المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

إقبال العثيمين في محاضرة حول القراءة والمكتبات العامة

لماذا يبدو الحديث عن «المكتبات العامة» في بلادنا وكأنه حديث عن جرح؟ فما إن تُستعرض أوضاعها ونسب الإقبال عليها، وقدر الإفادة منها حتى نجدنا لا أمام مشكلة محدودة بإحدى مؤسسات نشر الثقافة، بل بأزمة القراءة، وعلاقة المجتمع بالكتاب، والأهم: دور المعلومة في صياغة القرارات السياسية، وأخيرا علاقة المعرفة بالحياة نفسها، وبالأحرى انفصالها إن تحرينا الدقة.

مفاصل الأزمة
في المحاضرة التي ألقتها د. إقبال العثيمين رئيسة قسم المكتبات والمعلومات بكلية التربية الأساسية، والتي استضافها «كاب غاليري» تجلت مفاصل هذه الأزمة، خاصة بالقياس إلى التطور الحادث في مفهوم المكتبة وفعل القراءة، في دول متقدمة.
روت العثيمين رحلتها مع هذا التخصص لتصل إلى ما أسمته «الدرس الأول» حين تسلمت عملها في مكتبة جامعة الكويت. لقد تبينت ساعتها أن أمناء المكتبة وموظفيها لا يقرأون، أو لا ينبغي لهم أن يفعلوا، وفق نصيحة رئيسها، بل يكتفون بالتصفح والفهرسة ووضع الكتب في مكانها.

تراجع ملحوظ
انطلقت العثيمين في تناولها لوضع المكتبات في الكويت من تقرير دولي يضع الكويت في المرتبة 47 من إجمالي 50 دولة في ما يتعلق بنسب القراءة في المدارس. وعزت العثيمين ذلك إلى أسباب عدة.
استعرضت العثيمين في البداية دور البيت في ترسيخ عادة القراءة لدى الطفل. اما في ما يتعلق بـ«التعليم» فأشارت إلى أن المنظومة التعليمية الحديثة، وفق العثيمين، لا تعتمد فقط على تلقين معلومات بل على مفهوم «التعلم مدى الحياة»، أي إعداد الفرد ليستوعب طرق الوصول إلى معرفة مستدامة. ويرتبط هذا بما أسمته «المواطنة الرقمية» كمجموعة من القواعد والضوابط للتعامل مع التكنولوجيا، منبهة إلى الفجوة الكبيرة بين أسلوب التعليم المدرسي ومصادره من الكتب، وما يطلع عليه الطلاب عبر الفضاء الرقمي.
لم يعد الفضاء الرقمي «فضاء افتراضيا» بل هو العالم الحقيقي، لذا فالفصل بينه وبين الواقع اليومي يعد الآن مفارقة.
وأشارت العثيمين إلى تراجع اهتمام النظام التعليمي بمادة المكتبات التي صارت مادة اختيارية، بينما كان من المفروض أن تصبح إجبارية وأن تتوسع لتشمل طرق البحث وكتابة التقارير وغيرها. وقالت العثيمين إن حصة القراءة الحرة التي لم تكن من قبل موجهة نزعت من التعليم العام. ومن ثم فكل ما له علاقة بالقراءة تراجع بشكل ملحوظ.

المواطنة الرقمية
لفتت العثيمين إلى التطور الكبير الذي لحق بمفهوم المكتبة، والذي لم يعد يقتصر على الكتاب، بل في إطار مفهوم المواطنة الرقمية، أصبح وسيلة المواطن إلى المعلومات التي يحتاجها من أجل الانخراط في المجتمع. كما أصبحت المكتبة تتضمن أنشطة اجتماعية وألعابا للطفل، ومكانا لعقد اللقاءات والندوات، وعرض القصص التفاعلية للطفل، وهو ما يغير بدرجة كبيرة الصورة المتخيلة للمكتبة. ومن اللافت أنه بموازاة هذا التطور مازال ثمة خلط لدى عامة الناس بين المكتبة و«القرطاسية»، وهو ما يشي بتراجعها عن محيط الاهتمام إضافة إلى انفصالها عن الواقع المعيش.
وأشارت العثيمين إلى إحصاء يوضح نسب التردد على المكتبات العامة في الكويت، وهو الإحصاء الذي كشف عن أن عدد المترددين على المكتبات كافة لا يتجاوز 12 ألفا أي بمعدل 1000 في الشهر الواحد، ولا يتضمن الإحصاء بالطبع طبيعة النشاط الذي مارسه هؤلاء ولا نوع قراءاتهم أو عدد الساعات التي قضوها في المكتبة.

القرار والمعرفة
في تعقيبها على بعض المداخلات أشارت العثيمين إلى دور المكتبة في صياغة القرارات، وذلك بصدد الحديث عن مكتبة «الكونغرس»، بينما تصاغ القرارات لدينا بعيدا عن استيفاء المعلومة.
وأوصت العثيمين في ختام محاضرتها بتفعيل حصة المكتبة في النظام التعليمي، وطرح مقررات إجبارية تمكن الطالب من القراءة واستخدام المعلومات، مع استحداث خدمات لتلبية احتياجات المواطنين.
وبالطبع يحتاج هذا إلى وعي من قبل صاحب القرار، كما من قبل المجتمع، بوصل ما انقطع من علاقة المعرفة بالحياة نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى