المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

الترجمة.. كيف تتحول إلى مشروع ثقافي

قضيتان تشغل كل منهما جانبا من الحوار الثقافي المحتدم حول المعنى والجدوى، إحداهما ما يتعلق بالجوائز الأدبية التي شهدت في السنوات الأخيرة تناميا ملحوظا من حيث عددها وقيمتها، وثانيتهما قضية الترجمة خاصة في إطار نظام معولم، والرغبة المتصاعدة في إيجاد موطئ قدم للثقافة العربية في المحيط الغربي والعالمي، إضافة إلى القصور في حركة الترجمة التي تبدو أحيانا غير ممنهجة أو مقصورة على لغات بعينها وأشكال محددة من الإنتاج الإبداعي.

ترويج وحوار
في هذا الإطار جاءت الندوتان اللتان عقدتهما د. حنان الفياض ود. امتنان الصمادي من لجنة «جائزة الشيخ حمد للترجمة». ورغم أن الهدف الأساسي من جولة ممثلتي الجائزة هو الترويج لها من خلال لقاءات مع مؤسسات ثقافية وجهات إعلامية فان إحدى الندوتين، على الأقل، شهدت نقاشا يطال مدى فعالية الجوائز في تنشيط الحراك الثقافي، والتعريف بالثقافات بشكل متوازن لا يكتفي بنقل الثقافة الغربية إلى العربية، بل ينهض بمهمة التعريف والدعم للثقافة العربية في الأوساط العالمية،

تعاون ثقافي
الندوة الأولى استضافها مركز اللغات التابع لكلية الآداب في جامعة الكويت وقدمتها د. نورة المليفي تحت عنوان «الترجمة ودورها في التواصل الاعلامي.. جائزة الشيخ حمد للترجمة نموذجا». واعتبر راعي الفعالية الأستاذ الدكتور عبدالهادي العجمي، رئيس مركز اللغات والعميد المساعد بكلية الأداب، أن الفعالية تأتي في إطار التعاون الكويتي- القطري على الصعيد العلمي والأكاديمي.
واستعرضت الصمادي والفياض، اللتان تعملان في جامعة قطر، جهد جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في مد جسور التعاون بين الأكاديميين المشتغلين بالترجمة والجائزة، من خلال بيان رؤية الجائزة وفلسفتها وأهدافها في موسمها الرابع، ومناقشة لغات الدول الجديدة التي ستتضمنها الجائزة لهذا الموسم.

نشاط ملحوظ
أما الندوة الثانية، فأقيمت في مكتبة ميوز لاونج وجاءت بعنوان محاضرة «لغة أخرى.. دور الجوائز في ازدهار الحركة الثقافية»، وذلك من خلال الحديث عن دور «جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي». حاضر فيها كل من د. امتنان الصمادي ود. حنان الفياض، وقدم لها وادار الحوار الناقد والباحث فهد الهندال.
تحدث الهندال في البداية عن ما طرأ على حركة الترجمة من نشاط ملحوظ في الآونة الأخيرة، حيث شهدت المكتبات ودور النشر أعدادا متزايدة من الترجمات الأدبية والسير الذاتية والكتابات النقدية. وقال الهندال إن أهمية الترجمة تعود إلى كونها تمثل ذخيرة نظرية للباحث والناقد العربي، كما أشار إلى أن فكرة الجوائز الأدبية ليست بالجديدة، بل لها أمثلة قديمة في تاريخنا العربي كشكل من أشكال الدعم والرعاية للإبداع.

الأدب أم الأديب؟
من جهتها، استهلت د. امتنان الصمادي الحديث بطرح السؤال حول الجوائز الأدبية نفسها، وقيمتها وأهميتها، وما إذا كانت تهدف إلى الترويج لشخص الأديب، أم إلى ترويج العمل الأدبي نفسه؟. موضحة أن ثمة التباسات تحيط بموضوع الجوائز. وأشارت الصمادي إلى أن الجائزة المالية لا تكفي بحد ذاتها لتقدم الجائزة ثمارها، إذا كان الهدف هو تشجيع القراءة والتأثير في الحراك الثقافي. واقترحت على سبيل التمثيل، إضافة إلى الجائزة المادية، أن يطبع الكتاب الفائز بأعداد كبيرة على نفقة الجائزة وهو ما يحقق المنشود من الترويج للعمل الجيد، أو أن تقام ندوات وحلقات بحث لمناقشة العمل الفائز، وهو ما يسمح لجمهور واسع بالتعرف على قضايا الإبداع وقيمه وكيفية التعاطي معه.
ومن حيث التحكيم، أشارت الصمادي الى أن من المبرر أن يكون هناك اختلاف حول لجان التحكيم، حيث إن الأدب يعتمد في النهاية على الذائقة حتى لو توافرت بعض المعايير الأساسية. أما فيما يتعلق بجائزة الشيخ حمد للترجمة فإن الجائزة، باعتبارها متخصصة في الترجمة، تنصب على دقة الترجمة وليس على النص المترجم، ومن ثم فهي تحتكم إلى معايير أكثر دقة وعلمية.

شاهد تاريخي
وتناولت الصمادي أهمية الترجمة كرأس حربة في النهوض الثقافي، أسوة بما شهده التاريخ العربي الإسلامي من انفتاح في بداية النهوض الحضاري ابان الدولة الأموية وما بعدها، وكيف كان تقدير المترجمين يعكس اهتمام الدولة بتأسيس ثقافة الأمة على العلوم، وعلى احترام ثقافة الآخر. وفي ما يتعلق بجائزة الشيخ حمد للترجمة قالت الصمادي إن الجائزة وسعت مجالات الترجمة من حيث عدد اللغات، منبهة إلى أن الجائزة تعد جزءا من مشروع أكبر هو منتدى العلاقات العربية والدولية، الذي يعقد مؤتمرات تجمع باحثين من الجهتين يناقشون مشكلات الترجمة وقضاياها. وأكدت في نهاية كلمتها دور الترجمة في الحفاظ على الهوية، سواء أكانت هويتنا أو هوية الثقافات الأخرى.

دائرة أوسع
من جهة أخرى، قدمت د. حنان الفياض بعض ملامح الجائزة التي تأسست في عام 2015، بالتعاون مع منتدى العلاقات الدولية، كما تناولت مميزاتها، حيث أضافت إلى قوائمها لغات أخرى مثل التركية والأسبانية والفرنسية والعربية، واعتمدت توسيع فئاتها لتضم اللغات الشرقية مع لغة رئيسة في كل عام. وقالت الفياض إن الهدف من الجائزة هو تقدير المترجمين ودور النشر والمؤسسات على تميزها وإبداعها، وإغناء المكتبة العربية بأعمال مهمة من ثقافات العالم وآدابه وفنونه وعلومه، وإثراء التراث العالمي بإبداعات الثقافة العربية والإسلامية، والإسهام في رفع مستوى الترجمة في العالم العربي، وتقدير كل من أسهم في نشر ثقافة السلام أفرادا ومؤسسات. وأوضحت الفياض الفئات المالية للجائزة مع التنبيه الى أنها تنصب على العلوم الاجتماعية والإنسانية.

مداخلات

عقب كلمتي فياض والصمادي أدير نقاش مع الحضور، حيث تناول الفنان والمخرج المسرحي ناصر كرماني قضيتين؛ الأولى هي الاهتمام بالترجمة العكسية لنقل الآداب العربية إلى اللغات الأوروبية، مشيرا إلى ضعف الإقبال الغربي على الأدب العربي قياسا إلى آداب أخرى. وثانيا ضرورة التحول من فكرة الجائزة إلى المشروع الثقافي الشامل. كما كان لـ القبس مداخلة حول إشكاليات الترجمة إلى العربية من حيث توحيد المصطلح المترجم، وكذا حول طبيعة استقبال الغرب للأدب العربي بصورة مسيسة، وأهمية تصحيح هذا التناول ودور مؤسسة الجائزة في ذلك. كما تساءل الإعلامي الزميل عبدالله الفلاح عم إذا كانت هناك «محاذير» في اختيار النص المترجم خاصة إذا ما كان، وفق قوله، «كاشفا للمستور».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى