المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

البنوك لا ترغب بالودائع الحكومية… كالسابق!

 
كشفت مصادر مصرفية لـ «الراي» أن الطلب المصرفي على استقطاب ودائع جديدة وعلى رأسها، أموال الجهات والمؤسسات الحكومية، سجل تراجعاً في الأشهر الأخيرة من العام الماضي، مقارنة بما كانت عليه خلال الفترة ذاتها من العام 2015، مشيرة إلى أن تراجع الزخم على الودائع أدى إلى تذبذب أسعار الفائدة المقدمة على ودائع العملا.

ورغم أن بنك الكويت المركزي أقرّ منتصف الشهر الماضي، زيادة أسعار الخصم على القروض ربع نقطة، ليصل إلى 2.5 في المئة، تماشيا مع قرار «الفيديرالي الأميركي» برفع الفائدة الاميركية، إلا أن تأثير ذلك لم يظهر بمعدل مماثل في منحنى أسعار فائدة الودائع الجديدة، في حين ظلت أسعار الفائدة على الجزء الأكبر من ودائع العملاء خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي دون تغيير تقريبا.

وبينت المصادر أن منسوب السيولة المرتفع لدى البنوك يعد أكثر من مناسب لدعم خططها في تقديم الائتمان بالوقت الراهن، مبينة أن هذه السيولة باتت المحرك الرئيس في تحديد أسعار الودائع.

وإذا كان لا يمكن القول، إن أسعار الفائدة على الودائع سجلت تراجعا ملموساً في الأشهر الماضية، إلا أن نشاط سوق الودائع في الأشهر الماضية أظهر انكساراً لحدة التنافس بين البنوك على طلبات الودائع الحكومية الجديدة، إلى الحدود التي اختفى معها زخم السباق إلى الودائع ذات الأسعار الاستثنائية، مثل التي جرى تسجيلها على ودائع بعض الجهات الحكومية في شهر ديسمبر من العام 2015، وفي مقدمتها على سبيل الاستدلال وديعة الهيئة العامة للصناعة، التي استدرجت عروضا مصرفية استثنائية على وديعة بقيمة 30 مليون دينار لأجل 6 أشهر من خلال أظرف مغلقة، تم تقديمها من قبل جميع البنوك بأسعار وصلت حينها إلى نحو 2.5 في المئة، علما بأن متوسط أسعار الفائدة المتداولة حالياً على الودائع ذات الآجال نفسها تصل إلى 17 في المئة، فيما تقارب أسعار ودائع الأشهر الثلاثة نحو 1.5 في المئة.

وفيما يظهر تقرير للبنك الوطني تراجع الودائع الحكومية في شهر أكتوبر الماضي بواقع 95 مليون دينار، محافظة رغم ذلك على قوة نموها عند 20 في المئة على أساس سنوي، ذكرت المصادر أن تراجع الطلب على الودائع الجديدة أدى إلى تراجع تكلفة البنوك لجذب الأموال الجديدة دون حاجة قياسا بالمسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي، حيث لوحظ تفادي جميع البنوك لأي رفع غير مستحق على تكلفة الاقتراض، والضغط على هامش الفائدة (NIM) في القطاع، وبالتالي على ربحية القطاع في فترة حرجة.

وأوضحت المصادر أنه لا يوجد أي ضغوطات في الوقت الحالي على أسعار الودائع، بفضل وضع السيولة المطمئن في البنوك، منوهة إلى أنه رغم تخلي أسعار الفائدة الحالية للودائع عن مستوياتها المسجلة بنهاية 2015، إلا أنها تعد معقولة قياساً بحجم الطلب المتراجع.

وأشارت المصادر إلى عدم وجود رغبة مصرفية قوية لدى العديد من البنوك في الاستحواذ على ودائع حكومية بأسعار استثنائية مثل السابق، بفضل تراجع الضغوطات التي كانت تواجهها على السيولة الموجودة لديها، في الأعوام الماضية، باستثناء بعض الطلبات، خصوصا ذات الآجال قصيرة، التي تنافس عليها بعض البنوك ضمن نطاق ضيق بغرض ترتيب سلم استحقاقاتها.

وأرجعت مصادر مصرفية انخفاض شهية البنوك على الودائع لعوامل عدة أبرزها الآتي:

1

معلوم أن البنوك شهدت ارتفاعاً في مستويات السيولة الموجودة لديها، وفوائضها طيلة العام الماضي، ما قاد إلى تراجع الطلب المصرفي على تكوين مستويات إضافية من السيولة.

2

تراجع تعاملات السيولة المتداولة في سوق ما بين البنوك المعروفة بـ (الانتربنك)، وتحديدا للآجال المتوسطة والطويلة، وظهر ذلك تحديداً في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، قياسا بالمتداولة في شهر أغسطس الماضي، حيث باتت طلبات «الانتربنك» مقتصرة على عمليات استثنائية لا تعكس وجود حاجة قوية لطلبات الودائع الجديدة، ما ادى إلى استقرار أسعار ودائع هذه السوق، وتراجعها في أحيان أخرى.

3

تراجع معدلات الأعمال وتباطؤ خطط الإقراض لدى المصارف، عمّق من قوة فوائض السيولة غير المستغل لديها، حيث سجل نمو الائتمان تباطؤاً خلال أكتوبر الماضي إلى 5.1 في المئة، وبالتالي فضلت البنوك الاكتفاء بما لديها من أموال، لتفادي رفع كلف غير ضرورية على أموال جديدة لا تستطيع امتصاصها في أدوات استثمارية جديدة.

4

السيولة المصرفية الموجودة كافية لتلبية الطلب على التمويلات الجديدة في الوقت الحالي، وكذلك المتوقع، وأن أي ودائع جديدة لن ترفع كثيراً من قدرة البنوك على التمويل بالقدر الذي تحمله من أعباء لجهة الكلفة غير المستحقة.

5

عملياً، لا تواجه البنوك ضغوطا على الودائع الموجودة لديها، والتي تتميز باستقرارها في ظل القاعدة القوية المكونة لديها من الأصول والمراكز المالية القوية، وأيضا بسبب خطط المؤسسات الحكومية التي تحقق فائدة مزدوجة من ودائعها في البنوك المحلية سواء لجهة توزيع المخاطر أو دعم الجهاز المصرفي المحلي بمعدلات مخاطر متدنية.

6

تبني البنوك حساباتها في تحديد حاجتها للودائع على معادلة تحديد منافع السيولة الإضافية وتكاليفها، مقابل قدرتها على تغطية الطلبات الائتمانية أو تحقيق الاستقرار في سلم استحقاقاتها، في وقت ترى فيه البنوك أن التمويلات الحكومية المرتقبة ستركز في الغالب على سحوبات الدولار، بعكس الدينار الذي تم سحب الجزء الأكبر من حصته المقررة في الدين السيادي، والمقدرة بملياري دينار، إضافة إلى 3 مليارات دولار من سوق الدين الخارجي.

7

سيولة القطاع المصرفي من الأصول السائلة الأساسية (التي تشمل النقود والودائع لدى بنك الكويت المركزي، إضافة إلى سندات البنك المركزي) تحسنت كثيراً وتواصل دعم مستوياتها الجيدة، إذ سجلت احتياطات البنوك السائلة في شهر أكتوبر الماضي ارتفاعاً بواقع 953 مليون دينار، لتصل إلى 5.7 مليار دينار أو 9.5 في المئة من إجمالي الأصول. وقد جاء الارتفاع في الودائع لأجل وسندات «المركزي»، وقد تزامن ذلك مع ارتفاع في الاحتياطات الأجنبية لـ «المركزي» لتصل إلى 9 مليارات دينار.

في المقابل، يمكن القول إن سبحة التمويلات الكبرى، والتي كان آخرها مشروع «الوقود البيئي» قد تستمر في الفترة المقبلة.

8

السيولة المحققة من بيع 66.7 في المئة من الشركة الكويتية للأغذية (أمريكانا) لشركة «اديبيتو» بنحو 711 مليون دينار عززت من كفاءة البنوك التي حصلت على نحو 700 مليون، ضمن برنامج السداد لمديونية المجموعة المالكة لـ «امريكانا». ومصرفياً، يمكن القول إن البنوك لا تراهن كثيراً على احتمال استمرار انخفاض اسعار الفائدة على الودائع لاسيما في ظل الانتعاش المسجل في سوق الكويت للأوراق المالية، وما يحمله من تنامي الاحتمالات حول تحفيز بعض المودعين من القطاع الخاص على سحب ودائعها من البنوك، وإعادة توجيهها إلى البورصة، إلا انها ايضا لا تعتقد بحدوث تغييرات ملموسة أقله في القريب على أسعار الودائع خصوصا الحكومية، والتي تمثل النسبة الكبرى من إجمالي رصيدها، كما ان الشريحة التي يستهويها نشاط البورصة ليس كبيراً.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى