المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

بوتين يوسع نفوذه.. إلى قلب «أوبك»

طوال أكثر من نصف قرن، كان أي وزير نفط سعودي قادراً على أن يحرك الأسواق ببضع كلمات حول ما يمكن أن تقرره «أوبك» في اجتماعها المقبل، ليولد كلامه ملايين الأرباح إن لم تكن مليارات على المتداولين.
وفي حين لا زالت اجتماعات «أوبك» تؤثر في الأسعار، ظهر صوت مؤثر آخر هو صوت دولة غير عضو، هي روسيا، تحديداً فلاديمير بوتين.
منذ هندسة اتفاق روسيا مع منظمة «أوبك» للحد من سقف الإمدادات قبل عام، بَرَزَ بوتين كأكثر اللاعبين تأثيراً في المجموعة. وبحسب مسؤول كبير في منظمة «أوبك» فضّل عدم ذكر اسمه، فإن الرئيس الروسي هو الذي «يتحكم بكل شيء».
ويعكس تأثير الكرملين المتزايد داخل المنظمة سياسة خارجية تهدف إلى مواجهة النفوذ الأميركي في جميع أنحاء العالم من خلال مجموعة واسعة من التدابير الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية. ويبدو أن هذه الاستراتيجية، التي تغلب عليها ثروة الموارد الطبيعية الهائلة في روسيا، مفيدة.
تقول حليمة كروفت، المحللة السابقة في وكالة الاستخبارات المركزية، التي توجه استراتيجية السلع العالمية في «آر بي سي كابيتال ماركتس» في نيويورك: «إن بوتين الآن هو قيصر الطاقة في العالم».

اجتماع فيينا
في غضون ذلك، ستكون قوة مركز بوتين محط أضواء في اجتماع منظمة أوبك الذي سيعقد بنهاية الشهر الجاري بحضور أعضاء المنظمة الـ14، منهم إيران والعراق ونيجيريا وفنزويلا، ويستضيف اسمياً منتجين مستقلين مثل روسيا والمكسيك في فيينا، لبحث ما إذا كان سيتم تمديد خفض الإمدادات المتفق عليها منذ مارس الماضي. والأهم في هذا الاجتماع السلامة الاقتصادية والسياسية لجميع الدول المعنية، بما في ذلك كازاخستان وأذربيجان، الجمهوريتان السوفيتيتان السابقتان اللتان أشركهما بوتين في الصفقة. وتجدر الإشارة إلى أن المشاركين في هذا الاتفاق يضخون مجتمعين ما نسبته 60 في المائة من النفط العالمي.
وكان بوتين رفع الأسعار بشكل طفيف عشية الزيارة التاريخية الأولى التي قام بها ملك سعودي إلى روسيا، في الشهر الماضي، بعد أن اقترح تمديد خفض سقف الإمدادات حتى نهاية العام المقبل، رغم تأكيده أنه لم يتخذ قراراً نهائياً بهذا الشأن. وقد أدت تصريحات بوتين، بالرغم من أنها ليست مطلقة، إلى تجدد النشاط الدبلوماسي بين كل من الدول الأعضاء في «أوبك» والدول غير الأعضاء في محاولة إلى إبرام صفقة بين الجانبين.
لكن المؤكد أن هذا التحالف ليس مستقراً بل مضطرب، إذ إن السعوديين – أكبر مصدر في العالم- غير راضين بالفعل عن تحمل وطأة التخفيضات على كاهلهم، واشتكوا من عدم امتثال الدول المنتجة المتحالفة للاتفاق تماماً. كما يشعر السعوديون بحذر بسبب تحفظ روسيا على إطالة أمد القيود، وفقاً لما ذكره أحد الأشخاص الذين اطلعوا على وجهة النظر السعودية.
فمنذ تصريحات بوتين، أرسل الكرملين إشارات مختلطة، لاسترضاء بارونات النفط محلياً، مثل رئيس شركة روزنيفت الحكومية إيجور سيخين، والملياردير فاجيت أليكبيروف. ولكن الكرملين يحاول أيضاً الحفاظ على أسعار النفط بما فيه الكفاية كي لا تصبح محفزاً لشركات النفط الصخري الأميركية لحفر المزيد، حيث يتوقع أن يصل الإنتاج المحلي الاميركي إلى 10 ملايين برميل يومياً في العام المقبل، وهو مستوى تتجاوزه المملكة العربية السعودية وروسيا فقط.
بوتين، الذي بدأ تحالفه غير المسبوق مع منظمة أوبك عندما هبطت الأسعار إلى ما دون 20 دولاراً، وعندما كانت السوق معرضةً لمخاطر أكبر من اليوم، لديه سبب آخر لكي لا ترتفع أسعار النفط بشكل حاد. إذ تستفيد روسيا حالياً من ضعف عملتها الروبل.

منفعة متبادلة
بالنسبة للمنتجين الروس، فإن تخفيض الإمدادات أصبح أشد إيلاماً. مع وصول سعر برميل برنت، إلى نحو 63 دولاراً، أي أعلى تقريباً 30 في المئة من سعر البرميل في العام الماضي، يبدي المنتجون قلقهم من بدء زيادة الإنتاج. وقالت شركة روزنيفت هذا الشهر إنها بحاجة لزيادة ضخ الإنتاج في ديسمبر- هذا التوقيت مفاجئ لأنه يأتي قبل ثلاثة أشهر من انتهاء الاتفاق الحالي.
تعليقاً على ذلك، قال إيريك لايرون، نائب الرئيس الأول في شركة روزنيفت الروسية في مؤتمر صحافي إن: «هناك ثلاثة سيناريوهات ننظر إليها، وهي إما أن توقف «أوبك» تخفيض الإمدادات نهاية العام، أو في نهاية شهر مارس المقبل، أو تستمر طوال عام 2018».
ومع ذلك، فإن الأسعار الحالية – في ظل الواقع الجيوسياسي – تشير إلى أن الاتفاق سوف يتم تمديده، وفقاً لما ذكره إدوارد سي تشاو، زميل مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، والمدير التنفيذي السابق لشركة شيفرون.
وأضاف: «تمديد الإتفاق يصب في مصلحة الطرفين.. فالسعوديون بحاجة إلى شريك كبير منتج للنفط للتأثير بشكل فعال على السوق وإمكان إسناد الدور الجيوسياسي والاقتصادي الأكبر في الشرق الأوسط لروسيا يجعل الامتثال لخفض الإنتاج خطوة مناسبة لموسكو».
بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإن الاضطرار إلى مشاركة قرارات الإنتاج مع روسيا، شر لا بد منه. في الماضي، كان بإمكان كبار منتجي اوبك فرض إرادتهم على الأسعار ومعاقبة المنافسين عن طريق إغراق السوق، كما فعلوا ضد أعضاء أوبك الآخرين في عامي 1985 و1986، وفنزويلا في 1998-1999، وصناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة في 2014 و2015.
لكن الآن الاقتصاد السعودي في وضع مختلف، فيما تحتاج المملكة إلى ارتفاع أسعار النفط الخام حالها حال الجميع. ومن خلال اتخاذ بعض التدابير، بما في ذلك نقطة التعادل المالي، تحتاج المملكة العربية السعودية إلى أسعار أعلى من أسعار إيران أو روسيا، التي تعتمد ميزانيتها للعام المقبل على وصول سعر برميل النفط إلى 40 دولاراً.

تصريحات
وأعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن بلاده مستعدة لإجراء محادثات مع خبراء الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، والدول غير الأعضاء بها، حول تمديد اتفاق بخفض الإنتاج في مارس المقبل.
وذكرت وكالة «سبوتنيك»، نقلا عن تصريحات الوزير، خلال مؤتمر صحافي عقد في بوليفيا: مستعدون لمناقشة هذا الموضوع، وأعتقد أنه بحلول 30 نوفمبر، يمكننا مناقشة ذلك بالفعل في إطار الاجتماع في فيينا»، بحسب وكالة سبوتنيك الروسية.
يذكر أن دول «أوبك» ودول من خارجها، توصلت في اجتماعها يوم 30 نوفمبر العام الماضي، إلى اتفاق يقضي بخفض حجم إنتاجها من النفط بنحو 8.1 ملايين برميل يوميا، اعتبارا من مطلع عام 2017، إلى 5.32 ملايين برميل يوميا، بينما اتفقت الدول من خارج المنظمة على أن يبلغ حجم لتخفيض الإجمالي لإنتاجها من النفط 558 ألف برميل يوميا، منها 300 ألف برميل من جانب روسيا.
وأبرم الاتفاق حتى النصف الأول للعام الجاري مع إمكانية التمديد، وفي 25 مايو الماضي، تم تمديد الاتفاق لتسعة أشهر إضافية حتى نهاية مارس عام 2018.
الى ذلك، أظهرت مسودة أجندة اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، الذي يعقد في الثلاثين من نوفمبر في فيينا، أن اجتماعا مقتضبا مدته ثلاث ساعات، سيضم وزراء نفط الدول الأعضاء، لاتخاذ قرار بشأن تمديد تخفيضات الإمدادات، في إشارة إلى أن عملية اتخاذ القرار ستمضي بسلاسة.
وسيكون اجتماع الثلاث ساعات قصيرا بمعايير أوبك، التي كانت اجتماعاتها في الماضي تمتد في بعض الأحيان إلى الساعات المبكرة من صباح اليوم التالي، مع تباحث الوزراء بشأن سياسة المنظمة.
وقال الأمين العام لأوبك، محمد باركيندو، في السابع من نوفمبر، إن المنظمة تسعى للوصول إلى توافق قبل الاجتماع بشأن فترة تمديد اتفاق خفض الإمدادات.
وبحسب الأجندة المنشورة على الموقع الإلكتروني للمنظمة، ستعقد جلسة مغلقة لوزراء أوبك فقط مع الأمين العام باركيندو، على أن تبدأ الساعة 12:00 ظهرا (11:00 بتوقيت غرينتش).
وسيعقب ذلك اجتماع مشترك يضم وزراء ومندوبي أوبك والمنتجين المستقلين، يتلوه مؤتمر صحافي. (بلومبيرغ ـــ د.ب.ا ـــ القبس)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى