المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

إسرائيل تصعد تهديداتها ضد «حزب الله»

استقبلت إسرائيل الرسمية على المستويين السياسي والعسكري، وكذلك وسائل الإعلام التهديديات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في «يوم القدس، «باستقدام مئات الآلاف من المقاتلين، ومن عدة دول، في أي مواجهة قادمة بقلة اكتراث غير معهودة، إلى درجة أن الجنرال احتياط موشيه العاد وصفها في صحيفة «إسرائيل اليوم» قائلاً: «تهديدات نصر الله أصبحت حدثا شهريا، ونوعا من الطقوس (فولكلور) تختلف في النص فقط، وليس في الأسلوب»، مضيفاً: «رغم هذه التهديدات، فقد سبق لنصر الله أن حطم رقما قياسيا، حيث سجل أكبر فترة ردع بين حربين مقابل إسرائيل، على مدار 11 سنة. نعم، 11 سنة وهو مرتدع. مرتدع ويهدد (…) وإذا لم يهاجم، فإنه على الأقل يهدد».
بيد أن تهديدات نصر الله من جهة واتهامات إسرائيل بأن الحزب يقوم ببناء قواعد جديدة، ويدخل أسلحة متطورة في بعض قرى جنوب لبنان من جهة ثانية، كانت مناسبة لإعادة تأكيد عدد من وزراء إسرائيل وكبار قادة جيشها أن أي حرب جديدة لن تكون كسابقاتها، وسيدفع لبنان كله، وليس فقط حزب الله ثمناً باهظاً، وستكون بناه التحتية ومرافقه الحيوية أهدافاً مباحة لآلة الدمار الإسرائيلية، وهو ما أكده الوزير الإسرائيلي المتطرف نفتالي بينيت، في مقابلة مع صحيفة هآرتس،  بالقول: إن «المؤسسات اللبنانية، البنية التحتية، المطار، محطات توليد الكهرباء، الجسور، قواعد الجيش اللبناني، كل هذه ستكون أهدافا شرعية لمهاجمتها، إذا نشبت حرب. ويجب أن نقول هذا لهم (اللبنانيون) وللعالم منذ الآن. إذا أطلق حزب الله صواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فهذا يجب أن يعني إعادة لبنان إلى العصور الوسطى». وهو ما بات يعرف بـ«عقيدة الضاحية»، التي تفترض إلحاق دمار شامل في المناطق التابعة لحزب الله، مثلما فعل الجيش الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت أثناء حرب 2006.
من جهته، قال الجنرال احتياط موشية العاد في صحيفة «إسرائيل اليوم»: الآن الجميع يفهمون، ونصرالله أيضا، أن «انتصاراً إلهياً» آخر سيسبب أضراراً لإسرائيل فعلا، لكنه سيدمر لبنان».

حرب أعصاب
التهديدات الإسرئيلية وصفها المعلق العسكري لصحيفة هآرتس، عاموس هارئيل، بأنها «حرب أعصاب» تشنها إسرائيل ضد حزب الله، أي أنها ذات وظيفة ردعية، في حين أن إسرائيل مطمئنة أولاً، إلى أن الحزب المتورط والمستنزف في الأزمة السورية ليس بمقدوره فتح جبهة جديدة.
وثاني أسباب اطمئنان إسرائيل أنه لا يوجد لا إجماع، ولا حتى شبه اجماع لبناني، بما في ذلك بعض حلفاء حزب الله، يؤيد أو يدعم تهديدات نصر الله، وتوريط لبنان في حرب مدمرة جديدة.
ثالث هذه الأسباب أن إسرائيل ذاتها لا ترغب باندلاع حرب جدبدة، لا مع حزب الله ولا حتى مع حركة «حماس» في غزة، وهو ما أكده وزير الدفاع الإسرائيلي أفغدور ليبرمان، الإثنين الماضي، أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، حين قال «هناك كثيرون يتنبأون بوقوع حرب في الشمال ومع قطاع غزة، ولكن لا توجد لدينا أي نية للمبادرة بعمل عسكري، لا مع غزة ولا على الحدود الشمالية».
وفي السياق ذاته، أكد الوزير بينيت «أن وصف الحرب المحتملة المقبلة بالرهيبة يهدف إلى الردع». مضيفاً: «إذا أعلنا وسوّقنا هذه الرسالة بصرامة كافية الآن، لربما نتمكن من منع الحرب المقبلة. إذ لا توجد أي نية لدينا لمهاجمة لبنان».

الحفاظ على الوضع القائم
إسرائيل ليست مضطرة لخوض حرب جديدة، أو على الأقل استعجالها، فقواعد اللعبة الحالية بينها وبين حزب الله ما زالت فعالة وتنهض على رافعتين، الأولى أنها تقابل كل خرق يصدر من أي طرف سواء سوريا أو لبنان أو غزة بالرد بمثله أضعافاً، وثانياً: منحت نفسها ما تسميه حق العمل بحرية، أي الردع، ضد أي محاولات لنقل أسلحة متطورة تخل بالتوازن الراهن مع حزب الله، أو أي تواجد له من أي نوع بالقرب من حدود الجولان المحتل. إلى ما سلف، ثمة حسابات سياسية لتل أبيب ترجح عدم إقدامها على مغامرات حربية كبرى لا في لبنان ولا غيره، ما لم تتوافر أسباب قوية لذلك. فهي ترى في التطورات الدولية والإقليمية الراهنة فرصة سانحة للتقدم نحو حل سياسي في إطار إقليمي، تطمح من خلاله إلى أن تقطف ثماره تطبيعاً مع دول عربية وازنة، وهو ما يفسح في المجال لإعادة رسم صورة التحالفات الإقليمية، التي ستكون جزءاً هاماً منها، في مواجهة تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، وبالتالي فإن أي حرب جديدة سيخرب هذا المسعى.
حتى الآن، تبدو عوامل احتمال شن حرب إسرائيلية جديدة قريباً ضد لبنان وحزب الله، ضعيفة، مقابل قوة عوامل الحفاظ على الوضع القائم لما يوفره من مزايا لإسرائيل، دون أن يعني ذلك تقليل شأن من احتمالات وتطورات ليست في الحسبان، وبخاصة في سوريا في حال تقدم النظام السوري وحزب الله باتجاه الحدود مع الجولان، أو نحج حزب الله بإدخال أسلحة متطورة من شأنها كسر موازين القوى الراهنة وتشكل تهديداً إستراتيجياً لأمنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى