المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

«الشال»: الشهادات المزوّرة فساد حكومي

تناول تقرير «الشال» قضية الشهادات الجامعية المزورة من جوانب اجتماعية وسياسية وتعليمية، محملاً الحكومة مسؤولية تفشي تلك الظاهرة، التي وصفها بـ«الآفة السرطانية». وبعد استعراض تاريخ وآثار تلك الشهادات، حذر من عدم التصدي لها، كون القضية مرتبطة بمستقبل الوطن، وفيها تخريب جيل كامل ممن يتلقى العلم أو الخبرة على أيدي المزورين.
ورأى أن النجاح يكمن في بناء قواعد جديدة صارمة للنظام التعليمي.

اعتبر تقرير «الشال» أن «الحكومة ليست معنية بجودة التعليم ولا بسلامته، منذ ثمانينات القرن الفائت، فسوق العمل وأجرها لا علاقة لهما بالحاجة أو الكفاءة، وإنما بالشهادة، حقيقية أو ضعيفة أو مزورة، والترقي في سلك الإدارة العامة يحتاج شهادة من نوع آخر، شهادة توصية من نافذ فقط».
وقال «الشال»: «بعد التحرير مباشرة، قامت الحكومة بما هو غير مسبوق في العالم، عندما قدمت خصماً تعليمياً مفاده، أدرس سنة وارتقي مرحلتين، أسوة بإعلانات بيع السلع. وفي لقاء منسوب لأحد المسؤولين، قبل أو بعد تلك الفترة، يذكر بأن احتجاجه وتهديده بالاستقالة إذا مررت موافقة على تعيين مدرسين في مؤسسة تعليمية عليا بشهادات من جامعات غير معترف بها، أسقطه أمر أحد كبار المسؤولين بالتسامح معهم، بدعوى أنهم أولادنا، بما يعني التسامح مع تخريب عقول من يعلمونهم.
واضاف: في نوفمبر 2015، في رد على سؤال للنائب فيصل الشايع، لديوان الخدمة المدنية، نشرت إحصائية مفادها أن نحو 5765 من العاملين في القطاع الحكومي حصلوا على شهاداتهم العلمية من دون أن يغادروا مكاتبهم خلال الفترة ما بين 1992و2014، ولا شك بأن مثلهم أو أكثر حصلوا عليها بتفرغ دراسي، ولكن من دون تعليم. وفي مايو 2016، نشرت جريدة القبس خبراً مفاده بأن أحدهم اعترف بتمكين 600 عميل من نيل شهادات مضروبة مقابل 5000 دينار كويتي للشهادة الواحدة.
وتابع الشال: بعد كل ذلك الحديث وتلك الوقائع، وعلى مدى أكثر من عقد من الزمن، لم يهتم أحد في التعليم العالي بمراجعة نظام الاعتماد الذي استطاع خلاله شخص واحد ـــ هكذا يقال ــ أن يعتمد بضع مئات من الشهادات المزورة على مدى 7 سنوات، ومَن كشفه جهاز المباحث.

نماذج النجاح.. والفشل
ورأى «الشال» أن التعليم هو أساس نهوض أو فشل أي دولة، سنغافورة وكوريا الجنوبية وفنلندا والصين أمثلة متعاقبة على النهوض بسبب جودة التعليم، ومصر والكويت للأسف أمثلة في الاتجاه المعاكس.
وقال: لقد تم التسامح والتهاون مع تلك الآفة، حتى أصبحت كبيرة ومنتشرة في أعلى المستويات، وبات حكمها حكم المؤسسات المالية الضخمة بعد أزمة 2008، كبيرة جداً ونافذة جداً، بما لا يمكن معه السماح بسقوطها، أو في حالات شهادات الكويت المزورة، سوف تصطدم بمقاومة شرسة حال الرغبة في كشف أبطالها. وليس هناك معنى لأي مشروع تنمية يملك فرصة في النجاح، سوى مع اجتثاث هذه الآفة السرطانية، وبدء بناء قواعد جديدة وصارمة للنظام التعليمي.
واضاف: نحن نعرف أن «المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية» وصل إلى خلاصة قريبة مما ذكرنا، متأخرة جداً، ولكن صحيحة، ويظل رأيه استشارياً، ومصير رؤيته حول التعليم لن يكون أفضل من مئات الاستشارات، التي تسلمتها الحكومة وأهملتها. ما هو على المحك، مصير ومستقبل وطن، يستشري الفساد في كل مكوناته، وتبقى أخطر مكوناته فساد صناعة الإنسان، والوضع الحالي، ليس فقط فيه تكاليف مالية وقرارات خاطئة من حاملي الشهادات المزورة، ولكن، فيه تخريب جيل كامل ممن يتلقى العلم أو الخبرة على أيديهم.
ولفت الشال إلى أنه «من تجارب الفساد السابقة والمعلنة، لا نشعر بتفاؤل بأن مواجهة فساد الشهادات، ومعها التعليم، ستذهب إلى نهايتها الصحيحة، وقد يتوقف العقاب عند وافد التعليم العالي أسوة بفراش البلدية وحارس الموانئ، وربما معه بعض أكباش فداء من غير المهمين».

ما دامت الاحتياطيات تضمن شراء الوقت
الإصلاح المالي والاقتصادي معطل

حلل «الشال» تقرير «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني للكويت. وقال: أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني في تصنيفها الائتماني الجيد للكويت عند +1-A/AA على المديين القصير والطويل للكويت، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهو أمر جيد كما ذكرنا مراراً، ولكنه تصنيف ائتماني لطمأنة الراغبين بإقراض أو التعامل مع الكويت من الأجانب.
واضاف: يذكر التقرير بأن النظرة المستقبلية المستقرة تعني أن موازين الكويت الخارجية ستبقى قوية على مدى السنتين القادمتين، تدعمها الأصول المالية الكبيرة، بما يسمح بموازنة مخاطر تقلبات أسعار النفط، والفشل في تنويع مصادر الدخل، وارتفاع سخونة المخاطر الجيوسياسية في الإقليم.
وأشار الشال إلى أن الوكالة تذكر بأنها قد تخفض تصنيفها إذا قادها تحليلها إلى فقدان مرونة الكويت النقدية، أو إذا ساءت الأحوال السياسية الداخلية، أو إذا زادت سخونة الأحداث الجيوسياسية في الإقليم. وقد ترفع من تصنيفها إن تحقق إصلاح سياسي داخلي يرتقي بتأثير مؤسسات الدولة، ويرتقي باحتمالات الإصلاح الاقتصادي على المدى الطويل، بما يحقق تنويع مصادر الدخل، رغم أن الوكالة لا تعتقد باحتمال تحقق مثل هذا السيناريو على المدى المنظور.
وأعرب «الشال» عن اعتقاده أن ما ذكرته الوكالة من أفضل ما كتب من مؤسسات تصنيف ائتماني، فهي، ومن دون مواربة، تنسب كل تصنيفها الجيد إلى حجم الأصول المالية الأجنبية، وتخاطب المتعاملين مالياً مع الكويت، ولا تقصد الداخل. وعند الحديث عن الداخل، تذكر ليس فقط غياب الإصلاح المالي والاقتصادي، ولكنها تذكر أن بداياته المتواضعة تم تأجيلها بعد أول ارتفاع لأسعار النفط. فالنفط، وبعد كل إعلانات الإصلاح، مازال يمثل %55 من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من %90 من صادرات الكويت، و%90 من إيرادات الموازنة العامة.
وأضاف الشال»: لا تتوقع الوكالة مستقبلاً مشرقاً لسوق النفط، فتوقعاتها المرتفعة نسبياً لمعدل سعر خام «برنت» في عام 2018، والبالغة 65 دولارا أميركيا، لن تصمد، وسوف يهبط ذلك المعدل إلى 60 دولارا أميركيا للبرميل في عام 2019، ثم إلى 55 دولارا للبرميل في عام 2020، لتعود الصعوبات المالية وتتزامن مع الصعوبات الاقتصادية. وتذكر الوكالة بأن بلوغ معدل أسعار النفط لعام 2017 مستوى 55 دولارا أميركيا للبرميل، أدى إلى تراجع نمو الناتج المحلي الكويتي بنسبة %-2.9. وتتوقع للموازنة العامة أن تحقق فائضاً إذا تم احتساب دخل النفط ودخل الاستثمارات ضمن الإيرادات العامة، وذلك خطأ مهني، وتتوقع لفائض الحساب الجاري أن يهبط من مستوى %9.6 من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2018، إلى %6.2 و%3.1 و%2.5 للسنوات 2019 و2020 و2021 على التوالي.
وخلص الشال إلى أن «استدامة المالية العامة واستدامة الاقتصاد، ومعه الاستقرار السياسي، مازال رهن شبه كامل بتطورات سوق النفط، وعلى المقرض الأجنبي أن يطمئن في حدود المدى الزمني لقرضه على إمكانات سداد الكويت أو إجبارها على السداد. ولكن الإصلاح المالي، والإصلاح الاقتصادي معطل مادامت الاحتياطيات المالية تضمن شراء الوقت للإدارة المالية والاقتصادية في البلد، فالسياسات الاستباقية الحصيفة ما زالت مجرد يافطات».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى