المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار عربية

لبنان: ملف النزوح يخرج من البازار المحلي

تدخل عملية تأليف الحكومة اللبنانية اليوم شهرها الثالث. وإلى حين ازالة الالغام المحلية والخارجية من مسار التأليف، وتسهيل مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري وصولا الى ولادة الحكومة العتيدة، تنشغل الساحة اللبنانية بملفين: تنظيم عودة النازحين السوريين تحت مظلة دولية، وقرار الدولة بتعقب الخارجين على القانون واعادة «إماراتهم» الى كنف الشرعية.
طيلة السنوات الخمس الماضية شكّل ملف النزوح السوري عامل انقسام عاموديا بين اللبنانيين: فقد طالب التيار الوطني الحر وحزب الله والدائرون في فلكيهما بعودة النازحين إلى ديارهم ولو اقتضى الأمر فتح قنوات حوار مباشرة مع النظام السوري، في حين كانت الاحزاب المنضوية سابقا في فريق 14 آذار (القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل) ترفض إعادة التواصل مع النظام السوري مع مطالبتها بعودة النازحين وانما برعاية واشراف دوليين حفاظا على سلامتهم.
اليوم باتت عودة النازحين خطة واقعية وليست ورقية. علما ان القائم بأعمال السفارة الروسية فيتشيسلاف ماسودوف ابلغ الرئيس الحريري خلال لقائهما أمس بوصول ممثل خاص للرئيس الروسي ونائب وزير الخارجية وممثل عن وزارة الدفاع قبل نهاية الاسبوع إلى بيروت لمناقشة واستكمال البحث في الموضوع. وعليه فإن الرعاية الروسية والدولية لملف النزوح تعني اخراجه من بازار السياسة المحلية ومن كونه عاملاً للمزايدة الوطنية يستخدمه فريق ضد آخر كلما دعت الحاجة. علما ان التطبيع مع سوريا من زاوية عودة النازحين يعني عملياً نسف مبدأ النأي بالنفس الذي قامت عليه التسوية السياسية، التي تعرضت خلال الأشهر الماضية لاهتزازات عدة كان آخرها بروز خلاف خفي بين الرئاستين الأولى والثالثة في ملف تشكيل الحكومة لا سيما في ما يتعلق بصلاحيات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف في التأليف.

الحريري: دوري ليس للمزايدة
وبحث الحريري أمس في المقترح الروسي بشأن عودة النازحين السوريين مع القائم بأعمال السفارة الروسية.
وتعقيبا على التطورات الخاصة بالملف، وما رافقها من تفسيرات وتأويلات أصدر المكتب الإعلامي للحريري امس بيانا نوّه فيه بالجهود الدولية التي تعمل على تأمين عودة النازحين السوريين الى ديارهم، لافتاً إلى أنه يتابع المقترحات التي أعلنت عنها وزارة الدفاع الروسية، وتجري مناقشتها مع الادارة الاميركية، في ضوء النتائج التي أسفرت عنها قمة هلسنكي بين الرئيسين الأميركي والروسي.
وشدد الحريري، على أن دوره في ملف عودة النازحين، توجبه مسؤولياته القومية والوطنية والحكومية، وهو يرفض رفضاً مطلقاً ادراج هذا الدور في خانة بعض المزايدات والسباق السياسي المحلي على مكاسب إعلامية وشعبوية لا طائل منها. مؤكداً أنه لا يخوض في هذا المجال السباق مع أحد.

جمود ومراوحة
في غضون ذلك، بقيت التشكيلة الحكومية رهن الجمود، فاللقاء المرتقب بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل مؤجل إلى ما بعد عودة باسيل من الولايات المتحدة التي توجه اليها أمس وكله امل «ان ينتهي الرئيس المكلّف سريعاً من قصة الأعداد والعدّ داخل الحكومة تثبيتاً لمعيار التمثيل العادل في نظامنا»، علما ان الحريري سيستأنف مشاوراته الحكومية بلقاء يجمعه مع وزير الاعلام ملحم رياشي والنائب وائل ابوفاعور.
وفي السياق الحكومي، رأى عضو كتلة المستقبل النائب طارق المرعبي، أنّ «العقدة المسيحية الّتي كانت تعترض تشكيل الحكومة قد حلّت، بينما العقدة الدرزية ما زالت قائمة، لأنّ وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال النائب طلال أرسلان يصرّ على التمثّل في الحكومة، ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط يصرّ على رفض ذلك».

استياء لاستدعاء ناشطين بسبب تعليقاتهم

يثير تكرار استدعاء الأجهزة الأمنية لناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تعليقات نشروها على حساباتهم الشخصية في الأيام الأخيرة استياءً واسعاً في صفوف ناشطين ومنظمات حقوقية تحذر من محاصرة حرية التعبير في لبنان.
واستدعى مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية منذ الأسبوع الماضي ستة ناشطين على الأقل بسبب تعليقات، حمّل أحدهم فيها الرئيس ميشال عون مسؤولية الفساد والوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي في لبنان. كما هزأ ناشطان آخران بخبر يتحدث عن «عجيبة» لأحد القديسين في لبنان.
ونظم ناشطون وحقوقيون اعتصاما سلميا مساء امس في وسط بيروت تحت عنوان «ضد القمع» دفاعاً عن حق التعبير واحتجاجاً على «التراجع غير المسبوق في حرية التعبير وفي مستوى الحريات بكل اشكالها».
وتقول مسؤولة الحملات في منظمة العفو الدولية في لبنان ديالا حيدر: «نلاحظ ازدياداً في تدخل الرقابة في مساحات التعبير في لبنان. أكثر من سلطة أمنية أو عسكرية أصبحت تراقب وتستدعي أصحاب الرأي للتحقيق». ورغم أن الدستور اللبناني يكفل «حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الطباعة»، لكن ذلك لا يمنع الأجهزة الأمنية وفق حيدر من استخدام مواد في قانون العقوبات «بشكلٍ تعسّفيّ» في قضايا الرأي، على غرار «تحقير الرئيس» أو «تحقير الشعائر الدينية» و«إثارة النعرات المذهبية».
على صفحته على موقع فيسبوك، كتب الشاب إيلي خوري (25 عاماً) الجمعة تعليقاً طويلاً خاطب فيه الرئيس اللبناني، أورد فيه «الشعب يا فخامة الرئيس يدفع: أغلى فاتورة هاتف وانترنت في العالم ويحصل على أسوأ خدمة.. كل معاشه ثمن بنزين بسبب زحمة السير وحال الطرقات».
وتابع: «للأسف يا فخامة الرئيس لم تكن على قدر الآمال لأنك حولت الدولة الى بيت للعائلة» مع تولي افراد عائلة عون مناصب رسمية عدة.
وبعد نشره هذا التعليق، استدعى مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية خوري للتحقيق معه. وبعد مراجعة محاميه المكتب، تم ابلاغه بسحب الاستدعاء من دون تقديم أي تفسير.
ويقول خوري وهو مجاز في ادارة الأعمال ويعد لدراسة الدكتوراه «كتبت هذا التعليق لأعبر عن وجعي وتعب كل شاب وصبية. لا فرص عمل ولا رواتب.. عمري 25 عاماً وإذا أردت شراء شقة لا أتمكن من ذلك».
ويضيف «لم أشتم في تعليقي ولم أجرّح».
ورصد مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية «سكايز» خلال أقل من عامين 35 انتهاكاً على الأقل بحق اعلاميين ومثقفين وناشطين.
ويقول المتحدث الاعلامي في المركز جاد شحرور لـ«فرانس برس»: «ثمة ترهيب أمني وسياسي لا يحصل من باب الصدفة وازدادت وتيرته خلال العامين الأخيرين». الجمعة ايضا، وفور خروجه من منزله قرب بيروت، اقتادت دورية من الأمن العام الناشط والصحافي محمد عواد (26 عاماً) للتحقيق معه بناء على مذكرة جلب قضائية.
ويقول عواد لـ«فرانس برس»: «لم يوضحوا لي اذا كان استدعائي على خلفية تعليق أو مقال محدد كتبته».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى