المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

بقلم: عواد مرزوق الزايد

                         ” الحرب الفكرية ” 

سجل التاريخ كثير من الحروب العسكرية والفكرية ، حيث تتسم هذه الحروب بتنوعها المرحلي تجاه الأمة. ففي صدر الاسلام ومروراً بالخلافة الراشدة والدولة الأموية كان النمط لهذه الحروب هو (الحرب العسكرية) والهدف من تلك الحروب هو القضاء على الاسلام كدين ومحاولة ازالته من الوجود ، لكن المسلمين آنذاك استطاعوا أن يتصدوا لتلك الحروب بشكل حاسم ، وفي الربع الأول من الخلافة العباسية ظهرت بوادر أول حرب فكرية خارجية المنشأ تمثلت في وجود مذاهب جديدة لم يكن يعرفها المسلمون كالجهمية والمعتزلة.
ونتجت هذه المذاهب بسبب تعريب كتب الفلاسفة واقحام قواعدها في العقيدة الاسلامية ، وكان للعلماء انذاك وقفة عظيمة في التصدي لهذه الحرب الفكرية تمثلت بإمام أهل السنة أحمد بن حنبل ، والذي استطاع أن يخمدها بالحجة والبرهان ، ويلاحظ أن الهدف من تلك الحروب الفكرية هو تشويه أصول الاسلام وثوابته ، ثم استمر الأمر حتى جاءت الدولة العثمانية فدخلت الماسونية في اوساط المجتمعات الاسلامية كحرب فكرية جديدة تنادي بنبذ الدين والتحرر من التعاليم الاسلامية لدرجة أن السلطان عبدالمجيد زار المحفل الماسوني في باريس وانضم لهذا المحفل وتم عزله بسبب فقدان عقله.
وتولى الحكم من بعدة السلطان عبدالحميد الثاني والذي وقف في وجه الماسونية وحاربها حتى انتهى الأمر بعزله من قبل جمعية الاتحاد والترقي الماسونية ، ثم سيطرت الأفكار الماسونية منذ ذلك الوقت حتى زماننا هذا ، فدخلت موجة جديدة من الحروب الفكرية لم يكن له سابق من حيث الخطط والوسائل والأهداف ، فالحرب الفكرية التي نعيشها اليوم تم التخطيط لها بشكل مكثف وتبنتها دول غربية ، ويجدر بنا أن نعرف حقيقة الحرب الفكرية اليوم لنكون على حيطة وحذر من الوقوع في شباكها وأن لا نكون من ضمن أدواتها.
ولعبت مواقع التواصل الاجتماعي تويتر فيس بوك يوتيوب وقوقل دوراً مهماً في تصدير هذه الحرب ، وتعزيز الاستراتيجية الغربية لتحقيق هدف الحرب الفكرية الهادفة للسيطرة على المسلمين فكرياً وعسكرياً ، فكان دور مواقع التواصل الاجتماعي نشر الشبهات لخلق فوضى عقائدية وايجاد جيل الحادي بين المسلمين يحاربون عقيدة الاسلام وثوابته ، وقد تم انشاء الاف المواقع لهذا الهدف ، وكذلك نشر الاباحية بشكل لم يكن له سابق لايجاد جيل يحارب القيم والمبادئ الاسلامية وكذلك تم انشاء الاف المواقع والحسابات لهذا الهدف.
لم يكن ايجاد مثل هذه المواقع والحسابات امراً عارضاً او مصادفةً بل هي خطط مدروسة بشكل كبير ، واذا تساءلنا مالذي يريدة الغرب منا ؟ ، نجد الجواب صريحاً على لسان وزيرة الخارجية كوندليزا رايس في عهد بوش الابن حيث قالت لصحيفة الواشنطن بوست ” إن الولايات المتحدة الأمريكية سعت على مدى ستين عاماً الى تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط على حساب الديمقراطية ولم يتحقق أياً منهما ، وتتبنى الآن نهجاً مختلفاً ، إن هناك من يقول أن الديمقراطية تقود للفوضى والصراع والارهاب ، والحقيقة العكس هو الصحيح ، بمعنى أن الفوضى تمثل الأساس المنهجي لخلق الديمقراطية المنشودة ”
وفي تصريح آخر لنفس الصحيفة قالت رايس :

“إن الفوضى التي تفرزها عملية التحول الديمقراطي في البداية هي نوع من الفوضى الخلاقة ، والتي قد تنتج في النهاية وضعاً أفضل مما تعيشة المنطقة حالياً ، ولا شك أن الكيان الصهيوني هو المستهدف بذلك الوضع الأفضل الذي قصدته ، بينما لن يجني العرب أكثر من الويلات والفوضى”

ومن خلال هذه التصريحات لوزيرة الخارجية الأمريكية يتبين لنا أن هناك استراتيجية تم وضعها وهي محور السياسة الأمريكية القادمة تحمل ثلاث أهداف :

الأول : نشر الفوضى الخلاقة في الوطن العربي بلا استثناء.

الثاني : أن هذه الفوضى هدفها تحسين وضع الكيان الصهيوني في اسرائيل للأفضل .

الثالث : أن العرب وحدهم يجب أنيعانوا ويلات هذه الفوضى الخلاقة .

وعلى هذا يتبين أن الحرب الفكرية التي نعيشها تبدأ بحرب افكار على الثوابت والقيم والمبادئ الاسلامية وتنتهي بالفوضى الخلاقة في جميع بلدان الوطن العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى