المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

بقلم: عمر الحلبوسي

 

الحرب الاقتصادية الدولية ماذا لو استغلها العرب؟

في خضم التنافس الدولي نحو سباق الهيمنة في المجالات المتنوعة تتصاعد الحرب الاقتصادية الدولية التي تخوضها قوى كبرى تتنافس فيما بينها من أجل الهيمنة وفرض السيطرة على الاقتصاد العالمي ومحاولة اجهاض اقتصاد الدول المنافسة, تأتي هذه الحرب الضارية بعد وصول دونالد ترامب لمنصب الرئاسة في أمريكا والذي شن حربا اقتصادية على الشرق والغرب حتى حلفائه لم يسلموا من حربه الاقتصادية التي تستعر يوما بعد يوم لترفع حدة الصراعات الكبيرة بين القوى الكبرى والتي بدأت العلاقات مع بعضها بالتصدع و السير نحو الهاوية بسبب سياسة ترامب الذي يمثل رجل الأطماع الأول عالميا والذي يطالب العالم كله بالدفع له و الخضوع لهيمنته الكبرى وهذا قد يكلف أمريكا خسارة حلفاء كانت تعتمد عليهم في الكثير المحافل الدولية بسبب فرض ترامب تعريفات جمركية كبيرة تؤثر سلبا على حلفاء أمريكا الذي أبدو تذمرهم من هذه القرارات و لوح عدد منهم بفرض نفس القرارات على البضائع الأمريكية و بنفس الوقت تشهد مشاورات هاتفية أو مقابلات رسمية على مستويات عليا بين قادة دول كبيرة حول إمكانية تشكيل قوة اقتصادية ستكون أمريكا أكبر الخاسرين جراء إنشائها .

ففي خضم هذه الحرب الضارية التي أخذت تتجه نحو الجدية الفعلية بين هذه القوى الكبرى تبرز فرصةً كبيرة للدول العربية لو استغلتها أفضل الاستغلال ستعود عليها بالنفع الاقتصادي على المديين القريب و البعيد فالاعتماد على حليف واحد وثابت من أخطاء السياسة المعاصرة لكون السياسة لا أمان لها , فلا عدو دائم و لا حليف دائهم فهناك حاجة ضرورية اليوم لتجديد التحالفات مع قوى جديدة تستطيع الدول العربية أن تطرح شروطاً كبيرة تحقق لها النفع الكبير فالساحة الاقتصادية اليوم تعج بالمعركة الاقتصادية الكبيرة التي ستحتم على المتحاربين فيها أن يتنافسوا لتقديم التنازلات و الركون للشروط العربية لكون الدول العربية تشكل سوقاً كبيراً استهلاكيا يستحق المجازفة وتقديم التنازلات من أجل الحصول على فرص كبيرة للتواجد فيه.

قد يرى البعض أن الحرب الاقتصادية هي مجرد حروب تصريحات يتراشق فيها الساسة الكبار فيما بينهم بغية إبراز العضلات و كسب الأضواء , لكن الحقيقة التي تلف هذه التصريحات هي حربا حقيقية تريد كل قوة من هذه القوى أن تحقق أكبر نفع اقتصادي و تضعف القوى الأخرى التي تنافسها , الصين والهند و تركيا وكندا و المانيا بل و الاتحاد الأوربي بشكل كامل كلها قوى كبيرة يمكن اليوم كسبها و فرض الشروط عليها لاستقطابها نحو السوق العربية بمنتجات مميزة و بأسعار تنافسية تتيح للمستهلك العربي الحصول على هذه المنتجات ذات الجودة الكبيرة و بأسعار ملائمة لمستوى دخله, وهذا يعتمد على القوى السياسية العربية في اتخاذ القرارات الجريئة التي ستكسر حاجز الاعتماد على الحليف الثابت و الاتجاه نحو رحاب التنافس الاقتصادي المفتوح لجلب ما هو أفضل للمستهلك العربي و الذي سيعود على بلاد العرب بالنفع الكبير الاقتصادي و السياسي داخليا وخارجيا , لأن الحرب اليوم جعلت الساحة الاقتصادية مفتوحة يمكن لمن يريد نيل المكاسب و الأرباح أن يدخلها و يجذب ما هو أفضل للبلد وللمواطن , ولكن هذا يعتمد على جرأة الحكومات في تخاذ القرارات و تغيير خارطة التحالفات خصوصا أن التحالفات السياسية وحتى الاقتصادية لا أمان لها _ وهناك شواهد كثر على خساراتنا الكبيرة جراء تحالفات سابقة_ ومن الضروري تجديد التحالفات مع قوى جديدة تتيح لنا أن نكسب أكثر مما خسرنا من قبل.

إن الحرب الاقتصادية إذا استغلت فسوف يكون هناك طرفا رابحا وليس من الضروري أن يكون هذا الطرف قطبا رسميا في هذه الحرب , فقد يدخل طرفا في اللحظات الأخيرة يطرح شروطا تفاوضية ذات سقف مطلبي كبير يطرحها أمام هذه القوى للتفاوض عليها بعد تقديم الدول المتصارعة ضمانات و استعدادات حقيقية لتلبية هذه المطالب مقابل الحصول على مساحة كبيرة في السوق الاستهلاكية التي تشكل دائما مصدرا للصراعات بين القوى الكبيرة التي تسعى كلٌ منها أن تهيمن على الأسواق الاقتصادية لكونها تمثل مصدرا للأرباح , ولكن قبل ذلك أن يأخذ في الحسبان أن تشدد دولنا العربية من شروطها الصارمة لكي لا تتعرض للابتزاز و الاستغلال من قبل هذه القوى وتبيان حقيقة أنه في أي وقت تتلاعب فيه هذه القوة الاقتصادية مع الدول العربية ومحاولة ابتزازها فإنه يعني بمثابة إغلاق السوق العربية بوجهها و التوجه لقوى جديدة يمكنها أن تقدم المنتجات وكل ما تحتاجه الأسواق العربية من احتياجات و بشروط تضمن للدول العربية الكسب الكبير لها ولشعبها.

إننا نعلم أن هذه الحلول ليست دائميه و لا تستطيع أن تحقق الأمان الاقتصادي لدولنا العربية لمدة طويلة جدا , لكنها على الأقل تخرجها من دائرة الاستغلال و التلاعب الذي تمارسه بعض القوى , ولأن الحرب الاقتصادية اليوم تتصدر المشهد الدولي و أخذت حيزا ليس بالقليل في الساحة الدولية يمكن للعرب أن يستغلوها لنيل المكاسب و جني النفع الاقتصادي , ثم في نفس الوقت السعي الدؤوب من قبل الدول العربية لتشكيل قوة اقتصادية عربية تحقق الأمان الاقتصادي للدول العربية و الاتجاه لتنمية الانتاج المحلي و تطويره و الدخول في مجالات صناعية أخرى بغية تحقيق الأمان الاقتصادي الذي يضمن للدول العربية عدم الاستغلال من قبل القوى العظمى وكذلك تنمي الاقتصاد العربي لأننا أحق بأموالنا من غيرنا و لو سعينا بجد لكي نحافظ على أكبر قدر من أموالنا داخل وطننا لكسرنا الكثير من القيود الاقتصادية التي تفرض علينا من الخارج و لقضينا على الكثير من حالات البطالة من خلال التنمية الداخلية و إنشاء المصانع و المعامل التي ستوفر فرص عمل كبيرة وتفتح أبواب الرزق للمواطنين و التي ستنعكس إيجابا حتى على صعيد الأمن الكلي للبلد.

فالمرحلة الحالية تتضمن خطتين تنفذ على مرحلتين الأولى استغلال الحرب الاقتصادية أفضل الاستغلال وجني ثمار النجاح و النفع الاقتصادي منها و ثانيا العمل بنفس الوقت على خطة الأمان الاقتصادي من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات و الاحتياجات التي لا غنى عنها و التي ستكسبنا كثيرا تحقيق الأمان الاقتصادي والخروج من دائرة الابتزاز و توفير فرص العمل للعاطلين و كذلك زيادة القوى الشرائية للمواطنين والتي ستعود بالنفع على الاقتصاد الكلي العربي.

الكرة اليوم بين أقدام الدول العربية وعليها أن تحسن التسديد نحو المرمى وتحقيق الهدف الذهبي الذي يسكون له ما بعده و سيغير كثيرا في ميزان القوى الاقتصادية وحتى السياسية خصوصا أن ميزان القوى اليوم كأمواج البحر يرتفع ويهبط وغير مستقر و بإمكان الدول العربية أن تستغل هذه الأمواج بالشكل الصح لتجني الكثير من المنافع الاقتصادية من خلال الحلفاء الجدد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى