المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

الممارسات القيادية وفايروس كورونا

 

بقلم : تركي آل حارث

بلا شك أن حالة العالم حالياً مع فايروس كورونا هي فترة مناسبة لنميّز القادة الحقيقيين من القادة الوهميين، وهناك حالات كثيرة نستطيع من خلالها النظر في الممارسات القيادية بوضوح.
اتخاذ الصين قراراً بالحجر الصحي -والذي أثّر على اقتصادها- جاء بعد متابعات مستمرة ونظرةٍ للمصالح العامة والخاصة وإدارة للأزمات بشكل متميز. وتأتي المملكة العربية السعودية في المركز الأول عربياً في الاجراءات الاحترازية للأزمات، ولذلك نجد الشعب يده بيد قيادتنا الحكيمة من أجل الحفاظ على المكتسبات والنظر في احتياجات المرحلة مع السعي الدؤوب للوصول إلى رؤية 2030 بنجاح لرؤية طموحة بقيادة متميزة وشعبٍ واعٍ.
وجود لجنة متابعة لمستجدات الوضع داخل وخارج المملكة والانتباه لكل التفاصيل بنظرة تحليلة واهتمام بالتفاصيل لهو أدلّ دليل على قدرة دولتنا بقيادتها الرشيدة على إدارة الأزمات باحترافية، ونحن على مشارف شهر رمضان واستعداداً لاستقبال قمة العشرين وتحقيق أهداف برنامج التحول الوطني 2020 نعي أننا لا يجب أن نخسر كل هذه المكتسبات وتخويف الآخرين وتحقيق مصالح دولٍ لا تريد لنا خيراً عبر هذا التخويف. وعي القيادات لدينا بأن أي قرارات غير فاعلة ستؤثر سلباً على جميع ما بنيناه وما سنحققه للوصول للرؤية بنجاح، دون المخاطرة بأرواح المواطنين ودون خسارات غير مبررة.
المعابر البرية والمدارس ليست وليدة اللحظة، ولا يمكن اتخاذ قرار إيقاف الدخول للأفراد من المعابر البرية للدول المحيطة التي لم تستطع السيطرة على الحالات لديها من أول لحظة. كان يستلزم الأمر البدء بممارسات أساسية لتوفير الحماية بشكل لا يؤثر على الناس ومن بعد ذلك وبناءً على دراسة المعطيات وعدم التمكن من السيطرة بشكل كلي تم اتخاذ قرار إيقاف المعابر. أما المدارس فلا يمكن إيقاف 6 مليون طالباً تقريباً لمجرد أن البعض يبني قراراته على الخوف، هناك خطوات أولى يجب أن تتم أولاً حتى لا نخسر دون مبرر.
نرى أن هناك عديداً من الفعاليات لا تزال قائمة وفعالياتٍ لم يتم إيقافها كلياً وهناك فعاليات تم إيقافها، ولم يتم إيقاف الحضور للأعمال والاجتماعات العادية مع محاولات تقليل التجمعات الكبيرة جداً لتصبح في أضيقها مع عدم الأمر – حتى حينه – بوقفها جميعا أو إقامة الحجر الصحي لأن هناك مصالحاً أخرى لا تزال هي الأولوية ولا يمكن تعطيل مصلحة بلد بسبب خوف البعض.
حتى إغلاق الدخول والخروج من القطيف لو نظرنا إلى صياغة الخبر سنجد المبررات المنطقية والاحتياطات الأخرى التي تولي الأهمية للجميع مع النظر في احتياجاتهم لهي أدلّ دليل أن منظومة قرارات القيادة الفاعلة لا تأتي رداً على حدث بقدر ما تأتي بناءً على النظر في جميع المعطيات.
إن القائد الناجح هو من يعي احتياجات كل مرحلة مع حفاظه على مكتسباته ورؤيته التي يسعى للوصول لها بوعيٍ تام لاحتياجات الآخرين، يقول الله تعالى (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) وفيها درسٌ عظيمٌ لكل الذين يطمحون لأن يكونوا قادة متميزين بأن لا يتسرعوا بنشر الخوف والهلع وأن يعوا بأن القيادة الحكيمة تستلزم إعطاء كل شيءٍ حقه الصحيح، وفي حالاتنا فالأسلم متابعة الجهات الرسمية والتنبيهات التي تصدر منها وفهم الواقع بنظر قائد متمكن والمساهمة في نجاح المسيرة لا في تعطيلها.
تعي قياداتنا ونعي أنه قد يأتي وقت نحتاج فيه لإيقاف تامٍ للمدارس وكثير من الأمور، ونحن مع حكومتنا في ما تتخذه من إجراءات من غير أن نثير الكلام المثبط أو ما يزيد الاحتقان أو الخوف والهلع خاصة مع وجود دلائل على تمكّن متميز في احتواء الأزمة إضافة لبوادر وجود علاج وأن نسب الشفاء من المرض تزيد عن 50%. كل التعليمات حتى حينه تشير إلى عدم نشر الذعر والتنبيه على غسل اليدين وغيرها من الأمور الهامة التي ترونها منشورة في حسابات الجهات الرسمية.
القيادة ليست كلماتٍ تُنشر ولا مقالات تُسطّر ولا مكتسبات مؤقتة وهمية، القيادة عبارة عن ممارسات تحقق النتائج بشكل أفضل وأكثر فاعلية، وممارساتك وطريقة تعاملك تدل بلا شك على حقيقتك القيادية، فهل نمارس القيادة حقيقة أم ادعاءات ؟

تركي آل الحارث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى