المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

تدريس العلوم بطابع تربوي

‏‏المعلم مربي الأجيال، والمربي كما قال جون ديوي: فيلسوف، والفيلسوف يجب أن يكون مربيا بالضرورة. ولا يمكن للمعلم أن يكون مربيا ما لم يحمل رسالة تربوية، هدفها الارتقاء بالإنسان بما يجعله كينونة حية متفاعلة، وأن يعينه على إدراك أسباب وجوده، وساعيا الى تلبية غاياته الكبرى لما بعد الدنيا.

‏الرسالة التربوية، يمكن تعريفها بشكل أوضح، بأنها أهداف المعلم المراد تحقيقها من خلال العملية التربوية، تتطلب فلسفة يتبناها المعلم -أو المربي- تمثل ما يعتقده المعلم من أفكار وطموحات يرجى تحقيقها للمتعلمين من خلال أفضل الطرق وأنسبها لتطبيق تلك الفلسفة بشكل شمولي يضم المتعلمين بشتى اختلافاتهم، بشرط أن تحمل جوهر الرسالة التربوية، وهي الارتقاء بالإنسان بأسمى عناصره، وهي الأخلاق.

‏يمكن بسهولة تحقيق الرسالة التربوية مع مقررات العلوم الإنسانية/ الاجتماعية، حيث إن تلك المقررات تتناول مواضيع ترمز للإنسان بشكل مباشر وتعينه في الدراسة على وجه الحتمية، ولكن ما لا يتحقق دائما، ويحتاج الى قدر من الاهتمام والتركيز، هو أن يعتني معلم العلوم الطبيعية التجريبية على رسالته التربوية بجانب الأخلاق لدى المتعلمين من خلال تدريسه لتلك العلوم.

‏لطالما كانت العلوم الطبيعية أحد أكثر المجالات تعقيدا لدى المتعلمين، والسبب يبدو واضحا، حيث إن تلك العلوم تتسم بطابع التجريد والكونية، حيث تمركز الطبيعة لا الإنسان ولا غاياته الكبرى، وتشكل تلك السمة بونا بين استفادة المتعلمين أخلاقيا والاستفادة من تلك العلوم تجريبيا، قد يحدث أن تكون الاستفادة منحصرة على الحفاظ على الموارد «الطبيعية» من النفاد، وغيرها ما يصب في مصلحة الطبيعة على وجه التحديد، وصولا الى مصلحة الإنسان منها، وهذه نظرة مادية تؤدي إلى أحد إشكاليات علاقة الإنسان بمقررات العلوم الطبيعية، حيث اللااعتناء الأخلاقي، ولا الارتباط الروحي، بصفة الأخلاق الحبل الواصل بين الفكر المنطقي والروح الذوقية.

‏أجد أن معالجة تلك المشكلة تكمن في ربط الإنسان أخلاقيا بطريقة تدريس العلوم الطبيعية، ووضع كل من الظواهر الطبيعية والفطرة الإنسانية في قالب واحد يصب في تحقيق السمو الأخلاقي والرقي القيمي للمتعلم، فالتربية رسالة أخلاقية وإنسانية، وخلو التربية من العناية بالأخلاق والغايات الكبرى – متمثلة بعبادة الله وعمارة الأرض-، يجعل من العملية التربوية فراغا وعدما، ومن المعلم ثرثارا لا مربيا.

‏على سبيل التصوير.. في كل من الفيزياء والكيمياء والرياضيات، ‏تعرّف المرونة بأنها مقاومة المادة للتغيرات نتيجة تعرضها للضغوط الخارجية، وهذه سمة لا تقتصر على المواد الملموسة، بل حتى النفس، فإن فضيلتها المرونة، أن تواجه وتتحمل الصد والجفاء، ولا تتأثر بكل عاصفة حديث وجديد، وتتمسك بثوابتها ومبادئها، آخذة محاسن الجديد وأصالة القديم.

‏والحرارة تزيد بزيادة الاحتكاك، وبالاحتكاك يخشن السطح وتحتد أطرافه، كذلك تكون العلاقات عندما يكون ديدن الإنسان احتكاكا وترصد لكل صغيرة وكبيرة، يكون القرب منه ساخنا وحادا، مؤذيا وكثير التجريح.

‏أخيرا: الصفر يدخل ولا يؤثر في الجمع ولا الطرح، ويخسف بقيمة الكسر العشري إن كان مقاما، كذلك الإنسان الفارغ المتقاعس، ليس إضافة للمجتمع ولا نقصانا، وإن وُلّي مقاما.. أودى به للعدم!

الطالبة: خولة خالد القحطاني

كلية التربية -مقرر تدريس العلوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى