المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

العالم الافتراضي “أفيون” العراقيين

بقلم: إياد الإمارة

بطبيعة الحال وعلى طريقة العادة العراقية المزمنة لا تتوفر لدينا معلومات كافية أو تصورات مناسبة أو إحصائيات عن:

١. عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.

٢. عدد الساعات -او معدلها- التي ينشغل بها العراقيون أمام مواقع التواصل الاجتماعي.

٣. ما هي أهم المواقع التي يستخدمها العراقيون في تواصلهم الذي لم يعد اجتماعيا فقط.

٤. ما هي مديات التأثر بما يتم تداوله في هذه المواقع..

٥. ما هي القدرات والامكانات المتاحة لمواجهة الاختراقات الحاصلة في هذه المواقع، والتصدي لحرب الشائعات الشعواء عبرها..

انا اعتقد جازما أن مثل هذه الاحصائيات غير متوفرة لدى اي مؤسسة من مؤسسات الدولة العراقية او في مراكز القرار الديني او السياسي وبذلك تضيع عليها فرصة قراءة الواقع كما ينبغي ورصد تحدياته وما هي الطرق الناجعة لمواجهتها وكل ما لدينا هو ردود فعل عشوائية لا تمثل حلا..

لقد تطرقت خطب المرجعية عبر منبر كربلاء المقدسة إلى هذا الموضوع تطرقا خجولا لا يتناسب وحجم القضية وكان تطرقا يندرج ضمن حالات رد الفعل غير المدروسة بعد أن توالت هجمات شرسة على مقام المرجعية المقدس وعلى القريبين من هذا المقام عبر مواقع التواصل الاجتماعي فخرجت علينا رد فعل سرعان ما تلاشت على الرغم من أن الهجمة لا تزال مستمرة وبقوة.

ليس هذا فحسب بل إن هذه المواقع التي اشير إليها بالعالم الافتراضي اصبحت جزء هام من حياة الناس اليومية في البيت والعمل وأماكن التواصل الواقعية، فإننا نجد سيدة المنزل لا تتحرك في البيت الا والمحمول محولا بيدها تتواصل “اجتماعيا” وهي تؤدي أعمال المنزل والحال نفسها في جميع مواقع العمل، إذ يحرص العاملون على الاشتراك بجهاز يؤمن لهم التواصل عبر الإنترنت على حسابهم الشخصي غير عابئين بالعمل الرسمي المكلفين به!

المدارس والجامعات والكافيهات كلها منشغلة بالتواصل الافتراضي.. يغضبون ويتصالحون عبره ينفعلون ويتفاعلون سلبا وإيجابا معه، وعبارة “منورين” تعد الاكثر استخداما عبر هذا العالم الذي اخذ يسحر عقول الجميع..

انت ترى أن الناس من حولنا هم أقرب ما يكونوا إلى حالة السكر بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، والمسكر الذي يتناولونه هو مواقع التواصل الاجتماعي الافتراضي..

انشغلنا عن أمور ديننا وأهم ما يشغلنا في هذا الجانب هو المناكثات الهابطة عبر العالم الافتراضي “ابو المواقع”..

انشغلنا عن القراءة التي تكاد تنقرض في هذا البلد الذي اوهمنا سابقا بأنه أكثر شعوب المنطقة قراءة والحقيقة غير ذلك تماما.. انشغلنا عن متابعة شؤوننا العامة والخاصة واصبحنا ببغاوات تردد ما يتردد على صفحات التواصل بلا تدقيق ولا تثبت ننقل الشيء على عواهنه بحجة انه منشور عبر المواقع الافتراضية الاجتماعية..

انشغلنا عن اسرنا وتربيتها بالشكل المطلوب واصبح عالم المواقع الافتراضي هو المحرك الأساس في نظام وطريقة التربية.. ومع شديد الأسف لا يبدو أن الأمر سيخضع للترشيد خلال هذه المرحلة والمرحلة القادمة بقدر ما سيخضع إلى مزيد من الانحدار والتشتت والتشرذم والله حسبنا ونعم الوكيل..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى