المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

الأزمة الخليجية تثير مخاوف أمن الطاقة في بريطانيا

سلّطت المواجهة الدبلوماسية بين قطر وجيرانها العرب الضوء على المخاطر المرتبطة بتزايد اعتماد المملكة المتحدة على الغاز المستورد، وزادت من حدة مطالبة مؤيدي استخدام تقنية التكسير في موارد الصخر الزيتي في بريطانيا.
ويأتي ما يقرب من 30 %من واردات الغاز في المملكة المتحدة من قطر التي تواجه اضطرابا في التجارة والنقل، بعد أن قطعت المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ومصر وغيرها العلاقات الدبلوماسية معها.
ولا يعتبر هذا النزاع تهديدا مباشرا لامدادات الغاز في المملكة المتحدة، حيث يكون الطلب على الطاقة في أدنى مستوياته خلال أشهر الصيف.
غير أن المحللين يقولون ان عدم الاستقرار في الشرق الأوسط يضفي عاملا جديدا الى عوامل أخرى أدت مجتمعة الى طرح أسئلة طويلة الأمد حول أمن الطاقة في المملكة المتحدة.
على مدى عقود، كانت بريطانيا تحصل على ما يكفيها من الغاز من مواردها في بحر الشمال وخطوط الأنابيب من النرويج وبقية أوروبا، الا أن الانخفاض التدريجي في امدادات بحر الشمال جعل بريطانيا تعتمد بشكل متزايد على الغاز الطبيعي المسال المستورد على متن سفن من أماكن مثل قطر، أكبر مصدر في العالم للغاز السائل فائق التبريد.
يقول العضو المنتدب لشركة اينرجي كونتراكتس الاستشارية، نيال تريمبل: إن المخاطر الأخرى تشمل التأثير غير المؤكد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في الواردات الأوروبية، والمشاكل الهيكلية التي طال أمدها في أكبر موقع للتخزين في بريطانيا للغاز الطبيعي.
وكان مرفق تخزين الغاز الطبيعي روغ، حيث يخزن 390 مليون متر مكعب من الغاز في خزان تحت قاع البحر قبالة ساحل يوركشاير، أغلق أمام أي إمدادات جديدة حتى مايو المقبل، على الأقل، بسبب المخاوف بشأن سلامة الآبار.
ويشكك تريمبل في امكانية اعادة فتح المرفق، وهو ما سيؤدي الى ازالة مصدر هام للغاز الاحتياطي أثناء الشتاء البارد، عندما تقل الإمدادات.
ويقول «ان قطر ليست وحدها مصدر قلق كبير، فهناك بعض الامور الأخرى التي تتراكم مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي ومشاكل مرفق روغ للتخزين التي يمكن أن يزيد من تأثر بريطانيا سلبا في المستقبل».
ويأتي حوالي 17 %من امدادات الغاز في المملكة المتحدة من الغاز الطبيعي المسال، وقطر هي أكبر مصدر لهذه الامدادات. وهناك38 % أخرى يتم نقلها من النرويج وأوروبا.
وتقدر الشبكة الوطنية، التي تعمل بنظام نقل الغاز في بريطانيا، أنه بحلول عام 2030 سيتم استيراد أكثر من %60 من الغاز في المملكة المتحدة.
يقول كين كرونين، الرئيس التنفيذي للنفط والغاز في المملكة المتحدة، الذي يمثل صناعة النفط الصخري في المملكة المتحدة، إن التوترات السياسية في قطر أظهرت لماذا تحتاج بريطانيا الى «العمل بشكل عاجل على تطوير موارد الغاز الواسعة الموجودة تحت أقدامنا».
وتشير الدراسات الجيولوجية الى ان بريطانيا لديها كميات كبيرة من الغاز الموجود في خزانات «ضيقة» مماثلة لتلك التي تم فتحها عن طريق التكسير في الولايات المتحدة. وقد دعمت الحكومات الأخيرة التكسير، لكن التقدم كان بطيئا بسبب عقبات التخطيط والمعارضة المحلية.
وشكل الغاز أكثر من 42 %من الكهرباء المولدة في بريطانيا في العام الماضي، وتزايدت النسبة في الوقت الذي يتم فيه التخلص التدريجي من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم.
سجل الانتاج من مزارع الرياح والألواح الشمسية هذا العام توسعا سريعا في الطاقة المتجددة، والتي شكلت لأول مرة أكثر من نصف ما تم توليده من طاقة كهربائية في المملكة المتحدة خلال جزء من يوم الأربعاء في الأسبوع الماضي.
لكن زيادة مصادر الطاقة المتجددة تزيد فقط من أهمية الغاز بالنسبة لأمن الطاقة، بسبب الحاجة الى الغاز لسد الفجوة عندما لا تهب الرياح أو لا تكون الشمس مشرقة.
ومنذ تصاعد النزاع في الأسبوع الماضي، استمرت صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال الى حد كبير على الرغم من العقبات اللوجستية التي فرضها الحظر على السفن القطرية المرتبطة بالموانئ المجاورة.
ويقول رئيس استشارات الغاز الطبيعي المسال العالمية في مجموعة وود ماكنزي لأبحاث الطاقة، فرانك هاريس: إنه حتى لو زادت الاضطرابات، فإن تأثر المملكة المتحدة سيكون محدودا، مضيفاً: «لا يوجد خطر كبير لإمكانية حدوث نقص في الغاز في المملكة المتحدة من دون انقطاع متعدد يحدث في وقت واحد».
وتقول وود ماكنزي إن واردات الغاز الطبيعي المسال إلى بريطانيا انخفضت أكثر من النصف منذ عام 2011 إلى 7.2 ملايين طن في العام الماضي، ويرجع ذلك جزئيا إلى زيادة الطلب من آسيا. وحتى هذا العام، لم تستورد بريطانيا سوى 2.2 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال القطري.
ولدى بريطانيا مصادر أخرى للغاز الطبيعي المسال، تلجأ اليها اذا تعثّرت الامدادات القطرية. فعلى سبيل المثال، حول ارتفاع انتاج الغاز الصخري الولايات المتحدة إلى دولة مصدرة، ورست أولى شحنتين من الغاز الطبيعي المسال الأميركي إلى شمال غرب أوروبا في هولندا وبولندا الأسبوع الماضي.
ومن المتوقع أيضا أن تزداد الإمدادات العالمية من الغاز الطبيعي المسال بما يقرب من %50 بين عامي 2015 و2020 بسبب ارتفاع الناتج من الولايات المتحدة وأستراليا. «هناك كثير من الغاز المتاحة»، وفق هاريس.
ومع ذلك، فان تجار الغاز في المملكة المتحدة يراقبون الوضع الدبلوماسي عن كثب. وكانت أسعار النفط ارتفعت بشكل طفيف الجمعة، بعد أن غيرت ناقلتان للغاز الطبيعي المسال من قطر مسارهما فجأة عند الإبحار باتجاه البحر الأحمر. وتقول مصادر في صناعة الشحن إن الناقلتين المفيار والزرقا ربما لا تزالان متجهتين إلى أوروبا، لكن قد تختاران تجنّب قناة السويس المصرية، والإبحار بدلا من ذلك حول الطرف الجنوبي من أفريقيا.
ويقول المحللون إن الوصول إلى قناة السويس تحكمه معاهدة دولية، وينبغي ألا تكون مصر قادرة على منع السفن، لكن يمكنها أن تزيد التكاليف عليهم.
ويضيف محللون في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة «يمكن لمصر أن تخفض من خصم رسوم القناة المقدم إلى ناقلات الغاز الطبيعي المسال، مما يجعل النقل العابر أكثر تكلفة بالنسبة إلى ناقلات الغاز الطبيعي المسال القطرية ويقلل من القدرة التنافسية للغاز الطبيعي المسال القطري في السوق الأوروبية». (فايننشال تايمز)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى