المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار عربية

لبنان: احتقان واحتكاكات ميدانية

أبعد من الخلافات السياسية التي تعيق تشكيل الحكومة اللبنانية على خلفية التنازع على تحديد الحصص والاحجام وتضع البلاد أمام مأزق سياسي واقتصادي، بدأ الاحتقان السياسي «ينفجر» احتكاكات على الأرض وانتشارا للسلاح في ايدي المواطنين، على شاكلة ما حصل الأسبوع الماضي في بحمدون اثر مباراة في كرة القدم بين فريقي «النجمة» و«الاخاء الأهلي عاليه»، وكذلك ما حصل قبل يومين في بلدة الفرزل البقاعية بين شبان من مناصري القوات اللبنانية من جهة والنائب ميشال الضاهر المنتمي الى تكتل «لبنان القوي» (التيار الوطني الحر) على خلفية إقامة نصب لشهداء القوات اللبنانية قرب منزل الضاهر.
وسط هذه الأجواء المتشنجة، تمضي مهلة الأيام العشرة التي حددها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لتشكيل حكومته في لقائه التلفزيوني الأخير، علما ان مواقف وزير الخارجية جبران باسيل كادت تطيح بمنسوب التفاؤل الذي اشاعه الحريري الى حد اعتبار «القوات اللبنانية» وتيار «المردة» إضافة الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بأنها أعادت مسار التأليف الى مربعه الأول.
وفي حين تشير كل الوقائع الى ان الاسبوع الجاري سيمر من دون ولادة حكومة، لا سيما مع توجه رئيس الجمهورية ميشال عون برفقة وزير الخارجية غدا الى ارمينيا للمشاركة في قمة الدول الفرنكوفونية، فان أوساطا مطلعة على سير المشاورات الحكومية ترجح غلبة «التيار التفاؤلي» على حد قولها، واضعة المواقف الأخيرة للقوى السياسية في سياق رفع الاسقف قبيل المرحلة الأخيرة من التفاوض. وتشير هذه المصادر لـ القبس الى ان تحديد الحريري مهلة الأيام العشرة اثر اجتماعه الأخير بالرئيس عون ليس عبثيا، بل يعكس رغبة وسعيا جديين من قبل الطرفين بالوصول الى حكومة قريبة تبدد التأزم السياسي – الاقتصادي الذي بات تحت مجهر المجتمع الدولي. وتلفت هذه المصادر الى ان الأسبوع الجاري سيشهد سلسلة لقاءات لرئيس الحكومة المكلف مع ممثلين لحزبي «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» وتيار «المردة»، للتباحث معهم في آخر ما توصلت اليه الطروحات الحكومية والاطلاع منهم على موقفهم النهائي قبيل لقائه (الحريري) برئيس الجمهورية، ناقلا اليه الصيغة النهائية للحكومة.
في الاثناء، برز امس موقف مهادن من ازمة التأليف لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بما يعزز الاقتراب من انفراجة حكومية ويؤشر الى بداية حلحلة للعقدة الدرزية. فبعد موقفه اللافت اثر مؤتمر باسيل الأسبوع الماضي والذي دعا فيه الى ضرورة اجراء «دراسة معمقة وتدقيق موضوعي في العرض الاخير الذي قدمه باسيل من دون أن نسقط أهمية الطرح الذي قدّمه الرئيس الحريري»، عاد بالأمس وصرّح عبر تويتر: «كفى بناء قصور من ورق. ان الظروف لا تسمح بهذا الترف وعدّاد الدين يزداد في كل لحظة نتيجة الهدر والفساد والصرف العشوائي. ما من احد او مؤتمر لينقذنا. التسوية ضرورية ولا عيب في التنازل من أجل الوطن».
عضو كتلة المستقبل النيابية محمد الحجار، ثمّن في اتصال مع القبس موقف جنبلاط الأخير، معتبرا انه يتلاقى مع دعوة الرئيس الحريري كل الأطراف، بمن فيهم رئيس الجمهورية، للتضحية من اجل الافراج عن التشكيلة الحكومية. واعتبر الحجار ان جنبلاط تلقف هذه الإشارة «وهذا ليس بالأمر الغريب عنه»، داعيا بقية الأطراف من دون تسميتها «لأنها تعرف نفسها» الى ملاقاة الرئيس الحريري في هذه المقاربة «لأن الأوضاع لم تعد تحتمل ترفا ورفع أسقف» على حد قوله.
وعن استكمال الحريري مشاوراته واتصالاته خلال الأسبوع الجاري، رأى الحجار انه منذ اللحظة الأولى لتكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة، وهو يعمل تحت سقف التفاؤل ايماناً منه بأن دقة المرحلة تفرض على الجميع تغليب مصالحهم الوطنية على الشخصية والفئوية.
ويلفت الحجار الى ان الحريري لا يزال يتعاطى في هذا الملف بالطريقة نفسها، وهو مستمر في مشاوراته مع كل القوى، في محاولة منه لتدوير الزوايا قدر الإمكان، رغم قناعته بأنه لن يستطيع تحقيق طموحات كل طرف، الا انه يسعى الى تأمين صيغة تكون أقرب ما يكون لرغبة الأقوى السياسية، وهذا ما حاول فعله حين قدم ملاحظاته الأخيرة الى رئيس الجمهورية.
وحول موعد اللقاء بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف، شكك الحجار بحصوله خلال هذا الأسبوع، بسبب وجود الرئيس عون خارج البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى