المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مجلس الأمة

دراسة: 6 عوامل تقود إلى عدم تعاون السلطتين

بررت دراسة برلمانية تأرجح علاقة السلطتين التشريعية والتنفيذية بين التعاون والتأزيم منذ 1962 وحتى الآن، بستة عوامل رئيسية.
وكشفت الدراسة التي حصلت القبس على نسخة منها ان هناك ثلاثة أسباب تتعلق بالجانب الحكومي تتمثل في انخفاض مستوى التنسيق بين الوزراء، وغياب التنفيذ الفعلي لخطة التنمية وانخفاض نسبة الانجاز وعدم وضوح أولويات الحكومة، إضافة إلى حكومات لا تحظى بأغلبية برلمانية مريحة.
وذكرت الدراسة أن هناك سببين يتعلقان بالبرلمان، أولهما المبالغة في تقديم الاستجوابات بكثرة ودون تدرج في استخدام الأدوات الرقابية، والآخر عدم إمهال الوزراء فترة زمنية كافية للقيام بمهامهم وواجباتهم الوظيفية.
وقالت إن السبب السادس يتمثل في عدم التعاون بين المجلس والحكومة.
وشددت الدراسة على انه كلما ازدادت حدة التوتر في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تأثر الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وانعكس بالتالي على طبيعة العلاقة بين السلطتين، وكذلك على تنفيذ مشروعات خطط التنمية للدولة، وكلما كان التعاون والتوافق والتنسيق بين السلطتين مثمراً انعكس إيجاباً على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

التفاهم والشورى
وأضافت الدراسة: لقد تعاهد من تولوا سدة الحكم عبر سنوات طويلة على الالتزام بأسلوب الحوار والتفاهم والشورى كمنهج لاستقرار الحكم وشرعيته، ومن هنا يجب أن نفهم التجربة الديموقراطية الكويتية وخصوصيتها على أنها ديموقراطية نابعة من عقيدة الشعب الكويتي المسلم وتاريخه وبيئته الاجتماعية الخاصة.
وقد شكلت هذه العوامل صيغة متميزة من الممارسات الديموقراطية التي تتنوع فيها الآراء والتوجهات، وتمارس جميعها في إطار من الحرية والتفاهم والتسامح وسيادة القانون.
وأشارت الدراسة إلى أنه قد بدأت روح الممارسة الديموقراطية في الكويت منذ عام 1752م عندما وافق المجتمع في تلك الفترة على تنصيب آل الصباح حكاماً على الكويت عن طريق ما عرف بالإجماع والشورى، حيث وافقت الأغلبية من سكان الكويت على من سيحكم هذا المجتمع الصغير، وهكذا حصل الكويتيون على ما أرادوا من دون أن يفرض عليهم حاكم، وكانت تلك المبايعة هي اللبنة الأولى في صرح النظام الديموقراطي في الكويت.

أول شعب
وشعب الكويت هو أول شعب خليجي يشكل مجلساً للشورى في عام 1921م يتكون من 12 عضواً من وجهاء البلد، وهو أيضاً أول شعب خليجي انتخب مجلساً تشريعياً عام 1938م يتكون من 14 عضواً تم انتخابهم من بين 20 مرشحاً آنذاك، وهو الذي سارع عقب الاستقلال عام 1961م ومع ولادة الدستور بتاريخ 2 نوفمبر 1962م، ثم في تأسيس مجلس الأمة، إلى إرساء قواعد الحكم المؤسسي ليتحول المجتمع القبلي إلى مجتمع الدولة بنظامه السياسي المتكامل وبسلطاته الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية.
كما أن الكويت هي الدولة الأولى في منطقة الخليج والجزيرة العربية التي تضع دستوراً، ويكون لها مجلس منتخب للأمة يشكل صرحاً قوياً من صروح الديموقراطية، وذلك من خلال أول انتخابات جرت في 23 يناير 1963م.
وقد عمل الدستور الكويتي على تحقيق التوفيق بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي بأمرين؛ الأول جعل الدستور حجر الزاوية في كفالة الاستقرار في الحكم، والثاني الحذر من المبالغة في ضمانات السلطة التنفيذية.
8 ضمانات دستورية
– نظام الإمارة وراثي.
– عدم النص على اسقاط الوزارة بكاملها بقرار عدم ثقة يصدره مجلس الامة (السلطة التشريعية) والاستعاضة عن ذلك الاصل البرلماني بنوع من التحكيم يحسمه الأمير بما يراه محققا للمصلحة العامة، وذلك اذا ما رأى مجلس الامة عدم امكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء كما ورد تفصيله في نص المادة 102 من الدستور، ويشرط الا يصدر قرار بذلك الا بناء على استجواب وبعد الانتهاء من مناقشته، ويجب ايضا ان يكون قرار المجلس بعدم التعاون صادراً بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس في ما عدا الوزراء.
– وضع قيود أيضاً على المسؤولية السياسية الفردية للوزراء، بحيث لا يجوز طرح الثقة بالوزير إلا بناء على رغبته هو أو بطلب موقع من عشرة أعضاء من أعضاء المجلس على الأقل، وذلك إثر مناقشة استجواب على النحو المبين في مواد الدستور.
– اقتضت ظروف الملاءمة ومراعاة واقع الكويت كذلك ألا يؤخذ على نحو مطلق بالقاعدة البرلمانية التي توجب أن يُختار الوزراء من بين أعضاء البرلمان، ومن ثم تمنع تعيين وزراء من خارج البرلمان، وهي قاعدة دستورية ترد عليها استثناءات متفاوتة في بعض الدساتير البرلمانية.
لهذا لم يشرط الدستور الكويتي أن يكون الوزراء أو نصفهم على الأقل من أعضاء مجلس الأمة، تاركاً الأمر لتقدير رئيس الدولة في ظل التقاليد البرلمانية التي توجب أن يكون الوزراء قدر المستطاع من أعضاء مجلس الأمة.
– ابتدع الدستور فكرة لا تخفى أهميتها برغم عدم مجاراتها لكمال شعبية المجالس النيابية، فقد نصت المادة 80 «على أن يعتبر الوزراء غير المنتخبين بمجلس الأمة أعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم»، وهو أمر كان لا مندوحة معه من ضابطين، الأول وضع حد أعلى لعدد الوزراء، سواء كانوا وزراء عاديين أو وزراء دولة، وهو ما قررته العبارة الأخيرة من المادة 56 في الدستور بقولها: «لا يزيد عدد الوزراء جميعاً على ثلث عدد أعضاء مجلس الأمة»، أما الضابط الثاني هو اشتراط ألا يشترك الوزراء في التصويت على طرح الثقة بأحدهم أو على موضوع عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، ويشتمل هذا الحظر الوزراء جميعاً ولو كانوا من أعضاء مجلس الأمة المنتخبين.
– لم يقيد الدستور استعمال الحكومة لحق الحل بأي قيد زمني كما فعلت بعض الدساتير البرلمانية، اكتفاء بالقيد التقليدي المهم الذي بمقتضاه إذا حل المجلس لا يجوز حله لذات الأسباب مرة أخرى، مع إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل، وإلا استرد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية لحين اجتماع المجلس الجديد واجتمع فوراً كأن لم يكن مادة 107.
– في نصوص متفرقة من الدستور ترك مجال واسع لتصرف رئيس الدولة أو السلطة التنفيذية دون رجوع سابق إلى مجلس الأمة، أو دون الرجوع إليه كلية، ومثال ذلك اختيار نائب الأمير مادة 61، وإعلان الحرب الدفاعية مادة 68، وإعلان الحكم العرفي مادة 69، وإبرام المعاهدات في ما يستثنى منها بالذات مادة 70، والاستعاضة بثقة رئيس الدولة في تشكيل الوزارة عن حصولها على ثقة مجلس الأمة عقب كل تجديد لانتخابات هذا المجلس مادة 68.
– يسند هذه الضمانات والنصوص جميعاً نص المادة 174 المقرر لضوابط تعديل الدستور، فقد اشترطت هذه المادة لإدخال أي تعديل على أحكام الدستور موافقة الأمير على مبدأ التعديل أولاً، ثم على موضوعه. وجعلت حق رئيس الدولة في هذا الخصوص «حق تصديق» بالمعنى الكامل لا مجرد حق اعتراض توقيفي كما هو الشأن في التشريعات العادية وفقاً للمادة 52 من الدستور.
ولذلك نصت الفقرة الثانية من المادة 174 صراحة على استثناء حكمها من حكم المادة 52 المذكورة، بل وأضافت الفقرة الثالثة من المادة 174 أنه «إذا رفض اقتراح التنقيح من حيث المبدأ أو من حيث موضوع التنقيح فلا يجوز عرضه من جديد قبل مضي سنة على هذا الرفض»، والرفض هنا شامل لحالتي حصوله من جانب الأمير أو من جانب مجلس الأمة.
وبهذا الوضع لا يكون تعديل ما للدستور إلا برضاء الجهتين اللتين تعاونتا من قبل في وضعه (الأمير والأمة)، وعبرت عن هذا التراضي ديباجة الدستور عندما نصت على صدور الإرادة الأميرية في التصديق عليه وإصداره بناء على ما قرره المجلس التأسيسي.

ضمانات السلطة التنفيذية

قدر الدستور ضرورة الحذر من المبالغة في ضمانات السلطة التنفيذية، وذلك مخافة أن تطغى هذه الضمانات على شعبية الحكم أو تضيع في التطبيق جوهر المسؤولية الوزارية التي هي جماع الكلمة في النظام البرلماني، ومما يبعث على الاطمئنان في هذا الشأن ويدفع تلك المظنة إلى حد كبير ما أثبتته التجارب الدستورية العالمية من أن مجرد (التلويح بالمسؤولية) فعال عادة في درء الأخطاء قبل وقوعها أو منع التمادي فيها أو الإصرار عليها، ولذلك تولدت فكرة المسؤولية السياسية تاريخياً على التلويح أو التهديد بتحريك المسؤولية الجنائية للوزراء، وقد كانت المسؤولية الجنائية هي الوحدة المقررة قديماً.
كما أن تجريح الوزير، أو رئيس مجلس الوزراء بمناسبة بحيث موضوع عدم الثقة أو عدم التعاون كفيل بإحراجه والدفع به إلى الاستقالة، إذا ما استند هذا التجريح إلى حقائق دامغة وأسباب قوية تتردد أصداؤها في الرأي العام.
وهذه الأصداء ستكون تحت نظر رئيس الدولة باعتباره الحكم النهائي في كل ما يثار حول الوزير أو رئيس مجلس الوزراء، ولو لم تتحقق في مجلس الأمة الأغلبية الكبيرة اللازمة لإصدار قرار «بعدم الثقة» أو «بعدم التعاون».
إضافة إلى أن شعور الرجل السياسي الحديث بالمسؤولية الشعبية والبرلمانية، وحسه المرهف من الناحية الأدبية لكل نقد أو تجريح قد حمل الوزير البرلماني على التعجيل بالتخلي عن منصبه إذا ما لاح له أنه فاقد ثقة الأمة أو ممثليها، وقد بلغت هذه الحساسية أحياناً حد الإسراف، مما اضطر بعض الدساتير الحديثة للحد منها حرصاً على القدر اللازم من الاستقرار الوزاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى