المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

ثلث السندات العالمية.. عوائده سلبية

القبس

انخفضت قيمة سوق السندات العالمية بنحو تريليون دولار خلال الأسبوعين الأولين من شهر سبتمبر، في تغير أثار في الأذهان مجدداً التساؤل حول ما إذا كانت الموجة الصعودية والأيام الجيدة قد انتهت في سوق السندات، وذلك حسبما ذكرت «فايننشال تايمز».

على مدى عقود من الزمان، سلكت أسعار السندات مساراً صعودياً حتى وصلت إلى مستويات غير مسبوقة في الأشهر القليلة الماضية، وبحلول نهاية أغسطس كان هناك نحو 17 تريليون دولار من السندات سالبة العائد. وتمثل هذه الكومة من السندات السالبة العائد ثلث إجمالي سوق السندات العالمية، وبلغت أسعارها مستويات مرتفعة للغاية، بمعنى أنها ستحقق خسارة أكيدة لحائزيها إذا تمسكوا بها حتى تاريخ الاستحقاق.

تلاشي الزخم

ويعني الانتعاش الأخير في سوق السندات والذي جاء مدفوعاً بالخوف من نتائج الحروب التجارية والتوقعات بشأن تحفيز البنوك المركزية للأسواق أن المقترضين استطاعوا جذب المزيد من الديون الجديدة إلى السوق بتكلفة ضئيلة وربما سالبة.

وهذا يعني بطبيعة الحال ابتعاد المستثمرين عن الأصول الآمنة، لكن بنهاية الأسبوع الثاني من شهر سبتمبر تلقت هذه الموجة الجنونية صفعة نادرة أوقفت هذا الزخم وعطلت الاتجاه الصعودي.

وقفز العائد على مؤشر «بلومبيرغ باركليز المتعدد» (المقياس الأوسع نطاقاً لسوق السندات الذي يتكون من ديون قيمتها 58 تريليون دولار) بشكل حاد من المستوى القياسي المنخفض عند %1.4 إلى %1.65 بنهاية الجمعة 13 سبتمبر.

خسائر فادحة

وخسرت سوق السندات العالمية أكثر من تريليون دولار من قيمتها خلال 10 جلسات فقط، وترتب على ذلك تقلص حجم سوق السندات السالبة العائد بنحو 3 تريليونات دولار. ولا تزال الأسعار مرتفعة عند مستويات تاريخية حتى الآن، لكن هذا التراجع السريع يشير إلى أن بعض القوى التي تدفع المستثمرين الخائفين نحو الأصول الآمنة حول العالم بدأت تتلاشى. الأمر الملاحظ أيضاً أن تحركات العائد كانت حادة، إذ قفز عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات من مستوى منخفض عند %1.46 خلال أغسطس إلى %1.82، وارتفع عائد السندات الألمانية من سالب %0.71 إلى سالب %0.49، والبريطانية من %0.41 إلى %0.68.

حتى تكاليف الاقتراض القياسية في اليابان، والتي من المفترض خضوعها لسياسة «التحكم في منحنى العائد» التي يطبقها البنك المركزي هناك، ارتفعت من سالب %0.29 إلى سالب %0.15. وأضافت الأسواق الأوروبية إلى الشعور بأن الاتجاه الصعودي على وشك الانعكاس، حيث خفض البنك المركزي سعر الفائدة على الودائع، وأعاد تفعيل برنامج شراء السندات، في محاولة جديدة لتعزيز التضخم، ومع ذلك لم تنخفض عائدات السندات في المنطقة.

ويبدو المستثمرون الآن أكثر انفتاحاً على احتمال تفادي الاقتصاد العالمي للركود، مع التفاؤل بشأن مبيعات التجزئة الأميركية والثقة في ألمانيا، وكلما كانت التوقعات أكثر إشراقاً تعرضت سوق السندات إلى ضغوط أكبر.

مزيد من الانخفاض

يقول محللو مصرف «رويال بنك أوف سكوتلاند»: بعد الزخم الذي شهدته السوق خلال شهر أغسطس مدعوماً بالتوقعات المتشائمة، فمن المحتمل أن يكون هناك قدر كبير من التعديل في موقفها.

وينصح مصرف «سوسيتيه جنرال» العملاء بتخفيف التعرض لأصول الدخل الثابت، استجابة لما يرى أنها رهانات «عدوانية مفرطة» على احتمالات التيسير النقدي للبنوك المركزية الكبرى.

مع ذلك، يحجم المحللون والمستثمرون عن القول إن الاتجاه الصعودي الممتد من مدة بعيدة في سوق السندات قد انتهى تماماً، نظراً للقوى العميقة التي تغذيه، خصوصاً في الفترة الحالية.

يرجع ذلك لطول دورة التوسع الاقتصادي العالمية منذ مرحلة ما بعد الأزمة، والتوترات التجارية المستمرة بين الاقتصادين الأكبر في العالم، لذا يظل الكثير من المستثمرين مقتنعين بأن مرحلة عائدات السندات المنخفضة ـــ حقاً ـــ لم تأت بعد. (أرقام)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى