المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

غرائب و منوعات

فصيلة دمك… هل لها علاقة بصحتك وتغذيتك؟

إذا كنت تعتقد أنه ليس لفصيلة دمك أي دور أو تأثير سوى عند احتياجك إلى عملية نقل دم، فعليك أن تعيد النظر في ذلك الاعتقاد. فنتائج أبحاث عدة تشير إلى أن فصيلة الدم هي أحد العوامل الجينية الرئيسية التي قد تؤثر بشكل أو بآخر على جوانب صحة الشخص العامة.

فمن المؤكد أنك تلاحظ على سبيل المثال أن هناك بعض الأشخاص يميلون إلى فقدان الوزن بسهولة أكثر من آخرين ممن يشكل الأمر معركة مستمرة وبالغة الصعوبة بالنسبة لهم. ولعلك تتساءل أحيانا: لماذا تلاحق أمراضا معينة أشخاصا معينين بينما يبقى آخرون بمنأى عنها ومتمتعين بالصحة والعافية. فما السر وراء ذلك؟

من المرجح أن جزءا من سر ذلك يكمن ببساطة في فصيلة دمك. وهذا التفسير هو ما يؤكده ويؤيده الدكتور بيتر دادامو في كتابه الأكثر مبيعا الذي يحمل عنوان «كُلْ ما يناسب فصيلة دمك» (Eat Right for Your Type)، وهو الكتاب الذي يسبر أغوار العلاقة بين فصائل الدم بشقيها السالب والموجب من ناحية وأنماط التغذية والتمارين الرياضية التي تناسب كل فصيلة من جهة ثانية.

ويشدد الدكتور دادامو على أن معرفة فصيلة دمك هي بمثابة أداة مهمة لفهم أمور عدة من بينها: الكيفية التي يتفاعل بها جسمك مع ما تأكله، ومدى قابليتك للإصابة بالأمراض، واستجابة جسمك الطبيعية إزاء الضغوطات الإجهادية، وغير ذلك من الأمور.

ويؤكد الدكتور دادامو على أنه بفضل ما تتسم به فصيلة دم الشخص من خصوصية تحديدية في ما يتعلق بالهضم وبالمناعة، فإنها تعتبر بمثابة نافذة تسمح بإلقاء نظرة من خلالها على مدى قابلية ذلك الشخص للإصابة بمرض ما أو مدى قدرته على مقاومة ذلك المرض.

ولفهم الأمر بصورة أوضح، فإنه من المهم أن تعرف أن دمك له تركيبة بيوكيماوية معقدة وفريدة من نوعها ولا تتشابه مع تركيبة دم أي شخص آخر على غرار بصمة اصبعك.

وعلى سبيل المثال، خلصت أبحاث في هذا الاتجاه أجراها الدكتور دادامو إلى الاستنتاجات التالية حول فصائل الدم بنوعيها السالب والموجب:

* ذوو فصيلة الدم O هم الأكثر عرضة للمعاناة من الإصابة بالربو وحمى القش وغير ذلك من الأمراض التحسسية. كما أن من يحملون هذه الفصيلة يميلون أكثر من غيرهم إلى الإصابة بالروماتيزم، وذلك لأن أجهزتهم المناعية تستجيب سلبيا إزاء أغذية معينة، لا سيما منتجات الحبوب الكاملة، وهي الاستجابة التي تؤدي عادة إلى استثارة استجابات التهابية روماتيزمية في المفاصل.

* أصحاب الفصيلة B يتمتعون بمناعة عالية ضد أمراض الحساسية ولا تثور أي استجابات تحسسية لديهم إلا إذا أكلوا الأطعمة الخطأ، كما أنهم معرضون للإصابة باضطرابات الجهاز المناعي الذاتي كالإجهاد المزمن والذئبة الجلدية والتصلب اللويحي المتعدد.

* حاملو الفصيلة AB يتميزون بأنهم يميلون أكثر من غيرهم إلى عدم الإصابة إلا بالقليل من مشاكل الحساسية، لكنهم في المقابل معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بأمراض القلب والسرطان والأنيميا.

* فصيلتا الدم A وB هما الأكثر قابلية واستعدادا للإصابة بمرض السكري، بينما فصيلتا A وAB لديهم إجمالا استعداد أعلى من غيرهم لإصابات السرطان كما أن فرص نجاتهم من تلك الأمراض تكون أقل.

من هذا المنطلق، نستعرض في التالي مجموعة من الحقائق العلمية التي قد تغير نظرتك إلى العلاقة التأثيرية التبادلية بين فصيلة دمك من جهة وصحتك وغذائك من جهة ثانية:

فصيلة دمك قد تتنبأ بقابليتك للإصابة بأمراض معينة

توصلت نتائج أبحاث إحصائية طبية إلى أن ذوي فصائل دم معينة يميلون إلى أن يكونوا أكثر أو أقل قابلية للإصابة بأمراض محددة. فعلى سبيل المثال، كشفت دراسات عن أن الأشخاص ذوي فصيلة الدم O يكونون أقل قابلية للإصابة بأمراض القلب، لكنهم في المقابل يكونون أعلى قابلية للإصابة بقرحة المعدة والأمعاء. والأشخاص ذوي فصيلة الدم A يكونون أكثر استعدادا للتأثر بالالتهابات الميكروبية، لكن من جهة أخرى لوحظ أن نساء هذه الفصيلة يتمتعن بمعدل خصوبة عال نسبيا مقارنة بنظيراتهن من ذوات فصائل الدم الأخرى. كما خلصت أبحاث في الاتجاه ذاته إلى أن أجسام ذوي فصيلتي AB وB تكون تميل أكثر من غيرها إلى قابلية الإصابة بسرطان البنكرياس.

فصيلة دمك تؤثر على مدى استجابتك للضغوط الإجهادية

لوحظ أن ذوي دم الفصيلة A توجد في أجسامهم مستويات مرتفعة من هورمون الكورتيزول، وأنهم يفرزون كميات مضاعفة من ذلك الهورمون عند مواجهة مواقف تشكل ضغطا إجهاديا كالتوتر النفسي. وعلى جانب آخر، فإن أصحاب فصيلة الدم O تميل أجسامهم إلى الإفراط في إفراز هورمون الأدرينالين الذي يحفز استجابات «القتال أو الفرار» عند مواجهة أي خطر. لذا فإن أصحاب فصيلة O يستغرقون وقتا أطول للتخلص من تأثيرات التوتر الإجهادي، ويعود ذلك إلى أنه يكون من الصعب على أجسامهم أن تتخلص سريعا من كمية الأدرينالين المضاعفة التي أفرزتها.

مولدات مضاداتك المناعية لا توجد في دمك فقط

مولدات المضادات المناعية هي مواد معينة يفرزها جسمك طبيعيا كي تحفز استجابتك المناعية. وهذه المولدات المناعية لا توجد في دمك فحسب، بل تنتشر في كل جزء من جسمك، وبالأخص في الأسطح الجسمية التي تتفاعل بشكل مباشر مع البيئة الخارجية المحيطة بك، كالطعام الذي يستقبله جهازك الهضمي والهواء الذي يستنشقه أنفك وجهازك التنفسي. ولأن هذه المولدات المناعية توجد في كل مكان تقريبا في جسمك، فإنها تؤثر من خلال عوامل عدة على الكيفية التي يستجيب بها جسمك إزاء الغذاء الذي تأكله. وعلى سبيل المثال، فإن جزيئات الليكتينات البروتينية التي توجد في أغذية معينة قد تلتصق بمولداتك المناعية الخاصة بفصيلة دمك، وتتسبب بالتالي في زيادة لزوجة دمك، وتكون نتيجة ذلك هي الشعور بإجهاد وصداع واضطراب في الهضم إلى جانب مشاكل صحية أخرى.

فصيلة دمك تؤثر على توليفة بكتيريا أمعائك

أصبح من الثابت أن هناك ارتباطا بين فصيلة دم الشخص وتوليفة البكتيريا التي تستوطن أمعاءه، وهي التوليفة التي تتشابه إلى حد كبير لدى ذوي الفصائل المتشابهة. ويرى باحثون أن منشأ هذا الأمر يعود في الأساس إلى أسلافنا القدامى الذين تطورت بيئة بكتيريا أجهزتهم الهضمية على نحو يتناسب مع ما كانوا يأكلونه. فعلى سبيل المثال، تطورت البيئة البكتيرية لدى ذوي فصيلة الدم A بحيث تتمكن من تحليل وهضم الكربوهيدرات بكفاءة أكبر. ولأن ذوي فصيلة الدم O يفتقرون إلى تلك البيئة البكتيرية، فإنه يلاحظ أن أجسامهم تميل أكثر من غيرها إلى تخزين الكربوهيدرات على هيئة دهون وبالتالي يعانون من مشاكل السمنة وزيادة الوزن.

فصائل الدم… خصائص وتمارين

من بين الاستنتاجات البحثية التي خلص اليها الدكتور بيتر دادامو واستعرضها في كتابه أن لكل فصيلة دم (بشقيها الموجب + والسالب – ) خصائص وسمات معينة. وإلى جانب ذلك، فإن لأصحاب كل فصيلة دم أنواعا وأنماطا من التمارين الرياضية التي تناسبهم أكثر من غيرها.

نستعرض في التالي لمحة موجزة حول أبرز خصائص وسمات كل فصيلة دم، وما يناسب كل فصيلة من تمارين رياضية:

الفصيلة O

• أصحاب هذه الفصيلة يتميزون عن غيرهم بقدرة عالية على تحمل المجهود البدني المكثف إلى جانب القدرة الكفؤة على هضم البروتينات الحيوانية، لكن يكونون أقل كفاءة في هضم منتجات الألبان والحبوب الكاملة.

والغلوتين – الذي يوجد في منتجات الحبوب الكاملة كالقمح والذرة والعدس والفاصولياء والكرنب- هو السبب الأساسي في ميل أصحاب فصيلة الدم O إلى زيادة الوزن وتراكم الدهون.

• من بين التمارين البدنية المثالية لأصحاب الفصيلة O: تمارين الإيروبكس، وفنون الدفاع عن النفس، والألعاب الالتحامية، والركض.

الفصيلة A

• من خصائص ذوي فصيلة الدم A أنهم أكثر ملاءمة وقابلية للأغذية النباتية شريطة أن تكون طازجة ونقية وعضوية. ولأن هذه الفصيلة أكثر ميلا إلى الإصابة بأمراض القلب والسرطان والسكري، فإنه من الصعب حتى الآن تأكيد مدى خطورة اتباع هذا النمط الغذائي على الجهاز المناعي الحساس الذي يتسم به أصحاب هذه الفصيلة.

• التمارين الرياضية الأنسب لفصيلة الدم A: تمارين التأمل والتركيز الذهني، كاليوغا وتمارين الـ»تاي تشي» وغيرهما من الرياضات التأملية.

الفصيلة B

• يتمتع من تسري فصيلة الدم B في أجسامهم بجهاز مناعي قوي، لذا فإنهم يكونون أكثر ميلا إلى مقاومة كثير من الأمراض الانتكاسية المزمنة، أو على الأقل يكونون أكثر قدرة على التعايش مع تلك الأمراض لفترات أطول من نظرائهم ذوي فصائل الدم الأخرى.

• التمارين الرياضية الملائمة لأصحاب هذه الفصيلة هي تلك التي تتطلب توازنا ذهنيا، كرياضات التسلق وركوب الدراجات والتنس والسباحة.

الفصيلة AB

• تعتبر هذه الفصيلة الأحدث من حيث تاريخ تطوّر فصائل الدم الأربعة، ولأنها عبارة عن مزيج من خصائص الفصيليتن A و B فإنها تعتبر الأكثر تعقيدا من الناحية البيولوجية بين نظيراتها.

• يناسب هذه الفصيلة توليفة من التمارين الخاصة بالفصيلتين A وB.

الليكتينات وفصيلة دمك… «ميراثك» عبر الأجيال

تحصل تفاعلات بيوكيميائية (بيولوجية-كيميائية) بين دمك والغذاء الذي يمتصه جسمك ويصل إلى مجرى الدم. وهذه التفاعلات هي جزء من «ميراثك الجيني» الذي ورثته من أسلافك الأوائل الذين انحدرت منهم منذ بدء البشرية عبر مئات الأجيال.

فمن الحقائق البيولوجية المدهشة حقا أن جهازيك الهضمي والمناعي ما زالا حتى الآن يحتفظان بتفضيلات إزاء أطعمة معينة كان يأكلها أسلافك الأوائل الذين ورثت عنهم فصيلة دمك.

هذه العلاقة الارتباطية اكتشفها العلماء بفضل دراستهم لعوامل غذائية تعرف باسم «الليكتينات». وتلك الليكتينات هي أنواع كثيرة من البروتينات المتنوعة التي توجد طبيعيا في كثير من الأغذية. ومن خصائص الليكتينات أنها تزيد درجة اللزوجة، وهي الخاصية التي تؤثر إما سلبا أو إيجابا على عناصر كثيرة في جسمك، بما في ذلك قوام الدم وبطانة الجهاز الهضمي. ومن بين منافع الليكتينات أنها تلتصق بالبكتيريا والطفيليات الضارة لتساعد بعض أعضاء الجسم على التخلص منها.

وإجمالا، فإن معظم الليكتينات التي توجد في أغذيتنا لا تؤدي إلى خلق مخاطر صحية تهدد الحياة. وفضلا عن ذلك، فإن جهازك المناعي يقوم بدور مهم في التصدي للأضرار المحتملة التي قد تنجم عن الليكتينات التي قد تتنافر فصيلة دمك معها. فالجهاز المناعي يقوم عادة بالتخلص من نحو 95 في المئة من الليكتينات غير المنسجمة مع جسمك، بينما تصل النسبة المتبقية إلى مجرى دمك وقد تتسبب في استثارة استجابات تحسسية عكسية في عضو أو أكثر من أعضاء جسمك.

أما على جانب الأضرار المحتملة، فعندما تأكل غذاء يحوي ليكتينات بروتينية غير متوافقة مع فصيلة دمك، فإن ما يحصل هو أن تلك الليكتينات قد تستثير استجابات عكسية في أنسجة أحد أعضائك (كالمعدة أو الكليتين أو الكبد أو الأمعاء).

ولهذا السبب فإنه من المهم أن معرفة ما إذا كانت الأغذية التي تحوي ليكتينات تتوافق مع فصيلة دمك أم أنها قد تستثير استجابات عكسية مؤذية لصحتك العامة أو لصحة أحد أعضائك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى