المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار الكويت

«سقف واحد» تناقش نظام الكفيل

 

في اطار سعيها لرفع الوعي القانوني والمجتمعي بقضايا العمالة المنزلية، أقامت حملة «سقف واحد»، حلقة نقاشية، في الجامعة الأمريكية تحت عنوان «نظام الكفيل بين الحقوق الأنسانية للعامل المنزلي والأعباء المالية لصاحب العمل»، وحملة «سقف واحد»، هي حملة وطنية للتوعية بحقوق العمالة المنزلية وأصحاب العمل، وهي مشتركة بين جمعية العمل الاجتماعي، ومنظمة الخط الإنساني، وبالتعاون مع وزارة الداخلية.

المحامية روان الغزالي، من مركز العمل الإنساني ترجع لتاريخية نظام  الكفالة في الكويت، وتقول: «أنشئ بناء على قانون إقامة الأجانب في الكويت عام 1959، أي قبل استقلال الكويت، وهذا يشير لأهمية وضرورة مراجعة نظام الكفالة الحالي في الكويت، وأنه يحتاج لتدخل طارئ وسريع، لنصوب هذا النظام الذي أعطى المواطن صلاحية الراعي أو الحاضن للشخص الأجنبي في البلد، ويُطبع اسم الكفيل في جواز الوافد، ولا يتم تجديد الإقامة في البلاد إلا بموافقته، ويفرض أيضا قيود على حركته سواء من تحويل الإقامة، أو الانتقال لعمل آخر، وهذه الرعاية التي منحتها الدولة للكفيل جعلته يستخدمها بشكل يخالف القانون، مثل حبس المستندات كجواز السفر عن الوافد، ونظام الكفالة بوضعه الحالي يصطدم بأهم الحقوق الإنسانية».

الرائد أمل العوضي رئيس قسم الإتجار بالأشخاص بوزارة الداخلية، تقول إن «هدفهم حماية العمالة في حالة تعرضهم لانتهاك، أو جرائم تخالف القانون من قبل أرباب العمل، وأيضا المكاتب، والشركات التي تجلبهم وتضيف الكفالة: «أعتقد أن  العمالة هي الحلقة الأضعف، وخاصة المنزلية لأنها تخضع لأرباب العمل ومكاتب الخدم، وأيضا نظام الدولة، والعمالة البسيطة مثل التمريض، وشركات التنظيف، ومن أكثر المشاكل التي نواجهها مع نظام الكفالة هو حبس مستندات وحرمان العامل منها، فنقوم برفع دعوى للنيابة للحصول على أوراقه الثبوتية، مثل بطاقته المدنية من أجل العلاج، ومن أجل تنقله وحركته، علاوة على تعنت أصحاب العمل عند رغبة العامل في التحويل لمكان عمل آخر».

وتشير العوضي إلى أن «الكفيل يتحمل أيضا تبعات وأفعال العامل طالما على كفالته، فتقول: «عندما يرتكب العامل جرم ما، أول شيء يطلب هو الكفيل، سواء كان مخالفات، أو غرامات، أو جريمة، فالكفيل يتحمل ذلك. الجانب الآخر إذا غاب العامل ، في  القانون أذا غاب 7 أيام متصلة أو 12 يوم متفرقة يجب على الكفيل الإخطار بتغيبه وتُسجل هروب، وقد يكون العامل مريض، ويتحول الأمر لوزارة الداخلية ومباحث الهجرة، ومساءلة جنائية للعامل ومن ثم أبعاده، ويختم على جوازه الا يعود مجدداً للكويت.  أذن فالكفالة سلاح ذو حدين . والعامل هو الحلقة الأضعف في نظام الكفالة».

وتتفق الغزالي مع العوضي، في أن العامل هو الحلقة الأضعف في نظام الكفالة، فتقول: «من خلال خبرتنا في مثل هذه القضايا، هناك شركات تجلب عمالة في قطاعات مختلفة، وتأخذ منهم مبالغ طائلة لجلبهم لكويت، ثم تتركهم في البلد بدون وظائف، وتخبره أن يبحث عن عمل لنفسه، وفي ذات الوقت تقدم ضد عدد منهم قضايا تغيب، ليفسح لها المجال من  خلال ملفها بالشؤون بجلب عدد آخر بديل، وهذا ما يطلق عليه حرفياً تجارة بالبشر. لأن نظام الكفيل بوضعه الحالي سمح بالسخرة والتجارة بالبشر».
مؤسسة ورئيسة جمعية العمل الاجتماعي الكويتية، الشيخة بيبي الصباح، تعتقد أن الدولة ألقت مسؤولية العامل على صاحب العمل من خلال نظام الكفيل فتقول: «الدولة تعاملت مع صاحب العمل أو الكفيل بأنه راعي لرعيته، وهنا اعتبروا العامل من ضمن الرعية، وهذا أعطى في ذات الوقت صاحب العمل سلطة أقوى وعزز لدى الكفيل الشعور بالراحة، لأنه المتحكم الوحيد في هذه العلاقة، فهو من يملك دخول العامل للبلد، ويملك تجديد إقامته، ويملك الموافقة على تحويل أقامة العامل لمكان عمل آخر، وهذه الصلاحيات تعطي صاحب العمل سلطة كبيرة بعيدا عن حقوق الإنسان».

هل ينتهك نظام الكفالة حقوق الأنسان؟

تجيب رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في الكويت إيمان عريقات، فتقول: «نظام الكفيل ليس هو الخطأ، فلكل دولة الحق في أن تنظم وضع العمالة في بلادها، لكن المشكلة في الآليات التي لم يتم تطويرها في نظام الكفالة، والتي أساء أستخدامها أصحاب العمل، وهنا لا اتحدث عن مواطن أو مقيم، عربي أو أجنبي، بل أتحدث عن كل صاحب عمل قد يساعده النظام الحالي على الأساءة للعمالة المنزلية، فالكفيل هنا هو صاحب الإقامة وصاحب العمل، فإذا غضب على العامل طرده وابعده من الكويت».

وتتابع عريقات: «العمالة المنزلية تعيش معنا في نفس البيت، تتنفس نفس الهواء، وتأكل من نفس الطعام، وفي بعض الشقق الصغيرة قد تصطدم بأهل البيت، وهذا الألتصاق يفتح الباب إلى «الميانة»، ويعتبرونها فرداً منهم، لذلك قد تسهر متأخرا معهم، ولكنها تستيقظ مبكراً لتنهي أعمالها، وهذا يعد خرق لحقوقها، فلابد أن تكون لها ساعات عمل يومياً وساعات راحة، يلتزم بها صاحب العمل مثل العاملين في القطاع الأهلي من الوافدين».

وتشير عريقات لعدة ممارسات يجهلها أصحاب العمل وتعد أساءة في حق العاملة المنزلية وقد تضع صاحب العمل في خانة الأساءة وأيضا الاتجار بالبشر وتقول: «البعض يترك أبناؤه يسبون الخادمة، أو يتلفظوا عليها بألفاظ غير لائقة، وهذا قانونيا أساءة، عمل العاملة المنزلية لساعات طويلة، هو سخرة، عدم دفع رواتبها شهرياً حتى لو بحسن نيه من صاحب العمل أو ربة البيت بأدخارها لها كما سمعت من البعض، لكنه بالنسبه لقوانين العمل إتجار بالبشر، تكليف العاملة المنزلية بغسيل السيارات، هذا ليس من مهاهم عملها كعاملة منزلية، كثير من أصحاب العمل يأخذون العاملة معهم لـ«المول»، وهي ترتدي «اليونيفورم» ، والبعض يظن أنه بذلك العاملة «تغير الجو»، لكن أنت ميزتها بزي العاملة المنزلية، خرجت وتحمل أطفالك، أو أكياس التسوق، هذا كله ليس على العاملة أن تفعله».

وتتابع: «أسمع من صديقات لي أنهن يرفضن خروج العاملة المنزلية بمفردها خشية تعرضها لأذى أو انتهاك، أو خطف، وأقول لهن دوماً هي أنسانة راشدة، بالغة، ومن حقها أن تخرج وتذهب في أوقات الراحة لها كما تشاء، طالما لا تسيء لقوانين الدولة، أما قضية أن يكون لها «بوي فريند” أو صديق، فهذا شأن خاص بها لا يتعلق بصاحب العمل».

لماذا يدافع الكفيل عن النظام الحالي للكفالة للعمالة المنزلية؟

طُرح هذا السؤال في ختام الحلقة النقاشية فأتفق المتحدثين أنه يمنح صاحب العمل سلطة كبيرة للتحكم في العامل واحياناً أستغلاله ضد العمالة، لكنهم رأوا ان أحد الأسباب هي الكلفة المادية الكبيرة التي تقع على عاتق صاحب العمل ويدفعها لمكاتب العمالة المنزلية،وأن من أهم آليات تطوير نظام الكفالة، هي تقليل الكلفة والتي تحولت لأرقام خيالية بسبب مافيات التحكم في سوق العمالة المنزلية .
ولفتت النظر الرائد أمل العوضي من خلال عملها اليومي بمشاكل العمالة المنزلية إلى أن «بعض العاملات يدخلن البلد من خلال تأشيرة عاملة منزلية وهي في بالها أن تنتقل للعمل في صالون نسائي، أو مشغل ،أو كافيه، لكنها خططت مع المكتب الذي جلبها للدخول بهذه الطريقة، ويكون هنا صاحب العمل هو الضحية لأنه من تحمل التكاليف الباهظة لأحضارها في الكويت،ويخسره دون تعويض عند هربها منه.
وتابعت : «وبالنسبه لبعض الأسر التي أعطت العاملة يوم أجازة، بعضهم فوجئ بأستدعائهم لتواجد العاملة في شقق دعارة تعمل فيها بأجر يومي ! ولأنها كفيلها فهو يتحمل المسؤولية».
وعلقت بدورها الشيخة بيبي الصباح، على هذه الواقعة أنها «حالات فردية، لا يجب أن نعول عليها لنحرم العاملة من حقها الطبيعي في يوم إجازة.
وأضافت: «هناك عبء يقع على صاحب العمل بأنه مسؤول عن العامل، وإذا خرج بمفرده ستحدث مصيبه، فيحبس حريته!، وليس صحيح أن أي جرم يقوم به العامل، سيتحمله صاحب العمل، وبسبب هذا الاعتقاد والخوف عند صاحب العمل يحرص أن يكون العامل تحت سيطرته».
التوعية بالحقوق القانونية والانسانية لكلاً من العمالة المنزلية، وأصحاب العمل هو ضرورة ملحة هذا ما خلص له النقاش وطالب المتحدثين بسرعة تطوير آليات نظام الكفالة الحالى حتى لا يرتكب بسببه جرئم تصنف عالمياً بالإتجار بالبشر».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى