المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

تسريبات وهفوات واستقالات تضعف «المركزي» الأميركي

يجد البنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي نفسه في موقع هش، بعد استقالة احد أعضائه، على خلفية قضية تسريبات، مما سيمكن الرئيس دونالد ترامب من التأثير في سياسته، من خلال تعيين عدد من الموظفين في مناصب شاغرة.
واستقال جيفري لاكر رئيس فرع البنك المركزي الأميركي في ريتشموند في خطوة مفاجئة، على خلفية تعليقه في 2012 على معلومات سرية لم تكن كشفت بعد.
وجاء ذلك في ختام تحقيق جنائي استمر عدة سنوات، وشمل مكتب «ميدلي» للتحليلات الاقتصادية، الذي حصل على تقرير عن اجتماع نقدي قبل نشره.
وأقر لاكر بأنه تحدث إلى محللة: أدخلت إلى الحديث عنصراً مهماً لم يكن معروفاً من العامة.
وأضاف مبدياً أسفه: نظراً إلى طبيعة المعلومات الحساسة والسرية، كان يجدر بي أن أرفض التعليق، وربما قطع المكالمة الهاتفية، مؤكداً أنه تصرف سهواً.
وتأخر بعد ذلك في إبلاغ الأمر إلى مجلس إدارة الاحتياطي الفدرالي والمحققين، ولم توجه أي تهمة إليه.
واستقالة هذا المسؤول المخضرم في الاحتياطي الفدرالي، الذي كانت ولايته تستمر حتى 2020، غير أنه سبق أن أعلن عزمه على التخلي عن مهامه في أكتوبر المقبل، تسيء إلى مصداقية البنك المركزي الأميركي، في وقت يواجه هو أيضا انتقادات في الكونغرس.
وقال مايكل غابن، من شركة باركليز ريسيرش: إن هذه القضية تشكل خسارة مصداقية للاحتياطي الفدرالي، مما يعزز حجج الذين يدعون إلى تشديد الإشراف على قرارات البنك المركزي.
وأثارت قضية التسريبات في مكتب «ميدلي» توترا مع الكونغرس، الذي ضغط من أجل فتح التحقيقات.
ويصب هذا الحادث لمصلحة أنصار فرض تدقيق على الاحتياطي الفدرالي، وفق ما جاء في مشروع قانون أقرته لجنة برلمانية الأسبوع الماضي، ويهدف، بحسب قول أحد النواب، إلى وضع حد لسيادة السرية.
وفي هذا السياق، قال مايكل غابن إن أي هفوة قد يرتكبها البنك المركزي في سياق قضية التسريبات هذه، يعزز إمكانية حصول مبادرة تشريعية تسعى إلى الحد من استقلالية الاحتياطي الفدرالي.
وعلى صعيد السياسة النقدية، فإن رحيل لاكر (61 عاما) لا يبدل بشكل آني توازن المواقف داخل لجنة السياسة النقدية المسؤولة عن تحديد مستويات معدلات الفوائد.

3 مناصب حكام
لم يكن لاكر هذه السنة من أعضاء لجنة السياسة النقدية، الذين يملكون حق التصويت، ويعهد إلى المصارف باختيار خلف له، وفق عملية تجري حاليا. وكان لاكر عند انضمامه إلى اللجنة من «الصقور» الساعين إلى التشدد في تحديد معدلات الفائدة. وصوت مرارا ضد السياسة النقدية اللينة المتبعة في السنوات الأخيرة.
كما دخلت استقالة أخرى هامة حيز التنفيذ، وهي استقالة الحاكم دانيال تارولو، مهندس الإشراف على المصارف، وهو أمر تستهدفه حاليا إدارة دونالد ترامب، المصممة على تعديل قانون «دود فرانك»، الرامي إلى إصلاح وول ستريت وحماية المستهلك، والذي أقره الرئيس الديموقراطي السابق باراك أوباما في أعقاب الأزمة المالية عام 2008.
وكان تارولو (64 عاما) المكلف ضبط القطاع المالي منذ 2009، أعلن عزمه على التخلي عن مهامه في فبراير. وفي خطاب أخير ألقاه في جامعة برينستون بولاية نيوجرزي، دعا إلى الحفاظ على معايير قوية للرساميل الأصلية بالنسبة لكبرى المصارف.
وفي وقت يسعى الجمهوريون في الكونغرس والبيت الأبيض لتعديل قسم من قانون «دود فرانك»، تبنى تارولو نبرة توافقية بشأن اختبارات الضغط التي تخضع لها المصارف، مبديا استعدادا لتليين معاييرها. كما ألمح إلى إمكانية إلغاء فانون فولكر الرامي إلى ضبط الاستثمارات القائمة على المضاربة والتي تقوم بها المؤسسات المالية.
ومع تخلي تارولو الذي يعتبر من ركائز الإشراف على المصارف عن مهامه، يصبح أمام الرئيس ترامب ثلاثة مناصب حكام شاغرة من أصل سبعة في مجلس إدارة الاحتياطي الفدرالي، يعود له أن يملأها.
ولم تتمكن إدارة أوباما من تعيين حاكمين في المنصبين الشاغرين سابقا لعدم توافر الأصوات الضرورية في مجلس الشيوخ لتثبيت المرشحين اللذين كان الرئيس سيختارهما.
كما سيكون بوسع ترامب إن أراد تعيين رئيس جديد للبنك المركزي محل جانيت يلين عند انتهاء ولايتها في فبراير 2018، ومسؤول ثان جديد للبنك المركزي محل ستانلي فيشر في يونيو التالي.

حزمة تحفيز ترامب
إلى ذلك، أعرب المجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي عن عدم اقتناعه بجدوى حزمة التحفيز الاقتصادي التي اقترحها ترامب مؤخرا والسماح بزيادة التضخم بشكل أسرع.
ويقترح ترامب في خطته تخفيض الإنفاق الحكومي على مدى العقد المقبل بمقدار «10 تريليونات دولار».
وذكر المجلس أن التغيرات الأخيرة والمستقبلية في الأوضاع المالية تشكل مخاطر تصاعدية بالنسبة لتوقعاتهم الاقتصادية بقدر ما توفر التطورات المالية حافزا أكبر للانفاق مما هو متوقع حاليا.
وأوضح أن التطورات الدولية المحتملة قد يكون لها انعكاسات سلبية على الاقتصاد الأميركي، محذرا من أنه في ضوء الانتخابات المقبلة التي ستجرى في عدد من دول الاتحاد الأوروبي يمكن أن يسبب هذا الأمر مخاطر على المديين القريب والبعيد على الاقتصاد الأميركي.

قرب نهاية ولاية يلين
قال كبير الاقتصاديين لدى «غولدمان ساكس»، إنه لا ينبغي النظر إلى خطط الاحتياطي الفدرالي لخفض ميزانيته العمومية باعتبارها أمرا مفاجئا، نظرا لقرب رحيل جانيت يلين عن رئاسته خلال العام القادم.
وأضاف جان هاتزيوس: اعتقد أن الأمر منطقي، ومع ذلك لا أظن أن خفض الميزانية العمومية حاجة ملحة بالنسبة للفدرالي، لكن على افتراض أن الأعضاء يرغبون في ذلك، فسيكون من المناسب الخوض به قبل عملية تغيير القيادة.
ورجح تنصيب رئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفدرالي خلال العام القادم، وإذا انتهت فترة يلين بعد التأسيس لكيفية تعديل الميزانية العمومية، فمن المؤكد أن عدم اليقين سيتراجع خلال هذه الفترة.
وأظهر محضر اجتماع الفدرالي الأخير أن البنك يهدف لتقليص ميزانيته العمومية في وقت لاحق من هذا العام مع بدء خفض حيازاته من السندات بشكل تدريجي. (واشنطن- أ ف ب، كونا، ارقام)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى