في عام 1971 انطلقت فرقة كركلا اللبنانية من على أدراج معبد جوبيتر في قلعة بعلبك الاثرية، وعبرت حواجز الجغرافيا والتاريخ والثقافة واللغة لتجول في أصقاع العالم، في مسيرة تاريخية تطفىء شمعاتها الخمسين هذا العام في بيروت، حيث يحتفل مسرح كركلا باليوبيل الذهبي وعبر محطة وصفها المخرج المسرحي ايفان عبد الحليم كركلا بـ«كركلا الماضي والحاضر». ولهذه المناسبة التقت القبس ايفان كركلا، وسألته عن مسرح كركلا والبصمة التي أرساها في الخمسين عاماً الماضية في المشهد الفني اللبناني والعربي كما على المسرح العالمي، وصولاً الى الاحتفال هذا الصيف في لبنان، وكان الحوار الآتي.
إيفان كركلا
في يوبيله الخمسين مسرح كركلا يقف على مشارف عصر جديد وجيل جديد مع الإخراج والموسيقى والحضور. ما هو دور إيفان كركلا في كتابة ملامح عصر كركلا الجديد؟
– مع كل عمل جديد يحمل مسرح كركلا رسالة لها بعدها التاريخي والاجتماعي، ينطلق من أرض لبنان والمنطقة العربية الى العالم، معبراً عن المستوى الثقافي والحضاري للأمة العربية كحركة فنية ثقافية مسرحية. ومع تكامل الموهبة مع العلم ومتابعتنا للمستوى المسرحي العالمي وأحدث التقنيات، تأتي أعمالنا مواكبة للمسيرة الحضارية الثقافية العالمية.
رسالة للإنسانية
كيف يجسد إيفان كركلا قصة وموضوع كل عرض فني على خشبة المسرح وكيف يتم تطويع التكنولوجيا والتطور في خدمة كل عرض؟
– أعمال كركلا تحمل بمضمونها رسالة للإنسانية، الفن بدون رسالة لا يخدم الإنسان ولا الوطن. فأولى أهدافنا هي إيجاد مضمون ورسالة للعمل التي نستوحيها من تاريخنا وتراثنا، لتتكامل من بعدها العناصر من كوريغرافيا وإخراج وإضاءة وديكور، وديكور افتراضي وأحدث التقنيات والتكنولوجيا المسرحية، لنقدم العمل بصورة معاصرة إبداعية نجسد معها المستوى الفني العالمي بأرقى صورة جمالية.
من يوزع الأدوار في فرقة كركلا عبد الحليم أم ايفان؟ و ما مساهمة اليسار في العروض؟
– كل عمل فني يمر بعدة مراحل، تبدأ بالنص الكتابي والسيناريو، ثم النص الموسيقي وبعدها الكوريغرافيا والإخراج.
ومن الخيال تخلق الرؤى التي تعطي للعمل نبضه وأبعاده المسرحية الملائمة للمضمون والسيناريو. وهنا تبدأ مسيرة الإبداع لخلق صورة متجانسة إبداعية. فيرسم المايسترو عبد الحليم كركلا الخطوط الأولية للعمل ومن ثم تستلم أليسار مسؤولية تنفيذ وخلق الكوريغرافيا، لأُتابع بعدها عملية الإخراج. في كل مراحل إنتاج العمل نشكل فريق عمل واحد لإيجاد الرؤية الفنية الراقية.
إبحار في الزمن
ماذا أضافت تجربة العرض في الصين على مسيرة مسرح كركلا؟
– هذه لم تكن المرة الأولى لمسرح كركلا في الصين، إلا أن ما كان مميزاً في رحلتنا الأخيرة، هو أننا قدمنا عمل «إبحار في الزمن على طريق الحرير» في دار أوبرا بكين، الذي جسد تاريخ الصين الحضاري ودورها في تلاقي الشعوب وعمق التبادل التجاري بينها وبين العالم العربي في ذلك الزمان، وقد حضر العمل كبار المسؤولين الصينيين، ما أفضى الى اتفاق على التبادل الثقافي بين دار الأوبرا في بكين ومسرح كركلا لمدة خمس سنوات متتالية؛ كما تم الاتفاق على التعاون واشتراك مسرح كركلا في الاتحاد الدولي للمسارح في الصين.
ما المشاريع الجديدة وكيف سيتم الاحتفال باليوبيل الذهبي؟
– تجري التحضيرات اللازمة للاحتفال باليوبيل الذهبي، وإبراز المحطات التاريخية للجولات العالمية التي قامت بها الفرقة على أكبر المسارح ودور الأوبرا التي تناولت نجاحاتها كبريات الصحف العالمية. كما أننا على موعد بـ13 و14 أكتوبر في قصر المؤتمرات في باريس لتقديم عملنا «ألفا ليلة وليلة». ومن بعدها تتابع الفرقة جولتها الى الولايات المتحدة الأميركية.
تاريخ حضاري
ماذا عن المشاركة في مهرجان بيبلوس خاصةً وإنها المرة الأولى في قلعة جبيل؟
– كان لابد من خلق عمل فني يعكس التاريخ الحضاري لمدينة جبيل وحضارة فينيقيا التي من شواطئها انطلقت أول سفينة الى العالم، تحمل أحرف النور لتنير الطريق نحو العلم والحضارة. ومن هنا أطلقنا على العمل عنوان «فينيقيا الماضي الحاضر»، تبدأ حكايتنا من فينيقيا الأمس والملك أحيرام ملك بيبلوس وعلاقاته مع الفراعنة، لننتقل بعدها من فينيقيا الماضي الى فينيقيا الحاضر والى الضيعة التي تجسد الوطن بأناسه وطبيعته، عاداته وتقاليده.
و«فينيقيا الماضي الحاضر» عمل يحمل الدهشة والجمال يقدم في مهرجانات بيبلوس في 17 و18 أغسطس الحالي، وهو من إعداد وإخراج إيفان كركلا.
