المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

لا تُدخل عواطفك في قراراتك الاستثمارية

تحثّ إحدى أبرز النصائح التي نقلت عن وارن بافيت المستثمرين على «الخوف عندما يكون الآخرون جشعين، والجشع عندما يخاف الآخرون». وتسلّط ملاحظة بافيت الضوء على دور المشاعر في كثير من القرارات الاستثمارية، وكذلك الطريقة التي يمكن للمستثمر الذي لا يتأثر بالعواطف أن يستفيد. ولكن هناك أكثر من الخوف والجشع في ما يتعلق بالعاطفة عند المستثمرين.
وحدد الباحثون أكثر من 100 تحيّز سلوكي، وهي الميول البشرية التي تقودنا الى اتباع مسار غير منطقي أو تشكيل منظور محدد على أساس مفاهيم ومعتقدات عقلية محددة سلفا، يمكن أن يقوض فعالية اتخاذ القرارات الاستثمارية، وفقا لما ذكره مايكل بومبيان، مؤسس وشريك في سونبوانت انفستمينتس ومؤلف كتاب «التمويل السلوكي وادارة الثروات»، مشيرا الى أن تجنّب التحيز المعرفي يتيح للمستثمرين التوصّل الى قرار محايد يعتمد فقط على البيانات المتاحة.
وفي دورة تدرس في معهد سي اف ايه، يحدد بومبيان عدد من التحيزات العاطفية، باعتبارها التأثيرات العاطفية الأكثر شيوعا على قرارات الاستثمار. ويقول بومبيان «تجنّب الخسائر»، بالنسبة الى المرء، يظهر عندما يتردد المستثمر في بيع استثمار ضعيف الأداء واعادة توزيع الأصول في فرصة واعدة أكثر.
ويضيف: يحتفظ المرء باستثمار سيئ، لأنه لا يستطيع مواجهة حقيقة انه مضطر الى تحمّل الخسارة. النهج الأكثر عقلانية في هذه الحالة هو أن تتحمل الخسارة وتنتقل الى شيء لديه آفاق أفضل.
ويطلق على تحيز سلوكي يحركه العاطفة «الرسو» هو التحيز المعرفي الذي يصف الاتجاه البشري الى الاعتماد بشكل كبير على المعلومات الأولية التي تلقاها عند اتخاذ القرارات. خلال عملية اتخاذ القرار، يحدث الرسو عندما يستخدم الفرد الجزء الذي تلقاه أولا من المعلومات لاتخاذ الأحكام اللاحقة. وهو استخدام لمعلومات غير ذات صلة كمرجع لتقييم أو تقدير قيمة غير معروفة.
ويقول بومبيان إن ذلك قد يحدث عندما يستخدم المستثمر السعر المدفوع لسهم او صندوق متداول في البورصة أو صندوق استثمار كمرجع لاتخاذ القرارات.
ويستخدم المستثمر الأكثر عقلانية مقياسا لا يقوم على العاطفة، مثل نسبة السعر الى الأرباح. ويقول: ان النقطة المرجعية الصحيحة هى التقييم السليم للأوراق المالية، وليس ما دفعته مقابلها.
في الأسواق المتقدمة، يمكن أن تصبح الثقة المفرطة مشكلة عاطفية. ويقول بومبيان: «عندما يكون أداء السوق جيدا جدّا، فانك لا تولي اهتماما للمخاطر الكامنة وراءها. وأساس ذلك ثقة لا مبرر لها في قدراتك الخاصة».

تحدي العاطفة
قد يكون من الصعب مواجهة التأثيرات العاطفية في قرارات الاستثمار. وكما يقول بومبيان، على سبيل المثال: إن «تجنّب الخسائر» يكون دافعه الخوف من النتائج السلبية التي تتجاوز قوتها اغراء النتائج الايجابية. غير أن المستشارين الماليين يقولون إن القرارات التي تحركها العاطفة غير مرغوب فيها عموما عندما يتعلّق الأمر بالاستثمار.
يقول جيم سانداغر، وهو مخطط مالي معتمد لدى ويلث إنفنسمنت غروب: عندما نعمل على أساس مشاعرنا، نميل الى اتخاذ قرارات سيئة. تقديم أفضل الخدمات للمستثمرين يتم من خلال ادارة السلوك والاستثمار بطريقة منهجية.
ويضيف: من وجهة نظر المستشار المالي، فانه لا يكفي مجرد ابلاغ العملاء بتقنيات الاستثمار الناجح.
ويتابع: «لقد أدركت ان الجزء المتعلّق بالتدريب السلوكي من هذه المهمة مهم، ان لم يكن اكثر أهمية من العمل الفني. مساعدة الناس على فهم أنفسهم والقيام بعمل جيد لتدريبهم هو في الواقع دور أساسي بالنسبة إلي».

دور التكنولوجيا
لسوء الحظ، تعني الطبيعة الكامنة في الانحيازات العاطفية أنه من الصعب على العديد من المستثمرين أن يدركوا أن قراراتهم الاستثمارية مدفوعة بالمشاعر. ومع ذلك، تم في الآونة الأخيرة تطبيق تكنولوجيا تحليل الوجه لمساعدة المستثمرين على التعرف على استجاباتهم العاطفية التى يصعب عليهم الانتباه اليها وملاحظتها.
وبدأت مجموعة سيتيرا المالية في لوس أنجلوس مؤخرا برنامجا تجريبيا باستخدام تحليل الوجه لزيادة الاستبيانات المعتادة التي تدار لتحديد المتغيّرات المرتبطة بالعاطفة، مثل تحمّل العميل للمخاطر.
ويجيب العملاء عن الأسئلة المتعلقة بسيناريوهات، مثل انخفاض السوق، أمام أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية المزودة بكاميرات. ويحلل البرنامج تعبيرات الوجه ويقدم نظرة ثاقبة عن ردود الفعل العاطفية.
وتساعد هذه التقنية، التي تعرف باسم ديسيفر، على تحديد المشاعر التي قد لا يكون العملاء على دراية بأنهم يواجهونها أو قد يشعرون بالضغط للتنصل منها عند ملء الاستبيانات المكتوبة التقليدية، وفق ما يقول روبرت مور، الرئيس التنفيذي لشركة سيتيرا.
ويقول مور: بالاضافة الى تحسين الدقة وتجربة العميل، تعزز ديسيفر وغيرها من التكنولوجيات المتقدمة الكفاءة، مما يسمح للمستشارين بدعم ما يصل الى ثلاثة أضعاف العملاء.
ويضيف: «اذا كان في السابق لديهم مثلا 200 عميل، يمكن أن يكون لديهم الآن 600 أو 700 عميل». وبعد الانتهاء من المشروع التجريبي في أواخر عام 2017، تتوقع سيتيرا أن تطرحه تدريجيا على جميع المستشارين الماليين لديها البالغ عددهم 8000 مستشار.

الاستجابة للعواطف
وعند تحديد التأثير العاطفي، فان الاستجابة المناسبة ليست بالضرورة انكارها أو منعها. ويقول سانداغر من ويلث إنفنسمنت غروب إنه يدرب العملاء على ادراك أن العواطف غالبا ما تؤثر في قرارات الاستثمار وأن يكونوا على دراية عندما تنتابهم تلك العواطف وتبدأ بالتأثير فيهم. ويضيف: «لا بأس أن نشعر بالعواطف. فهذا أمر عادي. لكن علينا أن ندرك أنها ليست منطقية أو عقلانية».
والاستجابة المثلى للمشاعر في الاستثمار هي بالاعتراف بها من دون السماح، اذا أمكن، بأن تتسبّب في حرف المستثمر عن الخطة المالية التي تم وضعها للمساعدة في دفع أهداف المستثمر». ويقول بومبيان «الانضباط هو مفتاح النجاح في الاستثمار. والتحيز السلوكي يقف في طريق اتباع خطة منضبطة».
وهناك تعقيد آخر هو أن المستشارين، لكونهم بشرا، يمكن أن يقعوا فريسة للتحيزات العاطفية أيضا. فكما يقول بومبيان ان المستثمرين يستطيعون تقييم مدى قابلية تأثر المستشار بالمشاعر من خلال البحث عن دليل على اتباع نهج منظم للاستثمار.
ويختم: هناك طريقة بسيطة، وهي أن تسأل مستشارك الخاص: هل تدير علاقات عملائك باستخدام بيان السياسة الاستثمارية؟ فاذا كان رده «نعم»، فهذه علامة جيدة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى