المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

تراجع كبير في تحويلات العمالة الآسيوية في الخليج

على مدى 16 عاما، قام جوبي بيتر بإعالة عائلته في الوطن بالهند من خلال العمل في دول الخليج ذات الاقتصادات النشطة. في آخر عمل له، كان بيتر البالغ من العمر 41 عاما ويعمل في اللحام، يكسب ما يقرب من 500 دولار شهريا من تصنيع خزانات النفط في منطقة جبل علي الحرة في دبي.
لكن قبل أربعة أشهر وجد نفسه فجأة عاطلا عن العمل عندما تم إبلاغه و 400 من زملائه في العمل، وجميعهم من جنوب آسيا، أن خدماتهم لم تعد مطلوبة، بعد أن أضرت أسعار النفط المنخفضة بالطلبيات، وتم إغلاق وحدة التصنيع.
ويقول بيتر الذي منح راتبا لمدة ثلاثة أشهر وتذكرة عودة إلى الهند «قالوا لنا: يجب أن تعودوا جميعا لأنه لم يعد هناك أي طلبيات».
حاليا يعمل بيتر في بعض الأحيان في حوض بناء السفن في كوشين بينما لايزال يحاول العودة إلى الخليج. ومؤخرا، كان من بين ما يقرب من ألف شخص يصطفون لإجراء مقابلات مع شركات البناء التي تستقطب العمال المهرة للقيام بوظائف اللحام في المنطقة. «أنا أحاول»، كما يقول. «أنا متفائل». بحسب رواية نقلتها فايننشال تايمز.
لكن آمال بيتر قد تكون في غير محلها. فعلى مدى عقدين تقريبا، كان يتطلع ملايين العمال من الهند ودول جنوب آسيا الأخرى، بما في ذلك نيبال وبنغلادش وباكستان، إلى الاقتصادات التي يحركها النفط في مجلس التعاون الخليجي للحصول على فرص العمل والرواتب غير المتاحة في بلادهم. لكن انخفاض أسعار النفط العالمية، والجهود التي تبذلها بلدان الخليج من أجل إيجاد فرص عمل لمواطنيها، باتت تقف عائقا أمام تطلعاتهم.
وتقول فايننشال تايمز: تعرضت أعمال البناء للضغوط بسبب التراجع الشديد في السيولة، مما أدى إلى تسريح العمال الأجانب. وفي الوقت نفسه، فإن وظائف صناعة الخدمات التي كان يضطلع بها في السابق العمال الأجانب، مثل فنيي إصلاح الهواتف النقالة وعمالة في المتاجر، قد خصصت للمواطنين في بعض الدول مع تقليص اقتصادات الخليج لبرامج الرعاية الاجتماعية الخاصة بها.
أما بالنسبة للعمال الأجانب الذين لا يزال لديهم وظائف، فتتعرض أجورهم لضغوط، حيث يحاول أرباب العمل تجميد الرواتب. كما أن وكالات التوظيف تلجأ إلى البلدان الأكثر فقرا لتوظيف العمالة.
تقول ايرودايا راجان، خبيرة الهجرة في مركز دراسات التنمية في تريفاندوروم «ستنخفض الأجور في الخليج. وسيستبدلون والعمالة بآخرين مستعدين للعمل بأجور أقل، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض التحويلات المالية».
وانخفضت تحويلات العمالة المهاجرة إلى جنوب آسيا بنسبة 6.44 % في العام الماضي بعد سنوات من الزيادات المطردة. إذ تراجعت التحويلات المالية إلى الهند بنسبة %8.9 في سنة 2016، وهو انخفاض يسجل للسنة الثانية على التوالي، لتصل الى 62.7 مليار دولار، مقابل 72 مليار دولار قبل عامين.
ورغم أن التحويلات المالية لا تمثل سوى %2.88 من الناتج المحلي الاجمالي للهند، فإن الانخفاض يشكل ضربة لولاية كيرالا الجنوبية، حيث تشكل %36 من الاقتصاد المحلي.
يقول شاشي ثارور، عضو البرلمان الوطني من ولاية كيرالا «لا توجد أسرة ليس لديها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالعمال الموجودين في الخليج. بدون هذا النوع من الأموال القادمة من هناك، فان حياة الكثير من الناس سوف تتأثر بشكل خطير. سنواجه أزمة خطيرة جدا إذا استمر هذا الاتجاه».
كما تأثرت بلدان جنوب آسيا الأخرى بشدة. ففي بنغلادش، انخفضت التحويلات المالية التي تشكل %6 من الناتج المحلي الاجمالي بنسبة %11 في عام 2016. وفي نيبال، تشكل هذه الايرادات %30 من الناتج المحلي الإجمالي، لكنها انخفضت بنسبة 6.7 % في عام 2016، وإن كان ذلك بعد ارتفاع غير عادي بنسبة %14.5 في 2015، عندما ضرب زلزال مدمر البلاد وأرسل أقارب المزيد من المال لبلادهم في محاولة للمساعدة. وارتفعت التحويلات المالية في باكستان بنسبة قوية بلغت %12 في عام 2015، لكن معدل النمو تراجع إلى %2.8 في عام 2016.
ويرى بعض المحللين وفقا لصحيفة فايننشال تايمز أن التحويلات المالية إلى جنوب آسيا ستتعافى بشكل طفيف فى العام المقبل. لكن كريشنان سرينيفاسان، الذي يدير وكالة توظيف في كوشين، يعتقد أن اقتصاد التحويلات المالية في جنوب آسيا بلغ ذروته، مع تعرض صناعة النفط التي غذت طفرة الخليج لانخفاض طويل المدى.
«لقد انتهى السحر» ، كما يقول. «لا يمكنك أن تتوقع نموا على المدى الطويل. لا أرى آفاقا كثيرة لصناعة النفط على المدى الطويل. وستستمر التحويلات في الانخفاض».
لكن أحلام مواطني جنوب آسيا بتحقيق الرخاء من خلال العمل في الخليج لن تتلاشى بسهولة. كان محسور، وهو محاسب يبلغ من العمر 37 عاما، يكسب أكثر من 2100 دولار شهريا في شركة تأمين في أبو ظبي حتى طلب منه مؤخرا أن يأخذ «إجازة طويلة» مع تباطؤ الاقتصاد. عندما عاد إلى ولاية كيرالا، يقول إنه يعتزم العودة إلى الخليج للبحث عن وظيفة أخرى بدلا من البحث عن عمل في بلده.
يقول راجان «كيرالا مدمنة على التحويلات المالية. حتى لو لم يحصلوا على أي وظيفة، سوف يقفون هناك وينتظرون أيضا هناك وسيبحثون عن أي وظيفة. وحتى لا يمانعوا العمل مقابل أجر أقل، لأنهم يعتقدون أنه يعطيهم وضعا اجتماعيا لا يمكنهم الحصول عليه عند العمل في كيرالا».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى