شعراء السبعينيات (٢) ولمحة لأحد رموز الشعر المعاصر الأمير الشاعر “عبد الله الفيصل ـ رحمه الله وقصيدته الخالدة محليا وعربيا

بقلم / أحمد محمد ناصر المدير
نكمل الحديث عن مدرسة تعتبر من أهم مدارس الشعر السعودي المعاصر ورمز من رموزه، ويعتبر من أبرز الشعراء المعاصرين أنه الشاعر الكبير سمو الامير “عبد الله الفيصل” رحمه الله، الذي تميز بلغة شاعرية غنية وبلاغة عالية وترك إرثا أدبيا سعوديا أثرى به الساحة محليا وعربيا وترجمت بعض قصائده ودواوينه إلى الإنجليزية والفرنسية والروسية فخرج بالأدب السعودي عربيا وعالميا يرحمه الله. قيل عنه لم يكن شاعر سياسة بالشكل المباشر إنما كان رحمه الله يعبر عن رويته الشاملة للحياة والإنسانية بماقي ذلك الوطنية والحب والغزل والشك واليقين ترك بصمة وأثر ادبي للأجيال من بعده رحمه الله …
وساهم في تطوير وثراء الحركة الأدبية بالمملكة العربية السعودية ارثا عظيما تركه رحمه الله وله قصيدة ابتهال بعنوان (رجوع الى الله) في (٢٨) بيتا وله قصيدة وتعتبر المشهورة محليا وعربيا وهي (ثورة الشك) وقصيدة (من أجل عينيك)
وهنا اتركها للقارئ ليستمتع بما تحمله من معاني وبلاغة ومشاعر تعتبر إرثا أدبيا خلده الزمن للأجيال المقبلة بعده لماتحمله من بلاغة عالية أظهر براعته الشعرية وتعد تحفة فنية في التعبير عن مشاعر الشك واليقين والخطوات الواثقة والشك التي يصورها ببراعة شاعر يتضح قدرت الشاعر على التعبير عن المشاعر الإنسانية المعقدة حينما تنظر الاستفهام في قوله
يَقُولُ النَّاسُ إنَّكَ خِنْتَ عَهْدِي
وَلَمْ تَحْفَظْ هَوَايَ وَلَمْ تَصُنِّي
حيث يبرز حالة الشك العميقة والرغبة في التأكد من الحقيقة من حبيبه فاستفهم بأسلوب جميل بليغ القصيدة تحمل مشاعر الحزن مع الشك التي تنتاب الإنسان حينما ينتابه الشك مع الرغبة البقاء متمسكا بالعلاقة مع من أحب رغم كل الشكوك التي تحيط حياتهما وكلام الناس المثير لشك.. منتهى البلاغة
*اترك للقارئ الكريم القصيدة هنا ليقرأ مقتطفات مما ترك سموه يرحمه الله من إرثا أدبيا عظيما قصيدتين عظيمتين هما (ثورة الشك) وقصيدته يرحمه الله (من أجل عينيك) قال يرحمه الله: في (ثورة الشك) التي تغنت بها كوكب الشرق أم كلثوم وابدعت في أدائها مما جعلها من أشهر القصائد المغناة في التراث العربي
أَكَادُ أَشُكُّ في نَفْسِي لأَنِّي
أَكَادُ أَشُكُّ فيكَ وأَنْتَ مِنِّي
يَقُولُ النَّاسُ إنَّكَ خِنْتَ عَهْدِي
وَلَمْ تَحْفَظْ هَوَايَ وَلَمْ تَصُنِّي
وَأنْتَ مُنَايَ أَجْمَعُهَا مَشَتْ بِي
ِإلَيْكَ خُطَى الشَّبَابِ المُطْمَئِنِّ
يُكَذِّبُ فِيكَ كُلَّ النَّاسِ قَلْبِي
وَتَسْمَعُ فِيكَ كُلَّ النَّاسِ أُذْنِي
وَكَمْ طَافَتْ عَلَيَّ ظِلاَلُ شَكٍّ
أَقَضَّتْ مَضْجَعِي وَاسْتَعْبَدَتْنِي
كَأَنِّي طَافَ بِي رَكْبُ اللَيَالِي
يُحَدِّثُ عَنْكَ فِي الدُّنْيَا وَعَنِّي
تُعَذَّبُ فِي لَهِيبِ الشَّكِّ رُوحِي
وَتَشْقَى بِالظُّنُـونِ وَبِالتَّمَنِّي
أَجِبْنِي إِذْ سَأَلْتُكَ هَلْ صَحِيحٌ
حَدِيثُ النَّاسِ خُنْتَ؟ أَلَمْ تَخُنِّي
*وقصيدته الغزلية المشهورة كذلك (من أجل عينيك)
يقول فيها رحمه الله:
مِن أجل ِعينيكَ عَشِقتُ الهوى
بَعدَ زَمان ٍكُنتُ فِيهِ الخَلي
وأصبَحَت عَينيَ بَعد الكَرَى
تقولُ للتسهيدِ لا ترحل ِ
يا فاتنا ًلولاهُ ما هزَّني وَجدٌ
ولا طعمُ الهوى طابَ لي
هذا فؤادي فامتلك أمرَهُ
وأظلمه إن أحببت أو فاعدل ِ
**
مِن بَريق ِالوجدِ في عينيكَ أشعلتَ حنيني
وعلى دربك أنى رُحتَ أرسلتُ عيوني
الرؤى حَوليَ غامَت بَينَ شَكي ويَقيني
والمُنى ترقصُ في قلبي على لحن ِشجونيِ
**
أستشفُ الوجدَ في صوتكَ آهاتٍ دفينة
يتوارى بين أنفاسِكَ كي لا أستبينه
لستُ أدري أهو الحبُّ الذي خفت شئونه
أم تخوَّفتَ مِنَ اللومِ فآثرتَ السكينة
**
لا تَقُل أين ليالينا وقد كانت عِذابا
لا تَسَلني عن أمانينا وقد كانت سَرابا
إنَّني أَسدلت ُ فوق َ الأمس ِ سِترا ً وحِجابا
فتَحَمَّل مُرَّ هِجرانِكَ واستبق ِالعِتابا
ومن مؤلفاته والإرث الادبي لسموه رحمه الله الذي تركه ﴿حديث القلب﴾ عام ١٩٨٠م، وديوان (قصائده الفصحى) ترجم الإنجليزية والفرنسية والروسية وتجاوزت كلماته المحلية والعربية لتصل العالمية، وديوان (مشاعري) قصائد نبطية صدر عام ١٩٨٥م، وديوانه (وحي الحرمان)، ويعتبر الأمير عبد الله الفيصل يرحمه الله من أقطاب شعراء الرومنسية المعاصرة، بل قبل انه أفضل من فرص الشعر الرومنسي وتتميز قصائده بسمات المدرسة الرومنسية لما تحمله من عاطفة جياشة ولمحات وجدانية
وللحديث بقية
*نائب رئيس الملتقى العربي للأدباء-السعودية ١٤٤٧