حِمم إبداعية

بقلم: رهام مدخلي
أن تفيق من ذلك الكابوس وتعيد ترتيب أولوياتك
أن تحاول جمع الأوراق المنثورة بفعل الرياح بجدوى محدودة الاحتمالات ؛ أن تستوعب أنك كنت في إشكالية يعول عليها في إعادة تشكيل الوعي ،
ليس الأمر يشبه انكسار الشيء بل مروره بأطوار ليتكون منها ومرحلة التكوين أعمق من فعل الانكسار ذاته ..
بينما نحن في انتظار الغد تعود تلك الذاكرة الممتلئه حد الكثافة للوراء في لمحة لخلود الذكريات متجاهلة سعينا المحموم نحو آمالنا وتطلعاتنا
تتحول إلى فوهة بركان ينفجر عند لحظة معينة من القاع إلى القمة كومة من التراكمات التي لا تلبث أمدًا بعيدًا إلا وتعلن عدم صمودها وثباتها أمام النسيان مهما حاولنا مسايرتها ؛ نحن الذين ندعي النسيان نبني تراتبية عميقة في الذاكرة تتدفق وتنساب من ماهيتها إلى ماهيتنا ؛ وبين البين كينونة عصية على التأويل تأبى أن تكون تلك الحِمم التي تفجرت في لحظة ما عن تقييد معانيها ؛ نزهو بذلك فيها ونموت كمدًا وحزنًا كلما تلاشت أو أرغمتها الحياة على اللامعنى ؛ إنها وإن كانت معركة ضارية بين العقل والقلب وبين الوجود واللاوجود إلا أن الربح فيها غير مأمون المخاطر وخسارتها نوع من أنواع التجربة الإنسانية التي تضاف كرصيد في خبرات الحياة ؛ التجربة التي تأخذ حيزًا وعمرًا من حياة الإنسان لا تأتي سُدى فإن كان الإبداع يولد من رحم المعاناة فإن التجربة تنفجر من قاع ذلك البركان وصولاً إلى قمته ؛ مرورًا بالعراقيل العارضة التي شاء الله أن تكون في طريقنا إلا أن ذاك الإبداع يبقى حيًا نابضًا بالوفرة وتعددية المعنى ؛ والرسالة هنا طور التكوين الذي يتبلور حقيقة لا مجازًا وجزئيًا لا كليًا ؛ وأي حقيقة في وجهة نظري تعد نسبية وأن فيها أشياء غير مكتملة نسعى إليها بدافع المعرفة وإذا ربطنا المعرفة بالإبداع فسنجد أنها جزء لا يتجزأ من ذلك البركان فكلما صقلتنا التجارب وارتفعت حصيلتنا من العلم والمعرفة بالقراءة وغيرها كلما وصلنا إلى فوهة ذلك البركان وانفجرنا منتجين حِممًا إبداعية ؛ ولا ننكر أن هناك حالات من الخمود تعترينا لأوقات وتزول بإذن الله لمن يمتلك إرادة قوية قادرة على تخطي حالة الركود والجمود إلى حالة الشغف والإبداع ؛ لعل الأمر أشبه برمي حجر في بحر عميق ممتلئ بالدرر الجميلة كذلك هي العملية الإبداعية مع ثروة العقل .




