الساجدون.. في الملاعب!

أثار لاعب نادي الأهلي المصري «الهارب» الإيفواري سليمان كوليبالي لغطاً كبيراً بعد أن كشف في بيان أرسل نسخة منه إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» أن إدارة الفريق أجبرته على «السجود» بعد كل هدف، بالإضافة إلى تحفظها على جواز سفره ومعاملته بطريقة سيئة «بحسب قوله»، كذلك ذهب كوليبالي بعيداً باتهام زملائه في الفريق بعدم تمرير الكرة له، التهم جميعها كان من الممكن «التغاضي» عنها، ولكن موضوع «السجود» هو ما أثار مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر، وأعاد الكثيرون فتح هذا الملف، وهل هو جائز الحدوث شرعاً أم لا؟
ظاهرة «السجود في الملعب» اشتهر بها لاعبو المنتخب المصري في بطولة كأس القارات 2009، والتي أقيمت في جنوب أفريقيا، حيث قام اللاعبون بعد تسجيلهم للأهداف في مباراتي البرازيلي وإيطاليا بالسجود، وهو ما شد اهتمام وسائل الإعلام العالمية، وأبرزت تلك الصور، وأثير لغط حول أنها بمنزلة استخدام شعارات دينية، ولكن تم توضيح الأمر بأنه لا يتعدى كونه «شكراً لله» مثلما يفعل اللاعبون الآخرون من ديانات أخرى بشكر الله على طريقتهم، مثل ميسي وكاكا وآخرين.
رأي الفقهاء
اتفق نخبة من الفقهاء على تحريم السجود في الملعب، ومنهم الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو في هيئة كبار العلماء، وعضو المجمع الفقهي بمكة المكرمة، وعضو لجنة الإشراف على الدعاة في الحج، والذي قال في هذا الشأن: سجود الشكر لا يكون إلا عند تجدد نعمة أو دفع نقمة، ولعب الكرة غاية ما يقال عنه إنه مباح، وليس هو نعمة، فلا يشرع سجود الشكر له، واتفق في هذا الشأن أيضاً مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ،
والذي أشار إلى أن سجود الشكر يكون في حال تجدد النعمة أو دفع النقمة، فما أتصور أن في ذلك داعياً للسجود، فلا يوجد في ذلك منفعة، ولا أتصور أن هناك فائدة من وراء ذلك.
ووافقته في الرأي فتوى كبير المفتين في دبي الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد بأن «سجود لاعبي كرة القدم في الملاعب على صورته الحالية باطل، حيث لا تتوافر جميع الشروط الأساسية في هذا الشأن، وهي ستر العورة إلى الركبة واستقبال القبلة والطهارة».
رأي مخالف
ومثلما ظهرت حالات تبين حرمة السجود في الملاعب، فإن هناك أصواتاً أخرى «حللت» هذا الأمر، ومنهم رئيس جامعة الأزهر السابق الدكتور أحمد عمر هاشم الذي اعتبر أن «سجود اللاعبين لا يعد باطلاً أو حراماً إذا كان تعبيراً عن الخشوع لله»، مضيفاً «إذا كانت نية اللاعب هي الخشوع لله فليست بحرام».
ويرى بعض اللاعبين أن «السجود» هو رسالة إيجابية للجمهور أفضل من الرقص أو عمل حركات ترسل إشارات سلبية للمتابعين، مشيرين إلى أن الرياضة أصبحت «رسالة» تصل إلى جميع العالم من خلال شاشة التلفاز، ومثلما أثار منتخب الفراعنة التساؤلات حول سجودهم، فتلك رسائل قد تجعل بعض من يجهل تعاليم الإسلام السمحاء يبحث عنها عبر الشبكة العنكبوتية لمعرفة ماهيتها، مشيرين إلى أن لاعبين مثل الفرنسيين ريبيري وبوغبا عندما يذهبان إلى الحج ويقومان بنشر صورهما في مكة المكرمة يجعلان آلاف المتابعين يتساءلون عما يفعلونه، ويبحثون أيضاً وهي أمور محمودة تساهم بنشر رسالة الإسلام في مختلف أقطار العالم وبأقصر الطرق الممكنة، فاللاعب عادة يكون قدوة للكثيرين، وتصرفاته تحظى باهتمامهم.
أشهر الساجدين
ظاهرة السجود لم تقتصر على اللاعبين العرب فقط، بل تعدتهم إلى الجنسيات الأخرى، مثل المالي سيدو كيتا والفرنسي إيريك أبيدال اللذين لعبا لصفوف برشلونة الأسباني، كذلك التركي أردا توران الذي لعب لأتلتيكو مدريد وبرشلونة حالياً، كذلك الغاني محمد مونتاري الذي لعب لنادي ميلان الإيطالي، والفرنسيين سيسي وإبراهيم با اللذين لعبا سابقاً في صفوف نيوكاسل الإنكليزي، ويلقب المنتخب المصري بعد الحادثة الشهيرة في كأس القارات بمنتخب الساجدين نسبة لتلك الحادثة.
«الفيفا» متفهم
لا يمنع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» السجود في الملاعب، ويعتبره أمراً «مقبولاً»، ولا تدخل ضمن الشعارات الدينية والسياسية التي يفرض عليها «الفيفا» قيوداً وعقوبات مالية ضخمة.