سمو الأميرة الجوهرة.. خبرة تتجاوز حدود الزمن ورمز يحتاج إلى رصد تاريخي وتوثيق تجربة وإنجاز

اعداد د. احمد الثقفي ود. وسيلة الحلبي
حين نتحدث عن سمو الأميرة الجوهرة بنت فهد بن محمد بن عبد الرحمن آل سعود، فإننا لا نقف أمام شخصية عادية يمكن المرور عليها سريعًا أو الاكتفاء بذكر مواقف متفرقة من سيرتها، بل نحن أمام قامة نسائية سامقة تمثل مدرسة كاملة في القيادة والعطاء والإدارة والإنسانية. هي رمز من رموز هذا الوطن، وخبرة متراكمة تمتد عبر السنين، وتستحق أن تُرصَد في سجل التاريخ، وأن تُوثق التجربة بكل تفاصيلها، لتكون منارة للأجيال القادمة ودليلاً على أن المرأة السعودية قادرة على أن تتبوأ أعظم المناصب وتؤدي أعظم الأدوار.
مدرسة قيادية ذات بعد إنساني ووطني
سمو الأميرة الجوهرة لم تكتفِ بأن تكون قائدة بحكم موقعها أو مكانتها الاجتماعية، بل حولت القيادة إلى مدرسة، والإدارة إلى رسالة، والعطاء إلى منهج حياة. شخصيتها تعكس مزيجًا نادرًا من الصرامة والحكمة، ومن الحزم والرحمة، ومن الرؤية المستقبلية المتجددة والوفاء للأصالة السعودية المتجذرة في قلبها وروحها.
لقد جسّدت في مسيرتها نهجًا متفردًا في التعامل مع الناس، قائمًا على المودة، والاحترام، والتقدير، والتواضع. فالمتابع لتجربتها يدرك أنها لم تجعل المنصب غاية بل جعلته وسيلة لخدمة الإنسان، وأنها لم تجعل الإنجاز مجرد أرقام أو تقارير بل حولته إلى أثر حي في القلوب والذاكرة.
رمز ملهم في مسيرة المرأة السعودية
إن ما قدمته سمو الأميرة الجوهرة يمثل جزءًا من الحكاية الكبرى للمرأة السعودية في عصرها الذهبي. فهي واحدة من الأسماء التي برزت كرمز للخبرة والنضج، ونجحت في أن تبرهن للعالم أن المرأة السعودية ليست فقط شريكة في التنمية، بل قادرة على الريادة وصناعة المبادرة، وأنها حين تتكئ على القيم الأصيلة وتنفتح على آفاق الحداثة، فإنها تخلق نموذجًا يُحتذى به على المستويين المحلي والعالمي.
التجربة التي تستحق التوثيق
إن التاريخ ليس مجرد سرد لأحداث، وإنما هو رصد للتجارب الكبرى التي شكّلت وعي المجتمع وأسهمت في نهضته. وتجربة سمو الأميرة الجوهرة واحدة من هذه التجارب التي تحتاج إلى توثيق منهجي، يتناول مراحل مسيرتها، وقراراتها، ومواقفها، وأثرها على المجتمع.
• على المستوى الإداري: قدّمت نموذجًا للقيادة الواعية التي تنطلق من التخطيط السليم وتستند إلى الرؤية البعيدة.
• على المستوى الاجتماعي: كرّست مبدأ خدمة الإنسان أولًا، واعتبرت أن الإنجاز الحقيقي يقاس بما يتركه من أثر في حياة الناس.
• على المستوى الوطني: مثلت صورة مشرقة للمرأة السعودية التي ترفع راية الوطن وتؤكد مكانته في المحافل.
دروس ملكية تبقى للأجيال
لقد جسّدت سمو الأميرة الجوهرة في شخصيتها الدروس الملكية التي توارثها أبناء آل سعود جيلًا بعد جيل: دروس في الأخلاق، والإنسانية، والقيادة، والاحترام، والتقدير. إنها تجسد حقيقة أن العظمة لا تُقاس بما يملكه الإنسان من منصب أو جاه، بل بما يتركه من بصمة في نفوس من حوله.
فهي تمثل رمزًا من رموز الوفاء للوطن والولاء لقيادته، وتجعلنا نؤمن أن القدوة الحقيقية ليست في كثرة الكلام، بل في صدق الأفعال، ولا في المظاهر العابرة، بل في الإنجازات الباقية.
دعوة للتأريخ والتكريم
من هنا، تبرز الحاجة الماسّة إلى توثيق مسيرة سمو الأميرة الجوهرة تأريخيًا، سواء عبر إصدار كتاب موسوعي عنها، أو إعداد فيلم وثائقي يُخلّد تجربتها، أو عبر إدراج سيرتها ضمن المناهج والبرامج التدريبية التي تُعنى بإبراز النماذج القيادية النسائية. فالتجارب الكبيرة إن لم تُوثق تضيع مع تقادم الأيام، والرموز الوطنية إن لم يُكتب تاريخها تبهت أمام سرعة العصر، ونحن أمام تجربة ثرية تستحق أن تُحفظ وأن تُقدَّم كمنارة مضيئة.
إن الحديث عن سمو الأميرة الجوهرة ليس مجرد ثناء عابر أو مديحٍ وقتي، بل هو اعتراف بفضلها وتقدير لمسيرتها ووفاء لقيمتها ورمزيتها. فهي بحق خبرة ورمز، وتجربة وإنجاز، وتاريخ حي يحتاج إلى التوثيق والكتابة، حتى يدرك أبناء هذا الوطن أن بيننا شخصيات عظيمة تمثل مدرسة كاملة في القيادة والعطاء.
درة القيادة الجوهرة
سلام على الجوهرة أميرة الرمز والهيبة
حكيمة الرأي، مدرسة المجد والطيبة
سليلة بيت الملوك، وميراث العز والنسب
رفعت للمرأة شأنًا، وأعلت قدرها والرتب
هي النور في ليل هذا الوطن، وسناه في الفجر
وهي العزم إن ضاقت الدروب، وصوت الحق إذا يُجهر
حملت راية التاريخ من آل سعود الكرام
وصاغت من حروف الوفاء قصيدة عز وسلام
هي ابنة القيم الراسخة، رضعَت من معين الفخر
توارثت الأخلاق من أسرةٍ جعلت العطاء نهر
هي الباسمة في وجه الحياة، وإن كانت قاسية
هي الحازمة حين القرار، فلا تعرف المسايسة
تجاربها صفحات من ذهب، ترويها الأجيال
تسطرها أقلام الباحثين، وتُزينها الأقوال
إنجازاتها ليست عددًا، بل حياة وكيان
هي عنوان للتاريخ، ومجدٌ يظل للأزمان
يا جوهرة المجد، يا سيدة الفكر والرأي السديد
يا ملهمة الأجيال، يا رمزًا خالدًا في كل عيد
أنتِ السند للمرأة، وأنتِ القدوة في الطريق
أنتِ المدرسة التي يتعلم منها الكبير والصغير العريق
لقد جمعتِ بين الحزم والرحمة، بين القوة والحنان
بين العقل الراسخ، والقلب الذي يغمره الإيمان
فأصبحتِ آية في القيادة، وأسطورة في العطاء
تُذكَر سيرتك في المجالس، ويُفتخر بك في كل لقاء
سلام على همتك، سلام على عزيمتك
سلام على خطواتك التي صنعت بصمتك
سلام على تاريخك الذي لا يبهت ولا يزول
سلام على رمزك الخالد الذي يضيء كل الحقول
أيتها الأميرة التي رفعت اسمها بعملها
ونقشت حروفها في صفحات الوطن بفضلها
يا من جعلتِ من إنجازك تاجًا على رأسك
وجعلتِ من تاريخك سيفًا على حاسدك
فلتكتُب الأقلام سيرتك، ولتُنشَد القصائد باسمك
ولتُسجَّل تجربتك في الكتب، ولتُخلَّد إنجازاتك
فأنتِ الخبرة التي لا تُمحى، وأنتِ الرمز الذي لا يُنسى
أنتِ الأميرة الجوهرة، عنوان المجد، وسيدة العزة
شاعر أوتار القلم – أحمد عبدالغني الثقفي




