المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

الافتراضي

مستقبل #سوريا في أيدى أعداء #أمريكا

رأى الباحث جيفري أرونسون، أن مستقبل سوريا بات في أيدي أعداء الولايات المتحدة؛ إذ يتجه الرئيس السوري بشار الأسد صوب إحراز انتصار عسكري يصب في مصلحة روسيا وإيران وكذلك الصين.
ويلفت الباحث، في مقال نشرته مجلة “ذا أمريكان كونسيرفاتيف”، أن قرابة 80% من الأراضي السورية يسيطر عليها حالياً ائتلاف يضم الحكومة السورية والقوات الإيرانية والروسية وميليشيات حزب الله، وهو ما يعني أن الحرب التي استمرت ست سنوات أوشكت على الانتهاء.
معركة إعادة الإعمار
ويقول الباحث: “ولكن الانتصار العسكري الذي حققه الأسد بصعوبة على أعدائه من البعثيين السابقين والقوى الإسلامية وداعش لن يجلب السلام الذي تحتاج إليه سوريا، ولا يزال التنافس مستمراً للسيطرة على -سوريا، وواقع الأمر أن الصراع يدخل في مرحلة جديدة وهي معركة إعادة الإعمار”.
وأثارت الحرب السورية الفوضى في جميع أنحاء البلاد، وتسببت بمقتل ما يقرب من نصف مليون شخص وتشريد أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم قبل الحرب 21 مليون نسمة، ويعيش اثنان من كل ثلاثة سوريين في فقر مدقع، وتشير تقديرات البنك الدولي والجهات الأخرى إلى أن كلفة إعادة إعمار سوريا تتجاوز 200 مليار دولار.
تقويض نظام الأسد
وينتقد الباحث التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الذي أخفق في هزيمة الأسد في ساحة المعركة وفي الوقت نفسه لا يعترف بالهزيمة؛ حيث تستعد مجموعة “أصدقاء سوريا” لاستخدام مساعدات إعادة الإعمار كسلاح في المرحلة المقبلة لتقويض سلطة نظام الأسد، وهي معركة لن تنتهي أبداً.
ويعتبر المؤيدون لهذا النهج أن مساعدات إعادة الإعمار هي أفضل وسيلة لتغيير نظام الأسد بعد التوقف عن تسليح المعارضة. وتتفق حكومات الغرب والمؤسسات الدولية على عدم المساهمة في إعادة الإعمار طالما أن بشار الأسد لا يزال يحكم سوريا. وبحسب البيان المشترك الصادر عن منظمة “كير الدولية” ولجنة الانقاذ الدولية والمجلس النرويجي للاجئين ومنظمة “أوكسفام” وهيئة إنقاذ الطفولة فإن المساعدة في إعادة إعمار سوريا في ظل الظروف الراهنة من شأنها أن تعزز نظام الأسد وتلحق المزيد من الضرر.
لا مساعدات أمريكية لإعادة الإعمار
وينقل المقال تصريحات وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في ختام اجتماع “أصدقاء سوريا” بقيادة الولايات المتحدة يوم 18 سبتمبر(ايلول) الماضي والتي مفادها أن السبيل الوحيد للمضي قدماً هو التوصل إلى عملية سياسية، ومن دون تحقيق ذلك وإزاحة الأسد عن السلطة لن يتم دعم إعادة إعمار سوريا.
ويوضح الباحث أن مؤيدي انتهاج هذه الإستراتيجية يعتقدون أن نظام الأسد “المنتصر” سوف يستسلم الآن للسلام من أجل الوصول إلى خزائن الغرب وسيتم استدراجه إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ولكنهم يتجاهلون أن روسيا وإيران وحتى حزب الله يتمتعون الآن بنفوذ (يفوق واشنطن بكثير) يؤثر على تشكيل الحكومة في دمشق.
ويشير الباحث إلى أن الامتناع عن تقديم مساعدات إعادة الإعمار طالما أن الأسد في السلطة يشبه السياسة الصارمة التي اعتمدتها اللجنة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة إزاء حماس قبل عقد من الزمان؛ عندما قطعت المساعدات للاقتصاد الفلسطيني في أعقاب فوز حماس في انتخابات عام 2006.
عزلة غزة وحماس
وكان ديفيد ساترفيلد، مساعد وزير الخارجية الأمريكي، قد صرح في 18 سبتمبر(ايلول) الماضي أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية التي تجاوزت أكثر من 4 مليارات دولار، ولكنها لن تمنح مساعدات لإعادة الإعمار.
وكما حدث مع الفلسطينيين في غزة، تستهدف هذه السياسة إبقاء السوريين على قيد الحياة فقط، ولكن التزام الولايات المتحدة لن يمتد إلى تزويدهم بالأدوات اللازمة لإعادة بناء بلادهم وحياتهم الممزقة. وبحسب الباحث، لا تزال غزة تعاني من سياسة مماثلة، وقد أشار البنك الدولي إلى أن استمرار عزلة قرابة مليوني فلسطيني في غزة من شأنه أن يجعل هذا “الجيب المعزول” غير صالح للسكن بحلول عام 2020.
نفوذ روسيا وإيران والصين
ويشدد الباحث على أن تكرار هذا النهج مع سوريا لن يسفر عن وقف إعادة الإعمار أو حتى الإطاحة بنظام الأسد؛ وبخاصة لأن الولايات المتحدة ليست اللاعب الوحيد كما هو الحال بالنسبة إلى غزة، وثمة اختلافات موضوعية ونوعية تعوق نجاح النهج الأمريكي لمناهضة الأسد وتهدد أيضاً بتقويض حلفاء الولايات المتحدة (الأردن ولبنان)؛ إذ يقود هذا النهج إلى استمرار معاناة اللاجئين السوريين فضلاً عن تعزيز القوة الإقليمية لروسيا وإيران والصين.
ويلفت الباحث إلى أن الأسد في وضع أفضل بكثير مما كانت عليه غزة وحركة حماس في أعقاب عام 2007؛ إذ يتمتع الأسد بمصالح قوية مع حلفائه (إيران وروسيا والصين) الذين ساعدوه على كسب الحرب، ومن ثم فإن لهم مصلحة في تحقيق السلام بعد الحرب. وهؤلاء الحلفاء يقومون فعلاً بالتعبئة من أجل إعادة الإعمار وإرسال الوفود وإبرام صفقات لإعادة بناء البنية التحتية الحيوية، بغض النظر عن رغبة واشنطن في تمويل هذه الجهود. وقد أعلن الأسد نفسه أن مؤيدي خصومه في الحرب غير مرحب بهم للمشاركة في إعادة الإعمار.
أزمة اللاجئين ومعاناتهم
ويشير الباحث إلى حرص بلدان مثل لبنان والأردن، والتي استضافت ملايين السوريين النازحين بتكلفة سياسية واقتصادية باهظة، على إنهاء أزمة اللاجئين المريرة وعودتهم إلى سوريا، وكذلك المشاركة في أعمال إعادة الإعمار في سوريا، ويجرى حاليا التنسيق مع دمشق في هذا الأمر.
ويختتم المقال قائلاً: “إن المساعدات الإنسانية التي توفرها الولايات المتحدة وغيرها تُعد ذات قيمة بالطبع، ولكن الدول الملتزمة بإعادة إعمار سوريا تتبع إستراتيجية أكثر فاعلية سياسياً واقتصادياً؛ وبخاصة لأن حرمان السوريين الذين طالت معاناتهم وتوطيد بقاء أعداد هائلة من اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا ليس حلاً ناجحاً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى