حوار بين عام 2024 وعام 2025
محمد تهامي خبير التطوير المؤسسي
في لحظة فاصلة بين الزمنين، وقف عام 2024 وقفة تأمل، يراقب الانفراجات والتحديات التي مرت، مترقبًا ما سيأتي، في الأفق، كان عام 2025 يلوح بأفق جديد، مليء بالآمال والتحديات التي تنتظر من يجرؤ على مواجهتها، كان الحوار بين العامين أشبه بمواجهة حقيقية، حيث تتلاقى الرؤى والآمال والطموحات في نقطة واحدة، وكان الحوار بين العامين بداية لفصل جديد في مسيرة العمل المؤسسي، فصلًا يعتمد على القيادة الرشيدة، ويُبنى على الأسس المتينة للاستقامة والإبداع، ويُشيد بهما لتحقيق النجاح المستدام.
قال 2024 بنبرة تحمل عبق التجربة: ” لقد كنتُ شاهدًا على تضحيات، وبناء، وأحيانًا تحديات، لكنني تعلمت أن النجاح لا يأتي بسهولة، بل يتطلب صبرًا ومثابرة، وفي قلب كل تحدٍ، كان هناك أمل ينتظر، كيف سيكون 2025؟ هل ستكون الرحلة أسهل؟”
ابتسم 2025، ورد بثقة تحاكي خيوط الضوء التي بدأت تتسلل من الأفق الجديد: ” لا، أيها الماضي، الطريق ليس أسهل، لكنه مختلف، سنواجه التحديات كما فعلنا، لكننا سنتجاوزها بإبداع أكثر، وبرؤية أعمق، سأسير على دربك، لكنني سأضع الاستقامة في صدارة كل قرار، وسأبني جسورًا من القيادة التي تُستمد من الفهم العميق للتحديات، وليس من الهروب منها.”
قال 2024 في تأمل: ” لكن الاستقامة وحدها لا تكفي، أليس كذلك؟ هل من الممكن أن يكون العمل المؤسسي أكثر من مجرد أخلاقيات؟ هل تُعتبر تلك القيم صالحة في عالمنا الذي يتسارع فيه التغيير؟”
أجاب 2025، وهو يرفع نظره إلى الأفق البعيد: ” أنت على صواب، الاستقامة هي البداية، لكننا بحاجة إلى قيادة تتسم بالإبداع والقدرة على التكيف، في عالم متسارع، يصبح التفكير الثابت عائقًا أمام النجاح، القيادة اليوم لا تتعلق بإدارة ما هو موجود فحسب، بل بتشكيل المستقبل، سنستخدم التحديات كفرص للإبداع، وستكون الاستدامة جزءًا لا يتجزأ من كل خطة وكل خطوة.”
ثم قال 2024، بصوت ينضح بالحكمة: ” لقد كنتُ شاهدًا على العديد من القادة الذين حاولوا أن يقودوا المؤسسات عبر الأزمات، ومع ذلك تعثَر البعض في مواصلة المسير، كيف تضمن أن النجاح سيكون مستدامًا في هذا الزمن الذي لا يرحم؟”
أجاب 2025، بلغة واضحة تحمل وعيًا عميقًا: “النجاح لا يقتصر على القمة فحسب، بل يمتد إلى الأساسيات، سأبني قادة من الصفوف الثانية، لأن القيادة ليست ترفًا يُمنح للمختارين فقط، القيادة هي رسالة تُنقل من جيل إلى جيل، سأعمل على تمكين الأفراد، وتوجيههم لبناء ثقافة قوية قادرة على تحمل الرياح العاتية، نجاحنا يكمن في قدرتنا على تشكيل القادة الذين يقودون من خلف الكواليس، لا من أمامها، كما قال المسيري: ” القادة العظماء هم من يرسخون في قلوب من يتبعهم القيم الأساسية التي تجعلهم قادرين على الاستمرار”.
أخذ 2024 نفسًا عميقًا، ثم قال: “لكن، كيف يمكننا أن نصنع هذه الثقافة؟ كيف يمكننا أن نضمن أن كل فرد في الفريق يشعر بأنه جزء من هذا التغيير؟”
أجاب 2025، في كلمات حملت وعدًا بمستقبل مختلف: “من خلال الشفافية، والتمكين، والقيادة الرشيدة، سأقود المؤسسات إلى ثقافة العمل الجماعي، حيث لا يُنظر إلى كل فرد كحلقة ضعيفة، بل كقوة لا بد منها في تحقيق الهدف المشترك، سأعمل على بناء بيئة تشجع على الإبداع، ولا تعاقب الفشل، بل تُعِدّه جزءًا من عملية التعلم، كما قال الشيخ جابر الصباح: “من يزرع أملًا في قلبِ غيره، يجني ثمار الأمل في قلبه، سأجعل من كل فرد قائدًا في مجاله، لنصنع معًا مستقبلًا أفضل.”
ثم أضاف 2024 بنبرة رقيقة، ولكن مليئة بالتقدير: “أنت تُلهمني يا عام 2025، لقد كنتُ مجرد بداية، لكنك ستأخذ هذه الرؤية إلى آفاق جديدة، النجاح الحقيقي لا يأتي فقط من الالتزام بالقيم، بل في القدرة على تحويل هذه القيم إلى فعل ملموس، يجعل كل شخص يشعر بأنه جزء من قصة نجاح.”
أجاب 2025 وهو يبتسم بلطف: ” سأكمل ما بدأتَه، لكنني سأسعى لجعل المؤسسات مكانًا يُشجع على الإبداع والتحدي المستمر، سأصنع قادة يعون أن القيادات الحقيقية لا تُبنى على الألقاب، بل على الأثر الذي تتركه في كل خطوة، وكل قرار، النجاح ليس في تحقيق الهدف فحسب، بل في الرحلة نفسها، وفي القدوة التي نتركها.” ومع إشراقة الفجر الجديد، انطلق عام 2025 في طريقه، حاملًا بين يديه إرثًا من 2024، ورؤية جديدة لعالم المؤسسيين والمبدعين، وكان الحوار بين العامين، هذا الحوار الذي لا ينتهي، هو دافع للأمل، وقوة للإنجاز، ورسالة تُحرك الأمل في كل نفس.