المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

«مجلس التعاون» يحذر: الوافدون وصلوا 90%

دول مجلس التعاون الخليجي تقر، حداثتنا رسمها «الغرب» بشروط خاصة، فكبلت الإنتاج، وعززت الاستهلاك الترفي، كما استخدمت «العمالة الوافدة» كذريعة لتقييد تقدم أوطاننا التي بُنيت بسواعدهم في منتصف السبعينات، واستمر النمو العمالي بوتيرة مهولة، ليصبح الخليجيون في نهاية المطاف، أقليات في أوطانهم، لا تتجاوز نسبتهم %10 من إجمالي السكان، بينما يشكل الوافدون الـ %90.
وحذر تقرير صدر حديثاً عن مجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية والمعهد العربي للتخطيط بعنوان «المخاطر الاجتماعية في دول مجلس التعاون وسياسات المواجهة»، من العمالة الوافدة التي تحولت إلى خطر يلقي بضلاله على الاقتصاد الخليجي وبطالة المواطنين وهويتهم الثقافية.
ووجه التقرير أصابع الاتهام إلى «نظام الكفالة» و«ترف الخليجيين» الذي ضمن استمرار وفود العمالة الهامشية غير المنتجة بإعداد ضخمة، الأمر الذي انعكس سلباً على استثمار ثروات الخليج التي تحولت إلى الخارج على شكل «رواتب»، كما أثر على النسيج الاجتماعي في هذه الدول.
وأعتبر التقرير أن أزمة البترول في عام 1973 مثلت منعطفا مهما بالنسبة للمجتمعات الخليجية، حيث أدرك المستهلكون في أوروبا والمنتجون في الخليج أنهم أمام سلعة استراتيجية، تشكل حجر أساس النمو الاقتصادي في الألفية التالية، واستناداً إلى ذلك اتجهت القوى العالمية نحو السيطرة على نفط الخليج.
وذكر التقرير أن القوى العالمية الغربية اخضعت الخليج عبر السيطرة «الناعمة»، وتحكمت بطبيعة التنمية والحداثة الخليجية من خلال 3 شروط وهي: أن تكون التنمية غير قادرة على الاستقلال والاكتفاء الذاتي، وأن تكون التنمية استهلاكية، ترفية، غير منتجة، وأخيراً أن تبنى بغير سواعد أبنائها، حيث يتسلم المواطنون مفاتيح مؤسسات بلدانهم دون أن يكونوا مدركين لإسرارها، غارقين ببحر من الترف بعيداً عن الإنتاجية.
كشف التقرير عن وفود 1.1 مليون عامل إلى الخليج مع بداية حركة الهجرة في منتصف السبعينات، وارتفع العدد إلى 2.9 مليون عامل في 1980، وبعد 5 سنوات تجاوزت النسبة 4.4 ملايين، ومع حلول الألفية الجديدة، قفز الرقم إلى 7.4 ملايين لعام 2003، وأضيف إليهم 5 ملايين نسمة في الأعوام بين 2004 و2007، الأمر الذي وضع دول مجلس التعاون الخليجي في تصنيف الدول الأعلى نموا بالسكان في العالم، إلا أن هذا النمو كان لمصلحة العمال الذين حولوا الخليجيين إلى «أقليات» منعزلة في أوطانهم.
وبالنظر إلى بعض الإحصائيات والأرقام الخليجية التفصيلية فقد وفد إلى الكويت أكثر 234 ألف عامل في عام 1975 وارتفعت الأعداد إلى 2.1 مليون في عام 2003، أما قطر فاستقبلت أكثر من 474 ألف عامل في 1975 وارتفعت النسبة إلى 3 ملايين في 2001، محققة الرقم الأكبر خليجياً في نسبة الوافدين، وأما البحرين وفد إلى أراضيها 217 ألفا، وتضاعفت إلى 1.1 مليون في 2001.

العمالة الآسيوية
اعتبر التقرير أن العمالة الآسيوية تمثل خطراً حقيقياً مقارنة بالعمالة العربية، التي كانت ذات أفضلية وسيطرة مع بداية الهجرة، لكن الأمر انعكس لاحقاً، حيث أصبحت العمالة الآسيوية والأجنبية تشكل ¾ العمالة في الخليج، ويشكل العرب الربع، وتقدر نسبة العمالة الآسيوية في سوق العمل الخليجي بنحو %69، والعمالة العربية تمثل %23 من سوق العمل.
وفي هذا الإطار، تشير الإحصاءات إلى أن العمالة الهندية فقط تضاعف عددها في دول مجلس التعاون من منتصف السبعينات حتى عام 2001 من نحو 150 ألف عامل إلى نحو 2.2 مليون عامل، بنسبة الثلث من أجمالي قوة العمل الأجنبية في المنطقة، 1.5 مليون عامل في السعودية، تليها الإمارات 950 ألفا، ثم سلطنة عمان 212 ألف عامل، بعدها الكويت بنحو 295 ألف عامل، ثم البحرين وقطر بعدد 130 ألف عامل لكل دولة.
كما ارتفعت نسبة الجنسيات الآسيوية الأخرى بنفس معدلات التصاعد، حيث تستقطب سلطنة عمان وحدها من العمالة الآسيوية ما يعادل %92، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة %87، ثم مملكة البحرين بنسبة %80، فدولة الكويت بنسبة %65، بعدها المملكة العربية السعودية بنسبة %59 وأخيرا دولة قطر بنسبة %45.

قطاعات غير منتجة
وأشار التقرير إلى أن العمالة الوافدة في الكويت سيطرت على القطاعات الخدمية غير المنتجة، كما هو الحال في بقية دول الخليج، مما يعني أن ارتفاع معدلات الأعمال لا تنعكس إيجاباً على إنتاجية هذه الدول، بل على العكس تماماً شكلت عبئا اقتصادياً عليها نتيجة دفع الرواتب.
وتكشف الأرقام عن أن العمالة الوافدة، وهي آسيوية، تهيمن على قطاعات مهنية معينة على الشكل التالي، %95 في قطاع المبيعات، %94 في قطاع الخدمات، وبنسبة %98 في كل من قطاع الزراعة والسماك، وقطاع الإنتاج والمهن الثانوية.
وفي السياق ذاته يبين التقرير أن العمالة الوافدة ترتكز بشكل كبير في القطاع الخاص، حيث تصل نسبتها إلى %98 في الإمارات، وفي الكويت وقطر وعمان تمثل العمالة الوافدة ما يقرب من %90 من القوى العاملة في هذا القطاع، وبنسب أقل في السعودية والبحرين، حيث تبلغ نسبتهم على التوالي %82 و%72.

تنشئة الأسرة
وفقاً للتقرير، فقد استطاعت العمالة النسوية الوافدة من إزاحة المرأة الخليجية من ساحة بيتها إلى ساحة العمل، فاستفردت الوافدة والآسيوية بالتحديد في الحياة المنزلية بدءاً من صناعة الطعام وصولاً إلى تنشئة الأولاد، حيث لعبت هذه التنشئة دوراً في تفكيك اللغة العربية، وأضعفت الدين والأخلاق، أخلت في الانتماء للوطن، فضلاً عن نشر الجرائم الأخلاقية وغير الأخلاقية على ساحة الحياة الأسرية، فمزقت نسيجها الاجتماعي وبالتالي مزقت المجتمع.
وتشير لغة الأرقام إلى أن %76 من العمالة النسوية الوافدة والآسيوية تعمل في مجال الخدمات، خصوصا الخدمات المنزلية، بينما انخرطت %45 من المواطنات في أعمال مهنية وعلمية، و%42 في وظائف كتابية، وعلى هذا الأساس استطاعت العمالة الوافدة تشكيل نوعية الحياة اليومية في المنزل.

الكفالة والترف
وتطرق التقرير إلى أن نظام الكفالة لعب دوراً كبيراً في استمرار تدفق العمالة الوافدة، حيث استطاع هذا النظام أن يؤسس له بنية راسخة في المجتمعات الخليجية، واستمر في جلب العمالة رغماً عن الدول، بالإضافة إلى أن «السلوك الترفي» في الأسرة الخليجية، ضمن هو الآخر استمرارية طلب العمالة التي تنجز المهام والوظائف الأسرية كنظافة المنزل وقيادة السيارة وتربية الأبناء.
وكان لاتكالية الخليجيين تبعات سلبية كثيرة، حيث استنزفت رواتب العمالة المنزلية ميزانية المواطنين، وزاد حجم الأموال الخارجة من الدول، الأمر الذي أدى إلى تقييد الاستثمار في الخليج، كما تسببت هيمنة العمالة الوافدة في تراجع دور المجتمع في تأهيل العمالة الوطنية، الأمر أدى إلى انتشار البطالة بين المواطنين وتقدر نسبتها بـ %10 في دول «تفيض» بالعمال.

تساؤل؟
تُخل العمالة الوافدة بالتركيبة السكانية لدول الخليج وتستنزف ثرواتها، لكن هل القرارات العشوائية وبعض المطالبات العنصرية تمثل حلاً لهذه الأزمة؟ أم هي الأخرى تجلب تبعات وخيمة على مجتمعاتنا التي تعاني من غياب «الخطط المدروسة»، منتهجة «البركة» كنهج أزلي!

الأجور المنخفضة
لم يكن الدين ولا اللغة ولا القرب الجغرافي هي معيار جلب وانتقاء العمالة الوافدة، بل كان الأجر المنخفض هو أساس تفضيل جلب العمالة، ونظراً لأن أجور العمالة الآسيوية رخيصة ومنخفضة، فإننا نجدها هي التي سيطرت على سوق العمل في دول مجلس التعاون، وأزاحت قوى العمل الأخرى.

العدائية بين المواطن والوافد.. تضعف الإنتاج
أرجع التقرير انخفاض إنتاجية العمالة الوافدة إلى ضعف انتمائها للمجتمع الخليجي، وهذا بدوره يرجع إلى اعتبارات عدة، الأول: إدراك هذه العمالة أن وجودها مؤقت في الخليج، ولذلك تتعامل بعقلية مادية بحتة، وأما الاعتبار الثاني يتمثل في «النظرة العدائية» من المواطنين إلى الوافدين، لا سيما أن نسبة كبيرة من المخدومين «المعازيب» يعتبرون أنفسهم أفضل من خدمهم، فضلاً عن وصفهم «بقنابل موقوتة» واتهامات «بتحويل المليارات»، الأمر الذي يؤدي إلى مشاعر عدائية مضمرة وغير معلنة تنعكس على الانتماء هذه القوى العاملة وبالتالي على إنتاجيتهم.

انتشار الجرائم الأخلاقية
طغيان الطابع الذكوري على المجتمع نتيجة أن غالبية العمالة الوافدة عمالة منخفضة الأجر، وبالتالي لا يسمح لها بإحضار أسرها معها، مما سبب صداعاً أمنياً لدول الخليج حيث يسكن هؤلاء بأعداد كبيرة بعضهم مع بعض، كما لهم مناطق منعزلة، تكثر فيها الجرائم الأخلاقية، كما تعتبر مصدراً أساسياً من مصادر تهريب المخدرات ونشر إدمانها وترويجها بين مختلف فئات الشباب الخليجي إضافة إلى الترويج للخمور وارتكاب جرائم السرقة.
كما استشهد التقرير بدراسة تؤكد أن العمالة غير العربية وغير الإسلامية، سجلت معدلات مرتفعة في الجريمة، معتبرة الجرائم الأخلاقية والعهر، في طليعة الجرائم التي تتسب بها هذه العمالة، الأمر الذي ينعكس على النسيج الاجتماعي الخليجي.

التحويلات المالية..
من 5 ملايين في السبعينات إلى 59 ملياراً في 2006!
تشكل التحويلات النقدية للعمالة الوافدة الضربة القاضية على اقتصاد الخليج، ففي حين لم يتجاوز حجم التحويلات في دول مجلس التعاون 5.8 ملايين في السبعينات، ارتفعت إلى 59 مليار دولار في عام 2006.

تجنيسهم في البحرين.. ينذر بخطر سياسي
ذهب التقرير إلى أبعد من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية محذراً من مطالبات هذه الفئات باعترافات حقوقية تساعدهم في اكتساب حقوق المواطنة في المجتمعات الخليجية، مشيراً إلى تجربة الجالية الباكستانية في البحرين التي نجحت في نيل الجنسية البحرينية، كما ظهرت مطالبات في 2009 جاءت على لسان وزراء هنود يدفعون نحو تجنيس الجالية الهندية في البحرين، مما يمثل خطرا استراتيجيا على دول الخليج من قبل العمالة الآسيوية لا سيما في ظل صعود دول كالهند والصين في حلبة الصراع الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى