المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

مقالات

تأصيل اللغة العربية للطفل

بقلم ؛ سارة آل سالم

 

قيل في المثل 《إذا أردت أن تزرع لسنة فازرع قمحا، وإذا اردت أن تزرع لعشر سنوات فأزرع شجرة ، وإذا أردت أن تزرع لمئة سنة فازرع انسانا 》.
من أهم مراحل العمر للإنسان هي مراحل الطفولة المبكرة ، فهي مرحلة بناء وتشكيل وتوجيه لشخصية الطفل ، وتحديد معارفه وهويته، وهي الاساس التي تبنى عليه المراحل التالية من حياته ، واللبنة الاولى في البناء التربوي والفكري والوجداني والقيمي للفرد .

فالطفل غرسة جميلة تحتاج إلى رعاية لتزهر وتنتج ثمرا طيبا.
من هنا جاء الاهتمام الاول للمجتمعات المتقدمة والنامية بالرعاية والتربية للطفل ، واعتبرت الطفولة افضل استثمار على الإطلاق ، والثروة الحقيقية التي يجب التركيز عليها في كل زمان ومكان .

وهذا مانلاحظه في بلادنا الغالية من توجية ولاة امرنا _ اعانهم الله _ واهتمامهم بالطفل ، وجاء هذا الاهتمام بالتركيز على الثوابت، ومن اهم هذه الثوابت في مرحلة الطفولة _ الدين واللغة _ وكيف نفهم الدين الذي هو السبيل الوحيد للنجاة الا بفهم لغة الضاد ، وترسيخها في ذهن الطفل، وجعلها اصل ثابت في قاموس الطفل اللغوي فهي أداته للاتصال والتعبير ، ووسيلته الأولى لتحصيل المعرفة وتكوين الخبرة وتنميتها في مواجهة الغزو الثقافي القيمي الذي يريد النيل من هويتنا العربية، ولتعلم اللغة العربية أهمية كبرى في الحفاظ على اللغة والحضارة العربية عامة والإسلامية خاصة فاللغة العربية من اهم عناصر الهوية التي يجب الحفاظ عليها .

وجاء في أهمية تعلم اللسان العربي عن عمرَ بنِ الخطابِ – رضي الله عنه – أنَّه قال : ” تَعَلَّموا العَرَبيَّةَ ”
وقال ايضا ، شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله :” فإنّ اللسان العربي شعار الإسلام وأهله ، واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميّزون “

وقال رحمه الله:” فإن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي وجعل رسوله مبلغاً عنه الكتاب والحكمة بلسانه العربي، وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان، وصارت معرفته من الدين، وصار اعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين الله وأقرب إلى شعائر الدين وأقرب إلى مشابهتهم للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار في جميع أمورهم، ولذلك كان أهل بلاد فارس أقرب العجم إلى فهم الدين لقرب لغتهم من اللغة العربية . ونلاحظ أنه لم ينبغ منهم نابغة في العلم إلا بعد تعلمه اللسان العربي .

حرص السلف على تقويم ألسنة الصغار من اللحن فقد جاء عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ” أنه كان يضرب بنيه على اللحن”
ولم يكن السلف مغفلين لعلوم العربية عند تعليم أبنائهم بل كانوا يولونه قدراً كبيراً فقد أرسل معاوية رضي الله عنه إلى دغفل فسأله عن العربية وعن أنساب العرب وسأله عن النجوم فإذا رجل عالم . قال : ” يا دغفل من أين حفظت هذا؟ قال : بلسان سؤول وقلب عقول وإن آفة العلم النسيان . قال : انطلق بين يديَّ – يعني ابنه يزيد – فعلمه العربية وأنساب قريش والنجوم وأنساب الناس “

وهذا الامر يستدعي تظافر الجهود بين كل المؤسسات التربوية والتعليمية خاصة_ الاسرة والمدرسة_ التي يجب عليها الاهتمام بترسيخ اللغة العربية في عقل الطفل وحثه ومساعدته في استخدامها في حياته وتعاملاته وربطها بتاريخنا وعباقرة العرب والمسلمون الذي اسسو القرون الذهبية ، لإخراج جيل واعي مثقف معتز بعربيته ، يفيد نفسه ويفيد مجتمعه.

و كان للإعلام الأثر الكبير في الحياة اللغوية والثقافية للطفل ، فاللغة كما هو معروف تكتسب بالسماع والمحاكاة فإن أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية حين تلتزم العربية السليمة هي أحسن مصدر لتعليم اللغة العربية للطفل ، حيث أن الاطفل يمثلون جمهور لا يستهان به في اي مجتمع، فكان لزاما على اجهزة الاعلام اصدار برامج متنوعة في محتواها تعنى بتعليم اللغة العربية للطفل.

وأصبحت التكنولوجيا الحديثة مصدرا مساعدا في تعليم اللغة العربية وتنمية المهارات اللغوية الأساسية: الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة. وبالتالي ، لا يمكن للمدرسين ، خاصة في مجال تعليم اللغة العربية .

فيجب غرس الإعتزاز بلغتنا العربية والحرص على تعلمها وفهم قواعدها بدقة في ذهن الطفل ، لأنها من أفضل لغات العالم وأهمها، واصطفاها الله عز وجل لتكون لغة الإسلام ولغة القرآن الكريم.
فكان لزامًا علينا أن نربي الصغار عليها وعلى حبها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى