المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

«الوطني»: أداء الأسهم العالمية يفوق التوقعات

أصدر بنك الكويت الوطني تقريراً عن الاقتصاد الدولي أكد فيه أن آلان غرينسبان يحذّر من فقاعة في سوق السندات، ولكن الأسواق تبقى غير مبالية، وقال التقرير: يشهد الاقتصاد العالمي حالياً استقراراً في وتيرة نموه فيما يستمر مجلس الاحتياطي الفدرالي في تطبيق سياسة التشديد. كما تستعد البنوك المركزية الأخرى أيضاً لاتخاذ تحركات مماثلة، ولكن بعد فترة ليست بقريبة. وفي ما يخص أسواق النفط، تعمل منظمة أوبك جاهدة لتحقيق توازن في الأسواق، بينما تظهر على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوادر واضحة من التخبّط. وفي ظل تلك التطورات، تظهر التساؤلات حول ردة فعل الأسواق، إذ يبدو لحسن الحظ أنها تستجيب لتلك التطورات بشكل جيد جداً. إذ واصلت أسواق الأسهم ارتفاعها في يوليو، وكانت الوحيدة بين أسواق الأصول التي جاء أداؤها مواكباً للتوقعات. وقد سجّلت أسواق الأسهم الأميركية ارتفاعات تاريخية (تجاوز مؤشر داو جونز 22.000 نقطة) نتيجة قوة أرباح الشركات وثبات معدل نمو الاقتصاد والتضييق التدريجي من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي، بالإضافة إلى التقليل من الضوابط وإصلاح محتمل في الضرائب.
وشهدت أسواق الأسهم الأوروبية والناشئة ارتفاعات مماثلة، إذ لا يزال الاقتصاد الأميركي محرّكاً أساسياً للاقتصاد العالمي، وجزءاً مهماً لا يتجزأ من سَير وتيرة النمو لجميع الاقتصادات الضخمة التي يبدو أنها تسير في اتجاه مماثل نحو الاعتدال أو الاستقرار. وقد اقترب نمو اقتصاد منطقة اليورو من نمو الاقتصاد الأميركي في العام الماضي للمرة لأولى منذ عام 2011 (نمو منطقة اليورو %1.7 مقابل نمو أميركي %1.5).كما شهد نموهما تقارباً شديداً في النصف الأول من 2017 عند مستوى %2.0.
وتوقع صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر حديثاً لشهر يوليو بشأن توقعات الاقتصاد العالمي حفاظ النمو العالمي على مستوى %3.5 و%3.6 في 2017 و2018 على التوالي. كما خفّض صندوق النقد في تقريره نمو الاقتصاد الأميركي (%2.1، %2.1) بينما رفع نمو الاقتصاد الأوروبي (%1.9، %1.7) ونمو الاقتصاد الصيني (%6.7، %6.4).
جاء أداء الأسهم هذا العام جيداً بصورة فاقت التوقعات. فقد ارتفعت الأسهم الأميركية بنسبة تجاوزت %10 منذ بداية السنة المالية (مؤشر أس أندبي 500)، كما ارتفعت الأسهم الأوروبية بواقع %5 بالعملة المحلية (اليورو وبنسبة أعلى بكثير بالدولار الأميركي). وارتفعت الأسهم في الأسواق الناشئة بواقع %23 منذ بداية السنة المالية (مؤشر أم أس سي أي للأسواق الناشئة)، بينما تراجعت أسواق الأسهم الخليجية في النصف الأول من عام 2017 (مؤشر أم أس سي أي لأسواق دول مجلس التعاون الخليجي %0.6+).
ومن جانب آخر، لم يخل هذا العام من بعض المفاجآت، التي ساهمت في زيادة الانتعاش في الثقة وفي أداء الأسهم، كتراجع التضخم الذي يعني أن مجلس الاحتياطي الفدرالي ليس بحاجة لاتخاذ سياسة متشددة في ما يخص رفع الأسعار، وأن بإمكان البنك الأوروبي المركزي المماطلة في تشديد سياساته المالية، بالإضافة إلى إزاحة بعض الضغوطات عن بنك إنكلترا المركزي، واستمرار حاجة بنك اليابان المركزي إلى ضخ السيولة من دون توقف.
استمر الانخفاض في أسعار الفائدة وتوفر السيولة في دعم انتعاش الأسهم. إذ تيسرت الأوضاع المالية وفقاً لبعض المقاييس، حتى في أميركا في ظل رفع الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي. حيث تراجعت العوائد على أوراق الخزينة الأميركية لفترة العشر سنوات، بواقع 20 نقطة أساس خلال العام (حينما رفع مجلس الاحتياطي أسعار الفائدة). وتراجع الدولار بنحو أكثر من %10 مقابل اليورو وغيره من العملات. تجدر الإشارة إلى أن هذه التطورات تتشابه إلى حد ما والغموض الذي أحاط موضوع السندات في عام 2005، عندما كان مجلس الاحتياطي تحت رئاسة آلان غرينسبان، وبالأخص حينما تراجعت كل من العوائد على السندات الطويلة الأجل والدولار بينما ارتفعت الأسهم، في الوقت الذي اتخذ مجلس الاحتياطي فيه سياسة متشددة. ويعزى ذلك جزئياً إلى عملية شراء ضخمة لأوراق الخزينة الأميركية من قبل الصين. وقد رفع مجلس الاحتياطي الفائدة على الأموال الفدرالية بواقع 425 نقطة أساس خلال الفترة من عام 2004 حتى 2006، إلا أن العوائد علىأوراق الخزينة الأميركية لفترة العشر سنوات لم ترتفع بأكثر من 30 نقطة أساس.
وبالحديث عن آلان غرينسبان فقد ظهر مؤخراً، ليحذّر من حدوث فقاعة في السندات بدلاً من فقاعة الأسهم لتشغل حديث الأسواق حالياً. إذ أعرب غرينسبان عن قلقه من أن الارتفاع المستمر في الفائدة (أو نهاية فقاعة في السندات) قد يؤثر في أسواق الأسهم. ولم يحدد غريسنبان الوقت الذي قد يظهر فيه ذلك، ولكنه حذّر بشأن حدوث ذلك بصورة تصاعدية سريعة، كما هو معروف عن الأسواق والفقاعات.
ولكن تلك التحذيرات ليست بجديدة على الأسواق، فقد استمرت بالظهور حول الأسهم والسندات على السواء، وما زالت، وذلك منذ عام 2008. صحيح أن أسعار الفائدة بلغت أقل مستوياتها وأنها ساهمت باستبعاد ارتفاع التضخم، إلا أن حدوث ما يحذّر منه غرينسبان غير محتمل ومستبعد على المدى المتوسط.
وقد ساهمت البنوك المركزية من خلال شرائها بكثرة للسندات في دعم أسواق السندات عالمياً، وانخفاض الفائدة بصورة كبيرة. ويستعد مجلس الاحتياطي حالياً لبيع بعض أصوله في سبتمبر المقبل على الأرجح، ولكن بصورة بطيئة مبدئياً، بينما يستمر البنك الأوروبي المركزي وبنك اليابان المركزي بالقيام بعمليات الشراء، حيث يبدو أن تحذيرات غرينسبان سابقة لأوانها في ظل بدء جميع البنوك المركزية الرئيسية في عمليات البيع بالوقت نفسه وبمبالغ ضخمة، لا سيما حين الأخذ بعين الاعتبار أن البنوك المركزية لطالما كانت (منذ عام 2008) شديدة الحذر في تحركاتها. إذ لطالما أرفقت البنوك المركزية مع تصريحاتها بشأن أي تحرك للتضييق النقدي عبارات تؤكد أنه قد تتراجع في حال كانت لها نتائج غير مرغوبة.
وطرأت بعض المفاجآت، أيضاً، في ما يخص الدولار وأسعار النفط، اللذين ساهما أيضاً في انتعاش الأسهم. فقد شهد الدولار وأسعار النفط تراجعاً بصورة على عكس ما أجمعت عليه التوقعات، مما ساهم في زيادة إنعاش الثقة في أسواق الأسهم، حيث يمثل الدولار مصدّاً جيداً للصادرات الأميركية والشركات التي تمتلك معظمها أشغالاً في الخارج. كما ينظر إلى الدولار، أيضاً، على أنه يساهم في حماية الأسواق الناشئة من التدفقات الخارجية. أما في ما يخص تراجع أسعار النفط في النصف الأول من 2017، فإنه قد ساهم في دعم التراجع في التضخم (تراجع الفائدة) ودعم نمو الواردات النفطية.
يبدو حتى الآن أن العوامل التي طرأت مؤخراً، سواء المتوقع منها أو غير المتوقع، قد جاءت في مصلحة أسواق الأسهم بشكل كبير، وساهمت في دعم استقرار أسعار الفائدة، على الأقل في ما يتعلّق بالأوراق الطويلة الأجل. وقد لوّح مجلس الاحتياطي الفدرالي مؤخراً بالبدء بالتخفيف من ميزانيته العمومية الضخمة في سبتمبر، مبدئياً بواقع 10 مليارات دولار على أساس شهري، ومن ثم على أساس ربع سنوي، مما يعني أن الميزانية التي تقدر حالياً بنحو 4.3 تريليونات دولار ستتراجع على مدى ثلاث سنوات إلى 2.9 تريليون دولار، وستبقى رغم ذلك أكبر من مستواها قبل الأزمة المالية في عام 2008 بثلاثة أضعاف. ولا يزال البنك الأوروبي المركزي يقوم بعمليات شراء مع التلويح بأنه قد يبطئ وتيرة الشراء في العام القادم (حالياً 60 مليار يورو شهرياً). ولا توجد أي مؤشرات إلى أن بنك اليابان المركزي يعتزم إنهاء عمليات الشراء للسندات الحكومية، مما يعني أن تحذير غرينسبان ليس بالأمر البعيد، ولكن لن تستجيب الأسواق لتلك التحذيرات إلا عندما تظهر الضغوط التضخمية في البيانات أو عندما تقوم البنوك المركزية ببيع أصولها بكميات كبيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى