المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

«الوطني»: مخاطر تعرقل نشاط إصدارات الدين الخليجية

أشار تقرير لبنك الكويت الوطني إلى تباين عائدات أدوات الدين العالمية والخليجية خلال الربع الثاني من عام 2017، وذلك على خلفية تفاعل الأسواق مع آفاق اقتصادية أكثر تفاؤلاً، وتراجع معدلات التضخم اضافة إلى المخاطر الجيوسياسية. وقال التقرير: كانت الإصدارات الخليجية قوية إلى حد ما، ولكنها أبطأ قليلاً مقارنة بالربع الأول من عام 2017، وجاءت الإصدارات السيادية في الصدارة. وانفردت كل من السعودية وعمان بإصدار أدوات دين عالمية، في حين أدى الخلاف الحالي مع قطر إلى رفع معدلات المخاطر في المنطقة، مع وضع بعض الضغوط على السيولة القطرية. ومن المتوقع أن يكون نشاط سوق الدين الرئيسي جيداً خلال النصف الثاني من عام 2017.
وتم تداول العوائد العالمية الأساسية ضمن نطاق محدود تراوح ما بين 28 ــــ 355 نقطة أساس خلال الربع الثاني من عام 2017، حيث وازن المستثمرون الضبابية الجيوسياسية وفتور التوقعات المتعلقة بالتضخم مقابل خلفية أكثر إيجابية للاقتصاد العالمي. وبصفة عامة، اتخذت العائدات اتجاهاً تراجعياً خلال معظم الربع الثاني من عام 2017، وإن كانت قد شهدت ارتفاعين على الرغم من ذلك: أولهما في منتصف مايو، وذلك على خلفية بيانات اقتصادية قوية، ومرة أخرى مع نهاية الربع، نظراً للتصريحات المتشددة الصادرة عن البنوك المركزية الدولية (البنك المركزي الأوروبي، وبنك إنكلترا المركزي، وبنك الصين المركزي). وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات خلال الربع الثاني من عام 2017، وانتهت تلك الفترة على تراجع بواقع 9 نقاط أساس عند معدل %2.35، على الرغم من قيام الاحتياطي الفدرالي برفع سعر الفائدة في يونيو. وقد برزت الضغوط التراجعية، نظراً لتراوح البيانات الاقتصادية ما بين الضعف والاعتدال، ونظراً لقلة التقدم في تطبيق إصلاحات المجال الصحي والضريبي، ونظراً للإشكالات السياسية والإعلامية المحيطة في البيت الأبيض. وقد أدى ذلك إلى ترسيخ الشكوك المحيطة بزخم التضخم في المستقبل والسياسات الحكومية الداعمة للنمو على المدى القصير. وشهدت عوائد أدوات الدين الأميركية أكبر تراجع يومي منذ عام تقريباً (11 نقطة أساس) في 17 مايو الماضي، عندما ترددت أنباء عن تدخل الرئيس ترامب في تحقيق مكتب التحقيقات الفدرالي.
وارتفعت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بواقع 144 نقطة أساس خلال الربع الثاني من عام 2017، وبلغت %0.47 في أعقاب الانتخابات الفرنسية والتصريحات المتشددة للبنك المركزي الأوروبي. وقد نتج عن انتخاب إيمانويل ماكرون رئيساً لفرنسا قيام المستثمرين بالتخلي عن استثماراتهم القليلة المخاطرة خلال الربع الثاني من عام 2017، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع عائدات السندات الألمانية لأجل عشر سنوات. إلا أن صدور بيانات تضخم أضعف مما كان متوقعاً، في مصلحة عدم اتخاذ البنك المركزي الأوروبي لأي خطوات جديدة خلال الاجتماعات المنعقدة في الربع الثاني من عام 2017، قد أدى إلى الحد من ارتفاع العوائد والضغط على انخفاضها. وارتفعت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات لاحقاً، وسجّلت أعلى معدلاتها منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقفزت بواقع 10 نقاط أساس في 27 يونيو بعد تصريحات رئيس البنك المركزي الأوروبي دراغي. وقد فسّرت الأسواق تعليقاته على أنها متشددة بشكل مفاجئ، وتم تأكيد ذلك لاحقاً فيما نشهده حالياً من تغيرات في لهجة الآفاق المستقبلية للبنك المركزي الأوروبي.
كما ارتفعت عوائد أدوات الدين القطرية والعمانية على خلفية ارتفاع المخاطر الجيوسياسية بالنسبة لقطر، إضافة إلى المخاطر المالية لعمان. في حين سجّلت عوائد أدوات الدين السيادية الخليجية للدول الأخرى تراجعاً أو تغيراً هامشياً، حيث إنها حذت حذو سندات الخزانة الأميركية.
وأدى النزاع القطري مع دول الجوار إلى ارتفاع عوائد السندات السيادية القطرية المستحقة في 2021، متخطية %3، وأنهت الربع الثاني من عام 2017 عند مستوى %3.12، مرتفعة بواقع 45 نقطة أساس. كما أدت مقاطعة قطر إلى قيام وكالة موديز بمراجعة نظرتها المستقبلية للتصنيف السيادي لقطر وتخفيضها إلى «سلبية».
وقامت وكالة ستاندرد آند بورز بتخفيض التصنيف السيادي لسلطنة عمان إلى ما دون الدرجة الاستثمارية نتيجة لضعف الاحتياطيات المالية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع عوائد السندات العمانية المستحقة في 2021 بواقع 40 نقطة أساس خلال الربع الثاني من عام 2017. حيث تأثرت عمان بتراجع أسعار النفط خلال تلك الفترة مع ارتفاع مستوى العجز المالي في الوقت ذاته.
وتحوّل موقف البنك المركزي الأوروبي وبنك إنكلترا المركزي إلى التشدد بعد اعتماد نبرة تيسيرية في تصريحاتهما السابقة، إذ ساندت التصريحات التيسيرية للبنك الأوروبي المركزي في الربع الثاني من عام 2017  بيانات تضخم أضعف مما كان متوقعاً، والتي جاءت متناقضة مع المستويات التاريخية لمؤشرات مديري المشتريات والنمو الجيد للناتج المحلي الإجمالي. إلا أن تصريحات البنك الأوروبي المركزي في اجتماع السياسة المنعقد في 8 يونيو وما تبعها من تصريحات محافظ البنك دراغي في 26 يونيو خلال مؤتمر للبنك المركزي الأوروبي قد أبدت قبولاً تدريجياً لآفاق مستقبلية أكثر تفاؤلاً. وفسّر المستثمرون النبرة الإيجابية الجديدة كتمهيد لسياسة نقدية أكثر تشدداً. من جهة أخرى، فإن بنك إنكلترا المركزي قدّم مفاجأة باقترابه من رفع أسعار الفائدة مع تصويت ثلاثة من أصل ثمانية أعضاء لمصلحة رفع الفائدة بدافع من تزايد الضغوط التضخمية. وقد دللت على ذلك لاحقاً التعليقات التشددية التي صرح بها السيد كارني محافظ بنك إنكلترا المركزي.
وحذت البنوك المركزية الخليجية حذو الاحتياطي الفدرالي ورفعت أسعار الفائدة بواقع 255 نقطة أساس، باستثناء عمان والكويت. وجاءت تلك الخطوة تماشياً مع الحاجة لدعم ارتباط عملاتها بالدولار الأميركي. أما بالنسبة لعمان، فتعد تلك المرة الثالثة التي تتغاضي فيها عن رفع أسعار الفائدة على الرغم من ارتباط عملتها بالدولار، في حين تعد تلك المرة الأولى للكويت. إلا أن البنكين المركزيين في الكويت وعُمان رفعا أسعار إعادة الشراء بهدف حماية الارتباط بالدولار من دون الإضرار بنمو الائتمان المحلي.
من جانب آخر، تراجعت إصدارات أدوات الدين الخليجية في الربع الثاني من عام 20177، نظراً لتزامنه مع شهر رمضان المبارك، وإن ظلت قوية على الرغم من ذلك. وبلغ إجمالي الإصدارات 20 مليار دولار مقابل 26 ملياراً في الربع الأول من عام 2017، بدافع من نشاط الإصدارات السيادية في الأساس. وكانت أنشطة القطاع الخاص قليلة إلى حد ما خلال الربع الثاني من عام 2017، وتعزى أغلبية تلك الأنشطة للبنوك. وارتفع إجمالي الديون المستحقة بمعدل 11 مليار دولار وبلغت 394 مليار دولار.
وظل نشاط الإصدارات السيادية قوياً خلال الربع الثاني من عام 20177 وبلغت قيمة الإصدارات الجديدة 18 مليار دولار بصدارة السعودية بصفة أساسية، وبمساعدة قطر وعمان والكويت. واقتصر التطرق إلى الأسواق العالمية على عمان والسعودية فقط بإصدارهما صكوكاً بقيمة ملياري دولار وسندات بقيمة 9 مليارات دولار على التوالي. وقد حظيت تلك الإصدارات بقبول حسن حتى على الرغم من تخفيض التصنيف الائتماني لعمان إلى ما دون الدرجة الاستثمارية، بما يعكس قوة جاذبية أدوات الدين الخليجية. كما قامت قطر والكويت بإصدار سندات محلية بقيمة 3.5 مليارات دولار وملياري دولار على التوالي.
وارتفعت مخاطر الاستثمار في المنطقة في أعقاب النزاع القائم بين قطر وأربع دول عربية متحالفة. وارتفعت أسعار مبادلة مخاطر الائتمان بصفة عامة مع محاولة المستثمرين استيعاب الموقف. وكانت قطر الأكثر تضرراً، حيث بلغت أسعار مبادلة مخاطر الائتمان 118 نقطة أساس، مرتفعة بواقع 48 نقطة أساس خلال الربع الثاني من عام 2017، فيما يعد أعلى معدلاتها منذ عام. أما بالنسبة لباقي الدول الخليجية الأخرى، فقد ارتفعت أسعار مبادلة مخاطر الائتمان الخاصة بها ما بين 5 نقاط و13 نقطة أساس.
كما أثر الخلاف على السيولة القطرية، مع ارتفاع معدلات سعر الفائدة بين البنوك لأجل ثلاثة أشهر بواقع 50 نقطة أساس في الربع الثاني من عام 2017، وابتعاد المؤسسات في الدول المعنية، سواء الخاصة منها او المالية، عن التعامل مع البنوك القطرية. أما بالنسبة لأسعار الفائدة بين البنوك في باقي دول مجلس التعاون الخليجي فقد ارتفعت لاستيعاب رفع الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة، وتراوحت الزيادة في حدود 5 نقاط إلى 18 نقطة أساس.
وتوقع «الوطني» ان يبقى إصدار أداوت الدين الخليجية قوياً على مدار عام 20177، نظراً لاستمرار الدول التماس وسائل منخفضة التكلفة لتمويل عجز الموازنة، إلا انها سوف تستمر في مواجهة مخاطر متزايدة. وقد أثرت الخلافات الجيوسياسية مع قطر بالفعل على ثقة المستثمر، وقد تعرقل نشاط الإصدارات الإقليمية في المستقبل لا سيما إذا تصاعدت حدة الخلافات أو طال أمدها. كما تشكل التقلبات الحالية في أسعار النفط عامل خطر آخر، مع عدم قدرة أسعار النفط على التعافي، على الرغم من قيام الأوبك بتمديد اتفاقية خفض الإنتاج.
إلى جانب ذلك، فان انتعاش النمو العالمي وتوقع رخص سعر الدولار نسبياً قد يؤديا إلى تحويل اهتمام المستثمرين إلى أسواق دين أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى