المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

الافتراضي

دراسة في جامعة لندن عن البرلمان الكويتي

خلصت دراسة أجراها استاذ العلوم السياسية في جامعة جورجيا د.مايكل هيرب، ونشرتها جامعة لندن للاقتصاد، الى أن الديموقراطية الكويتية قد تكون النموذج الأقدم والأفضل في حال رغبت دول مجاورة في خلق مزيد من المشاركة السياسية لشعوبها، لكن بالوقت ذاته، رأى ان هناك عوامل تضعف احتمالية اتباع النموذج البرلماني الكويتي في دول خليجية أخرى.
وشدد هيرب في دراسته، التي حملت عنوان «أصول التجربة البرلمانية الكويتية»، التي أجراها لمصلحة مركز الشرق الأوسط التابع لجامعة لندن للاقتصاد، على ان السنوات الماضية شهدت تراجعا في دور البرلمان الكويتي.
وبيّن ان بعض الخطوات التي اتخذت تجاه المعارضة الكويتية كسجن المغردين وغيرها، أدت الى تراجع سمعة الكويت في مجال الحريات بين جيرانها، مؤكدا ضرورة وجود هامش من الحرية لانتقاد الحكومة وألا تستخدم المواطنة كأداة للقمع.
وأشار الى ان هذا التراجع كان جزئيا، حيث إن البرلمان استمر قائما في حين شهدت الكويت في أوقات سابقة تعليقا للحياة البرلمانية.

فرص المعارضة
ورأى هيرب أن النقطة الإيجابية هي ان المعارضة ما زالت تحتفظ بفرص عودتها إلى البرلمان، كما ان المؤسسة التشريعية مازالت تحتفظ بصلاحياتها الدستورية، مشيرا الى انه ما زالت هناك فرصة لمسارات تحقيق مشاركة أكبر للبرلمان في الحياة السياسية، كما يرغب الشعب وفقا لدستور 1962، وهي النقطة التي تميز الكويت في دول الخليج.
وتساؤل هيرب في دراسته عن أسباب وجود برلمان قوي في الكويت بخلاف دول خليجية أخرى، محاولا الإجابة بتحديد الأسباب التي أدت الى إنشاء مجلس الأمة.
وبيّن أن هناك أسبابا مجتمعية أدت الى إنشاء البرلمان في الكويت أولها وجود طبقة تجارية قوية في مرحلة ما قبل النفط في البلاد، مبينا ان طبقة التجار، بعد ظهور النفط، استطاعت ترجمة موقفها التاريخي القوي ليصبح لها مشاركة مجتمعية وسياسية، الأمر الذي أدى الى ظهور البرلمان لتوازن نفوذ التجار مع الأسرة الحاكمة.
ولفت الى ان هذه الطبقة استمرت في الضغط لكسب المزيد من المشاركة الشعبية خاصة بعد ظهور القومية العربية بين أوساط المجتمع.
وتساءل هيرب، لماذا استطاعت طبقة التجار ان تتمتع بالمشاركة السياسية في الكويت، بينما لم تستطع في دول أخرى؟ ليجيب: أن أحد الأسباب حجم الطبقة التجارية، فضلا عن ان أصولها تنحدر من قبائل عربية نجدية كالأسرة الحاكمة، إلا أن ذلك لم يكن السبب الوحيد، بل أشار الى وجود اسباب أخرى.
ويضيف هيرب في دراسته، أن الطبقة التجارية ليست السبب الوحيد، فالى جانب ذلك، هناك الاتفاق الاجتماعي بين الشعب والأسرة الحاكمة، مبينا أن أسرة الصباح حكمت الكويت بالاتفاق وباختيارها من الشعب، مما جعل الكويت أكثر الدول انفتاحا على الصعيد السياسي.

التهديد العراقي
وتطرق إلى التهديد العراقي، مشيرا إلى أن هناك حدثين تاريخيين يشرحان كيف أدى هذا التهديد الى مزيد من الديموقراطية الكويتية، الأول عام 1962 لدى كتابة الدستور، حيث ارتأت الكويت كسب تأييد ودعم الشعب لمواجهة هذا التهديد الخارجي فجاء الدستور، والثاني عند تحرير الكويت من الغزو العراقي واستعادة الدستور والحياة الديموقراطية.
ورأى أن شخصية الشيخ عبدالله السالم أيضا كانت سببا في تعزيز الديموقراطية لكونه يحمل ميولا ليبرالية، فضلا عن أن هناك ثقافة متأصلة في الكويتيين تدفعهم للرغبة بالمشاركة السياسية.

تكرار التجربة
وبعد سرد أسباب وجود برلمان قوي في الكويت، أشار هيرب إلى أن فكرة تكرار هذه التجربة الكويتية مستبعدة في دول الخليج الأخرى في الوقت الراهن، حتى وإن تكررت ذات العوامل التي أدت إلى تشكيل البرلمان كالتهديد الخارجي الذي تشهده هذه الدول سواء من إيران أو «داعش».
وذكر أن طبيعة هذه التهديدات تختلف بمضمونها عن التهديد الذي شهدته الكويت من العراق سابقا، مشيرا إلى أن تخلف الكويت في النمو الاقتصادي مقارنة بدول خليجية أخرى، فضلا عن انتشار فكرة الهدر وعدم كفاءة المؤسسات، والأزمات المتكررة بين السلطتين خلق فكرة لدى شعوب الخليج أن المشاركة السياسية لا تؤدي إلى التنمية الاقتصادية، مما يضعف احتمالية تكرار التجربة الكويتية.
ورغم هذه الأسباب التي تؤدي إلى ضعف احتمالية تكرار التجربة الكويتية، إلا أن هذا النموذج يبقى الحل الوحيد أمام الدول الأخرى في حال الرغبة بتوسيع قاعدة المشاركة السياسية للشعوب، فضلا عن مواجهة التهديدات الخارجية، خاصة أنه يتيح المحافظة على الملامح الأساسية للنظام الحاكم.

الديموقراطيات الناجحة

بين مايكل هيرب أن الديموقراطيات الناجحة دائما ما تشكل خطرا على الدول الأقل ديموقراطية، بينما انتشار الفوضى يساهم في إطالة عمر الأخيرة، موضحا أن الفوضى انتشرت في أعقاب الربيع العربي لذا العديد من أشكال المعارضة في بعض الدول ومنها الكويت تراجعت، إلا أن التجربة البرلمانية الكويتية تقدم نموذجا جيدا للحياة البرلمانية.
الانتخابات الحرة والنزيهة

أوضح أن الديموقراطية تقاس بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، مؤكدا أن ما يعطي القوة للبرلمان الكويتي ليس فقط الانتخابات بل ما يمنحه الدستور من سلطة لأعضاء البرلمان في طرح الثقة برئيس الوزراء والوزراء، بعد الاستجواب، مبينا أن غالبا ما يستقيل الوزراء تجنبا لذلك، بينما يفتقد ذلك في دول الخليج الأخرى.
تمثيل الأقلية

أشار إلى أن تكرار التجربة الكويتية في بعض الدول الخليجية قد لا يكون ممكنا خاصة تلك التي تتمتع باقتصاد غير نفطي، مما أتاح فرص عمل اكثر للاجانب وجعل المواطنين أقلية، بالتالي فإن البرلمان سيمثل هذه الأقلية فقط من المجتمع، وقد يكون البرلمان بمواجهة مصالح الأجانب لذا يتم محاربة أي محاولة لفرص تكرارها، إلا أن هناك دولا خليجية أخرى لا زال المواطنون ضمنها أكثرية بالتالي تستطيع أن تحقق هذه التجربة بشكل أسهل.
هيرب والكويت

يعتبر مايكل هيرب إلى جانب كونه أستاذا للعلوم السياسية بجامعة جورجيا، متخصصا في دراسات الأنظمة الخليجية ولديه العديد من الأبحاث والكتب، وقد قدم دراسته هذه لمصلحة برنامج الكويت التابع لمركز الشرق الأوسط في جامعة لندن للاقتصاد، حيث يدرس البرنامج التنمية والحكومة وجهود الكويت في جانب العولمة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى