المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةمقالات

أنجوا بنفسك قبل فوات الآوان

‏ أعلم يقيناً وإعتقاداً بأن رب العباد هو مدبر الأمور، وهو القادر على كل شيء، وبيده ملكوت السموات والأرض. وأعتقد جازما أيضا أن ما حلّ بنا من وباء، هو إبتلاء وإختبار في الوقت ذاته، لأن بعض البشر ( هداهم الله ) باتوا وحوشا في هذا الزمن، ولا يعيرون إهتماما للضعفاء والمساكين، ولا يوجد في قاموسهم رحمة لأولئك المستضعفين.

‏ فالغريب والعجيب أننا نمر الآن في ظروف عصيبة، تتطلب منا جميعا محاسبة النفس، ومراجعة أعمالنا، وجلد ذواتنا قبل قوات الآوان. ربما كنا في الأيام السالفة لاهين في دنيانا، نلهث وراء ملذات الدنيا، غير حاسبين حساب لآخرتنا. ولكن اليوم إختلف الوضع كثيرا، فما نراه يستوجب منا وقفة تأمل، ووقفة محاسبة للنفس، وإيقافها عند حدها، وتصويب مسارها لسلك الطريق الصحيح.

‏ فها هو فيروس كورونا، دخل علينا عنوة دون إستئذان، وأخذ من الأرواح ما أخذ، وأصاب من الأجساد ما أصاب، وبات العالم مشغول للحد من إنتشاره، ومحاولة إيقافه، ولكن إلى الآن لم يقف، وهو مستمر في حصد بني البشر، فلا يُفرق بينهم، والكل سواسية عنده، من غني وفقير، ومسؤولٍ وخفير، فالكل سواسية، ومسطرته واحده.

‏ مع كل ما ذكرت، ويعلمه البشر، ويعيه الإنسان، إلا أنني أرى القلة القليلة التي ردعت نفسها عن ملذات الدنيا، وأضحت تفكر في زرع الخير في دنياها، لحصاد الآخرة، بينما الغالبية لازال في سباتٍ عميق، وكأنه مخلدٌ في هذة الدار الفانية. لم يعد العدة ويشمر عن ذراعيه، لزرع بذرات الخير حتى تنمو وتخضر، ويجني ثمارها في الآخرة، بل كأن هذا الداء لايقصده، وهو مُستثنى منه، فتجده لا يبالي إطلاقا، وكأنه في عالمٍ آخر.

‏ قد يقول قائل، ربما من تتحدث عنهم قد يكونون متوكلين على الله، ولذلك تراهم يعيشون حياتهم الطبيعية، فردي هنا .. أن التوكل لابد له من أسباب يبذلها، ثم بعذ ذلك يجعل أمره لله، لكن أن يبقى على حاله دون تحرك فعلي من شأنه أن يكون له مكسب وغنيمة لآخرته، فهذا هو الضياع بعينه.

‏ فيا من ظننت نفسك أنك مستثنى من هذا الوباء، راجع نفسك، وأعد حساباتك، وأنظر لمن حولك، إن كنت صاحب مال فتصدق وأنجو بنفسك، وإن كنت صاحب عقار فتلمس من لا يستطيع دفع الإيجار واعفو عنه لعل الله يعفو عنك في الآخرة، فالدنيا محطة وتمضي، والآخرة هي دار الخلود، فأنجوا بنفسك قبل فوات الآوان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى