المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

ناصر المحمد: لولا القرار الأميركي الشجاع في تحرير الكويت… لسادَت شريعة الغاب

المصدر : الرأي

فيما شدّد سمو الشيخ ناصر المحمد على قاعدة أساسية في الديبلوماسية الكويتية «الكويت لا تنسى أصدقاءها ومن ساندها ووقف معها»، استحضر الموقف الأميركي من الغزو الغاشم، معتبراً أنه لولا القرار الأميركي الشجاع في تشكيل التحالف الدولي لتحرير الكويت، لسادت شريعة الغاب وأصبح الغزو العسكري نهجاً لحل مشاكل الدول.
واستقبل المحمد في قصر الشويخ، أمس، سفير الولايات المتحدة الأميركية لورانس روبرت سيلفرمان، بمناسبة انتهاء مهام أعماله. وعقب الاستقبال أقام سموه مأدبة غداء على شرف السفير.
وقال الشيخ ناصر المحمد في كلمة ألقاها في الحفل إن المستشفى الأميركي على شاطئ الخليج، شاهد تاريخي على بدء العلاقة الإنسانية بين البلدين، لافتاً إلى أن تحالف البلدين يعني شراكة استراتيجية على كل الصعد وفي مختلف المجالات، الهيئة العامة للاستثمار تخصص معظم استثماراتها في الولايات المتحدة أو حول العالم بالدولار الأميركي.
كما أشار إلى احتضان مؤسسات التعليم الأميركية 5 أجيال من الكويتيين ولا تزال الأعداد آخذة بالصعود.
وفي ما يلي نص الكلمة:
يسعدني أن أرحب بكم جميعا، في حفلنا اليوم، من أجل توديع سعادة السفير لورانس روبرت سيلفرمان، والذي أمضى بيننا ما يقارب أربع سنوات، قام خلالها بتمثيل وطنه وشعبه وحكومته خير تمثيل. وهو سفير يتمتع بخبرة ديبلوماسية واسعة، إذ لم تقتصر خبرته الديبلوماسية على تمثيل بلده فحسب، بل شارك كمفاوض في ملفات كثيرة، في نامبيا وأنغولا بأفريقيا، وفي مؤتمر مدريد للسلام بالشرق الأوسط عام 1991، ومحادثات السلام في واي ريفر في ماريلاند عام 1998، وأشرف على ملفات بين الولايات المتحدة الأميركية وبلدان وسط وشرق أوروبا، ولقد مكنته خبرته هذه لأن يتولى مناصب حساسة في وزارة الخارجية، وأن يشغل منصب مستشار خاص لنائب رئيس الولايات المتحدة جو بايدن لشؤون أوروبا وروسيا، فصديقنا الذي نودعه اليوم هو مزيج من الخبرات المتميزة، انصب معظمها على القضايا المتعلقة بالإصلاح السياسي والاقتصادي.

السيدات والسادة،
تمتد جذور العلاقات الكويتية – الاميركية إلى أوائل القرن الماضي، عندما قرر الأميركان أن يبنوا مستشفى في الكويت، في وقت كان التداوي لدينا يقوم على التراث الشعبي المتداول، وكانت الخدمات الصحية الحديثة شبه غائبة.
وقد استخدموا في عام 1911 ملحقاً في قصر الشيخ مبارك كمستشفى موقت، حتى اكتمل بناء أول مستشفى في عام 1913. وجاء تشييد المستشفى الأميركي كمعلم يشهد على بدء الحداثة وتطور المجتمع، فمنها عرف الكويتيون علاجا لبعض الأمراض المستعصية، ومنها عرفوا أن أيدي العاملين بالمستشفى تسوق له الرحمة والصحة والبراء من الأمراض، ومنها نشأت العلاقة الكويتية – الأميركية، من مدخل إنساني، ما جعل العاملين فيها يدخلون الوجدان الشعبي والذاكرة الجمعية، وهو ما يجعلني اليوم أنتهز هذه المناسبة لكي أسجل العرفان لأولئك الرواد الأوائل الذين عملوا في المستشفى الأميركي بالكويت، وأخص بجزيل الشكر المديرين الذين قاموا بمهامهم الإنسانية إبان ظروفنا الصعبة، وإمكاناتنا المحدودة، وهم: الدكتور بول هاريسون (1912 -1913)، والدكتور ستانلي ميلري (1913 -1942)، والدكتور لويس سكادر (1939 -1967)، كما أسجل تقديري الكبير للأطباء الذين عملوا معهم خلال المئة عام المنصرمة، من أمثال: الدكتور ويلز توم والدكتور هارولد ستورم والدكتور جيرالد نيكرك والدكتور موريس هوسنكفيلد والدكتور برنارد فوس والدكتور دونالد بوش والدكتور ألفرد بيننغز والدكتور ايجبرت فل، والطبيبات من أمثال: الدكتورة إلينور كالفيرلي (1912 -1929)، والدكتورة إسثير بارني (1930 -1937)، والدكتورة ماري أليسون (1934- 1940)، والدكتورة روث كروس (1940 -1946)، وأخص بالشكر والثناء على الممرضات الرائدات من أمثال: السيدة ماري فان بلت (1916 -1938)، التي أحبها الكويتيون ولقبوها خاتون مريم، ومن بعدها السيدة إليانور هوسنكفلد (1945 -1949)، ومما هو جدير بالذكر، أن ثلاثة من أولئك الرواد اختاروا أن تدفن جثامينهم في الكويت، وهم: الدكتور ميلري عام 1952، والدكتور نيكيرك عام 1964، والدكتور سكادر عام 1975. ولا يزال المستشفى الأميركي يحتفظ بمبانيه على شاطئ الخليج، كشاهد تاريخي على بدء العلاقة بين البلدين.

السيدات والسادة،
إذا كانت العلاقة بين شعبينا الكويتي والأميركي قديمة، وبدأت من منطلق إنساني، فإن علاقاتنا الديبلوماسية والسياسية تعتبر كذلك من أقدم العلاقات. فمنذ مطلع الخمسينيات، كان لدينا قنصلية أميركية في الكويت، وتحولت إلى سفارة بعد استقلال الكويت. وشهدت علاقاتنا تطوراً ملحوظاً منذ ذلك التاريخ، حتى بلغت ذروتها عام 1990، عندما قررت الولايات المتحدة اقناع المجتمع الدولي بتشكيل تحالف عسكري لتحرير دولة الكويت من الاحتلال الغاشم. وهو قرار أخلاقي بالدرجة الأولى، هدفه الدفاع عن منظومة السلام العالمي، وميثاق الأمم المتحدة، والقوانين الدولية. ولولا ذلك القرار الشجاع لسادت شريعة الغاب، وعمت الفوضى، وضاعت الحقوق، وأصبح الغزو العسكري نهجاً في حل المشاكل السياسية بين الدول.
وإذا كان العالم الحر قد قدّم تضحيات في حرب تحرير الكويت، فإن تضحياته هذه كانت من أجل الحفاظ على السلام العالمي. أما تضحيات الولايات المتحدة الأميركية، فلأنها تتولى قيادة المجتمع الدولي باعتبارها القوة العظمى، وهو ما نقدره ونثمنه ونحترمه، وجعل علاقاتنا المشتركة ـــ منذ ذلك الوقت ـــ تأخذ منحى استراتيجياً واضحاً، يمثل تحالفاً راسخاً، ويستند الى أسس ثابتة من القيم والرؤى المشتركة والاحترام المتبادل.

السيدات والسادة،
إن التحالف بين بلدينا يعني الشراكة الاستراتيجية على كل الصعد، وفي مختلف المجالات، كالدفاع والأمن والتجارة والاستثمار والمالية والتعليم والثقافة والفن والشؤون القنصلية والجمارك وحماية الحدود والقضايا الصحية، بالإضافة إلى التعاون الوثيق في المحافل الدولية لمعالجة المسائل التي تؤثر على الأمن والسلم العالميين، مثل مكافحة الإرهاب واستخدام أسلحه الدمار الشامل، وهو ما جسدته سياسة دولة الكويت في تلك المجالات.
فعلى المستوى العسكري قامت الكويت بتحديث المنشآت العسكرية التي تستخدمها قواتنا بشكل مشترك، وفقا لتوجيهات اللجنة العسكرية، وعلى المستوى الأمني قمنا بالتحالف معاً من أجل مكافحة الإرهاب. وعلى المستوى الدولي، ساهمت دولة الكويت، بالتعاون مع الولايات المتحدة، بمساعدة النازحين من المناطق المضطربة بالعالم، داخل المناطق التي تستضيفهم دول أخرى كلاجئين.
وعلى المستوى التجاري، فإن الكويت كانت ومازالت مستثمرا نشطا طويل الأمد في الولايات المتحدة، وذلك بشكل رئيسي من خلال الهيئة العامة للاستثمار، التي تخصص معظم استثماراتها في الولايات المتحدة، أو بالدولار الأميركي، مما يساهم في الاقتصاد الأميركي. على مستوى التجارة البينية، شهدت التجارة الثنائية زيادة كبيرة. وعلى المستوى التعليمي، احتضنت مؤسسات التعليم الأميركية خمسة أجيال من الكويتيين، ولا تزال أعداد الكويتيين الذين ينهلون من العلم في أميركا آخذة بالصعود، وما زلنا نسعى لمزيد من الشراكة الاستراتيجية بين بلدينا.

السيدات والسادة،
هناك قاعدة أساسية في الديبلوماسية الكويتية، أريد أن أبرزها هنا في كلمتي هذه، وهي أن الكويت لا تنسى أصدقاءها، ولا تنسى من ساندها ووقف معها في أوقاتها العصيبة وأزماتها الحادّة، وستظل أسماؤهم باقية في ذاكرة الأجيال القادمة، فالصديق وقت الضيق، ولهذا سيظل موقف الولايات المتحدة الأميركية من الغزو الغاشم للكويت محفوراً في ذاكرة الأجيال، وفي تاريخ الكويت. ولقد سعدت بترحيب بلدينا في تخصيص موقع لنصب تذكاري لعاصفة الصحراء في العاصمة واشنطن، يحيي ويخلد ذكرى أولئك الذين شاركوا في تحرير الكويت، والذي نتطلع جميعا إلى افتتاحه في المستقبل.
وفي ختام كلمتي أود أن أشكركم جميعاً، وأشكر سعادة السفير السيد لورانس سيلفرمان على كل جهوده في تدعيم العلاقات المختلفة بين بلدينا، وتمنياتي له بالتوفيق والنجاح في خدمة وطنه».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى