قد تكون قدرتهم على التعرض لأشعة الشمس محدودة، بجانب انخفاض قدرة الجلد على تصنيع الفيتامين مع التقدم في العمر ، لذلك ينصح هؤلاء بإجراء التحليل بشكل دوري، والحصول على الفيتامين عبر المكملات التي يحددها الطبيب، وتناول الأطعمة الغنية به، وأؤكد هنا مجددا أن التعامل مع نقص فيتامين D، يجب أن يكون تحت متابعة طبية دقيقة.
ويوجّه د.ضياء بعض النصائح العامة لأفراد المجتمع وهي : إجراء فحص فيتامين D عند الشعور بضعف مستمر أو آلام غير مبرّرة ، التعرض للشمس في الأوقات المناسبة مع تجنب فترات الذروة ، الاهتمام بالغذاء المتوازن الغني بالعناصر الأساسية ، عدم استخدام المكملات من تلقاء النفس ، وضرورة مراجعة الطبيب عند ظهور أعراض مستمرة ترتبط بضعف العظام أو العضلات ، مؤكداً على أن الوعي الصحي هو الركيزة الأولى للوقاية، وأن التشخيص الصحيح هو الطريق الأمثل للعلاج الفعّال.




